علي عليه السلام ومعركة أُحُد والعبرة .. بقلم : السيد صادق الموسوي

#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية 

 

 

– تمرّ على الأمة الإسلامية هذه الأيام محنة كبرى حيث تسقط قامة عظيمة بعد أخرى شهيدة ومعركة شديدة الوطأة على عامة المؤمنين، حيث تنهمر القذائف على رؤوس الأبرياء، وتُصبّ القنابل بعشرات الأطنان للقضاء على القادة الأفذاذ والسادة الأبطال، وتتوالى الطائرات الحربية والمسيّرات بإلقاء قذائفها المدمرة لقتل من ندروا أنفسهم لتحرير البلاد والعباد من شر الصهاينة الأوغاد، في وقت تعلقت القلوب بالقادة المخلصين لقضاياهم، وعشق الناس أبطالاً شامخين طلقوا الدنيا الدنية وعسقوا لقاء الله جل جلاله، ولم يأبهوا بالتهديدات التي كانت تحيط بهم في كل آن، ولم يخذروا الأخطار التي كانت تواجههم في كل حين، وتجلى فيهم كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام حيث قال: والله لابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل بثدي أمه، فمن حيث الشهداء، هم قد أدركوا أملهم في الدنيا اذ رفعوا رأس الأمة فخراً واعتزازاً، وفازوا وسعدوا بعد مقتلهم بأنهم أحياء عند ربهم يُرزقون، وذهبوا مسرعين إلى أعلى عليين، وجاوروا جميع الأنبياء والصديقين، وأما من عشقوهم وأحبوهم واتّبعوهم فهم المحزونون ولفقذهم غاضبون، ولهم كل الحق في ذلك لأن في عصرنا قلّ الزعماء المخلصون وندر القادة المجاهدون، وحين يلحق أحدهم بالرفيق الأعلى لا يجدون عنه بديلاً بمستواه، ولمّا يُفتل أحد القامات الشامخة تصيب الأمة ثلمة كبيرة لا يسدّها أحد بسهولة، والأهم من ذلك أن العدو بوصوله إلى كل واحد من أولئك القادة المميزين ويقتلهم فإنه يدّعى نصراً كبيراً ويتكلم بزهو وشماتة، علماً أن في حياة الرسول صلى الله عليه وآله نفسه كان انتصار في بدر وانكسار في أحُد وهزيمة في حُنين حتى أنه نودي إن محمداً قد مات، وانفضّ عامة من حضروا ولم يبق إلى جانب الرسول إلاّ ثلاثة لا غير، وظنّ المشركون أن الإسلام بقتل محمد سينتهي، وأن الرسالة بموت الرسول سيُقضى عليها، لكن الله سبحانه نصر رسوله بعد الابتلاء، وأغز دينه بعد فتنة قاسية، وامتحن المسلمين بالشدائد والمحن ليميز الصادق من الكاذب ويبين الوفيّ من الهارب، وتجلو الأمور للحاضر والغائب، ثم كان الفتح بعد جهاد شديد، ونزل النصر الإلهي بعد شهادة خيرة المسلمين وأفضل الصحابة المخلصين وفي مقدمهم حمزة عم النبي صلى الله عليه وآله.

– إن المعركة الدائرة رحاها منذ عام في فلسطين ولبنان مع أشدّ الناس عداوة للمسلمبن والذين يساندهم بكل أدوات القتل والإبادة من يدّعون أنهم يحامون عن الإنسانية ويدافعون عن المسحوقين، وهذه ليست أول مرة تنجلي فيها حقيقة الغرب الخؤون، وتظهر بكل جلاء كذب المدّعين، ويعاين العالم كله كيف يُقتل الأطفال الرّضّع ولا يهتمون، ويُعتدى على الأعراض ولا يغارون، ويُقضى على الشيوخ ولا ينتفضون، وبكل وقاحة يساندون المجرمين وبكل صراحة يدافعون عن السفاكين، ويأخذون بالأحضان من يفاخرون بالإبادة البشرية، ويصفقون وقوفاً لمن أجرى نهراً من دماء الأبرياء، وملأ الأرض بأجساد الشهداء، حتى ضاقت الأرض فلم يجد الناس مكان يدفنون فيه الضحايا، وكل هذا مشهود لكل ذي عينين، ووسائل الإعلام تُظهر مباشرة ما يرتكبه المجرمون، لكن الأعين هنا عمياء والآذان صمّاء والقلوب التي تلين لأجل هرّة يوماً، والأصوات التي تصدح دفاعاً عن حيوان يىماً، نراها غائبة عن السمع طوال أكثر من عام، ولا ترى أشلاء الأبرياء التي تُقطّعها المدافع والطائرات، ولا تسمع صراخ الأطفال والنساء من بنى الإنسان، وهي تشاهد كيف تسقط الأبنية على رؤوس ساكنيها بقذائف مُهداة من قبل مدّعى حقوق الإنسان لتقضي على أُسَر بكامل أعضائها وهي نائمة في خيام تأمل فيها الأمان.

– إن فقد العظماء في تاريخنا مهما كبروا لا يفتّ عضد السائرين الصادقين في طريق ذات الشوكة، وإن قتل الأعداء لهم لا يُنهي المقاومة، و اغتيال المجرمين لهم لا يخيف المجاهدين، لأن المسيرة التي توّجها الإمام الحسين عليه السلام والذي ضحى في نصف نهار بكل أصحابه وإخوته وبنيه ونفسه ولم يُسلّم للطغاة أمره، ولم يُعط للظالمين يده، وكل السائرين على دربه هكذا يفعلون، وكل المهتدين بهديه على طريقه يسيرون، علماً أن مسيرة الحسين لا تختص بطائفة، ونهجه لا يحدّه مذهب ولا دين، فكل من يعشق الحرية فهو ينهل من معين الحسين، وكل من يبغى الكرامة فهو يمشي تحت راية سيد الشهداء، وكل من يأبى الضيم فهو يسير دون ريب خلف سبط الرسول صلى الله عليه وآله، فكما خلد إسم الحسين عليه السلام رغم أنف الحاقدين، فإن إسم ودرب القادة الأبطال والمجاهدين الشجعان في فلسطين ولبنان سيخلد رغم أنف الصهاينة المجرمين والذين يوالوهم من المسيحيين والمسلمين، وسيتحقق دون أدنى شك وعد الله سبحانه : ( والعاقبة للمتقين ) صدق الله العلي العظيم.

– السيد صادق الموسوي