في الحديث عن  التقارب السوري التركي .. بقلم : الدكتور خلف المفتاح – مدير عام مؤسسة القدس الدولية – سورية

#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية

 

 

 

– كثر في الآونة الأخيرة الحديث عن التقارب السوري التركي بعد التصريحات التي اطلقها رجب طيب اردوغان وتحدث فيها عن الرغبة التركية في استعادة العلاقات مع سورية مشيرا” الى ما شهدته تلك العلاقة من تطور قبل اندلاع الاحداث والحرب التي  شنت  عليها دون أن يشير الى الدور السلبي للحكومة التركية في تلك الأحداث وكيف تحولت تركيا الى رأس حربة ومغذ وداعم لتلك الحرب الارهابية التي انعكست آثارها السلبية على الاوضاع في المنطقة بما فيها تركيا ذاتها والتي اعتقدت في حسابات خاطئة أنما سمي ربيعا” عربيا” يمنحها فرصة لتحقيق احلام أمبراطورية يمكنها من استعادة انتاج السلطنة العثمانية بمسميات جديدة استخدم في الاسلام السياسي الاخواني وقودا” لذلك والسؤال الذي يطرح راهنا” يتعلق بالاسباب التي دعت تركيا للدعوة للمصالحة مع دمشق وتطبيع العلاقات معها وفي معرض الاجابة على ذلك يمكننا القول أن احد أهم الاسباب هو الفشل  التركي في تحقيق تلك الاهداف بسبب مواجهة سورية جيشا” وقيادة وشعبا” لذلك المشروع الذي لم يستهدف سورية وإنما اغلب الدول العربية بل المنطقة بكاملها حيث لو قيض له ان ينجح لتغيرت خريطة المنطقة ولتحقق المشروع الأميركي الصهيوني في شرق أوسط جديد عبر ما سمي الفوضى الخلاقة   ما دفع بالحكومة التركية لاعادة النظر في سياساتها الخاطئة والتكيف مع الفشل الحاصل والى جانب ذلك العامل اصبحت تركيا تواجه مشاكل اقتصادية وأمنية واجتماعية عميقة من خلال تدفق اللاجئين السوريين بسبب الارهاب الذي رعته الحكومة التركية وما سببه ذلك من ضغوطات اجتماعية واقتصادية وتداعيات أمنية على الداخل التركي إضافة الى استغلال مجموعات قسد الانفصالية ظروف الحرب  على سورية لتحاول تكريس واقع غير شرعي في الجزيرة السورية بحماية ورعاية أميركية اسرائيلية رأى فيه الساسة  الاتراك تهديدا” لأمنهم القومي لجهة انه جزء من مشروع لقيام كيان كردي يمتد من ايران مرورا بالعراق وسورية وتركيا يهدد أن الاقليمي في المنطقة يضاف الى تلك الاسباب الوضع الاقتصادي المتردي في تركيا وتراجع قيمة الليرة التركية وتوقف الشرايين التجارية التركية التي كانت تمر من سورية لدول الخليج العربي والتي تشكل رافدا” قويا” للاقتصاد التركي ناهيك عن العزلة التي واجهتها تركيا من دول الجرام خلال العقد المنصرم بسبب تلك السياسات الخاطئة وغير المسؤولة والتي الحقت اذا” كبيرا” في الحالة الاقتصادية وصورة تركيا بالمنطقة بوصفها دولة راعية للارهاب ومستثمرة فيه أمام تلك الوضعية السيئة للحالة في تركيا والذي رافقه صعود للمعارضة التركية وتراجع كبير لحزب العدالة والتنمية مع نجاح الدولة السورية في استعادة السيطرة على معظم مناطق البلاد والانفتاح العربي على سورية كل ذلك دفع بالحكومة التركية الى اعادة النظر في سياساتها الخاطئة تجاه دول الجوار وتصحيح تلك السياسة وتصويبها وانتهاج سياسة براغماتية وواقعية والتخلي عن التفكير الايديولوجي الاخواني سيما وأن ثمة قناعة لدى النخب السياسية في تركيا بأن العالم يتجه نحو تشكل نظام دولي جديد روافعه عالم الجنوب والشرق وليس الاطلسي بضفتيه وهو الذي رفض أن يقبلها عضوا” في الاتحاد  الاوربي وقبلها شرطيا” في حلف الناتو .

– والسؤال الآن كيف لهذه التوجه التركي المعلن عنه من خلال الرئيس التركي ووزير خارجيته أن يجد سبيلا” للنجاح ” في ظل تراكمات سياسية وعسكرية وأمنية معقدة عالقة بين البلدين الجارين وما هو المطلوب من تركيا القيام به في هذا المجال وهل تكفي التصريحات واعلان النوايا لولوج سكة الحل وسلوك خريطة طريق توصل لنهايات سعيدة ولاشك أن هذه الفرضية ممكنة من خلال اتخاذ اجراءات بناء ثقة تقوم بها الحكومة التركية يمكن ان توفر مناخا” للتطبيع النفسي قبل التطبيع السياسي إذا لا يمكن تجاوز حالة عداء بين البلدين سفكت فيها دماء ودمار وانتهاك للسيادة خلال فترة محدودة وكأن شيئا” لم يكن فالرأي العام السوري لايمكن أن يتقبل ذلك دونما اتخاذ الحكومة التركية إجراءات عملية تطمئن وتقنع الجانب السوري بمصداقيتها منها الالتزام والاعلان الواضح بانسحاب القوات التركية من الاراضي السورية  وتسليم المنافذ الحدودية للحكومة السورية ورفع يدها عن المعارضة السورية المسلحة منها وغير المسلحة والتنسيق مع الحكومة السورية في مواجهة التنظيمات الارهابية والتعاون في معالجة التنظيمات الانفصالية والارهابية في الجزيرة السورية والتنسيق في أمن الحدود على الطرفين والعودة المتدرجة والآمنة للاجئين والنازحين السوريين بفعل الحرب الارهابية اضافة الى عدم تدخل تركيا في اية مقاربة سياسية للحل في سورية ليكون نتاج حوار وطني داخلي يعمل بفائض قوة الداخل واحترام السيادة السورية والعمل الجدي باستعادة زخم العلاقة بين دمشق  وانقرة  التي تجمع بلديهما جغرافية حاكمة وروابط مشتركة وأمن مشترك يصب في خدمة الجميع يطوي صفحة الماضي ويفتح آفاق جديدة في المنطقة بشكل كامل يقوم على الشراكة في المنافع واحترام سيادة الدول والسعي الجاد لاستقرار بناء وليس فوضى خلاقة او بالأصح حراقة للجميع .

د . خلف المفتاح