#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية
– في 24 ماي 2017 نشرت صحيفة نيويورك تايمز خريطة سياسية للجزيرة العربية والوطن العربي وعنونت مقالها : “ تقسيم السعودية آت لا محالة ”.. ومع انسحاب ترمب من المشهد تم تأجل الهجوم على السعودية سنوات صعبة مقابل مئات مليارات الدولارات هاهو البيت الأبيض يستقبل خصوم المملكة الذين يطوقون الحبل على عنقها في ملفات عدة تمهيدا لاستكمال برنامجهم في المنطقة العربية بعد أن بعثروا بلاد الرافدين والشام ومزقوا ليبيا وتونس وقسموا السودان.. وكان تقسيم الجزيرة الخطوة المؤجلة.. يصاب بعضنا بنزعة انتقامية فيرد : فلتتجرع المملكة من كأس قدمته لدول عربية عديدة ..!!
– العلاقة بالديمقراطيين :
– بعضنا يتساءل ماذا تستفيد الأمة من بترول المملكة ..؟
– ألم يكن طيلة عمرها سلاحاً بيدها تدمر الدول والمشاريع النهضوية في الأمة ..؟
– ألم تسقط مشروع عبدالناصر وتخنق ثورة إيران وتدمر قوة العراق وتبعثر اليمن وتشق السودان ..؟
– ألم يتم بعثرته في حروب أمريكا في كل مكان في الاتحاد السوفيتي وفي آسيا وأمريكا اللاتينية وإفريقيا ..؟
– هذا صحيح وملفاته ممتلئة بوقائع في غاية السوء .. ولكن المسئولية تقتضي موقفا مغايراً تماماً لدوافع الانتقام والتشفي .
– تقتضي المسئولية أن نتخذ موقفا بناء على إدراكنا الخطورة القادمة على الأمة كلها وعلى أرض الجزيرة وشعبها فمهما ارتكبت المملكة فإن البديل أسوأ بكثير، فتقسيمها يعني أن تصبح الحجاز فاتيكان جديد يتم تدويله والله وحده يعلم من سيشرف عليه ..!!
– وهذا ما أشار إليه مركز دراسات الخليج بواشنطن حيث خلص الى “ أن العلاقات الأمريكية السعودية تواجه أزمة غير مسبوقة فعلى الرغم من أن كثير من الأسباب تدعو إلى القول بمتانة العلاقة إلا انه لم سبق لها ان تكون بحاجة لإصلاح الثقة كما هي عليه الآن ” لاسيما في أعقاب أزمة ارتفاع ضخ البترول قبل عدة أشهر بعد أن فتحت ملفات عديدة في المحاكم الأمريكية تطال قيادات في المملكة تتعلق بحقوق الإنسان وعلى رأسها قضية خاشقجي والتورط في عمليات الحادي عشر من سبتمبر والاعتقالات السياسية وكبت حريات التعبير .
– ومن المؤكد أن هذه العناوين لا تشير الى طبيعة النظام الأمريكي أو سعيه إلى العدالة إنما هي عناوين لتعبئة دعائية ضخمة وتهيئة ظروف ومناخات تستدعي القلاقل والاضطرابات الممهدة لتدخل دولي.. يعني إننا أمام نشوء دول طائفية وقبلية متناحرة فاشلة عاجزة مستأجرة للأجانب، منها دولة مكة ودولة المدينة ستسهم كل دولة فيها مسلمون على ادارتها وتلتقي هذه الأفكار مع دعوات لعض المسلمين الذين ضاقوا ذرعا بتصرفات حكومة المملكة .
– فالأمريكان لا يعترفون للأخر بمقدس أو تراث فلقد سبق للرئيس الأمريكي أن عرض على ياسر عرفات في كامبديفد تحويل المسجد الأقصى إلى مشروع سياحي عملاق يدرّ أموالا ضخمة على الفلسطينيين واليهود .
– مواجهة حاسمة، تفرضها علينا نتائج الانتخابات الأمريكية.. صحيح أن مرحلة ترمب أجلت الى تقدم الخطة الأمريكية بإسقاط السعودية وكان الديمقراطيون قد ساروا في ذلك خطوات منها إغراؤهم بدخول حرب غبية مجنونة في اليمن .
– ولقد أوقف مجيء ترمب الخطة مرحلياً ودفع له السعوديون بسخاء لمساعدته في تسديد عجز الخزينة وتوفير فرص العمل وكان ذلك بمثابة انتصار كبير لطالما تباهى به منتقداً أسلافه من الحكام الذين لم يعرفوا كيف يديرون علاقات أمريكا بالعالم ..؟
– فهل تعود الحركية من جديد لتنفيذ الخطة الاستعمارية حسب مخطط برنارد لويس الذي نفذت حلقات أساسية منه ..؟
– فالرئيس الجديد صهيوني ونائبته صهيونية ، ولقد سبق له أن أعلن عن جملة مواقفه تجاه المملكة السعودية في عدة مواقفها فما هو موقفه تجاه الجزيرة العربية، وشمال إفريقيا؟ وقبل الإجابة نستحضر مآلات الاقتصادات الرأسمالية وعلى رأسها اقتصاد الولايات المتحدة فهل تدفع انتكاساتها الرهيبة إلى تسريع خطوات تنفيذ المخطط المعد؟ من جديد لابد من الانتباه إلى أن المسألة لا تحتكم إلى الأخلاق إنما المصالح المالية الضخمة.. فلئن نجح كورونا في التأكيد على وحدة المصير الإنساني والترابط الإنساني إلا أن قوى المال المتحكمة بالاقتصاد العالمي لن ترتقي إلى القيم التي اهتدت إليها البشرية في محنة كورونا المؤلمة ، فبمجرد سكون العاصفة ستنطلق موجات الاستغلال المجنونة.. ولأن بلادنا العربية وفي مقدمتها المملكة السعودية هي الجسم الرخو ستكون المغري لكل الوحوش الضارية .
– مشروع برناردلويس :
– سنحتاج دوما تكرار الحديث عن حقيقة المشروع الأمريكي الذي يتم تنفيذه أنه مشروع برنارد لويس الأمريكي هو عملية تطوير لمشروع سايكس بيكو الأوروبي سنة 1916 وهو قائم على فلسفة “فرق تسد”.. فمن هو برنارد لويس؟ هو مستشرق ومؤرخ أمريكي الجنسية بريطاني الأصل، يهودي الديانة، صهيوني الانتماء وافق الكونجرس الأمريكي بالإجماع وفي جلسة سرية عام 1983م على مشروعه، وتمَّ تقنينه واعتماده، ونقل إلى البنتاغون ليكون أساس الملفات السياسة الأمريكية الإستراتيجية التي يتم تنفيذها وبدقة وإصرار شديدين لتقسيم دول الوطن العربي والعالم الإسلاميالـ56، وهو الذي ابتدع مبررات غزو العراق وأفغانستان تحت شعار الاحتواء المزدوج .. بالنسبة للمشرق العربي تم الحديث بوضوح عن تقسيمه إلى أكثر من ثلاثين دويلة إثنية ومذهبية تحت شعار شرق أوسط جديد كما صرحت كندليزارايس وزيرة الخارجية الأمريكية خلال العدوان الصهيوني على لبنان 2006 ، والتي جعلت من شعار “الفوضى الخلاقة” برنامجا ممنهجا للوصول إلى تلك الغاية .
– يكشف مايكلهايدن – مدير الـ”سي أي آيه”سابقا خلفيات الرؤية الأمريكية للمنطقة فيقول في مقابلة مع صحيفة لوفيغارو مؤخراً : إن اتّفاقيات سايكس بيكو الّتي وضعت حدود الدول العربية على الخارطة بمبادرة من القوى الأوروبية في عام 1916 لم تعكس قطّ الوقائع على الأرض .
– إنّ المنطقة ستبقى في حالة عدم استقرار في السنوات العشرين القادمة .
– لقد كان لأهمية العراق الإستراتيجية بقوته المالية وبموقعه الإستراتيجي السبب الرئيس في جعله على رأس أجندة المشروع الأمريكي، فجدير بالتذكير أن مجلس الشيوخ الأمريكي صوّت كشرط انسحاب القوات الأمريكية من العراق في 29/9/2007 على تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات .
– أما بلاد الشام فهي حلقة أساسية كونها المستهدفة من إنشاء الكيان الصهيوني في القلب منها ،فلقد تعرضت لعملية ضخمة لتدميرها بعد تجزئتها على أربع دول كانت سورية هي الأكبر وهاهي تتعرض الى عملية إخراجها من دورها بعد ان عجزوا عن إخراجها من الخريطة السياسية وقد أصبحت الدولة رهينة للإرادة الدولية ممثلة بالوجود الروسي والتنازع الإقليمي الإيراني التركي والتدخل الأمريكي المباشر.
– يبدو أن المخطط بعد إنجازاته في أكثر من موقع في المنطقة سيتفرغ للمرحلة القادمة نحو الجزيرة العربية، والتصعيد اللفظي من قبل الكونجرس ومجلس الشيوخ ومنظمات أمريكية بل والرئيس الأمريكي القادم توحي بالخطوات القادمة، فلقد وصل الأمر إلى اللحظة الحرجة.
– الجزيرة العربية :
– هي القلب الروحي للعرب والمسلمين بما فيها من أماكن مقدسة وكون الرسالة المحمدية قد انطلقت من أعماقها، وهذه مكانة عظيمة تحلت بها المملكة لدى الشعوب الإسلامية عقودا طويلة، بالإضافة إلى ذلك فهي قوة مالية ضخمة تصلح لتأسيس قاعدة اقتصادية حقيقية، ولذا كان المخطط بإزاحتها من الخريطة السياسية بتقسيمها إلى عدة دول، يتم إلغاء الكويت وقطر والبحرين وسلطنة عمان واليمن والإمارات العربية من الخارطة، ومحو وجودها الدستوري بحيث تتضمن شبه الجزيرة والخليج 4 دويلات فقط بحسب الخريطة التي نشرتها مجلة القوات المسلحة الأمريكية عام 2006؛ بعنوان “الحدود الدامية”:1- دويلة الإحساء الشيعية: وتضم الكويت والإمارات وقطر وعمان والبحرين 2- دويلة نجد السنية.3- دويلة الحجاز السنية.. و4- دويلة للاماكن المقدسة تدار منفصلة كما الفاتيكان..وقد نشرت نيويورك تايمز في عددها ٢٤ مايو ٢٠١٧ خريطة للمنطقة وعنونت مقالها: تقسيم السعودية آت لا محالة!
– وهو عين ما يتم ممارسته من قبل الإدارة الأمريكية تجاه المملكة السعودية بعد أن ورطوها في حرب اليمن واستنزفوا ثرواتها في صفقات سلاح واللعب بأسعار النفط.. وفي النهاية يدرجونها على قائمة المتابعات القضائية التي تعني مباشرة إنهاكها اقتصاديا تهيئة لإسقاطها دستوريا وسياسيا.. وقد فتحوا ملفات عديدة لابتزازها بدءا بقضية البرجين وتخويفها من إيران ووصولا إلى ازدياد وتيرة ضخ النفط و ملفات حقوق الإنسان التلويح بالعقوبات المتعددة.
– بدأ المخطط الصهيو-أمريكي لتدمير الدولة السعودية واقتضى الأمر توريط المملكة في حرب اليمن، فبعد خمس سنوات من اندلاعها تغيّرت أهداف السعودية رأسًا على عقب،فبعد أن كان الهدف المعلن: إعادة الشرعية في اليمن، والقضاء على التمرد الحوثي، وقطع يد إيران من المنطقة، أصبح: 1- الدّفاع عن النّفس.2- منع الحوثيين من الاستيلاء على أراضِ سعوديّة .3- تأمين المصالح الإستراتيجية الحيويّة مِثل المطارات المدنيّة والعسكريّة، ومصافي النفط ومحطّات الماء والكهرباء والمُدن الرئيسيّة من هجمات الصواريخ الحوثية.. في ظل تناقض واضح بين الحليفين السعودي والإماراتي في إدارة الحرب حسب تضارب مصالحهما،
– وهنا لابد من الإشارة إلى كيفية إنجاز مهمة تدمير المملكة السعودية حيث يعمد إلى تفعيل عناصر ضعف المملكة .
1- النخبة التي تم إبتعاثها الى الجامعات الأمريكية وتحصى بمئات الآلاف وقد تعرض معظمها الى عمليات غسيل دماغ وربط بمؤسسات تغريبية وأمنية أمريكية وصهيونية وهي تتقدم الآن في دواليب الحكم والإعلام والثقافة وتقوم بعملية انقلاب قيمي وأخلاقي في المجتمع السعودي لقطع صلته بالعرب والمسلمين وشطب دور بلاد الحرمين الاستراتيجي في توحيد صفوف المسلمين.
2 – الرابطة الأسرية داخل العائلة المالكة والتي كان لتماسكها خلال عشرات السنين الدور الفاعل في حماية استقرار المملكة، وها نحن نتابع التناحر المتصاعد داخل الأسرة المالكة .
3 – علاقة الحكم بالمؤسسة الدينية الوهابية والتيارات الإسلامية المعتدلة والتي كانت دعامة قوية لنظام الحكم وأداة نشطة له على مستوى العالم الإسلامي بل ولتنفيذ خططه العسكرية في أكثر من بلد .
4 – الثروة المالية التي عمل الأمريكان والصهاينة على تبديدها وصل إلى حد العجز المالي وسحب المدخرات والتهديد بسقوط الاقتصاد خلال سنوات قليلة، فقد استنزفت الخزينة حرب اليمن والتدخلات بالإنفاق الرهيب في المنطقة للتصدي لأنظمة حكم معينة كما حصل في مصر وسورية وليبيا.. وكذلك تكديس السلاح بمئات مليارات الدولارات.. وهكذا يتم توجيه الضربات بتواز مع الحلقات الثلاث لتحويلها إلى دولة كسيحة عاجزة عن حماية أطرافها مما يبعث داخلها النعرات الطائفية والجهوية .. تمهيداً لمخطط التقسيم المعلن، وهذا ما يفسر ارتفاع وتيرة النقد واللوم والتحريض داخل مؤسسات أمريكية ضد المملكة السعودية.
– المغرب العربي :
– وهو الجزء المكمل للمشرق العربي في صناعة وحدة إقليمية أساس لأمة إسلامية كبيرة ورافده المادي والمعنوي و الضامن معه لانطلاق مشروع النهضة العربية في حال التكامل البيني، ولقد بدأت الخطة الأمريكية الغربية بليبيا ومنع دول الجوار من إيجاد حل للمعضلة الليبية لأن ليبيا في الأجندة تكون مصدرة أزمات للإقليم الموضوع على الأجندة الأمريكية، وتتحدث الدراسة الأخيرة في مجلة القوات المسلحة الأمريكية ومخطط برنارد لويس عن استثمار الجانب العرقي والإثني لتقسيم بلاد المغرب العربي إلى كيانات تقضى على وحدة الدولة، وفي هذا الإطار تنشط أجهزة غربية وصهيونية لبلورة مشاريع انفصالية تنتظر لحظة مناسبة للتحريك، أما السودان فيشمل تقسيمه أكثر من كيان:واحد في الشمال، وثان في الجنوب،وآخر في الشرق، ورابع في الغرب.
– المواجهة الحتمية :
– هذه أهداف إستراتيجية لا تخفيها الإدارات الأمريكية، وهي معلنة في مراكز الدراسات والأبحاث المنشورة في صحف معتبرة بعضها تابع للجيش الأمريكي.. والمواجهة حاسمة على بوابات مكة وأسوار المسجد النبوي.. ولن يستقر للاستعماريين قرار الا بتحطيم مرجعياتنا جميعا ونقاط ارتكازنا الحضاري المعنوية والمادية ولعلهم يدركون أهمية بلاد الحجاز في مكوننا النفسي والعقائدي.. يغريهم في ذلك سيطرتهم الظاهرة على القدس ومحاولاتهم تهويده وتغيير معالمه فيما لم يقم العرب والمسلمون بما ينبغي من ردة فعل.
– إلا أن مخطط برناردلويس ليس قدراً مقضياً ، ولن تكون الإدارة الأمريكية هي فقط من يقرر مصير حركة التاريخ فلقد سبق وأن هزمت في فيتنام بعد حرب بشعة، كما قد أذلتها المقاومة العراقية وهي بلا أي ظهير وأجبرت جيوشها على الانسحاب .
– ولعل كثيراً من الإشارات اليوم تعني أن فشل المخطط الأمريكي أقرب للحقيقة .
– إلا أن إفشال المشروع الاستعماري الأمريكي في الجزيرة العربية يحتاج تكاثفا عربيا من قبل الدول الوازنة لتجميد خلافاتها مؤقتا على الأقل، والضرب بقوة على يد حكام أبوظبي التي تعبث بالأمة وتحاول طعن المملكة والجزيرة من الخلف حيث ينظر هؤلاء الحكام الى كل عواصمنا العربية التاريخية بنظرات الحقد ويعملون على شطبها لتكون أبوظبي العاصمة العربية المركزية وهم في هذا يتحركون ببواعث عدوانية لإنتماء الأمة الحضاري وقد أنشأوا دينا جديدا وقد فتحوا الإمارات للجاليات المعادة للعرب والمسلمين.. وهذا يعني ضرورة الإسراع في توافق عربي لحل مشكلة ليبيا وسورية واليمن فورا وعلى المملكة الدور الأساس في هذا، والتحرك نحو تعزيز الروابط فيما بينها والتفاهم مع الجار المسلم في تركيا وإيران لعلاقات حسنة بضرورة النأي بالنفس عن مشكلات الداخل العربي .
– وهذا أمر ممكن تماما والله غالب على أمره .