الافق الاستراتيجي لمعركة الطوفان .. بقلم : الدكتور خلف المفتاح – مدير عام المؤسسة – سورية

#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية

 

 

– لعل ما يستوجب التوقف عنده في المشروع الغربي للمنطقة منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية هو بناء منظومة قائمة على تفردها فكريا سياسيا ثقافيا علمياً وتقنيا وفي معظم مجالات الحياة وشكلت مدا غربياً لم يستطع مقاومته احد حتى في عصر الحرب الباردة والقطبية الثنائية التي شكلت المنظومة السوفييتية الطرف المواجه والمنافس لها فأصبحت اغلب شعوب العالم تتعامل وفقها بوصفها التموذج الافضل والاحدث الى درجة ان الفلاسفة الغربيين بدأوا ينظرون لانتصار النموذج الغربي ولاسيما بعد سقوط وتفكك الاتحاد السوفييتي والتجربة الشيوعية ومنهم فرانسبس فوكوياما في اطروحته المشهورة نهاية التاريخ وصموئيل هاتنغتون في صراع الحضارات وكذلك ليو شتراوس ولكن ومع مرور الزمن بدأ الغرب يفلس اخلاقياً عبر التغول في الليبرالية المتوحشة وغياب منظومة القيم وتسليع الحياة البشرية وصعود وهج المال على حساب وهج الفكر والتعامل نع الانسان بوصفه كائناً بيولوجياً وليس معرفيا واخلاقيا ً مع سعي لتدمير منظومة الاسرة والدعوة للاباحية والمثلية في افلاس اخلاقي ومحاولة تركيب اجندة ومنظومة غربية لشعوب العالم دونما اعتبار او احترام لثقافاتها وتاريخها وهويتها ومنظومتها الفيمية والدينية وتركز الخطاب الغربي وانحصر في قضايا المناخ والمثلية والذكاء الاصطناعي وكأنها قضايا جميع الشعوب ومشاكلها وتحدياتها دون النظر للفقر والظلم والاستبداد وحق الحياة بكرامة وانسانية وعدالة وتحرر التي كانت قضايا واولوية لاغلب او لنقل كل شعوب عالم الجنوب من امريكا الجنوبية الى افريقيا وانتهاء بقارة آسيا .

– ما جرى في غزة وحصل فيها جاء في لحظة ضعف اخلاقي وفكري واستراتيجي ولحظة ضعف قيادي على مستوى العالم وارهاصات أولى لتحولات كبرى وتململ من شعوب العالم لسلوكيات الغرب التي يشتم منها عودة حمى الاستعمار بأشكاله الجديدة مع لحظة ضعف في مراكز القوى الكبرى على مستوى الرئاسات كبايدن وسوناك وشولتز وماكرون وكذلك حليفهم نتنياهو فالضربة في غزة شكلت لهم جميعاً حالة اضطراب وعمى سياسي فبدأوا يتخبطون في اتخاذ القرارات وهم في حالة هيجان سياسي وخداع ذاتي وعدم يقين بالنتائج والتداعيات المترتبة على ذلك فاخرجوا كل ما في مأخبأ ذاكرتهم الاستعمارية من غل وحقد على شعوب المنطقة وتعاطف اعمى مع الكيان الصهيوني صنيعتهم التاريخية ورأس حربتهم ونموذجهم في المنطقة الذي يتحول فجأة وأمام الرأي العام العالمي الى مجرم وقاتل ومصاص دماء ومتهم هو وقيادته بارتكاب جرائم ابادة جماعية وهولوكوست فلسطيني ومتمرد على الشرعية الدولية ومغرق في احتقار البشر ولاسيما الشعب الفلسطيني في وصفه له بالحيوانات ويؤيده في تلك النظرة الاحتقارية عصابته ومستوطنيه ما يعكس حالة توحش دفينة اتيح لها أن تعبر عن نفسها بوقاحة وسادية غير مسبوقة وعلى مسمع ومرأى من شعوب العالم وعبر اعلامه وهي حالة توحش موروثة من تاريخ استعماري بغيض واجرامي ارتكب المجازر في اسيا وافريقيا وقبلها في امريكا مع الهنود الحمر وكذلك في استراليا والجزر الاندونيسية وفيتنام والجزائر والعراق وغيرها واضاف نتنياهو الى تلك المجازر بعداً دينياً بحديثه عن العماليق وما ارتكبه يشوع بن نون بحق الفلسطينيين قبل ثلاثة ألاف عام في قرع واستيقاظ للذاكرة اليهودية التلمودية .

– الان بعد الذي جرى من اجرام وقتل ونقل تلك الصورة للعالم كيف لهذا الكيان ان يسوق نفسه كما قدمه الغرب بوصفه نموذجه الليبرالي وإنه ضحية الهولوكست والمحرقة وهو يمارس ذات الممارسة في شعب اعزل ويبحث عن حريته واستقلاله ودولته التي بات العالم كله يعترف بها وضرورة وحتمية قيامها ولعل هذا هو التحول الاستراتيجي الاساسي الناجم عن معركة طوفان الاقصى الى حانب وضعها العالم على درجة ومستوى تفكير مختلف مع كسر لصورتين ومسارين صورة اسرائيل وجيشها في وعي الصهاينة وحماتهم حيث سقطت سقوطاً مدوياً أمام بطولات وتضحيات المقاومة الفلسطينية وكسر مسار التطبيع وما سمي صفقة القرن والسلام الاقتصادي والعبث بالقضية الفلسطبنية ومحاولة جعلها ورقة مساومات وقبض اثمان لتتحول بعد معركة طوفان الاقصى قضية شعب يقاتل ويضحي من اجل وطن سرق لابد من عودته لاهله وشعبه وزوال كابوس الاحتلال وطن لشعب اسمه الشعب الفلسطيني وارض اسمها فلسطين وليست كما روج وسوق لها دعاة الحركة الصهيونية ارض بلا شعب لشعب بلا ارض وهذا هو التحول الكبير .

د . خلف المفتاح