الاحتلال لدولة فلسطين ” كابوس يؤرق المستوطنين ” الكيان الصهيوني بين محور الإرهاب ومستنقع المؤامرات والخداع

#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية_رئيس القسم العبري_كرم فواز الجباعي

 

 

 

– على مدى اكثر من سبعة عقود على اعلان قيام  كيان العدو والحكومات الاسرائيلية المتعاقبة تشدد دائماً على مركزية الهجرة اليهودية وقانون “العودة” لجميع اليهود الى اسرائيل بالنسبة الى امن الدولة وبقائها وازدهارها. وكان بن غوريون من اطلق شعار لاعيش لليهود الا في الكيان واخترع اكثر من خمسين منظمه مهمتها تحفيز اليهود على الهجرة وهذه المنظمات مارست كل انواع الارهاب على اليهود كي يهاجروا الى الكيان المصطنع وجيعها فشلت ومازال عدد يهود في فلسطين المحتلة اقل من ستة ملايين وغالبيتهم قامات غير دائمه .

– في 14 أيار من عام 1948 أعلن ديفيد بن غوريون قيام ما أسماها (بالدولة “الإسرائيلية) في فلسطين. دعا اليهود للعودة الى ما أسماها أرضهم التاريخية. وهكذا جعل العدو من فلسطين وطناً له يسرح ويمرح في مدنها وقراها، ينكّل بأهلها، يسلبهم خيراتها ويفعل بها ما يريد .

– أقام “دولته” المزعومة على حساب نكبة أهل الأرض وحقوقهم. دعت قيادات العدو ما سمي بيهود “الشتات” للعودة إلى “الوطن”، فتقاطر هؤلاء من بلدان عديدة للعيش في فلسطين ظناً منهم أنها بلد الأمن والأمان. ومع مرور الوقت، وتنامي قدرات المقاومة الفلسطينية بات الوجود الصهيوني في فلسطين بمثابة “كابوس” يؤرق يوميات المستوطنين. لم تعد هذه الأرض آمنة لهم. يعيشون على أعصابهم، والكثير من وقتهم يقضونه في الملاجئ تحت الأرض .

– الصورة المهزوزة للكيان :

– هذا الواقع بعد سلسلة الاخفاقات عامة وسيف القدس خاصة  دفع بالكثير من المستوطنين المحتلين الى التفكير بالهجرة من فلسطين، بعدما كانت الهجرة اليها. أيقن هؤلاء أنّ بقاءهم في الأرض المقدّسة خطر عليهم. ثمّة شعب لهذه الأرض التي سُلبت سيُحرّرها ولو بعد حين. شعب متمسّك بعقيدة وروحية عالية لا يجد حرجاً معها ببذل الدم على درب التحرير. شعب أثبت تكامله قلباً وقالباً مع  محور المقاومة لتسجّل معركة “سيف القدس” الأخيرة الانتصار الكبير والمؤسّس لسلسلة من الانتصارات على درب القدس. وفي المقابل، ثمّة صورة “مهزوزة” لكيان لم يستطع تحقيق أي هدف سياسي أو عسكري أو استخباراتي، ما جعل فكرة “الأمن” القومي “الإسرائيلي” التي لطالما تزعزعت في خبر كان. ذلك الأمن دافعت عنه واشنطن بشراسة ودفعت في سبيله مليارات الدولارات لكنها لم تستطع تحقيقه فباءت كل محاولاتها بالخيبة والفشل .

– الهجرة المعاكسة حقيقة :

– أمام هذه الصورة المخيّبة لآمال الصهاينة، بدأ الحديث يتصاعد عن الهجرة العكسية من كيان العدو إلى الخارج وهي قضية ليست بجديدة. الكلام لم يصدر عن مستوطنين فقط، بل بدأت المجاهرة بهذا الأمر تخرج على لسان سياسيين وأمنيين وإعلاميين وغيرهم .

– قبل أيام ، أعلن الرئيس الأسبق لجهاز “الموساد” شبتاي شافيت أنّه “قد يجد نفسه يوماً ما يحزم أمتعته، ويغادر “إسرائيل” .. الأمر ذاته عبّر عنه أشهر مقدمي البرامج التلفزيونية “الإسرائيلية” يارون لندن الذي قال “إنني أعدّ نفسي لمحادثة مع حفيدي لأقول له إن نسبة بقائنا في هذه “الدولة” لن تتعدى 50%، ولمن يغضبه قولي هذا فإنني أقول له إن نسبة 50% تعتبر جيدة، لأن الحقيقة أصعب من ذلك” .

– القناعة نفسها عبّر عنها روني دانيئيل المحلل العسكري “الإسرائيلي” والمقرّب من قيادة جيش الاحتلال حيث قال “إنني غير مطمئن أن أولادي سيكون لهم مستقبل في هذه “الدولة”، ولا أظن أنهم سيبقون فيها”. الموقف ذاته عبّر عنه دانيئيل قبل أعوام عندما أكّد أنّه يفكر جدياً بالهجرة . 

– الهجرة العكسية التي واجهها كيان العدو خلال السنوات الماضية من المرجّح أن تتفاقم بعد حرب غزة .

– عام 2020 سجّلت الهجرة من كيان العدو إلى الخارج ازديادا حيث بلغت 74.9%. وبحسب أرقام الوكالة اليهودية، فقد غادر كيان العدو منذ مطلع القرن الحادي والعشرين 720 ألف مستوطن استقروا في الخارج بصورة رسمية، بينما يقيم 530 ألفاً آخرون في الخارج بشكل متنقل .

– موقع مكوروت الاسرائيلي  توقع أن تصل  موجة الهجرة العكسية الى أعلى ذروتها بعد معركة “سيف القدس اذ ثمة نزوح داخلي حاصل من محيط قطاع غزة التي تعرّضت للقصف وحتى الساعة لم يعد النازحون الى منازلهم، فيما سيكون هناك الكثير من المهاجرين الى خارج فلسطين المحتلة خصوصا أن كل المناطق الفلسطينية باتت معرضة للقصف. ورغم أنّ الاحتلال يحاول أن يوحي أن الأمور تحت السيطرة لكن لم يعد هناك أي مكان آمن في الكيان، فالمقاومة الفلسطينية قادرة على الضرب في أي مكان، وأي جولة مقبلة ستعيد ضرب ما بدأته، وهذا سيعزز موضوع الهجرة العكسية .

– فشل مشروع استقطاب مليون يهودي الى فلسطين المحتلة :

– لابد ان نذكر تاريخ الهجرة العكسية. خلال العشرين عاماً الماضية ثمّة زيادة مطردة بالهجرة العكسية بحسب الكثير من الاحصائيات، وثمة وتيرة بتراجع ملحوظ لهجرة القادمين الى فلسطين المحتلة. ونشير هنا الى الى فشل مشروع رئيس الوزراء الصهيوني الأسبق أرييل شارون الذي شدد في بداية العقد الماضي على ضرورة إحضار مليون يهودي خلال عشر سنوات، وفي التقديرات لم يحضر 10 بالمئة من هذا العدد. وهذه السياسة فشلت نتيجة عدة عوامل أبرزها :

– أولاً : غياب الاستقرار الأمني خصوصاً في فترة الانتفاضة الأولى التي تركت أثرا كبيرا على شعور الصهاينة بغياب الأمن الشخصي، وذلك عكس دعاية كيان الاحتلال والوكالة اليهودية التي تسوّق على أنّ أرض فلسطين هي أرض الأمان و”اللبن والعسل” والملاذ الأخير لليهود ومشاريعهم. وفق حجازي، فإن غياب الاستقرار الأمني لليهود كان يشكل أحد أهم العوامل التي دفعت اليهود الى الهجرة الى خارج فلسطين المحتلة بعدما شهد الكيان موجات كبيرة من الهجرة الى داخله سواء الهجرة الأولى أو الثانية أو الثالثة منذ ما قبل عام 1948، وبعدها هجرة اليهود من الدول العربية، وثم هجرة اليهود الاثيوبيين والهجرة الروسية في الثمانينيات والتسعينيات حيث كانت ذروة القادمين الى كيان الاحتلال. بعدها لم نعد نرى هجرة الى فلسطين المحتلة خصوصاً أنّ فترة ما بين عامي 2000-2002 كانت من أسوأ الفترات الأمنية في كيان الاحتلال ما ولّد نوعا من الأزمة على مستوى الشعور بعدم الأمن الشخصي.

– ثانياً : المعيار الاقتصادي الذي شكّل عامل جذب لليهود للهجرة من فلسطين المحتلة، خصوصا بعد تركيز السلطة بيد مجموعة قليلة، وخصوصاً لدى أولئك الذين كانوا يعيشون في الاتحاد السوفياتي، وقدموا بعد انهياره الى الأرض “الموعودة” نتيجة الدعاية “الاسرائيلية” ليتفاجأوا بالكثير من الحقائق التي تخالف الواقع. وأيضا بالنسبة  لليهود الاثيوبيين الذين تحكّمت اعتبارات “اسرائيلية” بقدومهم فوجدوا أنفسهم بأدنى السلم الاجتماعي والاقتصادي. كما شهدت روسيا بعد عام 2000 انتعاشا اقتصاديا الى حد ما فعاد جزء من اليهود الى روسيا لبناء مشاريع، والأمر ذاته حصل في أثيوبيا  ما زاد من حدة الهجرة العكسية.

– ثالثاً : الخسائر الاقتصادية الكبيرة بعد الممارسات الارهابية الصهيونية وعمليات القتل والتهجير للعرب

– أخيراً : يعاني الاقتصاد الإسرائيلي من تداعيات الأزمة المالية العالمية عليه، لا سيما أن الاقتصاد الإسرائيلي مرتبط بنيويا بالاقتصاد الأمريكي، إذ وقعت إسرائيل اتفاقيات عديدة  للتعاون العسكري مع الولايات المتحدة الأمريكية تهدف إلى التعاون في مجال الصناعات الحربية والبحث والتطوير. وقد أدّت هذه الاتفاقية إلى تطور التعاون بين البلدين بشكل ملحوظ، في مجالات متعددة شملت الجوانب التالية:

1 ـ البحث، والتطوير، والتبادل العلمي، والهندسي خاصة في مجالات الصناعات الحربية.

2 ـ تكثيف التعاون في مجال تبادل المعلومات والاستخبارات.

3 ـ توقيع العديد من عقود الإصلاح، والصيانة لأسلحة حلف شمال الأطلسي، والتي نصّت على مشاركة إسرائيل للولايات المتحدة الأمريكية في عقود الإصلاح والصيانة لها.

4 ـ حصول إسرائيل على فائض المعدات العسكرية الأمريكية دون مقابل.

5 ـ زيادة حجم الامتيازات للدخول في القطاعات الصناعية الأمريكية. غير أنَّ الأزمة التي يعيشها الاقتصاد الإسرائيلي ليست وليدة الأزمة المالية العالمية الأخيرة ، وإنما تمتد جذورها إلى مرحلة السبعينيات ، ولا سيما بعد تسلم الليكود مقاليد السلطة في إسرائيل عام 1977 إلى ما وصلت إليه الأن مع عملية سيف القدس .