بعد التواطؤ في إعتقال المتحررين من سجن ” جلبوع ” المستعربون والمتصهينون يداً بيد .. بقلم : السيد صادق الموسوي

#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية

 

 

 
– في سياق عملية فرار الأبطال الفلسطنيين من سجن ” جلبوع ” الصهيوني، والملاحقة المستمرة من قبل القوات الأمنية والعسكرية والمستعربين وأجهزة التنصت الإلكترونية والمسيّرات والأقمار الإصطناعية الإسرائيلية للعثور على المحررين وإعادتهم إلى المعتقل، تكشفت أمور هامة وانفضحت حقائق خافية لابد من الإضاءة عليها والتعليق عليها أيضاً.

– إن الكيان الصهيوني الذي كان يتباهى أمام العالم بأنه المتفوق على باقي دول العالم من حيث القدرة في مجال الإستخبارات، وأنها تعرف كل شاردة وواردة في كافة البقاع والدول، وهذا الجو الذي أوجدته وسائل الإعلام الصهيونية والأجنبية التي يشرف عليها الصهاينة وأذنابهم دفع بالكثيرين من حكام المنطقة إلى الإقتناع بالأمر وبادروا إلى الاستنجاد بالكيان الغاصب، والإستعانة بأجهزته الأمنية، وشراء الصناعات الإلكترونية والعسكرية الصهيونية، لاعتقادهم أنها الأفضل والأقدر على حماية كياناتهم ودفع الأخطار عن أنظمتهم .

– لكن نجاح الإبطال الفلسطينيين الستة في خرق جميع الإجراءات الأمنية المشددة جداً في المعتقل الصهيوني وحوله، وحفر النفق داخله بكل هدوء أعصاب ومن دون استعجال، والخروج من الحفرة تحت برج المراقبة التي من المفترض أن عليها أكثر أجهزة المراقبة تطوراً، وأنها تراقب كل حركة صغيرة أو كبيرة حول المعتقل، لكن المتواجدين عليها لم ينتبهوا أصلاً للحفرة تحت قاعدة البرج، ولم يحسّوا بخروج ستة أشخاص منها، ولم يلتفتوا إلى حركة هذا العدد من الأشخاص في تلك الساعة المتأخرة من الليل، ولم تكشفهم الكاميرات والأضواء الكاشفة التي تحيط بالمعتقل، وإن الأبطال مشوا مسافة كيلومترات بكل اطمئنان ، ووصلوا إلى قرية فلسطينية ودخلوها، واستضافهم أهلها الشرفاء وفتحوا بيوتهم للمتحررين فدخلوا الحمامات واغتسلوا بكل راحة بال وبدلوا ثيابهم الجديدة التي قدمها لهم أصحاب البيوت وتركوا الثياب الرثة ليأخذها الصهاينة، ثم أطلوا على الشرفات معتزين ومفتخرين بنجاحهم في التخلص من قيد الإحتلال، ثم أخذ كل واحد منهم وسيلة نقل لتُقلّه إلى جهة معينة، كل هذا والكيان الصهيوني ليس له إي علم بالعملية من أساسها، وأجهزة الإستخبارات في سبات عميق ، والحراس المتواجدون في السجن وحوله وعلى أبراج المراقبة غافلون عما حصل تحت عيونهم التي أصابها العمى.

– وبعد عدة ساعات عرفت السلطات الصهيونية فنزل الخبر عليهم نزول الصاعقة، وتخبط المسؤولون الكبار في تحليل الحدث ، ورمى كل واحد مسؤولية الفضيحة على غيره ، وأعلنت السلطات حالة الطوارئ وفرضت الإغلاق العام في عموم الأراضي المحتلة ، وتحركت المؤسستان العسكرية والأمنية، وسيّرت على أوسع نطاق الكلاب البوليسية المدربة على تعقب الفارين، واستعانت بالأجهزة الإلكترونية الحديثة جداً، وأرسلت ” المستعربين ” إلى مختلف المناطق لينفذوا إلى صفوف الفلسطينيين ويتقصّوا الأخبار لعلها تدلهم على أماكن اختفاء الأبطال المتحررين.

– لكن كل تلك الجهود والمطاردات لم تؤدّ إلى أية نتيجة، حتى صدر تعميم من ” السلطة الفلسطينية ” إلى مختلف أجهزتها تأمرها بالتعاون الكامل مع الكيان الصهيوني والعمل بكل طاقاتها للتفتيش عن الأبطال المتحررين، وتسليمهم إلى السلطات الإسرائيلية، وقد أدى هذا التعاون الكامل والتنسيق بين ” السلطة الفلسطينية ” والأجهزة الصهيونية إلى العثور على عدد من المتحررين وإعادتهم إلى الإعتقال، وبعضهم لا يزالون أحراراً يبحث عنهم الصهاينة بمعاونة الأجهزة التابعة لسلطة محمود عباس.

– إن إصرار الصهاينة على بذل كل جهودهم للتغطية على الفضيحة الكبرى في تاريخهم، والحدّ من آثارها السلبية على صورة الكيان الغاصب لدى الرأي العام الذي كان يتصور أن ” إسرائيل ” تملك أفضل أجهزة المخابرات في العالم، وأنها تستطيع السيطرة على كل محاولة لاختراق أمنها قبل تحقيق أهداف القائمين بها، وأنها تقضي على مؤامرات أعدائها وهي في مهدها، أما أن تتبرع ” السلطة الفلسطينية ‘ بمساعدة العدو الصهيوني لاعتقال المناضلين الفلسطينيين وإعادتهم إلى السجون الإسرائيلية، فهذا يدل على أن دور ” المتصهينين ” يبدأ بعدما تعجز كل أجهزة الصهاينة العسكرية والأمنية ويفشل ” المستعربون ” أيضاً في خرق صفوف المواطنين الفلسطينيين، وإن تنطح أجهزة المخابرات الفلسطينية لتقديم الخدمة لأعداء الشعب الفلسطيني لهو وصمة عار كبيرة على جبين ” السلطة الفلسطينية “ ، وبعملها هذا أثبت القائمون عليها أن تلك المؤسسة هي بالحقيقة نسخة أخرى من ” المستعربين “ ، لكن هؤلاء إسرائيليون يتكلمون العربية ويخدمون دولتهم التي يزعمون أنها لهم، وأولئك عرب يتحدثون اللغة العبرية ويخدمون الكيان المحتل لبلادهم.

– إن نجاح المجاهدين الفلسطينيين في كسر الحصار، والخروج من المعتقل بسواعدهم وبفضل ملعقة طعام عادية، ومن دون أية منّة من أحد، ومن دون انتظار عفو صهيوني أو ضغط من منظمة حقوق الإنسان أو أية مؤسسة دولية، إن ذلك لأشبه ما يكون بالمعجزة، وإن عجز الكيان الصهيوني بكل إمكانياته في كشف الخطة وإفشالها، والحؤول دون الخروج من السجن المحصن بأكثر الأجهزة تطوراً، لهو الفضيحة الكبرى لهذا الكيان، وإن عدم عثور سلطات الكيان عليهم وفشله في الوصول إليهم طوال أيام رغم استخدام كافة الإمكانات المتاحة لدى الكيان، واضطراره أخيراً إلى التوسل بـ ” السلطة الفلسطينية ” لتساعده في الخروج من المأزق الكبير، لهو كافٍ لتغيير الصورة الكاذبة عن قوة الكيان الغاصب، وسواء نجح الأبطال المتحررون جميعاً أو فشلوا جميعاً بالبقاء خارج قبضة العدو الصهيوني أو عُثر على بعضهم وفشل في اعتقال الآخرين، أو نجح في آخر المطاف من العثور عليهم جميعاً واعتقالهم من جديد، فإن ذلك لا يقلل من عظمة عملية ” النفق “، ولا يعيد الصورة السابقة عن الكيان الصهيوني لدى الرأي العام الداخلي والخارجي والتي تهشمت بل تحطمت كلياً نتيجة الضربة القاضية والتحرر من سجن ” جلبوع “.

– ومن جهة أخرى فإن الأمل بإمكانية الغلبة على هذا الكيان المتغطرس قد تجدد بعدما عمل الكثيرون في المنطقة من حكام ومنظّرين وأبواق إعلامية على فرض حالة اليأس لدى الفلسطينيين وعموم الغيارى في المنطقة، والتأكيد على أن هذا الكيان واقع مفروض، ولا فائدة تأتي من وراء مقارعته والوقوف في وجهه، وإن فلسطين قد تمّ بيعها بالكامل للصهاينة جهاراً نهاراً، وعلى الشعب الفلسطيني أن يتدبر أمره، ويهاجر إلى أطراف الأرض بحثاً عن مورد رزق له ولعياله، ولا يحلم حتى بالعودة يوماً ليشمّ رائحة وطنه فلسطين.

– وعلى الدول العربية في المنطقة كذلك أن يتخلوا عن الأمل بزوال ” إسرائيل ” يوماً، وإن هذا الكيان مستمر ما دامت الدول الكبرى كلها والولايات المتحدة على وجه الخصوص تعترف بشرعية وجوده، وتدعمه وتقدم له ما يطلبه من دون أي تردد، لكن العملية البطولية في سجن ” جلبوع ” قد أعاد تنشيط ذاكرات الأمم وشعوب المنطقة، وبيّن هشاشة الكيان، وكشف حقيقة المتآمرين مع الصهاينة الذين أسميناهم بـ” المتصهينين ” قديماً وحديثاً، وفضح حقيقة أن الذين يمدّون إلى الصهاينة طوق النجاة كلما رأوا الأخطار تحيط بالكيان وبدت علامات فوز المجاهدين على المحتلين وذلك منذ ما قبل العام ١٩٤٨ هم الحكام والذين باعوا أنفسهم للشيطان، ورضوا بالعمالة للأجنبي، وقبلوا التذلل أمام المحتل، وذلك لأجل البقاء على كراسي الحكم أياماً قليلة والتلذذ بمتاع الدنيا الزائلة، وإن الذي قسم البلاد ورسم الخرائط لها قد اشترط أن لا يحيد أحد عما تم ترسيمه قيد أنملة، وأكد أن الولد المدلل لمن رسم تلك الحدود والخرائط هي ” دولة إسرائيل “ .

– لكن وعد الله سبحانه أصدق من وعدهم ، وكيد الله عزّ وجلّ أقوى من كيدهم ، ومكر الله تعالى يغلب مكرهم ، وهو قال في كتابه المجيد : { ونريد أن نمنّ على الذين استُضعفوا في الأرض ونجعلهم الوارثين } .. صدق الله العلي العظيم .
 

– السيد صادق الموسوي