#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية
– نشطت المقاومة الشعبية في كل مراحل النضال الفلسطيني الممتد منذ بدايات القرن الماضي وحتى يومنا هذا، وتنوعت المقاومة في إشكالها وأساليبها من مرحلة لأخرى، وكان يقال عنها سابقا “المقاومة الشعبية المدنية”، واليوم يطلق عليها “المقاومة الشعبية السلمية”، وتتنوع بين ممارسة أشكال الرفض للاحتلال إلى التحدي له وجها لوجه.
– إن التوجه إلى الأمم المتحدة والمطالبة بتطبيق قراراتها، لم يكن وليد السنوات الأخيرة، بل أنه كان السمة الأبرز للمقاومة الشعبية منذ العام 1948 وحتى نهاية الستينيات .
– ومع إنطلاقة الثورة الفلسطينية ونتيجة لغياب أي دور دولي وللأمم المتحدة، وللهزيمة النفسية الجماهيرية بعد هزيمة 1967م أُعتمد الكفاح المسلح كوسيلة لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي ، حتى جاءت الانتفاضة الأولى والتي أعادت قراءة معايير المقاومة الشعبية وتم تعريفها وترجمتها الى كافة لغات العالم بإسم ” الإنتفاضة “.
– وقد جمعت كافة أشكال النضال الشعبي وارهقت جيش الاحتلال وكشفت الانحياز الأمريكي والضعف الأوروبي في الشرق الأوسط “آنذاك”، وقد انتهت مع تطبيق إتفاقية أوسلو في العام 1993، وجاءت بعد ذلك “السلطة الوطنية الفلسطينية” والتي قاومت الاحتلال من خلال تفعيل وبناء المؤسسات وإعادة التنمية و في نهاية العام 2000 أي بعد سبعة سنوات من إنتهاء الانتفاضة الأولى، إنطلقت “إنتفاضة مسلحة وشعبية معا” وعرفت بـ “إنتفاضة الأقصى”.
– وفي العام 2009 تم إعتماد “المقاومة الشعبية السلمية” كواحدة من أربع إستيراتيجيات إعتمدها المؤتمر السادس لحركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح”.
– ومن خلال قراءة مراحل تطور المقاومة الشعبية، علينا بالتزامن قراءة العوامل والمعطيات المحلية والإقليمية والدولية التي آثرت في نوع المقاومة وقوتها و جماهيريتها، ولأن “عُقدة الأمن”، وجريمة “بلفور” هي أساسيات التعامل الإسرائيلي كسلطة محتلة ومهيمة على شعبنا الفلسطيني وأرضنا المحتلة .
– يكمن نجاح المقاومة الشعبية في تركيزها على الجانب الإعلامي وتدويله، وبكل اللغات مع أهمية نقل الصورة والمشهد المرئي، والانتباه أن الإعلام الغربي الذي يقف بجانب (إسرائيل) يضخم أي رد فعل فلسطيني ويحول المحتل إلى ضحية، والضحية إلى جلاد، وفي كثير من الأحيان يعمل ” فلترة وتخفيف ” للعنف والهمجية الإسرائيلية .
– ولهذا يتضح دور الحراك السياسي والدبلوماسي في نقل وترجمة المقاومة الشعبية إلى واقع دولي، وكما تم ذلك نهاية العام 2012 وتمثل في إنتزاع حقنا الفلسطيني في الأمم المتحدة واعترافها بفلسطين دولة تحت الاحتلال عضو مؤقت في الأمم المتحدة والسماح لها بالانضمام الى كافة المعاهدات والمؤسسات الدولية ذات الصلة، في تطور هام جدا في مسيرة القضية الفلسطينية.
– المقاومة الشعبية السلمية بحاجة الى إدراك كل المعادلات الدولية والاقليمية وموازين القوى، وإبداع رؤية استيراتيجية للمستقبل، وترسيخها في الوعي والثقافة الفلسطينية للأطفال وكافة الأعمار ولسنوات قادمة بحيث يكون هناك “برنامج وطني شامل” ، والتأثير في قوة الرأي العام العالمي، ومثال ذلك: المجتمعات والدول الأوروبية التي تعتمد على إبراز حقوق الإنسان والدفاع عنها .
– وللمقاومة الشعبية قبولا لدى تلك المجتمعات وكما يوجد اليوم نشاط ملحوظ في المقاطعة الإقتصادية ضد الشركات الاسرائيلية، فإنه يوجد أيضا مقاطعة ثقافية وأكاديمية في بعض المجتمعات والمنظمات والجامعات الأوروبية ضد منتوجات المستوطنات الإسرائيلية ، وضد سياسة الإحتلال والهيمنة المسعورة والعدوان الحربي المستمر ضد شعبنا الفلسطيني، وتعتبر إبداعات ” القرى” والتي تعتبر “كمخيمات للمقاومة الشعبية” مثل قرية باب الشمس، إبداع نضالي جديد لإشكال المقاومة الشعبية الفلسطينية في مواجهة الاحتلال والاستيطان، ويوجد العديد من القرى التي استحوذت على إهتمام وسائل الإعلامية كافة .
– المقاومة الشعبية، تحتاج إلى مؤتمر دولي يحمل مفهوم المقاومة الشعبية، وتحضره كافة القوى الدولية والشخصيات المناصرة للقضية والحق الفلسطيني، ويمكن عقده فوق أي من الأراضي المهددة بالمصادرة وإعتباره مؤتمر “قرية المقاومة” ويمكن أن يحمل اسم “مؤتمر الشهيد القائد زياد أبوعين” كنموذج لارتباط القيادة والمهمة الرسمية مع متطلبات الانتماء الوطني والفعل الميداني المستمر وتفعيل كافة القوى والمؤسسات، وكما يمكن نشر مسابقة في ذات المضمون من خلال وزارة الخارجية والمؤسسات الفلسطينية ذات الصلة .
– وفي كافة المراحل الدراسية، وتخصيص مادة تدريسية كدرس مقرر من مقررات اللغة العربية و الوطنية والمدنية وحقوق الانسان، وتشجيع مقررات ورسائل البحث العلمي كمادة علمية وأكاديمية تخص تاريخ وتفعيل المقاومة الشعبية .
– وكما يمكن إقامة المعارض وإطلاق يوم وطني جامع يحمل اسم “المقاومة الشعبية”، وتحفيز استلهام ابداعات خلاقة وبناءَّة تعبر عن الحالة الوطنية والمقاومة الشعبية، وبما يشمل البوسترات في السفارات الفلسطينية،والملصقات الكبيرة في المدن والقرى الفلسطينية،لإبقاء روح المقاومة حية ومتقدة كحالة وطنية ومقاومة حيوية مستمرة ، على إعتبار أن القانون الدولي يجيز ويكفل للشعوب الواقعة تحت الإحتلال مقاومة المحتل بكافة أنواع المقاومة المشروعة .
– بقلم : الدكتور مازن صافي
– كاتب ومحلل سياسي فلسطيني