القيم السلبية .. بقلم : الدكتور خلف المفتاح – مدير عام مؤسسة القدس الدولية – سورية

#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية

 

 

 

– الكراهية والحقد هما. من القيم السلبية التي تتشكل من موقف نفسي لشخص اوجماعة تجاه شخص او جماعة اخرى ايا كانت تلك الجماعة او الشخص وليس ذلك الكره الذي مجاله الاشياء الاخرى ككره بعض الحيوانات او كره بعض المظاهر الحياتية الأخرى كالطعام والشراب والملابس وغيرها فهذه مواقف ذات طابع او مزاج شخصي له اسبابه وتكويناته النفسية فالحديث هنا يتعلق بالحقد والكره المتعلقان بنفي وتسفيه الآخر المتشابه بالخلق ومن حيث المبدأ يعتبر الكره موقف طبيعي عند البشر تجاه اخرين يرون فيهم مصدر شعور سلبي بمواجهتهم ككره الكذاب والسارق وكره المنافق وكره المجرم وصاحب السلوك اللااخلاقي المشين .

– وهذا كله يدخل في منظومة القيم العامة والمتفق عليها عند البشر فالكراهية هنا تصيب القيم السلوكية السلبية فالشخص يكره الآخر غير المتطابق مع قيمه واخلاقه او من تسبب له في اذية أياً كان شكلها والكره هنا قد لا يتعدى الموقف النفسي السلبي دونما الحاق اية اذية بالمكروه والسؤال هنا كيف ومتى يتحول الكره بوصفه موقفاً نفسياً سلبياً الى حقد ؟ وهنا تجدر الاشارة الى أن الكره له مستويات قد تتحول بالتراكم الى حقد فكل حقد يبدأ من الكره ولكن ليس كل كره هو حقد فالحقد تركيز وتكثيف للكره لان فيه انتقال من موقف نفسي سلبي الى سلوك يحمل الأذى والأذية للآخر مع استعداد عال لذلك من انتقام وغيره وكلها تقع في دائرة ردة الفعل .

– ولاشك أن الحقد والكره كما الحب وغيره مسائل فردية ودائرة فعلها وآثارها محدودة ولكن المشكلة تكمن في الحقد الجماعي اي عندما تحقد جماعة على اخرى او شعب على آخر او قومية على قومية او مكون على مكون وفي الاطار السياسي حقد طبقة على اخرى او حزب على حزب كما جرى الحديث عنه في الماركسية في الحقد الطبقي او الصراع الطبقي وما شاكل ذلك ولعل مثل هذه الصور من الأحقاد اخطرها على البشرية سيما اذا تحولت الى احقاد تاريخية .

– إن من اخطر الاحقاد الحقد القومي كأن تحقد أمة على أمة والحقد الديني والمذهبي والطائفي سيما اذاكان ثمة ايديولوجية وخطاب مغذي للحقد والكراهية فالنازية كانت شكلا من اشكال الحقد القومي والصهيونية شكل من اشكال الحقد القومي والديني والاقليات في مجتمع من المجتمعات اذا كانت مضطهدة يتولد لديها حقد قومي باتجاه القومية الأكبر وهذا غالباً مايؤدي الى صراعات وحروب طويلة كالحروب الدينية في اوربا وكذلكً ما حصل بين البروتستانت والكاثوليك في ايرلندا منذ فترة ليست بالقصيرة ومن أخطر الاحقاد الاحقاد الطائفية والعرقية في المجتمع الواحد حيث برع الغرب في الاشتغال عليها في منطقتنا العربية بهدف ضرب العقد الاجتماعي للدولة الوطنية. وتفتيتها وشرذمتها من خلال احيائية مذهبية وعرقية تجد ادواتها الذين يشتغلون على سردية تاريخية مفتعلة او مضخمة وتقوم على ذم طائفة او ديانة أخرى تحت عنوان المظلومية التاريخية وصولا”لتشكيل وعي ضدي لديها تجاه الآخر من خلال استدعاء صورة أو صور منتقاة من التاريخ اشبه ما تكون رقعة في ثوب والاشتغال عليها وتضخيمها وتناسي المشترك الجميل والرائع للجماعة المتشكلة تاريخياً مدعية ان ثمة حقداً صامتاً يجب ايقاظه وتحويله الى وعي بالآخر اي الوعي الضدي ضمن المجتمع الواحد وهنا تكمن الخطورة وضرورة التصدي لها وتعريتها وفضحها لأنها ان تكرست ستكون مدمرة للاوطان والجماعات حتى لو كانت متباعدة جغرافياً لأنها ثقافة حاقدة وعابرة لكل الحدود واشبه ما تكون نفخاً في محرقة جماعية تنفجر في المستقبل .

– إن وجود الطوائف والمذاهب والاعراق مسألة طبيعية في كل مجتمع يقوم على فكرة الدولة والمواطنة وسيادة القانون فالطائفة شيئ والطائفية شيء آخر والمذهب شيء والمذهبية شيء آخر من هنا يبرز دور النخب الفكرية والسياسية في مواجهة قوى التطييف والتمذهب والعرقنة والشعوبيون الجدد والمتطرفون من كل الديانات والاعراق والمذاهب وتجفيف كل منابعهم ومغذياتهم وتعرية منابرهم والتأكيد على المشترك الوطني والقومي وابراز مساحات المشترك التاريخي لا الانتقائية التي لا تعرف سوى استدعاء ما يتناسب مع مصالح مشغليها من قوى الشر العالمي .

 

– بقلم : الدكتور خلف المفتاح

– مدير عام مؤسسة القدس الدولية – سورية