التغير المناخي ورسائل الإنذار المبكر .. بقلم : الدكتور خلف المفتاح – المدير العام لمؤسسة القدس الدولية (سورية)

#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية

 

 

 

– أصبحت مسألة ارتفاع الحرارة ظاهرة خطيرة تهدد الحياة البشرية والطبيعية على كوكب الأرض، وتتحدث وسائل الإعلام عن تقارير أممية أعدها باحثون متخصصون تشير إلى أنَّ درجات الحرارة التي سجلت في الشهر الحالي هي من أعلى درجات الحرارة التي رصدت خلال مئات السنين؛ ولاسيما في ليبيا، والجزائر، والكويت، والعراق، وكذلك في جنوب إيطاليا، وولاية كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأمريكية، ولم يقف الأمر عند ذلك بل إنَّ درجات الحرارة في مياه البحار قد ارتفعت وسجلت في البحر المتوسط انخفاضاً وصل إلى 27 درجة مئوية، إضافة إلى ارتفاع نسبة الملوحة في البحر ما يهدد بقاء بعض الكائنات البحرية على قيد الحياة وانقراضها، ناهيك عن الحرائق التي اشتعلت في عديد دول العالم وأدت إلى خسائر بشرية وخسارة مئات آلاف الهكتارات من الغابات والأراضي الخضراء؛ ما يفاقم من مسألة التصحر والتلوث البيئي.
– لقد أصبحت مسألة ارتفاع درجة حرارة الأرض الشغل الشاغل لكل دول العالم وشعوبه، وانتقل الشعور بالخطر والخوف من القوة العسكرية والتقنية ومخاطرها والصراعات التي تشهدها عدد من دول العالم إلى الخوف والحذر من القوة البيولوجية وقوة الطبيعة، وهذا يعكس حقيقة أنَّ الإنسان مهما امتلك من أدوات القوة والمعرفة والسيطرة لا يمكنه التحكم بقوة الطبيعة والسيطرة عليها رغم أنه استطاع التحكم إلى حد كبير بحركة المياه عن طريق إشادة السدود، وكذلك الاستفادة من الرياح والطاقة الشمسية وغيرها.
إنَّ الطبيعة كائن حي شأنها شأن الكائنات الحية الأخرى تتأثر وتؤثر، وكما تقوم الكريات البيض بالدفاع عن الجسم حال تعرضه لمؤثرات خارجية من أمراض مختلفة فكذلك حال الطبيعة؛ فالزلازل والأعاصير وبعض الأوبئة هي بمعنى من المعاني شكل من أشكال ردة الفعل على ما تتعرض له الطبيعة من عدوان بشري عليها سواء أكان تغيير مجاري الأنهار ومصدات الرياح وقطع الأشجار ونفايات المصانع وما تنفثه المعامل والمصانع من دخان وأبخرة ومخلفات تلوث المناخ، إضافة إلى التجارب النووية تحت الأرض وفوقها وما لذلك من انعكاسات على التوازن البيئي.
– لقد عقدت عديد من المؤتمرات المتعلقة بوقف التلوث البيئي والحفاظ على المناخ؛ بهدف إيجاد آليات لوقف التدهور الحاصل في عناصر البيئة النظيفة، والحد من الاستعمال الجائر للمياه، ووقف التصحر المتشكل من قطع الأشجار لجهة التوسع في المدن الإسمنتية على حساب المساحات الخضراء، وكذلك حرائق الغابات التي كان لها انعكاس كبير على التوازن البيئي ناهيك عن تآكل طبقة الأوزن، وما لذلك من انعكاس على ارتفاع درجة الحرارة على الأرض، إضافة إلى ذوبان الجليد في القطبين الشمالي والجنوبي؛ الذي ينذر أن استمر بغرق عدد من المدن في شمالي الكرة الأرضية وجنوبها قد يصل إلى حدود الطوفانات التي حدثت خلال التاريخ، وأزالت حواضر وحضارات سادت ثم بادت بفعل ثورة الطبيعة.
– إنَّ إعادة التوازن في العلاقة بين الإنسان والطبيعة؛ -وهما ركنا الحياة البشرية وكذلك الصداقة بينهما لجهة أن لا تتحول التقانة المتطورة التي يبدعها الإنسان إلى فعل هدم واعتداء البيئة والطبيعة أو على حسابهما-؛ هي مسألة غاية في الأهمية، ومن هنا تأتي أهمية أخذ التحذيرات؛ -التي توجهها بعض المنظمات الدولية، وقوى المجتمع المدني؛ المهتمة بقضايا البيئة-؛ بالحسبان من قبل دول العالم؛ ولاسيما الدول الصناعية الكبرى، والتزامها باتفاقية المناخ وحصصها فيه، وعدم تقديم المنافع الاقتصادية والمكاسب المادية على استمرار الحياة البشرية على كوكبنا الأرضي الجميل؛ الذي يمثل العقد الفريد في الخلق الإلهي البديع، وسفينة فضاء عائمة في كون سرمدي.
– إنَّ فيروس كورونا الذي تحول إلى وباء حسب منظمة الصحة العالمية بفعل انتشاره السريع، وارتفاع درجات الحرارة؛ ما هي إلا رسائل تحذير وإنذار للبشرية من طبيعة لا تعرف الصمت بأن كفوا عن انتهاكاتكم لها، وأوقفوا عدوانكم عليها، وتصالحوا معها؛ فهي إن غضبت لا قبل لكم في مواجهتها والحد من سطوتها أو ردعها.