#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية
– لقد استعمل الصهاينة المجرمون منذ السابع من أكتوبر / تشرين الأول مختلف الذرائع ليرتكبوا أفظع الجرائم بحق أبناء قطاع غزة المظلومين، حتى زاد عدد الشهداء على ٢٠٠٠٠ والجرحى بلغوا حوالي ٥٠٠٠٠ حتى هذه الساعة والمجازر الصهيونية مستمرة، معتمدين على التعمية التي تمارسها وسائل الإعلام الغربية والعربية المتواطئة والطريقة التي تعكس فيها أخبار الجرائم الصهيونية حتى تكاد أخبار تلك المجازر شيئاً عادياً عند المستمعين وأصبح الناس ” يمرون عليها مرور الكرام ” دون أن تتحرك فيهم الغيرة ولا تثور لديهم الحمية، وصارت أنباء قتل مائة فلسطيني في اليوم لا تلفت نظر متابعي الأخبار على القنوات التلفزيونية ومواقع التواصل الإجتماعي.
– إن مشاركة الدول العربية المجاورة لفلسطين في الحصار الخانق لغزة والخضوع للإرادة الصهيونية بشكل كامل وإغلاق معبر رفح أمام شاحنات المساعدات المكدسة عند المعبر، علماً بأن معبر رفح هو بين سيناء مصر وقطاع غزة ولا مشاركة جغرافية للكيان الصهيوني، لكن لا يجرؤ المصريون رغم تعاقب الأنظمة بين مبارك ومرسي والسيسي أن يفتحوا المعبر أمام المساعدات إلاّ بعد أن يأذن الصهاينة بذلك ويقوم الإسرائيليون بتفتيش الشاحنات، وإذا ارتأى المفتشون الصهاينة الموافقة لها عندئذ فقط تدخل الشاحنة إلى القطاع، وهم يتقاعسون ويتباطأون عمداً فلا تدخل الشاحنات إلاّ بأعداد قليلة وهي خالية من المواد الضرورية وبعض تلك المساعدات قد فسدت نتيجة طول الإنتظار إن لم تأتِ أصلاً فاسدة من مصادرها.
– إن استعمال الطائرات لإنزال المساعدات بالمظلات، والذي رآينا أكثرها تهبط في البحر أو تذهب إلى الجانب الصهيوني كما صرح بذلك الإعلام العبري، هو عمل إعلامي خادع حيث ذلك يحتاج إيضاً لإذن الصهاينة حيث السيطرة على الأجواء في القطاع هي لسلاح الجو الصهيوني، وإن موافقة قادة الصهاينة للطائرات بالتحليق في أجواء القطاع وإلقاء المساعدات هو شرَك لكي يتجمع أكبر عدد من المواطنين في مكان واحد فيكونوا ” صيداً ثميناً ” للمجرمين الصهاينة، وهذا ما حدث فعلاً يوم أمس في دوار النابلسي، ومن قبل هذا كانت تُرتكب المجزرة تلو المجزرة بذريعة وبأخرى ولا يزال الحبل على الجرار، وعقب كل مجزرة تصدر بيانات التنديد الخجولة ويسود الصمت المحافل الدولية بعد ذلك حتى تُرتكب مجزرة مروعة أخرى فتصدر مجدداً البيانات المنددة فقط لا غير.
– إن العراضات الإعلامية التي شاهدناها في عمليات إلقاء المساعدات عن طريق الطاائرات العسكرية وموافقة القادة الصهاينة على حضور تلك الطائرات في الأجواء التي يسيطرون عليها لهي مشاركة بالفعل في ارتكاب المجزرة التي وقعت بالأمس خاصة إذا عرفنا أن العلاقات الوطيدة تربط الأطراف التي ألقت المساعدات بالكيان الصهيوني، وإذا كان هؤلاء فعلاً يودون مساعدة المحاصرين في القطاع وعندهم الشهامة العربية والحمية الإسلامية فليفتحوا الحدود البرية ويمرروا المساعدات المكدسة بمئات الشاحنات من دون انتظار موافقة المجرمين الصهاينة، وإذا لم يكن هناك تواطؤ فلماذا يأذن الكيان المحتل بتواجد الطائرات العسكرية في الإجواء التي يسيطر عليها وإلقاء المساعدات وهو نفسه يمنع إدخال المساعدات عن طريق البر ومن خلال معبر رفح.
– إن مراجعة التاريخ يكشف بوضوح كيف كان قادة الدول العربية منذ ما قبل تأسيس الكيان الغاصب يتلاعبون ويخادعون ويكذبون على الشعوب العربية ويتواطؤون في الخفاء مع الغزاة والمحتلين، واليوم هم أنفسهم يعيدون الكرة ويستعملون الأساليب نفسها ويشاركون في المؤامرة على المقاومة الشريفة التي أوصلت الكيان الصهيوني إلى حافة إعلان الهزيمة والقبول بالإستسلام، وهذا ما نراه في سياق المفاوضات الجارية بين حماس والكيان، حيث صارت حركة حماس التي أرادوا إفناءها هي التي تُملي الشروط والصهاينة هم الذين يفاوضون عليها، وغزة التي لم يبقوا فيها حجراً على حجر على آمل القضاء على المقاومين لكن الجنود الصهاينة هم الذين يقيمون الأعراس والأفراح عند تمكنهم من العودة إلى بيوتهم مهزومين، حتى صار نتنياهو يتوسل ليجد جنوداً يعوضون عن القتلى والجرحى من المقاتلين وأيضاً الرافضين المشاركة في الحرب من الأساس، والرهائن التي بحوزة المقاومة لم يحصلوا على واحد منهم رغم خمسة أشهر من الحرب الضروس واستعمال الصهاينة لكافة أنواع القنابل الفتاكة والممنوعة دولياً، ولم يطالوا رغم كل جرائمهم أيّاً من قادة المقاومة الأساسيين بل يخرج إليهم المقاومون من الأنفاق ومن بين الأنقاض ويصطادونهم من ” مسافة صفر ” في حين أن الصهاينة فقدوا العشرات من ضباطهم وقادتهم العسكريين الكبار ، حتى صار المدافعون عن الإجرام الصهيوني في الغرب في حالة تراجع بعد فشل الكيان الغاصب في تحقيق أي من أهدافه التي أعلنها وأيضاً تحت ضغط التظاهرات الشعبية الكبيرة في مختلف الدول الأوروبية وفي الولايات المتحدة وكندا وأستراليا، وجاء أخيراً إحراق الطيار الأمريكي نفسه أمام السفارة الصهيونية في العاصمة الأمريكية وحملة التضامن معه من جانب زملاء له في القوة الجوية والجيش الأمريكي واستمرار ملاحقة بايدن وبلينكن وهيلاري كلينتون وغيرهم في كل مكان يتواجدون فيه رافعين أمامهم صوت الإعتراض والصراخ في وجوههم، وأخيراً اضطر وزير الدفاع الأمريكي أن يقرّ أن الصهاينة قتلوا منذ حملتهم في السابع من أكتوبر أكثر من خمس وعشرين ألفاً من النساء والأطفال، لكن اللافت أن ذكره لهذا العدد الكبير وتحديده أنهم نساء وأطفال لم يُثر أعضاء لجنة القوات المسلحة في الكونغرس ولا اهتموا بحقوق الإنسان وحقوق المرأة وحقوق الطفل هناك، وانتشر الخبر هذا في وسائل الإعلام الغربية والعربية من دون أن تقوم الدنيا ضد من ارتكب هذه الجريمة الوحشية، ولا انعقد مجلس الأمن الدولي لإصدار قرار ملزم ضد مرتكبي هذه الفظاعات ، ولا تشكلت الإجتماعات للجنة حقوق الإنسان الدولية والمؤسسات المعنية بحقوق المرأة وحقوق الطفل والتي لو مات هذا العدد في مكان آخر وعلى يد غير الصهاينة لوجدت العالم كله والمؤسسات الدولية كافة لا يهدأ لها بال حتى يعتقلوا مجرمي الحرب هؤلاء ويسلموهم لمحكمة العدل الدولية ويُنزلوا بهم أشد العقاب، لكن الواقع السائد أن كل المبادئ والقوانين والمؤسسات الدولية المعنية بحقوق الإنسان والمرأة والطفل هي وسائل تستغلها القوى المستكبرة حينما تتطلب مصالحها فقط.
– إن الأمة الإسلامية والشعوب العربية ومن بقي من الأحرار في العالم الغربي يجب أن يعيدوا النظر في كثير من القناعات التي كانت راسخة في عقولها من وجود قيم إنسانية تتأثر بها الدول الغربية وحقوق إنسان تحترمها واهتمام صادق بحقوق المرأة والطفل لديها، لأن ما تبين بوضوح في العدوان على قطاع غزة أن لا أثر لكل تلك الشعارات ولا حديث عن القيم الإنسانية، بل إصرار على مساندة الصهاينة المجرمين بالسلاح والمال من دون تردد وكذلك في الإعلام وتبرير كل الآعمال الوحشية التي يمارسونها، وبقي على النخب المنبهرة بالحضارة الغربية أن تراجع توجهاتها وتعود إلى أصالتها وتؤمن بقيمها وتتمسك بتعاليم الإسلام الحنيف وتتبع أمر الله سبحانه حيث يقول في كتابه المجيد: ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تُلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق ) صدق الله العلي العظيم.
– السيد صادق الموسوي