#وكالة إيران اليوم الإخبارية_رئيس قسم الدراسات_نبيل فوزات نوفل
– بين الله عز وجل أهمية الشهادة والشهداء في كتابه الكريم بالقول: (ولا تقولوا لمن يُقتل في سَبيل اللهَ أمواتٌ بل أحياءٌ ولكن لا تشعرونَ ) .. ( سورة آل عمران الآية 169 ، وقال أيضاً : ( ولا تحسبنَ الذين قتلوا في سبيلِ الله أمواتاً بل أحياءٌ عند ربهم يُرزقون ) سورة آل عمران ، الآية 120، أي أن الشهداء أحياء بكل ما لكلمة الحياة من معنى ، وحياتهم حياة الفضل والنعمة والرحمة والجود والكرم الإلهي.
– ولقد أكرم الله الشهيد ومنحه ميزات عدة أبرزها أن الشهيد مغفورٌ ذنوبه في اللحظة التي يرتقي فيها شهيداً ويضرج بدمه،وفي لحظة خروج روحه من جسده ، فإنه تغفر له كل سيئاته وذنوبه إلا ما عليه من حقوق للناس ، ولقد كرمه الله عز وجل وجعله لا يفتن في قبره،ولا يعرف عذابات القبر ، كما أعطاه يوم القيامة حق أن يشفع لأهله وذويه ومحبيه وإخوانه .. بل جعل الله عز وجل أحد أبواب الجنة باب الشهداء ، وهو أقصر الأبواب وأوسعها ، ولعظمة ما يلاقيه من تكريم في الآخرة يتمنى الشهيد أن يعود للدنيا ليقتل مرة ثانية وثالثة ورابعة وخامسة في سبيله سبحانه وتعالى .
– ولكن السؤال من هو الشهيد ..؟
– هل الشهيد هو الذي يُقتل في سبيل الله ..؟
– ولكن ما معنى سبيل الله ..؟
– إن سبيل الله هو كل فعل وكل تفصيل من تفاصيل حياتنا التي نعيشها إن كان مضبوطاً ومحدداً بحدود رضا الله عز وجل فهو خطوة على هذا الطريق الموصل إليه، وبالتالي فسلوك سبيل الله قد يكون بطلب علم أو بطلب رزق ، طالب العلم عند الله له فضل عظيم في الدنيا والآخرة ” أن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم ” .. أن الكاد على عياله كالمجاهد في سبيل الله ( الكليني ، الكافي ، كتاب المعيشة ، باب من كد على عياله ، الحديث 1) أو بخدمة أخٍ أو بجهاد عدو، أو بدفاع عن مظلوم ، أو بمساعدة محتاج ، أو بقضاء حاجة ، أو بحل مشاكل الناس ، بشرط أن يكون فعلها من أجل إرضاء الله وليس الوجاهة. فالمعيار الأساس في الكلام عن الشهادة في سبيل الله وفي تحديد معنى سبيل الله هو أن يكون الفعل مُرضياً لله عز وجل (سماحة السيد حسن نصر الله ، سر الحياة ، ص 135 ، دار المودة 2018م ))
– لقد جعل الله عز وجل الشهداء في مرتبة ومصاف ومقام النبيين والصديقين، وهو مؤشر على مكانتهم العالية والرفيعة عنده سبحانه ، الشهيد عند مغادرة روحه الجسد ينتقل إلى حياة أخرى ، أعلى مرتبة ، وأقوى حقيقية في الزمن الفاصل بين الموت الشخصي وبين قيام القيامة الكبرى , وأول من جسد معنى الشهادة بشكل حقيقي سيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام ورفاقه الذين استشهدوا معه في كربلاء .
– وكانت كربلاء التي نعرف ، وكان الفعل الجهادي الذي ختم لهؤلاء بأحلى عاقبة قد يتمناها إنسان ، وهي أن يقتل في سبيل الله، وبين يدي وليه ، وهو القائل : ” مادمنا على حق ، وقد أدينا الأمانة ، واستعدينا للموت وملاقاة وجه ربنا ، فلا نبالي إن وقعنا على الموت او وقع الموت علينا ، إني لا أرى الموتَ إلا سعادة والحياةُ مع الظالمينَ إلا برما .
– فالشهادة ميتة ليس كمثلها ميتة ، بل هي كيفية خاصة من الموت ، فقد يموت الإنسان على فراش المرض أو بحادث،أو بغرق أو بزلزال ، إلا أن موت الشهادة هو الموت الخاص في سبيل الله ، وإذا كان لابد من الموت فأفضل الموت موت الشهادة ، وأن يغادر الإنسان الدنيا إلى الآخرة عبر بوابة الشهادة .
– (سماحة السيد حسن نصر الله،سر الحياة ، ص106، دار المودة ، 2018م ، 1439هـ ) ، وبالتالي فإن الذي يدفع الإنسان للشهادة هو العمل من أجل إحقاق الحق للآخرين ، وهي مهمة لا تعادلها مهمة ، لأن الله لا يسامح بهذا الأمر حتى الشهداء، وهذا يتطلب التصدي للقوى الشيطانية المعتدية ، وبذل كل ما نستطيع ، وإن تطلب الأمر الروح والجسد.
– إن احتفالنا في سورية بعيد الشهداء في السادس من أيار هو تجديد العهد لشهدائنا الأبرار على استكمال تحقيق أهدافهم والتمسك بقيم الوطن والأمة ، والحفاظ على الاستقلال ، وإصرار على حمل الأمانة ، وتكريس لقيم وعظمة الشهادة في حياتنا ، كونها طريق التحرير وطريق السيادة والحرية .
– وكما نعلم تسعى كل القوى الخيرة في المجتمعات البشرية إلى السعي لتحقيق الحياة الطبيعية لشعوبها ومواطنيها ، وهذا يعني الحرص على حياة الإنسان بالدرجة الأولى ، وهو مشروع الحياة الطبيعية وليس الشهادة ومغادرة الحياة باكراً ، بل هدف القوى الخيرة هو أن يملأ الأرض قسطاً وعدلاً وسلاماً وأمناً وكرامة ، ولكن كما نعلم يظهر دائماً بجانب الخير ، الشر وقوى الظلام ، واستعباد الناس ،وهذا يتطلب الدفاع عن النفس والأوطان في وجه قوى الشيطان والاستكبار ، ومن هنا كان للشهادة الأهمية الكبرى عند الله عز وجل ،وعند القوى الخيرة في المجتمعات البشرية.
– إن أقوى سلاح تملكه قوى المقاومة اليوم في سورية وإيران وحزب الله والقوى المقاومة في فلسطين واليمن والعراق هو سلاح الشهادة ، وهذا ما تربى عليه وآمن فيه الذين ينتسبون لمدرسة المقاومة ، فهم الذين سلكوا طريق الحق ، والدفاع عن الحق ،وعدم الرضوخ لقوى الاستكبار، والعدوان ، ومقاومة الغاصبين والمعتدين، ،فأعطوا الشهادة المكانة التي تستحقها ، وأصبحت ثقافة الأجيال ، واعتبر الشهداء أكرم بني الدنيا وأنبل بني البشر .
– لقد أثبت طريق المقاومة أنه الطريق الأفضل لاسترجاع الحقوق وصون الكرامة والسيادة وها هي ثمار المقاومة تؤتي أكلها ، ويحقق محورها الانتصار تلو الانتصار.