أوروبا وأردوغان يتلمسان عصا العمى السياسي .. بقلم : عزة شتيوي ” الكاتبة والإعلامية والخبيرة الإستراتيجية “

#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية

 

 

– هل باتت تركيا خارج الطاعة الأميركية حتى يخرج أردوغان عن كل النصوص السياسية لإدارة البيت الأبيض، ويقرأ بيانات التقرب الودية جداً من روسيا وسورية …

– الرجل بات يرفع كل إشارات القبول باقتراحات الكرملن، ويقدم مبادرات التهدئة والمحادثات مع الجيران.. ويتلو على الصحفيين فرمانات الاستقلال في القرار، وأن أنقرة لا تطلب الإذن من واشنطن في خيارات الصلح والخصومة لدرجة أن اردوغان لا يفوت فرصة إعلامية إلا ويذكر فيها صلحه مع القاهرة، ويلوح لعقد الاجتماعات مع دمشق على الرغم من أن أرضية هذا الصلح غير مكتملة، والموقف السوري واضح بضرورة خروج المحتل التركي والأميركي، وكل الميلشيات والتنظيمات الإرهابية المرتبطة بهما.

– أردوغان يلفت الأنظار بشدة إلى الفجوة السياسية بين أنقرة وواشنطن بعد ان كانتا شريكتين بكل ما حصل من أحداث دموية خلال السنوات العشر الماضية في المنطقة وخاصة في سورية.

– تكثر التحليلات حول الموقف التركي الذي يبحث عن الحلول بعد أن كان المشكلة الكبرى في المنطقة، ولكن ما يلفت النظر أيضا أن أوروبا هي الأخرى تبحث عن حلول ومساحة للتهدئة وبدء المحادثات بين روسيا وأوكرانيا، في الوقت الذي لا تزال تخرج من جيوبها ما تبقى لدعم الرعونة الأوكرانية وطمأنة الرئيس الدمية زيلنسكي طبعاً بضغط من واشنطن.

– الانعطاف التركي والأوروبي المعاكس للبيت الأبيض ليس مبنياً على صحوة مفاجئة أو ثورة للعقل السياسي لأنقرة أو بروكسل، بل يبدو أن كلاً من أردوغان وبعض زعماء البلدان الأوروبية كالرئيس الفرنسي ماكرون بدؤوا جميعاً يستدركون أنهم يسيرون بعصا العمى السياسي فوق الأخطاء التقديرية لسياسة واشنطن وأجهزتها الاستخباراتية والتي أخفقت أو حتى أسقطت من حساباتها خسارات الحلفاء في حروبها التي تخوضها بأجسادهم ومصائرهم السياسية.. فبايدن كذب على العجوز الأوروبية عندما قطع شرايين التدفئة القادمة من روسيا وتركها تنزلق إلى الحرب الأوكرانية فوق صقيع شتائها وعلى ركبتها الصناعية .. وبايدن وأسلافه أيضاً أوهما أردوغان أن السلطنة العثمانية قد تعود إلى المنطقة من جديد عبر دعم طربوشه، فوجد الرجل نفسه غارقاً في المشاكل الداخلية التي تسربت له عبر الحفر التي حفرها للجيران، فوقع فيها قبل انتخاباته، وتقلصت أحلام عودة السلطنة في المنطقة إلى حلمه بالبقاء في قصر أنقرة!

– قد لا تواجه تركيا وأوروبا واشنطن بالقفز خارج خندقها السياسي، ولكن قد تغلفان الأنانية الأميركية في جني الأرباح السياسي على حساب خسارتهما بالقول إن أجهزة الاستخبارات الأميركية والدولة العميقة في واشنطن أخطأتا التقدير في كل ما جرى ويجري وأن لهما الحق في الاعتراض وكل على طريقته.. لذلك تصفقان لأي مبادرة قادمة حتى ولو كانت من الروسي أو من أي سياسي أميركي يعارض ما يجري.

– بالأمس خرجت مبادرة من هنري كيسنجر الثعلب السياسي الذي قال إن الانتصار الغربي في أوكرانيا قد يدمر أوروبا.. صفق الأوروبيون بشدة.. ليس إعجاباً بكيسنجر الذي قارب المئة عام، بل يبدو أن هذه الدول تناصر الرجوع السياسي مئة عام، يوم كان للعجوز الأوروبية شباب سياسي قادر على اتخاذ القرار .. فعلى ما يبدو إن هناك كما وصفت بعض التحليلات حالة من التصحر السياسي الغربي مركزها واشنطن وتتوسع بأوروبا، وهذه الحالة غير قادرة على إنجاب الحلول، بل تفاقم المشكلات وتسيء للمناخ العالمي سياسياً وأمنياً واجتماعياً، وفي كل المجالات.. على الأقل ربما وصل البعض الأوروبي إلى استنتاج أن هناك تصحراً سياسياً فعلاً، يقضي على مساحات السلام في العالم، وأن انبعاثات واشنطن من الأفكار الملوثة لا تؤذي أميركا، بل تنفخ بآثارها على الحليف الأوروبي والتركي.. وأي حليف آخر، لذلك يبحث حلفاء واشنطن عن أي أوكسجين سياسي، حتى لو كان بالنفخ بالفم واستنشاق حلول بعيدة عن تلوث البيت الأبيض، وهذا لا يعني أبداً أن واشنطن غير قادرة على إرجاعهما إلى بيت الطاعة الأطلسي، لكن ربما تسمح لهما بالحركة، علها هي الأخرى تجد حلولاً لسوء تقديرها، وخاصة بعد النكسة الكبرى في أفغانستان والمنطقة والعالم والتي بدأت تذيب قطبيتها الأحادية وهيمنتها ..!

 

 

 

 

– بقلم : عزة شتيوي ” الكاتبة والإعلامية والخبيرة الإستراتيجية “

– رئيسة المجموعة الإقليمية للإعلام الرقمي والشباب في الإتحاد الدولي للصحفيين .