#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية_رئيس قسم الدراسات_نبيل فوزات نوفل
– يدل تاريخ المجتمعات البشرية على أن أي مشروع هيمني استعماري ما كان له أن يستمر وينجح إلا إذا تم استعمار العقول وزرع ثقافة القنوع والخنوع في عقول الشعب المستهدف بالهيمنة ، وكما يقول المثل الانكليزي قد تستطيع جلب الفرس إلى بركة الماء ولكن لا تستطيع أن تجبرها على الشرب .
– ومشروع التطبيع مع الكيان الصهيوني الذي ترعاه القوى الإمبريالية الصهيونية هو جوهر مشروع صفقة القرن ولكي يتحقق هذا المشروع استنفر الصهاينة والقوى التلمودية مرتزقتهم وخاصة لتدمير الفكر والثقافة والقيم الحضارية والثقافية وتدمير روح المقاومة وصولاً للانبطاح تحت أقدام الغزاة .
– ولكي يدوم هذا التطبيع لا بد من ترسيخه في عقلية ونفسية الإنسان العربي من خلال التطبيع الثقافي،بالاعتماد على بعض المرتزقة من المثقفين العرب ، الذين باعوا أنفسهم مقابل حفنة من الدولارات ، أو مطامع سلطوية هنا وهناك . فهؤلاء لا يبررون دعوتهم بفكرة ” السوق الثقافية العالمية “ وهذا طبيعي ، بل يبحثون عن التبرير في مقولات أكثر” رصانة “ وأكثر ” كثافة “ ويمكن رصد هذا التبرير في مقولات رئيسة :
– انهيار الأيديولوجيات :
– العولمة :
– الحوار مع الآخر :
– حرية الاجتهاد :
– نسبية الأفكار :
– دعاة التطبيع هم نفسهم دعاة الدفاع عن حقوق الإنسان :
– الفصل بين أمريكا والكيان الصهيوني :
– فأمريكا راعية السلام ووسيط نزيه ، ومركز حقوق الإنسان والمعبر عن الشرعية الدولية وهي الحكومة العادلة في زمن العولمة.بل بدأ بعضهم يروج أن التطبيع وإنهاء الصراع والتخلي عن الحقوق هو الطريق للتنمية والديمقراطية وازدهار المنطقة .. ! هؤلاء المثقفين يهاجمون القومية العربية ، والعروبة ، والتراث العربي ، ويرون في الكيان الصهيوني ( التسامح .. والقيم الإنسانية .. وخصماً للاستبداد ) .
– ويطالبون العرب أن ينسوا وجود الكيان الصهيوني في المنطقة ، ويعترفوا بهذا الكيان ، بل بقيادته وتفوقه ، ويرون أن الصراع العربي الصهيوني هو بين البربرية العربية والحضارة الصهيونية ، أو بين الطبيعة الإنسانية السليمة ( الإسرائيلية ) والطبيعة المليئة بالشذوذ والاعوجاج ( العربية ) ، ويدافعون عن العولمة بلا شروط ، وبالتالي لا يعارضون ” قرار القدس عاصمة إسرائيل “ ، ولا قرار الضم للقدس ، ولا ضم الضفة الغربية ، ولا ضم الجولان ولا أي جزء من الأرض العربية.!
– يتفنن أصحاب التطبيع بتعبير الديمقراطية ، وحقوق الإنسان ، والمجتمع المدني ، حوار الحضارات ، وهم يقصدون بالآخر الكيان الصهيوني .
– إن مفهوم الآخر هو الذي يضع على قلم فريدة النقاش كلاماً مليئاً بالدفء والحنان ، وهي تناقش بعض وجوه التطبيع الثقافي،ممثلاً بفيلم علي سالم ( أدخل شريكاً وشارك ) الذي زار الكيان الصهيوني نحن لا نعارض الاعتراف بالآخر ، الذي لا يحتل أرضنا ، ويسلب حقوقنا، ويقتل شعبنا .
– أما الاعتراف بالكيان الصهيوني غير مقبول تحت أي حجة كانت .
– أما شعار الحق في الاجتهاد وتعددية الرأي الذي يستند إلى النظرية التفكيكية فيريد أصحاب هذا الرأي إنجاز وظيفتين أيديولوجيتين :
– إنهم يحاربون معنى الحقيقة ، ويحاربون المشروع التنويري العربي كله ، ويناهضون معنى الحقيقة ، كي يلغوا موضوعية الفكر بقول وحيد ، وبذلك يصبح إعدام شعب العراق واليمن مسألة نسبية يجوز فيها الخطأ ويجوز فيها الصواب، والجرائم الصهيونية موضوع حوار وبالتالي الوجود الصهيوني موجود وغير موجود في آن .
– إن ثقافة التطبيع اللامشروط لا تطرح أسئلة مضللة ، وإجابات أكثر تضليلاً ، بقدر ما تعمل على تقويض الذاكرة الثقافية الوطنية ، وصعوبة المقصد وتعقد الغاية يدفعان بالمطبعين إلى الأخذ بعمومية شعاراتية ، تتحدث عن ” تهافت الفكر النهضوي” و” إيديولوجيات الكهوف ” و” الأفكار الشمولية “ ، وإلى تبخيس ” الحداثة العربية “ ، فهي مستبدة وخائبة ، والإعلاء من شأن ما بعد الحداثة، واستخدام تعابير مثل ” عنف اللغة العربية ” و ” استبداد الفكر العربي ” و” لاعقلانية الشخصية العربية “ ومن هؤلاء ( الطاهر بن جلون ” وآسيا جبار الذين يتهمان اللغة العربية بأنها بلاغة ميتافيزيقية لا تحسن التعامل مع الإنسان والقضايا الإنسانية ) .
– دعاة التطبيع الثقافي ، يتعاملون مع الثقافة بلغة السوق، ومعايير الربح والخسارة ، ويعيدون صياغة الثقافة العربية وفق المنظور الصهيوني ، ويرون في السلام مع الكيان الصهيوني هزيمة للمتطرفين العرب والصهاينة ، وينادون بثقافة السلام ، والتي هي في الواقع استسلام ، ويعارضون ثقافة المقاومة .
– يقول الأديب الفلسطيني المقاوم غسان كنفاني: ” قاتلت الحركة الصهيونية بسلاح الأدب قتالاً لا يوازيه إلا قتالها بالسلاح السياسي” ، وهذا ما يوحد بين المشروع الثقافي والمشروع السياسي .
– وفيه ما يحيل على كلام ” إسحاق لافون “ الذي رأى في الثقافة معركة أخرى لا تكتمل نتائج المعركة العسكرية من دونها ، بقوله : ” لم يبق أمامنا إلا معركة الثقافة بعد أن ربحنا المعركتين السياسية والعسكرية “ فمهمة المطبعين “ هي ترويض العقول والأرواح ، أي كسر دلالة المسموح والمكروه ، والمقبول والمرفوض ، والعقلاني واللاعقلاني ، والوطني واللاوطني ، وتهدف إلى إلغاء الذاكرة الوطنية ، وطمس التاريخ الكفاحي العربي وتشكيكه بذاته وهويته .
– وهذا يترافق مع قيام معظم الأنظمة في الوطن العربي في الارتماء في الحضن الصهيوني ، منذ اتفاقات كامب ديفد واتفاقات أوسلو ووادي عربة وغيرها و انعقاد المؤتمرات الاقتصادية في البحرين ، واللقاءات السرية والعلنية للقادة الخليجيين في السعودية ، والإمارات العربية المتحدة ، التي رفعت درجات التطبيع للتمثيل الدبلوماسي وتبادل السفراء والبحرين وقطر وعمان وعُمان وغيرهم من قادة المغرب العربي .
– كل ذلك بغية تدمير المنطقة ، ووضعها تحت الوصاية الصهيونية، وقتل روح المقاومة فيها ، والتسليم بالمشروع الإمبريالي الصهيوني ، فمؤخراً شاهدنا هبوط طائرة إماراتية في مطار ” تل أبيب “ في 20/5/2020، وقيام سفيرة الإمارات العربية المتحدة بتهنئة علماء إسرائيليين ” بتطوير لقاح ضد فيروس كورونا “ علماً بأنه لم يتم إنجاز أي لقاح ، بل دعاية / لنتياهو/ ، وكان حمد آل ثاني وزير خارجية قطر أجرى عدة لقاءات مع رموز صهيونية في الكيان الصهيوني ، وذكرت وسائل الإعلام أن إعلاميون عراقيون في ضيافة الكيان الصهيوني ، وقبلها انعقاد المؤتمرات الاقتصادية التي شارك فيها الكيان الصهيوني في البحرين وشرم الشيخ ، وزيارات وفود رياضية صهيونية للسعودية وغير ذلك ، والأخطر فقد وصل الاختراق إلى دول المقاومة من خلال بعض وسائل الإعلام الخاصة مثل : بث مسلسل الساحر الذي فيه أغنية للمغنية الإسرائيلية / زهافة كوهين / .
– كما قامت قناة سبورت 24 في تشرين الثاني 2018م، ببث فقرة مطولة لفريق الجمباز الصهيوني مع ظهور العلم الصهيوني بشكل بارز، وكتابة اسم إسرائيل بالأحرف الكبيرة ، وبث مسلسل أم هارون من قبل الإعلام الخليجي،ومسلسل مخرج 7 ، وغير ذلك من مقابلات للجزيرة والعربية مع شخصيات صهيونية .
– لقد أدان المرشد الأعلى للثورة الإسلامية الإيرانية السيد القائد علي خامنئي أعمال التطبيع بأشكالها المختلفة توشن هجوماً عنيفاً على دويلات الخليج العربي متهماً إياها بخيانة الشعب الفلسطيني ، وارتكاب أكبر خيانة بحق الوطن العربي ، وإيران تحذر من تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني وعدم الثقة بالولايات المتحدة الأمريكية ، وتعتبر قضية فلسطين من أهم القضايا بالنسبة لها .
– لكننا ورغم بؤس الحال اليوم ، فهناك مقاومون ، لم تستطع القوة الماسونية التلمودية استنساخهم ، وتطبيعهم ، وركوبهم ، فاختاروا نهج المقاومة ، نهج الصمود والتحدي ، ويعملون على تعزيز مقومات الصمود من علم ، وتنمية ،وتربية، وثقافة ، ليواجه أعاصير التلمودية الصهيونية وصبيانها وخصيانها ،الذين في غفلة من الزمن تمركزوا على مقاليد السلطة في الأقطار العربية ، وإن الشعب العربي لا بد وأن ينهض من كبوته ، وعندها سيرمى هؤلاء في المزابل وتدوسهم أرجل الشعب .. وما يدعونا للتفاؤل أن محور المقاومة يزداد صموداً ، فلقد تألّمت أميركا من صراعها مع إيران .
– كما تألّمت أشدّ الألم وهي تواجه سورية بصمود جيشها وشعبها ، صموداً لم يكن متوقّعاً ، وهو ما اعترف به اليوم الغرب كله ، من أجهزة المخابرات إلى مراكز البحث والدراسات ، لأن في هاتين الدولتين لم تستطع القوى الماسونية تحقيق حلمها باستنساخ قادة البلد، ولا تحقيق الاختراق المطلوب بين صفوف الشعب ، وإن حدثت بعض الاختراقات .
– لكن الأمور تسير باتجاه الانتصار والعودة للوضع الطبيعي فعلى قوى المقاومة ، وأحرار العالم دعم خيار الصمود السوري – الإيراني لمواجهة كل ضباع ووحوش الأرض .
– إننا واثقون أن شعبنا في كل أرجاء الوطن العربي سينهض ويسقط عن أكتافه هؤلاء الدخلاء المستلبون ،ويسلم الراية للمقاومين الشرفاء الذين يضعون الأمة في مكانها الصحيح بين الأمم ، ويعيدون الحقوق لأصحابها ،عندها لن يكون بيننا مستنسخ أو مسخ ، بل للذين ضحوا وصمدوا وتمسكوا بسيادة وكرامة أمتهم وشعبهم ، وسيبقى الأمل بالنصر سلاحنا ، ولن يعرف اليأس طريقه لقلوبنا ، وستظل المقاومة رايتنا ، وإننا منتصرون ، لأننا نملك الشعب الواسع والحق الساطع .