#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية
– انكسرت الجرّة بين ميشال عون وسعد الحريري ، حيث تمسك الثاني بصلاحياته الدستورية وابتدع الأول لنفسه صلاحيات ليست له ..!
– وهنا لا بد من التوقف مليّاً أمام النتائج المهمة المترتبة على هذا الكباش :
فإن رضخ الحريري لإملاءات عون فقد تسجلت سابقة يستند إليها من يأتي بعده فيقوم أي رئيس للجمهورية بفرض إرادته على رئيس الحكومة وتعود البلاد إلى مرحلة ما قبل اتفاق الطائف ، حيث كان يتوجب على رؤساء الحكومات كسب رضى رؤساء الجمهورية واتّباع رغباتهم .
– وإذا صمد الحريري في وجه ” استكبار “ عون فإنه يحافظ على موقع رئاسة الحكومة ويتمسك بالصلاحيات المنوطة به حسب اتفاق الطائف، وهنا لا يجوز لأحد أن يفكر من خلال الأفق الضيق، ولأنه يعارض سياسة شخص الحريري وتوجهاته الداخلية والخارجية ويفرح بالمواقف الكلامية التي يعلنها عون وخليفته جبران باسيل لصالح المقاومة بين الحين والآخر .
– فيختار الإصطفاف في صف ميشال عون ويدعم موقفه ويؤيد إضعاف الحريري وموقعه، فلا عون باقٍ إلى الأبد ، ولا الحريري يضمن البقاء إلى آخر الدهر .
– لكن .. إذا نجح اليوم ميشال عون ممثل الطائفة المارونية في النظام الطائفي السائد في كسر شوكة رئيس الحكومة المسلم وابتزازه واستضعافه ، فلا يمكن بعد تبدل الأشخاص أن تعود الأمور إلى الوراء حيث يصبح كل رئيس للجمهورية هو صاحب الأمر والنهي ويتحول كل رئيس للحكومة إلى ” باش كاتب ” عند رئيس الجمهورية كما كان الأمر قبل العام 1975.
– إنني رغم رفضي لشخص سعد الحريري ومنهجه وإدانتي الشديدة لتوجهاته السياسية إلاّ أني لا أنظر إلى الأمر بنظرة شخصية ومن زاوية فردية، بل أرى أن ميشال عون الذي حارب اتفاق الطائف حتى الرمق الأخير، وقام بتهديد نواب المجلس الذين اجتمعوا في مدينة الطائف، وتمّ إخراجه عنوة من قصر بعبدا يوم 13 تشرين الأول عام 1990 بقصف الطيران السوري وبعد مشاركة مقاتلي حزب الله وقوات إيلي حبيقة في حصار القصر الجمهوري في بعبدا .
– وهو ظل يحارب اتفاق الطائف أيضاً طوال إقامته في فرنسا .. وسافر إلى واشنطن لكسب ودّ الأمريكيين .. وعاد إلى بيروت بعد تهيئة الأجواء وخروج السوريين من لبنان ممنّياً نفسه أن يكون زعيم المعارضة اللبنانية المعروفة باسم 14 آذار .
– لكن .. المنافسين له خيّبوا آماله و ” زبّلوه “ فأخذ بخيار التحالف مع خصوم الأمس ضد الحلفاء أصحاب الخط الفكري والسياسي الواحد .
– ومع الأسف :
– فإن الأجواء تهيأت له لينال مُنيته القديمة على يد الذين ساهموا في إسقاط سلطته العام 1990 وإجباره على الفرار بـ ” الشحّاطة “ إلى السفارة الفرنسية القريبة من قصر بعبدا تاركاً وراءه أسرته تحت رحمة المقاتلين الذين سيطروا على القصر الجمهوري !.
– إن الرؤية بالأفق الضيق السائد لدى بعض الفاعلين في الساحة الإسلامية السياسية والذين يدّعون الحنكة والبصيرة جعلت الوضع اللبناني يصل إلى هذه المرحلة الكارثية إقتصادياً وسياسياً وإجتماعياً، وإننا رغم مناشدتنا لهم مرات بأن يخرجوا من القارب المثقوب هذا والموشك على الغرق سريعاً، لكننا وجدنا منهم مزيداً من التعلق بهذا الحبل البالي، وإصراراً متزايداً على البقاء في القارب المُشرف على الغرق .
– إن الوضع اللبناني المأساوي :
بجب أن يفرض على كل شخص إلى أي طائفة أو مذهب انتمى وإلى أي حزب أو تنظيم انتسب أن يخرج من أسر تلك الأُطُر الضيقة ويتحرر من العقليات المتحجرة ويفكر في الأسباب الحقيقة للأزمة، وينظر من دون عصبية إلى المواقف غير المسؤولة التي أفضت إلى انهيار البلد، وأن لا يأخذ بأقوال الذين يعملون دوماً على ” تحمير ” الناس و ” تغشيمهم ” و ” تحميقهم “ ليسهل جرّ المغفلين إلى حيث يشاؤون من دون تفكير في العواقب أو تحسّب للنتائج ، والمغفلون مثل غيرهم من أبناء الشعب اللبناني يتقلبون بين الأزمات المتراكبة ، ويواجهون المصاعب وتصيبهم الكوارث كما إخوانهم الآخرين .
– لكنهم لا يوجهون اعتراضاً للمتسلطين على رقابهم ، أو سؤالاً على الأقل عن نتائج هذا السقوط الحرّ صوب الوادي السحيق، وعاقبة التحلل الكامل لكافة المؤسسات الرسمية وفلتان زمام الأمور كلياً من أيدي الجميع، ما يفتح الباب أمام تغلغل أجهزة المخابرات الإقليمية والدولية على أنواعها وخاصة ” الموساد “ الصهيوني في صفوف مختلف شرائح المجتمع مستغلة حالة العوز الشديد لدى المواطنين وأياسهم من المستقبل وكفرهم بالمسؤولين اللبنانيين، فيسهل عندئذٍ تطلع كل فرد نحو الخارج أي خارج والاستعداد لتلبية رغباته وخدمة أهدافه وتحقيق مشاريعه .
– ثم إن الوضع المعيشي الكارثي .. وانهيار قيمة العملة الوطنية .. والحصار الخانق على اللبنانيين سيجعل من لبنان أرضاً خالية من البشر ..؟
– حيث أن الجميع يبحثون عن سبيل للهجرة إلى أي بلد يمكنهم الوصول إليه والعيش فيه والحصول على لقمة رزق حلال بعرق الجبين، ويبقى لبنان تتقاسمه الذئاب الكاسرة وينهب ثرواته اللصوص بمختلف الألوان والأسماء والأشكال.
– إن التهاون مع مسببي الوضع الكارثي والسكوت على الجرائم التي يرتكبونها بحق الشعب المسكين وخلق الأعذار والتبريرات من قبل هذا الزعيم وذاك ، واتهام كل طرف لغيره بالتسبب في الأزمة وتبرئة ساحته هو من التورط في الفساد المستشري في صفوف كافة المجموعات من دون أي استثناء، والمعشش في جميع مفاصل الدولة من دون تمييز .
– لكن .. الحقيقة المُرّة هي أن لبنان المظلوم هذا قد تكالب عليه السباع من كل حدب وصوب، وصار ينهش من جسمه المُلقى على الأرض كل الطيور الجارحة، ويتناوب على نهب ثرواته كلُّ طرف بحسب قدرته وفي المجال الذي يُتاح له، ويكون دائماً ” العترة على الفقير ” .
– إن خلق اي إصلاح حقيقي في البلد والتخلص من الفساد الضارب بجذوره في أعماق الأرض لا يمكن أن يتمّ أن على يد هولاء المتشاركين في التآمر على وطنهم ، والمتقاسمين فيما بينهم أموال الطبقات الفقيرة التي جمعها أفرادها ليرة ليرة ووضعوها أمانة لدى المصارف على أمل أن يكون المال هذا عوناً لهم في سنيّ الضعف وأيام الشيب .
– لكن .. أعداء هذا البلد وهذا الشعب سطوا على تلك الودائع بكل وقاحة وحوّلوها إلى الدولارات الأمريكية ونقلوها إلى الخارج وأودعوها في البنوك الأجنبية بأسمائهم وأسماء أولادهم وزوجاتهم، ويخلقون كل يوم ذريعة للتهرب من مسؤولياتهم، والتملص من واجباتهم تجاه أصحاب الأموال الحقيقيين وتأجيل دفع حقوق الناس اليهم، وهكذا يستمر الأمر حتى يبدأ التغيير الجذري من القاعدة لينتهي إلى القمة .
– حيث يقول الله سبحانه في كتابه المجيد : { إن الله لا يُغيّر ما بقوم حتى يُغيّروا ما بأنفسهم } .
– صدق الله العلي العظيم .
– السيد صادق الموسوي