التحديات التي تواجه البشرية اليوم هل من سبيل للمواجهة ..؟ بقلم : نبيل فوزات نوفل

#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية_رئيس قسم الدراسات_نبيل فوزات نوفل

 

 

 

– أثبت تاريخ المجتمعات البشرية أن العدوان اللدودان للإنسان هما الزمن والجهل،فالزمن يمضي ولا يتوقف وهو يدفع الإنسان رويداً رويداً باتجاه قبره ، فهو قدر محتوم .

– أما الجهل فهو رأس الثالوث الأسود مع الفقر والمرض وهو بمثابة العمى الفكري الذي يقود صاحبه إلى التهلكة دون أن يدري، لذلك فالجهل هو أساس الكثير من المشكلات .

– فرغم كل هذا التقدم العلمي والتكنولوجي و توفر كل وسائل الرفاهية حتى في أكثر البلدان قوة وتقدماً فإن الناس في معظمهم ليسوا سعداء، لأن الذكاء وتلك المعرفة الواسعة لم تمنع هؤلاء البشر من القيام بتصرفات عبثية تهدد وجودهم مثل الصراعات الاقتصادية الشرسة ، الحروب وتطوير أسلحة التدمير الشامل ، تخريب البيئة واستنزاف الموارد الطبيعية ، التعصب والإرهاب وحروب الجوع ، فالإنسان المعاصر يجهل نفسه وحقيقة وجوده وهو غارق في الأوهام من أخمص قدمه حتى قمة رأسه لدرجة يفقد الأمل ويعيش الناس حياة عمياء.

– إن المدقق في سلوك  معظم البشر في المجتمعات المختلفة يجد أن الغريزة ما زالت تحكم “المتحضر”، وتتجلى هذه الغريزة في هيمنة سلطة المال والقوة العسكرية بشكل رئيس، ولم نخرج بعد من الغابة ،إنه قانون الغاب الذي يفرض سلطته على العالم اليوم  ، بسبب الدول الرأسمالية بقيادة الإمبريالية الأمريكية التي تعتبر مصالح الشركات الكبرى مصلحة وطنية بامتياز،وتقود سباق التسلح  بين الدول حيث تعد أكثر دولة تنفق على السلاح ، كما أن حلم الديمقراطية ما زال بعيد المنال .

– وهذا ما يؤكده  قول للمفكر اليهودي الأمريكي نعوم تشومسكي  في كتابه ” من يحكم العالم “ بالقول : ” إن الولايات المتحدة  وحلفاءها الغربيين حريصون على القيام بكل ما بوسعهم لمنع قيام أي ديمقراطية حقيقة في الوطن العربي ” .

– هذه السياسة المتوحشة   انعكست على حالة الإنسان في العالم بشكل عام والدول الفقيرة بشكل خاص،فأصبح يعاني من الإحباط والكآبة وشعور المرء بأن واقعه أقل بكثير مما يستحقه، وتركيز الشخص على معالجة المشكلات والقضايا الشائكة ويغفل عن المزايا الكثيرة التي تتوفر له ، وإعطاء القضايا التي ندافع عنها قيمة أعلى من قيمة الإنسان ،والانشغال بالوسائل على حساب الأهداف ، وأصبحت الوسائل هي الأهداف ، وازدياد التفكك الاجتماعي والمشكلات النفسية ، فكما يدل الواقع أن هناك مشكلات نفسية تتضمن التوتر والإحباط والقلق وينجم عنها لجوء الناس إلى الإدمان على الكحول والمخدرات والأدوية المضادة للاكتئاب .

– حيث غالبية الناس لا يقدرون أنفسهم حق قدرهم ، وأيضاً توقف الناس عن الإيمان بنظام دولتهم ،والثقة به،وهي عدم قناعة الكثير من الناس بأسس حضارتهم ، ومبادئها ، وقيمها الأخلاقية ، والدينية ، والأيديولوجية ، وهذا أمر خطير يهدد كيان الدولة وتماسكها ، وذلك بسبب عدم إكتراث القائمين على النظام بهم، ويرون الاهتمام الحكومي منصباً على دعم الشركات ورجال الأعمال أصحاب رؤوس الأموال الضخمة ,.

– وهذا يؤدي إلى أن أضحى الناس عبيداً للنظام الذي بنوه بأنفسهم، وانتقلوا للتركيز على تأمين مصالحهم الشخصية، ولوعلى حساب الآخرين ، وهذا أدى إلى إضعاف الانتماء الوطني ، وتفكيك الروابط العائلية والأسرية و تنامي الجشع ، وحب السيطرة في المجتمع، ما يؤدي إلى ضياع المجتمع ، ولا يعرف أفراده كيف يعيشون بسلام وسعادة ، وبشكل عام يعود ضياع المجتمع وبؤسه إلى وقوع الناس في مصيدة الغريزة ،وبالتالي صار الناس اليوم ليسوا سعداء وهناك مؤشرات خطيرة تنذر بانهيار النظام العالمي مع التأكيد أن ما يحصل بين الدول في لعبة المصالح والسيطرة والنفوذ هي اللعبة القذرة نفسها التي تجري ضمن المجتمع الواحد بين أصحاب النفوذ السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي لأن أصحاب النفوذ يحاولون السيطرة على الشعب متسلحين بمخالب  الجشع وأنياب الأنانية التي لا ترحم .

– إن المشاكل تتراكم وتزداد على البشرية ، وخاصة الفقر والجوع التي هي من نتائج الفكر الإقصائي ،بالإضافة إلى نظام المنافسة الاقتصادية العالمية ،الذي يساهم في تعميق الفجوة بين الفقراء والأغنياء ، حيث يملك الأثرياء النفوذ على الحكومات فأصبحت الغلبة بيد أصحاب رؤوس الأموال وليس للشعب ، فصارت مصالح الشركات الكبرى  أهم من مصالح الشعوب ، فساد عدم التوازن الاقتصادي الدولي فازداد التفاوت الاقتصادي وتعمق بين الشعوب، وهو يزداد ، حيث للعولمة تأثير مضاعف في حفر الهوة وتعميقها بين الأغنياء والفقراء، ويبرز تحدي التدهور البيئي بشكل خطير،حيث الخلل يزداد ويؤثر على طبقة الأوزون ، بسبب تسخين البيئة ، عن طريق المعامل والمصانع والبيوت البلاستيكية ، وهناك تحدي الزيادة الكبيرة في عدد السكان، الذي يفرض تحديات من أبرزها، الخشية من عدم  تلبية حاجات السكان ، وزيادة الهوة والتفاوت بين البلدان المتطورة البلدان النامية ، ومن التحديات التي تعاني منها البشرية ، تحدي التقانة المزعزعة ، لأن الذكاء الصنعي والتقانة الحيوية  تمثل تحدياً كبيراً للبشرية ،فتزداد الدول التي تسيطر على التقانات الجديدة ازدهاراً وثراء في حين أن اقتصادات دول كثيرة ستنهار لأنها لن تتمكن من منافسة الدول الأخرى مما سيزعزع الاستقرار العالمي ومن هذه التقانات التجارة الالكترونية والخدمات المباشرة في النقل والفندقة فتؤثر هذه التقانات سلباً على بنية المجتمع ،ويبرز تحدي خطير سيواجه المجتمعات البشرية ، وهو الاحتلال بالمعلومات ، والذي يتجلى في قدرة أنظمة المعلومات الذكية على جمع معلومات عن أي شخص في العالم بحيث يتمكن القراصنة من التلاعب بأفكار ومشاعر الناس، بحيث يصبح كل الناس عبيداً للسلطة المتمثلة بأصحاب المال والسياسة ومن المتوقع إعادة هندسة النظام البيولوجي للإنسان .

– حيث سيجري استخدام التقانة الحيوية في تعديل النظام البيولوجي للإنسان، وكذلك سيتم إدخال عناصر غير طبيعية مثل الدارات الإلكترونية أو الحيوية في جسم الإنسان ،ما سيؤدي إلى فقدان الإنسان الجديد لأبعاد إنسانية مهمة ،مثل التعاطف ، والتواصل الاجتماعي ، والذوق الجمالي والأبعاد الروحانية ، وبالتالي فالديكتاتورية الرقمية والتقانة المتقدمة ستصبح هي المسيطرة وصاحبة السلطة الحقيقية وليس المسؤول الحكومي ،وكما أن البشرية تعاني من خطر الأوبئة الخطيرة وفي مقدمتها  / فيروس كورونا / ، وكما يرى الكاتب جون باينس في كتابه “أسس التعامل والأخلاق في القرن الحادي والعشرين” ” نحن أقل تحضراً ووعياً مما نتظاهر به، وكذلك أقل عدلاً وأقل استقامة،ونحن في الواقع بالكاد بدأنا نتطور، وإحساسنا بالعظمة والقوة ينبثق من الفتوحات العلمية التي حققها الجنس البشري، والتي لم تساهم البتة في تحسين الطبيعة الداخلية للإنسان، حيث العالم دائماً في حالة صراع وحروب فأصبح السلوك الميكانيكي والمقولب هو المعيار .

– هذا الواقع  يحتم على البشرية وصناع القرار فيها البحث عن أنجع الحلول للمواجهة من خلال: نبذ الأنانية  والتمتع بالروح الجماعية والقيم الأخلاقية التي تحترم إنسانية الإنسان أينما كان،  بغض النظر عن جنسه ودينه ،  غنياً كان أم فقيراً،وبالتالي على السلطات المسؤولة في الدولة خلق بيئة سياسية، وقانونية ملائمة ، من أجل الأعمال التي تقدم المداخيل للدولة ، بما يساهم في تحسين الوضع المعاشي ، والنهوض العلمي ، وامتلاك  التقانة المتطورة ، وتحقيق الأمن الغذائي ، وتعزيز السيادة الوطنية ، وبناء المجتمع الإنساني الذي ينتفي منه الصراع ، والحروب ، والاستغلال ، والجشع ، ويعم السلام والمحبة بين أبناء البشرية جمعاء.