حفتر صوب العاصمة و الإمارات و السعودية تدعوان إلى ضبط النفس في ظل تحركات قطرية

#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية

 

 

– التقدُّم نحو طرابلس، الذي يقوده الجنرال حفتر، جزء من إعادة إحياء التوترات العسكرية التي بدت حتمية مع قرب انعقاد المؤتمر الوطني الذي دعت إليه الأمم المتحدة بإشراف مبعوثها غسان سلامة، لكنها خطوة تبدو خطرة تعيد إلى الأذهان مناخات الثورة الليبية التي انطلقت من طرابس في عام 2011 بدعم من قِبَل حلف شمال الأطلسي، وأسفرت في نهايتها عن اغتيال الرئيس السابق معمر القذافي؛ ما يعني حسب صحيفة “corriere della sera” الإيطالية، التي تصدر من ميلان، أن السياسة والمواجهات العسكرية في ليبيا تسيران غالبًا جنبًا إلى جنب؛ فما يحدث اليوم ليس إلا جزءًا من سيناريو متكرر؛ حيث صوت المدافع الرشاشة وقذائف الهاون التي أُطلقت في سبتمبر الماضي في برقة من خليفة حفتر، يعود اليوم في العاصمة كجزء من استعراض العضلات والتصعيد الذي من شأنه إعادة دوائر الاهتمام من المجتمعَين المحلي والدولي.

 

غسان سلامة

 

وحسب التقرير، فإن السبب يبدو في غاية الوضوح؛ حيث تترافق الحملة مع تحضير غسان سلامة، مبعوث الأمم المتحدة، مؤتمرًا في غرب ليبيا يومَي 14 و16 أبريل الجاري، ويرغب حفتر في الوصول إلى قاعة المؤتمر ممثلًا لصورة المنتصر ضد تحالف الميليشيات المعادية له، والتي تعاني انقسامات داخلية حادة، وخسائر كبيرة في صفوف مقاتليها؛ لا سيما في مصراتة المدينة التي شكَّلت أكثر المناطق ثورةً على نظام القذافي، واليوم تعيش تصدعات عميقة لصالح حفتر.

ووَفقًا للتقرير، فإن سجلات المعارك التي تجري الآن على الساحة الليبية بالقرب من العاصمة، لا تعكس طبيعة المعارك العسكرية الضارية؛ بل هي أقرب إلى المناوشات واسعة النطاق، تتخللها حروب عصابات محدودة بين قوات الجيش وميليشيات مسلحة -مدعومة من قطر وتركيا- حتى إن تلك الاشتباكات لم تُخَلِّف إلا قتيلًا واحدًا بشكل مؤكد، وآخر يتم الحديث عنه، إضافة إلى عشرات الجرحى.

 

 

 

في شهر سبتمبر، أظهر حفتر نجاحًا كبيرًا في استمالة القبائل التي كانت تُدين بالولاء للقذافي؛ إضافة إلى تعاونه من البربر. واليوم يقترب الجنرال؛ بفضل الانشقاقات، من العاصمة طرابس، حيث تقيم قواعده العسكرية على بُعد 20 كيلومترًا فقط من الضواحي الشرقية للعاصمة.

هذا بالإضافة إلى أن قرار فايز سراج، رئيس حكومة الوحدة الوطنية، بالتعامل المباشر مع حفتر قد أسهم في جعل أنصاره يتحالفون مع مصراتة؛ حيث سيسعون إلى الإطاحة به على الفور متى أدركوا وجود اتفاقيات غير معلنة مع الجنرال الذي يعادونه.

ويأتي هذا التصعيد بالتزامن مع وصول الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى ليبيا، في إطار زيارة تهدف إلى عقد هدنة بين الأطراف المتنازعة في البلاد.

 

ومن الواضح أن الجيش الوطني يضع طرابلس نصب عينَيه، وحسب ما أعلنته “BBC“؛ فإن المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي، أحمد المسماري، أعلن أنهم وصلوا إلى بلدة غريان الواقعة على بُعد 50 ميلًا (نحو 80 كيلومترًا) جنوب العاصمة طرابلس، وأن قواته سيطرت بالكامل على غريان. ومن المعروف أن بلدة غريان متحالفة مع حكومة طرابلس رغم تمركز بعض مؤيدي حفتر هناك أيضًا.

وأشار المسماري إلى أن قوات الجيش الوطني الليبي اشتبكت مع جماعات مسلحة جنوب طرابلس؛ إذ إن “عددًا كبيرًا” من المقاتلين الموالين لهذه الجماعات الإرهابية المسلحة موجود في مناطق مجاورة للعاصمة طرابلس، وعلى وجه الخصوص مدينة مصراتة التي تعتبر معروفة بإيوائها عناصر من جماعة الإخوان المسلمين، وتحظى بدعم تركي وقطري كبيرَين، وكان قد اتهمهما حفتر في وقت لاحق بتأييد الإرهاب في ليبيا والتدخل في شؤونها؛ حسب ما ذكره موقع روسيا اليوم “RT”.

 

وأثارت هذه التحركات قلقًا دوليًّا، فحسب ما أعلنته وكالة “رويترز؛  فإن حكومات فرنسا وإيطاليا والإمارات وبريطانيا والولايات المتحدة أبدت، يوم الخميس الماضي، قلقًا بالغًا بشأن القتال حول مدينة غريان الليبية، وحثَّت جميع الأطراف على وقف التصعيد على الفور.

وقالت الحكومات الخمس، في بيان أصدرته وزارة الخارجية الأمريكية في واشنطن: “في هذه اللحظة الحساسة من مرحلة التحوُّل في ليبيا؛ فإن اتخاذ الوضع العسكري والتهديد بعمل أحادي لن يؤدِّيا إلا إلى المجازفة بجر ليبيا نحو الفوضى. نعتقد بقوة أنه لا حل عسكريًّا للصراع في ليبيا”. كما دعت المملكة العربية السعودية أيضًا جميع الأطراف إلى ضبط النفس والتهدئة.

ويتنازع على السلطة حاليًّا طرفان أساسيان؛ هما: حكومة الوفاق الوطني بقيادة رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج، والثاني الحكومة الموازية العاملة في شرق ليبيا التي يدعمها مجلس النواب في مدينة طبرق والجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر.

 

ويُعتقد أن هذه التطورات تعود إلى تباطؤ الأمم المتحدة والدول الغربية في إيجاد حل سلمي بين السراج رئيس الحكومة في طرابلس من ناحية، والمشير حفتر الذي تسيطر قواته على شرق ليبيا وجنوبها من ناحية أخرى. وكان السراج وحفتر قد اجتمعا في أبوظبي، في مارس الماضي؛ لبحث اتفاق لتقاسم السلطة، لكن اللقاء لم يسفر عن نتائج إيجابية، فتم الاتفاق على عقد مؤتمر وطني في شهر أبريل الجاري، في مدينة غدامس جنوب غرب ليبيا؛ لبحث حل سياسي والاتفاق على خارطة طريق، تمهيدًا لإجراء الانتخابات في البلاد وتجنُّب مواجهة عسكرية، ووضع حد لعدم الاستقرار في ليبيا.

فهل اعتبر حفتر أن ما يحدث نوع من المماطلة؛ فلجأ إلى حل النزاع بقوة السلاح وحسم الصراع لصالحه وفرض الاستقرار والأمن على الشعب الليبي؟ أم أنه أراد أن يدخل المفاوضات القادمة وهو في موقف أفضل عسكريًّا وميدانيًّا؟

على كل الأحوال، هي خطوة شديدة الخطورة والحساسية؛ إذ إن ليبيا دولة منتجة للنفط ونقطة تجمع للاجئين والمهاجرين القادمين من منطقة الصحراء الذين يأملون في الوصول إلى أوروبا؛ لهذا فإن استقرارها مطلب دولي وإقليمي، ولا حاجة إلى سقوطها في مزيد من الفوضى.

 

 

وبدوره ناشد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الفصائل الليبية ضبط النفس.

وقال غوتيريش، الذي وصل إلى طرابلس، “الأربعاء” الماضي؛ لدفع محادثات السلام، في تغريدة نشرها موقع “دويتشه فيله” (DW) قبل السيطرة على غريان، إنه قَلِق للغاية من التحركات العسكرية، وحذَّر من خطر المواجهة.

الساعات القادمة ستحدد مصير ليبيا؛ إما أن يتمكن حفتر من حسم الصراع لصالحه بقوة السلاح وإما تتدخل قوى أجنبية وإقليمية؛ لإبقاء الوضع على ما هو عليه.