#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية
– لا بدّ للنبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله) من الاقتران بامرأة تتناسب مع عظمة شخصيّته، وتتجاوب مع أهدافه السامية، ولم يكن في دنيا النبيّ محمّد (صلى الله عليه وآله) امرأة تصلح لذلك غير السيّدة خديجة (رضي الله عنها)؛ لما ينتظرها من جهاد، وبذل، وصبر.
– وشاءت حكمة الله تعالى أن يتّجه قلب خديجة نحو النبيّ (صلى الله عليه وآله)، وأن تتعلّق بشخصيّته وتطلب منه أن يقترن بها، فيقبل النبيّ (صلى الله عليه وآله) بذلك، ويتمّ الزواج منها في العاشر من ربيع الأوّل قبل بعثته (صلى الله عليه وآله) بخمسة عشر عاماً .
وكان حينذاك عمر النبيّ (صلى الله عليه وآله) لم يتجاوز الخامسة والعشرين، وعمرها(علیهاالسلام) لم يتجاوز الأربعين سنة.
❇️ صفات الزوجين :
– كانت (علیهاالسلام) من خيرة نساء قريش، وأكثر نسائهم مالاً ، وأجملهم حسناً، وكانت تُدعى في العصر الجاهلي بـ (الطاهرة) و (سيّدة قريش).
– وقد خطبها أكابر قريش وبذلوا الأموال لذلك، ومنهم: عقبة بن أبي معيط، والصلت بن أبي يهاب، وأبو جهل، وأبو سفيان ، فرفضتهم كاملاً وأبدت رغبتها بالاقتران بالنبيّ (صلى الله عليه وآله) ؛ لما عرفت عنه من النبل، وسموّ نسب، وشرف وعفّة، وأخلاق لا تُضاهى، وصفات كريمة فائقة.
❇️ بداية العلاقة :
– كانت (علیهاالسلام) ذات تجارة وأموال، وقد سمعت وعلمت عن خُلق النبيّ(صلى الله عليه وآله) السامي وأمانته وشرفه البالغ، حيث كان يُسمّى في الجاهلية بـ(الصادق الأمين)، فتمنّت أن يكون النبيّ(صلى الله عليه وآله) أحد مَن يتّجر لها بأموالها الطائلة؛ لأمانته المشهودة وخُلقه الرفيع.
فبادرت بإرسال مَن يرغّبه بالعمل في تجارتها والطلب إليها بالعمل، فرفض النبيّ(صلى الله عليه وآله) الطلب منها، فأرسلت هي طالبة منه العمل في تجارتها، فوافق(صلى الله عليه وآله).
فكان النبيّ(صلى الله عليه وآله) مضارباً بأموالها وتجارتها، أو مشاركاً لها في ذلك، حيث إنّه(صلى الله عليه وآله) ما استؤجر بشيء، ولا كان أجيراً لأحد.
❇️ فكرة الزواج :
– عند عودة النبيّ (صلى الله عليه وآله) من الشام في تجارته الأُولى لخديجة ومعه ميسرة ـ غلام خديجة ـ وقد ربحوا أضعافاً مضاعفة عمّا كان من قبل من أرباح، سرّت خديجة بذلك أيّما سرور، وزاد عطفها فيها شوقاً له (صلى الله عليه وآله) ما سمعت من ميسرة غلامها من أخلاقه وصفاته وفراسته ونبله، فازدادت معزّة النبيّ ومحبّته في نفسها، وأخذت تحدّث نفسها بالزواج منه قبل بعثته.
❇️ خطبة السيّدة خديجة علیها السلام :
– قال الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) .. ( لمّا أراد رسول الله (صلى الله عليه وآله ) أن يتزوّج خديجة بنت خويلد، أقبل أبو طالب في أهل بيته ومعه نفر من قريش، حتّى دخل على ورقة بن نوفل عمّ خديجة ، فابتدأ أبو طالب بالكلام فقال : الحمد لربّ هذا البيت، الذي جعلنا من زرع إبراهيم وذرّية إسماعيل، وأنزلنا حرماً آمناً، وجعلنا الحكّام على الناس ، وبارك لنا في بلدنا الذي نحن فيه.
– ثمّ إنّ ابن أخي هذا ـ يعني رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ـ ممّن لا يُوزن برجلٍ من قريش إلّا رجح به، ولا يُقاس به رجل إلّا عظم عنه، ولا عدل له في الخلق، وإن كان مقلاًّ في المال فإنّ المال رِفدٌ جارٍ، وظلٌّ زائل، وله في خديجة رغبة ولها فيه رغبة، وقد جئناك لنخطبها إليك برضاها وأمرها، والمهر عليَّ في مالي الذي سألتموه عاجله وآجله، وله ـ وربّ هذا البيت ـ حظّ عظيم، ودِين شائع، ورأي كامل.
– ثمّ سكت أبو طالب، وتكلّم عمّها وتلجلج، وقصر عن جواب أبي طالب، وأدركه القطع والبهر، وكان رجلاً من القسّيسين، فقالت خديجة مبتدئة: يا عمّاه، إنّك وإن كنت أولى بنفسي منّي في الشهود، فلستَ أولى بي من نفسي، قد زوّجتك يا محمّد نفسي، والمهر عليّ في مالي، فأمر عمّك فلينحر ناقة فليولم بها، وادخل على أهلك.
– قال أبو طالب : اشهدوا عليها بقبولها محمّداً وضمانها المهر في مالها.
– فقال بعض قريش: يا عجباه! المهر على النساء للرجال؟ فغضب أبو طالب غضباً شديداً، وقام على قدميه، وكان ممّن يهابه الرجال ويُكره غضبه، فقال: إذا كانوا مثل ابن أخي هذا، طُلبت الرجالُ بأغلى الأثمان وأعظم المهر، وإذا كانوا أمثالكم لم يُزوّجوا إلّا بالمهر الغالي. ونحر أبو طالب ناقة، ودخل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بأهله » (۱).
– الكافي ٥، ٣٧٤