الغوطة واستراتيجيات النهايات .. إيران اليوم : مي أحمد شهابي

الغوطة واستراتيجيات النهايات ..

وكالة إيران اليوم الإخبارية : مي أحمد شهابي

إن الانهيار الشامل الذي شهدته جبهات المسلحين في الغوطة لم يكن بالحدث العادي الذي شهدته وتشهده جبهات القتال على مدى السنوات السبع من الحرب الكونية الطاحنة التي شهدتها سورية، لا بل إن النجاح في القضاء على داعش، لم يكن بأهمية تحرير الغوطة، نظراً للآثار الاستراتيجية التي بدأت مباشرة تترتب على هذا الحدث والانتصار. ذلك أن الغوطة التي تحاذي العاصمة دمشق من كل أطرافها والتي يتمركز فيها حشد ضخم من المسلحين يزيدون على 20 ألفاً وفق أقل التقديرات، ويمتلكون أسلحة متنوعة ومتقدمة، إضافة إلى شبكات من الأنفاق لم نشهد لها مثيلاً متداخلة ولا يعرف لها بداية من نهاية، مهمتها وصل نقاط المسلحين ببعضها في كل الغوطة الشرقية، فقام الجيش العربي السوري بشق أنفاق مضادة لها وكسر شوكة المسلحين بطريقتهم وقطع كل الطرق عليهم . لأنه كان معروفا لدى الجميع أن المجموعات الإرهابية باتت تقاتل الجيش العربي السوري تحت الأرض.
وفي نفس السياق تحدث مصدر عسكري عن إلقاء القبض على مجموعة من النساء يحملن أحزمة ناسفة وبعضهن يضعنها بين الأمتعة.. وفي تتابع الأحداث الجارية تم القبض على ٣٠ رجلاً يحملون الأحزمة الناسفة منذ بداية خروج الأهالي. كما أن الأطفال لم ينجوا من محاولات عبثهم وجبروت ظلمهم ففخخوا طفلاً بـ ٥ كغ وذلك بغية ضرب مصداقية الدولة السورية وضرب نواياها اتجاه المدنيين في عملية التسوية لهم. وكونها تشكل تهديداً استراتيجياً للعاصمة دمشق، والتي عانت الأمرين نتيجة اعتداءاتهم على صفوف المدنيين.
أما فيما يخص المماطلة من جيش الإسلام الإرهابي، وتأخير خروج الإرهابيين من دوما، فقد عادوا ليعمدوا لإطلاق وابل من القذائف باتجاه الأحياء السكنية في دمشق مما استدعى تدخلاً مباشراً لسلاح الجو العربي السوري للرد على مصادر إطلاق قذائف الحقد ونار كرههم.مما أغلق المنافذ على الإرهابيين
قام الجيش السوري باقتحام تحصينات جيش الإسلام الإرهابي في دوما من عدة محاور. فما كان من مسلحي دوما إلا أن قاموا بزراعة الألغام لإعاقة تقدم الجيش. و لكن وحدات الهندسة قامت بتفكيك هذه الألغام وتدميرها ومتابعة التقدم. و لا يمكن أن ننسى الأهالي الشرفاء المتواجدين داخل مدينة دوما الذين تواصلوا مع الجيش العربي السوري و قاموا بإعطاء معلومات عن إحداثيات المسلحين وتموضع راجمات صواريخهم وقاذفات الهاون التي يقصفون بها مدينة دمشق وأحياءها السكنية.
وجرى التأكيد أن مسلحي (جيش الإسلام) يقومون بنقل مقراتهم باتجاه المشفى الوطني في دوما إضافة إلى قيامهم بنقل عدد من المخطوفين في سجن التوبة إلى هناك، وفسّرت المصادر هذا الأمر بأن عناصر (جيش الإسلام) الإرهابي يريدون بذلك اتخاذ المدنيين كدروع بشرية كي لا يتعرض لهم الجيش السوري بالنيران القتالية. فما زاد ذلك إلا إصراراً وعزيمة لأبطال الجيش العربي السوري وقواه الرديفة لتحرير المختطفين والرهائن في سجن التوبة والمدنيين في مدينة دوما الذين لم يسلموا من حقدهم وطغيانهم.
وفي لحظات إعداد هذا التقرير استجدى إرهابيو جيش الإسلام مفاوضات مع الدولة السورية مع وقف لإطلاق النار, فوافقت الدولة فقط حقناً للدماء السورية رغم معرفتها المسبقة بعدم قدرتهم على الالتزام بوعودهم، إلا أن الشروط الأساسية من جهة الدولة السورية هي تسليم المخطوفين المتواجدين بداخل سجن التوبة وقوائمهم، وجثامين الشهداء، ومن ثم وقف استهداف دمشق ومحيطها. ومن ثم يلي ذلك الشروط المعتادة من تسليم السلاح الثقيل والخفيف، وتسوية أوضاعهم، ونقلهم إلى جرابلس. وما كان من هذه الجماعات المسلحة الإرهابية إلا أن رضخوا لإرادة القيادة السياسية السورية وقوة الجيش العربي السوري وقواه الرديفة. وبادرت بالخروج بالتوازي مع خروج المدنيين المختطفين وعودتهم إلى أهليهم وذويهم. وإعلان عودة دوما إلى حضن دمشق الياسمين.
إن كل ذلك يدل على استراتيجية هذا الانتصار والذي سرعان ما ستمتد آثاره إلى بقية الجبهات. ونعني بها البلدات الاخيرة «يلدا وببيلا ـ حتى بعد رفع العلم الوطني السوري ـ وبيت سحم والقدم» وصولاً إلى مخيم اليرموك، كل ذلك يدفع إلى تلمس النتائج المستقبلية التي ستترتب على مثل هذا الانتصار وما سيبنى عليه، والنتائج التي بدأ يحدثها و المتمثلة في الانهيار السريع لمعنوياتهم والتي تجاوزت كل التوقعات. وانعكاس هذا كله على بقية الجبهات، التي لازالت بعض هذه الجماعات متمترسة فيها والتي لا يمكن مقارنة حجومها ومواقعها على الإطلاق بموقع ومكانة الغوطة. سواء لجهة الموقع أو عدد السكان ودرجة التسليح والدعم.
كذلك علينا أن لا ننسى أهمية الغوطة على صعيد الأمن الغذائي والمائي للعاصمة. وأعتقد دون مبالغة أن تحرير الغوطة سيترك آثاراً ضخمة على العاصمة وجوارها وسيعيدها واحة للحياة الآمنة، وسيؤدي لإعادة تنشيط الحركة التجارية والعمرانية لأكثر من 10 ملايين من المواطنين. وسيؤدي إلى انفراجات أمنية تعيد دمشق إلى ما كانت عليه قبل الأحداث.
في هذا المجال قال المقدم (محمد خازم) قائد قطاع الغوطة في تصريح مباشر:
إن من شأن هذا النصر تعزيز ورفع الروح المعنوية والقتالية للجيش العربي السوري وتشكيلاته الرديفة، وبما يمكنه من تعزيز الانتصارات وصولاً إلى إنهاء الحالة الشاذة التي لازالت قائمة في بعض المناطق.
والأهم هو في كيفية استثمار هذا الانتصار عسكرياً وسياسياً والحفاظ على قوة الدفع التي ولدها عبر استثمار الزخم المتولد عنها في انتصارات أخرى لاحقة، تدرك القيادة السياسية والعسكرية أولوياتها، والمسارعة للبناء عليها.
وعن هذا الانتصار عبر الدكتور المهندس محمد السعيد (قائد لواء القدس) قائلاً:
من هنا علينا أن نتفهم الهيستيريا التي أصابت بعض أعضاء مجلس الأمن من رعاة الإرهاب حيث وقع تحرير الغوطة عليهم وقع الصاعقة فلم يجدوا ما يردون به على هذه الهزيمة إلا كيل الشتائم والسباب والتلطي وراء مقولة حقوق الإنسان وهي منهم براء كما أن أدواتهم المزروعة في سورية أمطروا دمشق ومحيطها بالقذائف مجدداً، فكان الرد السوري بالمرصاد دولياً وداخلياً.