بعد معركة ” سيف القدس ” لمن يُسجل نصر فلسطين .. ؟ .. بقلم : السيد صادق الموسوي

#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية_السيد صادق الموسوي

 

 

 

 

 

– لمن يُسجل نصر فلسطين ..؟

– لقد انتصرت فلسطين بلا أدنى شك .. ولقد انهزمت ” إسرائيل ” من دون شك أيضاً ..؟

– صحيح أن دماراً هائلاً أصاب أهل غزة الأبطال في الانفس والأموال والبنى التحتية ، لكن الصهاينة أيضاً ذاقوا الرعب لأول مرة في كل جنباتهم وفي كافة مدنهم ومستوطناتهم.

صحيح أن الطائرات الصهيونية شنّت مئات الغارات المدمرة على مناطق قطاع غزة الصغير، ومدافعها دكّت البقعة الصغيرة التي لا تتجاوز مساحتها ٣٦٥ كيلومتراً مربعاً بعشرات آلاف القذائف المحرمة دولياً، لكن كل مساحة فلسطين التي تبلغ ٢٧٠٠٠ كيلومتراً مربعاً والتي يحتلها الكيان الصهيوني هي أيضاً تلقّت ضربات قاسية من آلاف الصواريخ البالستية الذكية التي أطلقتها المقاومة على كامل مساحة المناطق المحتلة، وصحيح أن عدد الشهداء في صفوف الغزاويين المظلومين كان أكبر بكثير من عدد القتلى لدى المعتدين، لكن السبب في ذلك هو وجود ملاجئ محصنة لدى الصهاينة ومكوثهم فيها طوال أيام العدوان، وامتلاكهم كل مستلزمات الحماية، وأيضاً حصولهم على الدعم والمساندة المقدمة لهم من مختلف دول العالم وكافة المنظمات الصهيونية العالمية، في حين أنه لا يوجد أي من تلك الإمكانات عند الفلسطينيين عموماً وعند أهالي غزة بالخصوص، فلا ملاجئ يلوذون إليها عند استهدافهم، ولا كهرباء يستضيئون بنوره في منازلهم، ولا مياه نظيفة يشربونها لإطفاء ظمأهم، ولا مستشفيات مجهزة ينقلون إليها جرحاهم عند إصابتهم في ساحة المواجهة، بل إن محاولات أهل غزة لجلب بعض حاجياتهم الضرورية عبر الأنفاق التي يحفرونها بأظافرهم تواجه من قبل القريب والبعيد بالنسف والتفجير، والحدود البرية من كل الجهات وكذلك البحرية محكمة الإغلاق، ومحاولات تقديم المساعدات من الدول والمنظمات والأفراد تعرقلها الدول بذرائع واهية، بل يكون كل من يرسل مالاً لمساعدة أهل غزة مهدداً بالعقوبات من دول في المنطقة ومن جانب أوروبا والولايات المتحدة.

والأكثر إيلاماً أن مختلف وسائل الإعلام العربية والغربية تحالفت ضد المقاومة الفلسطينية والإسلامية منها على وجه الخصوص، فأثناء العدوان عملت أغلب وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة تطوعاً في خدمة الجيش الصهيوني في حربها النفسية، إذ سلطت الاضواء على القوة التدميرية الكبيرة للصهاينة، ولم تذكر أبداً شجاعة المجاهدين، وركزت على قدرة ” القبة الحديدية ” وفعاليتها في التصدي لصواريخ المقاومة ولم تسلط الضوء إلاّ نادراً على نجاح صواريخ المجاهدين في تدمير المنشئات الحيوية للصهاينة على بعد مئات الكيلومترات، ولا على تهديد مفاعل ” ديمونا ” النووي الذي تستند اليه ” إسرائيل ” في عنجهيتها وابتزازها للأنظمة، وتعتمد عليه في تهديد الحكام في صميم وجودهم، ولا تركيزا على مدى الرعب الذي أصاب أركان الكيان الصهيوني حيث تعطلت اجتماعات الكنسيت وتوقفت اجتماعات مجلس الوزراء، وعُلّقت جلسات المحكمة العليا، وتوقف مطار بن غوريون ومطار رامون بالكامل، وأغلقت جميع الموانئ البحرية الصهيونية على طول الساحل الفلسطيني، وهذه الأمور لم يحدث منها شيء عند الكيان الصهيوني حتى في عزّ الحروب في السابق، وبعد توقف الحرب المجنونة بدأ تركيز وسائل الإعلام المأجورة نفسها على التركيز على آهات الغزاويين وتسلط الضوء على معانات ذوي الشهداء والمشكلات التي تواجه الذين دمّر الصهاينة المجرمون منازلهم ومصادر رزقهم، وكأن المناطق التي يقطنها الصهاينة لم يصلها أي صاروخ، ولم تُدمّر فيها أية بناية، ومرافق الحياة فيها لم تتعطل أبداً، والرعب لم لم يلحقهم حتى داخل ملاجئهم المحصنة، ولم يّقتل واحد منهم ولم يُصب منهم أي شخص، كل هذا لأجل تثبيط الهمم في نفوسنا والتغطية على الأزمات الحقيقية التي يواجهها المحتلون.

لكن رغم كل هذه الصعاب والمؤامرات انهزمت ” إسرائيل ” باعتراف العدو نفسه، وانتصرت فلسطين رغم الطعنات الكثيرة من الأقربين قبل الأبعدين، إذ كانت دول عديدة تتمنى هزيمة المقاومة لا لشيء إلاّ لكونها تتلقى الدعم والمساندة من إيران، وكانت أطراف كثيرة في المنطقة والعالم تراهن على نفاد مخزون الصواريخ البالستية وتدمير قواعد إطلاق المدفعية والقضاء على مستودعات الطائرات المسيرة لدى المجاهدين لكي يكرس الصهاينة كيانهم أكثر، ويُثبّتوا وجودهم كأمر واقع، وتتوسع دائرة التطبيع معهم بحجة أن لا مناص من التعامل مع الكيان الأقوى في المنطقة، ورفع راية الإستسلام أمام بني صهيون علانية.

وانتصرت فلسطين بفعل وحدة أهلها في كافة أرجاء فلسطين، ونتيجة تضامن جميع الفلسطينيين حيث كانوا وإلى أية جهة أو تنظيم انتموا، وحتى أعضاء مجلس النواب الأمريكي من أصول فلسطينية وعارضة الأزياء الأمريكية من أصل فلسطيني بيلا حديد ثار فيهم الدم الفلسطيني، وتحركت فيهم الغيرة على مواطنيهم، ورفعوا الصوت عالياً في منابر كانت محتكرة من قبل لحماة المحتلين، وانخرطوا في مسيرات التأييد لأهلهم في الداخل في شوارع نيويورك وواشنطن وكثير من المدن، فكان الضغط الجماهيري من كل الجهات مسنوداً بقوة صواريخ المجاهدين على الأرض مرفقاً بصبر أهل غزة رغم شدة الألم وكبر الفاجعة السبب في الهزيمة النكراء للصهاينة المجرمين وإعلانهم وقف الحرب من دون تحقيق أي هدف أعلنه قادة العدو لهجمتهم أو الوصول إلى أية نتيجة تساعد نتنياهو على الخروج من أزمته.

إذن لا فضل لأحد في هذا العالم على المقاومة الفلسطينية لنيلها هذا الإنتصار إلاّ النفوس الأبية التي أعارت الله جماجمها كما قال أمير المؤمنين علي عليه السلام وعشقت الشهادة كما عشقها أنصار سيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام، ويشاركهم في ذلك أولئك الذين  أمدّوهم بوسائل الصمود والدفاع متحملين أنواع المخاطر، وأعدّوا لهم القوة ورباط الخيل ليُرهبوا عدو الله وعدوهم، وهم الذين حملوا الصواريخ على أكتافهم واحدة واحدة أو قطعاً قطعاً وأوصلوها إلى إخوانهم في القطاع، والذين ساندوا أيضاً بالمال المجاهدين الفلسطينيين رغم الحاجة الماسة لشعبهم إليه، وقاموا كذلك بوضع كافة تجاربهم التي اكتسبوها في مختلف الميادين تحت تصرف المقاومين، والذين لم يكلّوا في جهودهم ولم يتأثروا في خطواتهم بانحراف البعض عن الصراط المستقيم ردحاً من الزمن، وارتمائهم في أحضان العصابات التكفيرية المجرمة، والتحدث بلغتهم، والتأثر بمنهجهم، ومهاجمة المدافعين بإخلاص عن قضيتهم، كل ذلك بسبب اختلاف في مذهبهم.

لكن هذا النكران لم يوهن عزيمة الذين آمنوا حقاً بالقضية الفلسطينية، ولم ينكلوا لحظة عن أداء تكليفهم، بل استمروا في دعم من لم يتورطوا من الفلسطينيين في إضاعة الهدف والإنحراف عن البوصلة، ولم يتعودوا على العيش في الفنادق الفارهة تحت رعاية حكام يستقبلون قادة الصهاينة دون استحياء وبكل ترحاب بدل أن يتواجدوا مع المجاهدين في ساحات الوغى.

وأثبتت الأيام أن الصادق في إيمانه بالقضية لا ( يحرد ) بسبب تصرفٍ خاطئ من بعض الأفراد، أو انحراف من قبل بعض الجهلاء، حيث عاد الجميع وأذعنوا أثناء العدوان الأخير أن السلاح المستخدم لصد العدوان الصهيوني المجرم قادم من إيران لا غير، وأن المال الذي يضمن صمود المقاومين والمواطنين في القطاع هو تقدمة من الجمهورية الإسلامية دون الآخرين، كل هذا وإيران قد حاصرها العالم أجمع إقتصاديا ومالياً وعسكرياً منذ تأسيس النظام الإسلامي في العام ١٩٧٩، وكان الإطباق عليها في عهد الرئيس المعتوه دونالد ترامب، والسبب الوحيد والمعلن في ذلك مراراً وتكراراً هو وقوفها إلى جانب القضية الفلسطينية، ولم تتوقف إيران يوماً عن دعمها للقضية المقدسة رغم إثارة أجهزة المخابرات الأجنبية أنواع القلاقل في الداخل الايراني وتحريك المجموعات الإرهابية من أجل ليّ ذراع إيران وانشغال الجمهورية الإسلامية بهمومها الداخلية عن مساندة المجاهدين في فلسطين الحبيبة.

إن الله سبحانه يؤكد أن للمعارك خسائر في الانفس والأموال لا محالة، وأن آلاماً تصيب طرفي المواجهة والمتقاتلين في الميدان حتماً، لكن توكل المؤمنين على الله سبحانه، والثقة بنصرالله عز وجل، والإستقامة على الهدى، والإستمرار في الجهاد في سبيل الله، والصبر على الآلام والعضّ على الجراح، لا بد أن يؤدي إلى انتصار اهل الحق ولو بعد حين، وأن ينتهي الأمر إلى هزيمة أهل الباطل ولو طال الزمان، وذلك بصريح قوله تعالى في القرآن المجيد : { ولا تَهِنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون } صدق الله العلي العظيم .

– السيد صادق الموسوي