” من هم يهود الحريديم ” بقلم : الدكتور خلف المفتاح – مدير عام المؤسسة – سورية

#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية

 

– تردد كثيراً خلال الفترة الاخيرة ولاسيما بعد معركة طوفان الأقصى مصطلح أو عبارة اليهود الحريديم في إشارة للتيارات المتدينة المتطرفة  في الكيان الصهيوني الذي هو أساسا قام على التطرف والتعصب للصهيونية المتدينة وعلى رواية وسردية تاريخية نواتها الصلبة الدين اليهودي وعند الحديث عن اليهودية الحريدية أو الحريديم فالمقصود هنا يهود التقوى وهر معنى المفردة في اللغة العبرية حيث يؤمن الحريديون ويتمسكون بالنص الحرفي للتوراة وتفسير الحاخامات لها ويؤمنون بأن حياة اليهود وسلوكهم يجب ان ينطلق ويتمسك بالشريعة اليهودية بكل تفاصيلها من حيت الطعام والشراب والطقس الديني والاعياد اليهودية والزواج وبالتالي لا يؤمنون بالقوانين الوضعية وما يسمى المبادئ الديمقراطية فوفقهم يجب على الدولة فرض التعاليم اليهودية على الحياة اليومية لسكان اسرائيل وحيثما تواجد اليهود وبرفضون الانفتاح على اية ثقافة اخرى ولعل مفهوم الغيتو اي الحي اليهودي هو التعبير الأمثل لوصف سلوكلهم الانعزالي إضافة إلى أنهم يرفضون بشكل قاطع اعتماد النظام الديمقراطي اساساً للحياة السياسية .

ويرفض الحريديون التجنيد الاجباري والخدمة في الجيش الاسرائيلي لاسباب عديدة منها انهم يعتبرون أن الدفاع الروحي عن اسرائيل اهم من الدفاع عنها عسكرياً اضافة الى تمسكهم بالزي واللباس الديني وكذلك انهم لا يقبلون فكرة الاختلاط مع النساء وهي حاصلة في الجيش الاسرائيلي وتعارض حياتهم الدينية مع اسلوب الحياة والعمل في الجيش ولاسيما عطلة يوم السبت حيث حياتهم مكرسة للايمان وفق تصوراتهم .

وقد واجهت الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة قضية الحريديم وتعاملت معهم معاملة خاصة وافردت قوانين  خاصة لهم ولاسيما قضية تجنيدهم بالجيش حيث اعفوا من ذلك لجهة ضمانهم  تعاليم الديانة اليهودية والحفاظ عليها سيما وانهم يشكلون نسبة 13 بالمائة من المستوطنين الصهاينة ولديهم نسبة تزايد أكثر من غيرهم من الجماعات اليهودية ولعل طرح مسألة عدم تجنيدهم في الجيش  في الآونة الأخيرة بعد معركة طوفان الاقصى وما تكبدته قوات الاحتلال من خسائر بشرية كبيرة بفضل استبسال وشجاعة المقاومة في غزة والحاجة الى تجنيد الآلاف وزجهم في القوات المسلحة قد برزت على السطح واصبحت قضية رأي عام في الكيان الصهيوني ما استدعى ردة فعل من قياداتهم الدينية والسياسية وصلت الى درجة التهديد بمغادرتهم ما سمي أرض اسرائيل التاريخية حال الغاء القوانين والتشربعات المتعلقة بأعفائهم من الخدمة في الجيش وكان لتلك التصريحات الصادرة عن مرجعياتهم الدينية صدى واسعاً في الاوساط السياسية والاجتماعية ما ينذر بعودة حالة الاستقطاب التي ظهرت في الكيان قبل عملية  طوفان الأقصى بين التيارات الدينية والعلمانية على خلفية تقييد صلاحيات المحكمة الدستورية العليا لصالح الكنيست والحكومة وهي الحالة التي توقفت بعد معركة طوفان الأقصى انسجاماً مع ما سمي ظروف الحرب .

إن ما تكشفت عنه الاوضاع في الكيان الصهيوني منذ اندلاع المواجهات بين القوى الدينية وتياراتها المختلفة والتيار العلماني قبل معركة الطوفان ومن ثم عودة الحديث عن انقسامات عمودية في المجتمع الاسرائيلي على خلفية الدعوات لانخراط جميع المستوطنين في الخدمة العسكرية ولاسيما يهود الحريديم يكشف حقيقة عدم الانسجام في البنية الاجتماعية لمستوطني هذا الكيان والفشل في ما سمي عمليات الصهرللمستوطنين المهجرين  من مجتمعات وبيئات وثقافات مختلفة ليشكلوا مجتمعاً منسجماً متناغماً تحت عنوان وطن ومواطنة وبروز حالة التناقض بينهم في أول هزة اجتماعية او سياسية او عسكرية وهذا ما هو حاصل في الوقت الحاضر ولعل ابراز نقطة الضعف هذه هي من نتائج وتداعيات معركة طوفان الاقصى على التجمعات الصهيونية في البؤرة الاستيطانية المسماة زوراً( دولة اسرائيل )والتي هي في جوهرها تجمعات اشبه ما تكون بطبقات الارض الجولوحية تعيش حالة تراكمية لا تفاعلية .