صفقة القرن و الأمر الواقع .. بقلم : الدكتور سليم الخراط

#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية_الدكتور سليم الخراط

 

لم تكن حروب التاريخ كلها الا حروب جغرافية أولاً ، وديمغرافية بالمرتبة الثانية ، فهي تسعى لضم الأراضي أو الدفاع عنها ، حتى الحروب كلها في تسلسلها تاريخياً .. الحقائق تقف أمامنا لينذهل النائمون السكارى والتائهون ثقافات مبتذلة غير مكونة ..

– إنها من أجل الجغرافية والتوسع والسيطرة على الأراضي .. وعلينا الوقوف أمامها اليوم والخاصة جداً والملحة في سيناريو ومخططات صفقة القرن ونؤكد اليوم تحديداً ، وبعض تسريباتها التي تؤكد ما قلناه سابقاً ومراراً عن حقيقة هذه الصفقة في المنطقة ، واللاعبين الكبار والصغار فيها ، ومن هم الأدوات المستخدمة بين الكبار والصغار وسياساتها المبرمجة والممنهجة ..

– إنه وفي حقيقة الأمر ليس إلا صراع يهدف إلى ثبات وتثبيت أمن واستقرار” إسرائيل” وسياساتها التوسعية ، وحماية رؤوس أموالها التي تسيطر على مراكز القوة في العالم أولا ، في مقابل أنظمة تسقط هنا وهناك ليست بذات أهمية ضمن اللعبة ستبقى الخسائر مشروعة لتحقيق النتائج ، وفي المقابل أنظمة تطفو وتظهر في مرحلة اللا استقرار ، لحين موعد قادم لسقوطها سيبقى مؤجل سياسياً حسب دورها المراد منها تحقيقه ، بحكم سيناريوهات هذه اللعبة الخطيرة في تحولات العالم ، ولذلك فقد سميت هذه الدوامة بمصطلح ” لعبة الأمم” إذا فحقيقة الأمر أن صفقة القرن ليست إلا تنازلات وأموال وأدوات ، رأس حربتها الأنظمة العربية الخائنة والغادرة بأمتها وشعوبها فمن الأمثلة الواقعية أنه وحتى يبقى ويستمر ابن سلمان ليكون ملكاً وكل ذريته في المستقبل ، وهو جزء من اللعبة والأساسي بأمواله وملياراته وتنازلاته ..

– والأهم في أخطائه وهفواته المدمرة والمطلوبة لاتمام اللعبة متمثلاً بدور عبد العزيز والبريطانيين واعترافه “بدولة إسرائيل” مقابل بقائه وأبنائه في حكم المملكة ، والدور يعاد صياغته من جديد على يد ابن سلمان اليوم . وحقيقة أخرى في أن السيسي ما تم إخراجه وتصنيعه واختياره رئيساً ، وتاريخه وأصوله ومن أين هو معروف ، إلا ليتمم دوره في هذه الصفقة المشؤومة ، ويكون رأس القرار في الدولة المصرية بالتنازل عن الجزر المصرية صنافر وتيران .. ومنح جزء من سيناء من شمال العريش ، لإتمام سيناريو جديد لدولة فلسطينية مستقلة تقودها حماس ومشروعها الإخواني ، وليس بقاء واستقرار السيسي ، إلا مقابل قبضه وتحصيله المليارات التي سيقبضها من الممول الأول لهذه الصفقة خليجياً وسعودياً وتحديداً ابن سلمان ثمناً لبقائه واستمرار حكمه للمملكة وشعبها وثرواتها .. والله أعلم كم سيدخل منها للخزينة المصرية ، والباقي إلى أين سيذهب …!؟

– وهو معروف كالعادة ، إلى جيوب اللاعبين صغاراً او كباراً او أدوات ، وكل حسب النسبة الممنوحة والمرسومة أصلاً لكل واحد فيهم ، مقابل ما يحققه مما هو مطلوب منه تحقيقه من اللاعبين الكبار . أما الاردن فهو تحصيل حاصل والذي يرضى ببعض القروش وسيعيش هذا الملك المصنع ذو التاريخ العريق سواداً وجذوراً وصهيونية بريطانية المنشأ ، وسيقبل بكل ما يقدم إليه ، فدوره محدود وينفذه على أكمل وجه وبامتياز على أن تبقى طاولات قماره مستمرة في أماكن من العالم كثيرة ، وشعبه سيستمر في قبضته ، حتى يأتي اليوم الذي سيصحوا فيه النشامي ممن يدعون أنفسهم برجالات العروبة ويمثلون على أنفسهم أدوار البطولات ويصفون أنفسهم برجال الشهامة والكرامة والمروءة وهم اليوم سكارى ..!! وما هم بسكارى ..!!  لكنهم في ضياع مستمر إلى يوم يبعثون فيه من جديد ، أهل كرامة وشهامة ومروءة ..

– أما الابقاء على ابن سلمان وعائلته وليستمر في حكم مملكة آل سعود فالثمن يدفع أرقام مذهلة من جيوب العروبة كلها ، فهم لا يدفعون من جيوبهم بل من أمول شعوبهم ..!!؟

– أما الكرة الفلسطينية والقضية .. أم القضايا وبدورها المرقع والملون رسماً ، فستبقى على سياسة الانقسام والاستمرار فيه بين أبنائها وفصائلها الممثلة لأبنائها وشعبها ، حتى يصبح كل الفلسطينيين تحت المظلة الصهيونية ، ويتحولون لأداة ورأس حربة سياسية ، تستخدم لاحقاً في مواجهة من يتمرد من الأنظمة لذلك نجد أن اللعبة بالمجمل ليست إلا لعبة كراسي ، وبيع وشراء وتنازلات واقتسامات وتوسعات ، وأموال هنا وهناك تصرف من الخليجي وخاصة السعودي الممول الرئيسي لهذه اللعبة ، فلا يوجد اليوم من العقائد والإيديولوجيات ولا حتى الأديان مكان في هذا المعترك وهذا السيناريو إلا لتحقيق ما هو مرسوم لها فهذا الصراع كما كان في الأمس والماضي البعيد والذي لم يتغير في سياساته وبرامجه ، رغم قيام أمم وخراب واندثار أمم ، لمصالح الكبار ..

– ستبقى كما يريد هؤلاء الكبار لها أن تبقى .. فحالة الشعوب محكومة ومرسومة فهي لم تنضج إلا قليلاً عبر التاريخ من الثورة البعيدة في عمق التاريخ ، ثورة العبيد لسبارتاكوس الثائر على العبودية حتى اليوم ، فالتاريخ لم يتغير وسيبقى هكذا .. ولن يستطيع أحد من أي نظام كان في العالم أن يصنع إعجازاً .. إلا الإنسان الفرد في أي زمان ومكان ، فهو الوحيد القادر على هذا الإعجاز ، والتاريخ يشهد برجالات كانوا السبب في التحولات الكثيرة والكبيرة لشعوب العالم شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً ، وفي كل القارات والأزمنة ..

– فمن سيكون له الدور اليوم في هذه المواجهات ، وقد أصبحت الحقيقة واضحة وضوح الشمس وحقيقتها ، في أن الصراع وعبر التاريخ كله .. صراع أيديولوجيات ، وعقائد ، وفكر .. بل أفكار مصنعة ، تخفي في ثناياها ودهاليزها وزوياها هنا وهناك ، الصراع الديني الأبدي أولاً وأخيراً ، للإبقاء على ما يسمى بشعب الله المختار ( شعب اسرائيل ) .. ونحن المؤمنون نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ، هو خاتم الانبياء والرسل ، وأن القرآن هو الكتاب المنزل والأخير ، والذي يجمع بين كافة الأديان كلها ويوحدها عقيدة ، ويمنحها مكانها وذمتها ، سيبقى أبداً في مواجهة لا تنتهي ، بحكم ما أنزل إلى يوم الدين ، في مقابل هذه الصراعات الهادفة مضموناً لتحقيق الهدف الرئيسي منها ، وهو أمن واستقرار “اسرائيل” وسيطرتها على منابع الثروات والنفوذ في العالم ، ورسم مناهج خطواتها فهل سيكون الغد والمستقبل لنا كما ثبت بالكتاب المقدس خاتم الكتب السماوية القرآن الكريم ، وحتما سيكون لنا ، متى تأتي هذه اللحظة في يوم تكالبت علينا الأمم ، وباعناً أقرب المقربين ، ونحن اليوم وفي سورية كالقابض على جمرة …!! أحرار شرفاء يواجهون ويحاربون ، لكنهم سيبقون أبداً ولن يتوقفوا .. أو يتخاذلوا .. أو يحبطوا ، ففي ثقافتنا نحن السوريون ، أن لا هزيمة ، بل الانتصار حتى الانتصار الأكيد .