أمريكا تلفظ أنفاسها الأخيرة في العراق

#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية

 

 

بعد جولة المفاوضات بين العراق وأمريكا والتي تشكلت لإنهاء دور الاحتلال الامريكي الغربي في العراق، تصاعدت مخاوف بغداد من استخدام واشنطن، الجوانب المالية والاقتصادية للضغط عليها لبقاء نفوذها العسكري فيها.

وأنهت بغداد وواشنطن جولتي حوار قادها ممثلون عسكريون ومستشارون من كلا البلدين في بغداد، خلال الأسابيع الماضية، تتركز على صياغة تقييم نهائي تطالب به حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، من أجل وضع جدول زمني لانسحاب القوات الأميركية من العراق وإنهاء دور التحالف الدولي الموجود منذ عام 2014 لهزيمة تنظيم داعش.

وتضغط القوى السياسية على حكومة السوداني من أجل حسم الملف وإنهاء الوجود الأميركي في العراق، بالمقابل، تتجنب واشنطن في تعليقاتها الحديث عن أي خطوة انسحاب قريبة لقواتها من العراق.

ويناقش المسؤولون من كلا البلدين قدرة بغداد على إدارة الملف الأمني ومنع ظهور داعش الارهابي مجددا، قبل الحديث عن أي جدول زمني للانسحاب وإنهاء دور وعمل الاحتلال الامريكي في العراق، رغم أن الوثائق المسربة تؤكد أن أمريكا كانت هي المصدر الرئيسي لخلق التنظيمات الارهابية في العراق وسوريا.

ومن بين هذه الأوراق، الأموال العراقية التي تودع لدى البنك الفيدرالي الأميركي من عائدات تصدير النفط، وهو إجراء معمول به ضمن متطلبات الفصل السابع من إجراءات الأمم المتحدة عقب الغزو العراقي للكويت عام 1990 وما زال معمولا به لغاية الآن، بالإضافة إلى إدراج شركات وبنوك عراقية جديدة على لائحة العقوبات التي تصدرها الخزانة الأميركية.

ويرى مختصون أن الولايات المتحدة تستخدم هذه الملفات لمواجهة مطالبات عدد من الجهات المسلحة والسياسية بخروج قواتها العسكرية من العراق.

من جانبه، أكد عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي جمال كوجر أن هناك ثلاثة ملفات اقتصادية تستخدمها الولايات المتحدة للضغط على العراق، تتمثل بالملف النفطي والأموال العراقية لدى الخزانة الأميركية وملف الدولار، وأن إطلاق أموال العراق لدى البنك الفيدرالي الأميركي أصبحت مشروطة وفق ضوابط ومحددات أميركية.

وأوضح كوجر، “أن هذه الملفات تمثل أوراق ضغط قوية ومؤثرة إذا ما استخدمت ضد العراق، لأن الاقتصاد العراقي هش، ويعتمد بشكل كامل على الإيرادات النفطية بنسبة تصل إلى 94% من الناتج القومي الإجمالي.

وبلغت عائدات تصدير النفط العام 2023، وفق البيانات الصادرة عن وزارة النفط في يناير/ كانون الثاني الماضي، نحو 87.6 مليار دولار، بمعدل نحو 7.3 مليارات دولار شهرياً. وباعت البلاد أكثر من 1.23 مليار برميل.

ويعول العراق على تصدير الخام لسد العجز المالي وتقليص حجم الديون الداخلية والخارجية، إلى جانب استئناف العمل في أكثر من 5 آلاف مشروع متوقف منذ سنوات في عموم مدن البلاد، في قطاعات الصحة والتعليم والكهرباء والمياه.

وكان وزير النفط حيان عبد الغني قد قال، في بيان، الشهر الماضي، إن العراق يعتزم رفع قدرته الإنتاجية من النفط الخام إلى ستة ملايين برميل يوميا خلال العام الجاري 2024 مقارنة مع أربعة ملايين برميل حاليا، يصدر منها ما بين ثلاثة ملايين و3.4 ملايين برميل يوميا.

وأشار الوزير إلى العمل على تعزيز مشاريع إدامة وزيادة الإنتاج، وتنفيذ متطلبات الخطة الخمسية، وصولا إلى المعدل المستهدف.

ويرى الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي أن الولايات المتحدة تبنت مجموعة من الأساليب في تعاملها مع العراق ومنها إجراءات اقتصادية فاعلة، بعضها اتخذته فعلا مثل حظر التعامل الأخير مع شركات وبنوك عراقية عبر قرارات للخزانة الأميركية.

وحذر المرسومي، من أن واشنطن تمتلك أوراقا اقتصادية فاعلة من بينها فرض القيود المالية، المتمثلة في الاستبعاد من نظام التحويل المالي (سويفت)، الذي يستخدم من قبل عدد كبير من المؤسسات المالية في أكثر من 200 دولة، كما هو الحال في استخدامها ضد إيران وروسيا بعد حربها ضد أوكرانيا منذ نحو عامين.

وقال إن “هناك إجراء آخر من شأنه الحرمان من التمويل لتنمية الاقتصاد، وقد ترتفع تكلفة الاقتراض في البلاد وقد تنخفض قيمة العملة الوطنية، في حال حظرت واشنطن المعاملات المالية الكبيرة للعراق بالدولار”.

وأضاف أن “تخفيض أو توقف واشنطن عن تسليم الدولار للعراق من أرصدته الموجودة في الولايات المتحدة يعني انخفاضا كبيرا في قيمة الدينار مقابل الدولار”.

وفي السياق، يعتقد الباحث في الشأن الاقتصادي نبيل جبار العلي أن وزارة الخزانة والاحتياط الفيدرالي الأميركيين يعملان مع البنك المركزي العراقي لتنظيم إجراءات الحوالات الخارجية الصادرة من العراق وفقا للأنظمة الدولية، وقد ساعدت كلتا المؤسستين المصارف العراقية الخاصة في فتح حسابات مصرفية مع البنوك الكبيرة حول العالم.

ولفت إلى أن مثل هذه الرقابة قد تعكس نوعا من الضغوط السياسية التي تمارسها نحو العراق، ومنها تأخر تدقيق طلبات الحوالات التي يشرف عليها الفيدرالي الأميركي، والتي يمكن اعتبارها ممارسات تساهم في إرباك السوق العراقية وقدرته على التصرف بأمواله بسهولة.