#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية
– كانت الصورة عن الولايات المتحدة الأمريكية في أذهان العالمين أنها الملاذ من بطش الحكام الجائرين ، والسند لطلاب الحرية أجمعين ، والبلد الآمن للعيش الرغيد، لكن تطورات الفترة الماضية والتي شاهدها الناس ولا يزالون على شاشات التلفاز حطمت هذه الصورة بالكامل ؛ فالولايات المتحدة تبين أنها المؤسِسة لأحقر العصابات الإجرامية وذلك بشهادة المسؤولين الكبار فيها ، بدءاً من حركة طالبان ثم القاعدة في أفغانستان مروراً بالتنظيمات المسلحة المختلفة الأسماء في سوريا، وكذلك العصابات الإرهابية في العراق في أشكال متعددة ولكن لتحقيق هدف واحد وهو التهيئة لقدوم المحتل الأجنبي وتبرير استمرار وجوده والحؤول دون خروجه من البلاد.
– لقد شهدنا كيف كان التعاطي مع كافة التنظيمات التي تم تأسيسها في بلادنا، حيث كانت حركة طالبان توصف بأنها حركة ” جهادية ” لما كانت تناسب سياسات الولايات المتحدة وتخدم أجندة المختل الأمريكي، وتقدَّم لها المساعدات الدولية والمحلية الرسمية والشعبية ، ولمّا توقفت الحركة عن تلبية بعض الإملاءات الأمريكية أصبحت الحركة ” إرهابية ” ووُضعت الحركة عينها على قائمة المنظمات الإرهابية من قبل الخارجية الأمريكية وصدرت بحق المسؤولين فيها العقوبات ، بل وضعت السلطات الأمريكية جوائز لمن يدل المخابرات الأمريكية على أشخاص تراهم خطرين على مصالح الولايات المتحدة الأمريكية ، لكن الإدارة الأمريكية أعادت بعد سنوات التواصل مع حركة طالبان هذه وعقدت عشرات الإجتماعات مع مندوبيها غي قطر والباكستان و …، ومع الأسف لم يقل أحد كيف أن المجاهد صار إرهابياً ثم صار هذا الإرهابي مقبولاً للحوار بصورة رسمية لدى الأمريكيين.
– وفي سوريا كان الدعم الإقتصادي والعسكري والمادي الكامل لكل فرد وجماعة تريد حمل السلاح في وجه الحكم فيها، هذا إضافة إلى عشرات الألوف من المقاتلين الذين أُحضروا من كافة بلاد العالم ، ولتأكيد متانة المساندة الأمريكية لهذه المجموعات قام عدد من كبار المسؤولين بزيارة المناطق الخارجة عن سلطة الدولة المركزية والتقوا زعماء التنظيمات وأخذوا معهم صورة تذكارية وزعتها محتلف وسائل الإعلام ، لكن بعد ما فشلت كافة المحاولات، وبدأت الحكومة السورية بمساندة المستشارين العسكريين الإيرانيين والدعم الروسي وبفعل مشاركة المقاتلين من سوريا نفسها ومن لبنان والعراق وأفغانستان وبلاد أخرى ، عند ذاك بدأ الحديث بخجل عن ضرورة التحادث مع السلطات السورية ، وعادت أعلام الدول التي كانت قد قطعت علاقاتها مع السلطات الرسمية في سوريا ترفرف على مباني سفاراتها في العاصمة دمشق ، وتمّ التخلي رويداً رويداً عن المجاميع المسلحة التي أسستها الولايات المتحدة وصرفت عليهم عشرات بل مئات مليارات الدولارات بصورة مساعدات وهِبات وغيرها ، بل بدأت بمطاردة أولئك وأعلنت أكثر تلك المجموعات منظمات إرهابية وفرضت على قادتها عقوبات.
– وفي العراق يرى المواطنون بالعين المجردة نقل الحوامات التابعة للجيش الأمريكي عناصر وقيادات داعش كلما ضيق مقاتلو الحشد الشعبي الخناق عليهم بالكامل وأوشكوا بالفعل من القضاء عليهم ، وعملت المخابرات الأمريكية سريعاً لإعادة تنظيم صفوفهم، وإفساح المجال أمامهم ليتمددوا في مناطق عراقية ويباشروا ارتكاب الجرائم الوحشية بحق المواطنين ، كل ذلك لكي تتهرب الإدارة الأمريكية من الإلتزام بالقرار الذي اتخده البرلمان لخروج القوات الأجنبية والأمريكية على وجه الخصوص من العراق.
– هذه نماذج معدودة من سلوك الدولة التي صوّروها لنا أنها تدعم القيم الإنسانية وتدافع عن مبادئ الديمقراطية، وتشكل السند لجميع طلاب الحرية في العالم: لكن ما حصل في داخل الولايات المتحدة وطريقة التعاطي مع الأحداث والتعامل الوحشي مع المعترضين السلميين، أثبت كذب الإدعاءات التي روّجوها عن الرقيّ في المجتمع الأمريكي والشعب الأمريكي المتحضر، ولا نريد هنا إطالة الكلام.
– لكن ما تمّ التصريح به مؤخراً وبصورة رسمية من وجود عشرات الملايين من الفقراء في الولايات المتحدة من الذين لا يملكون ثمن استئجار بيوتهم، والذين يشكلون صفوفاً طويلة أمام الكنائس والمؤسسات الخيرية لأخذ حصص غذائية لهم ولعيالهم ، بل البحث بعض الأحيان في حاويات القمامة عن شيء يمكن الإستفادة منه لإشباع البطون الخاوية .
– وفي مجال الأمن أيضا رأينا كيف يتحرك المسلحون ببنادقهم في الشوارع بكل حرية ، ويقتلون من لا يعجبهم لونه أو دينه أو عقيدته ، ويعتدون على النساء المسلمات المحجبات ، وتنقل وكالات الأنباء يومياً أنباء القتل في المدارس والمراكز التجارية والمقاهي وحتى في الثكنات العسكرية ، وقد بلغ عدد الضحايا جراء إطلاق النار في العام ٢٠٢٠ المنصرم حسب الإحصائيات الرسمية أكثر من ٦٠٠٠٠ حيث كان عدد القتلى ٢٠٠٠٠ والجرحى ٤٠٠٠٠، وقد بلغ عدد القتلى في أمريكا في العام الحالي حتى اليوم وحسب” Gun Violence Archive” ٤١٢٧ قتيلاً نتيجة إطلاق النار من قبل مسلحين.
– لقد كان يقال لنا بأن حرية حمل السلاح حسب القانون الأمريكي بهدف حماية الناس أنفسهم في تلك البلاد الشاسعة لها آثار جانبية لا مفرّ منها، لكن اقتحام آلاف المتظاهرين المسلحين لمبنى الكونغرس في العاصمة واشنطن يوم ٧ / ١ / ٢٠٢١ رغم إحاطة آلاف الجنود من الحرس الوطني للمبنى ، واضطرار نائب الرئيس الأمريكي يومذاك إلى الهرب واللجوء إلى الملجأ السري، واحتماء النواب بالكراسي واستعمال سلاحهم الفردي للدفاع عن أنفسهم، إضافة إلى الهجوم المسلح على مبنى الكابيتول يوم ٤ / ٣ / ٢٠٢١ والذي أدى إلى مقتل ضابط عسكري برصاص المسلح، وكذلك عدم قدرة النواب الأمريكيين على التجول في البلاد من دون حراسة مشددة. أمام هذه الحقائق الدامغة هل يمكن لأحد بعد هذا التبجح بالنموذج الأمريكي ، والإعتزاز بالعيش في كنف الولايات المتحدة، والشعور بالأمان داخل المجتمع الأمريكي، وجعل نمط الحياة هناك مثالاً يُقتدى به، واتخاذ السياسة الأمريكية منهجا يُحتذى به، والثقة بالوعود الكاذبة التي يقدمها حكام تلك البلاد، والله سبحانه قد نهى من قبلُ المسلمين في كافة الأزمان وفي مختلف الظروف والحالات عن اتخاذ أعدائهم الحاقدين وليجة يّدخلونهم في صميم حياتهم، وإدخالهم بطانة بين صفوفهم يُطلعونهم على خفيّ أسرارهم، وذلك بقوله: ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودّوا ما عَنتّم قد بَدَت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بيّنّا لكم الآيات إن كنتم تعقلون ) صدق الله العلي العظيم.