#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية
– هل يمكن أن تتحوّل حرب الاستنزاف المستمرة منذ نحو عام بين حزب الله والجيش الإسرائيلي إلى حرب شاملة، شبيهة بالحرب التي وقعت بينهما في تموز/يوليو 2006؟
إن هذا السؤال، بات يشغل بال العديد من المحللين والخبراء، وخصوصاً بعد الهجمات الإسرائيلية التي استهدفت، يومي الثلاثاء والأربعاء في 27 و 28 أيلول/سبتمبر الجاري، أجهزة اتصال حزب الله، وأسفرت عن وقوع الآلاف من الشهداء والجرحى، كما استهدفت، يوم الجمعة في 30 من الشهر نفسه، قائدين من أبرز قادته العسكريين ومعهما نحو 13 مقاتلاً من مقاتلي النخبة في الحزب وبضع عشرات من المدنيين، ولجوء الطيران الحربي الإسرائيلي إلى عمليات واسعة بغية تدمير البنى التحتية ومنصات إطلاق الصواريخ التابعة للحزب، ومسارعة حزب الله، في المقابل، إلى الرد على هذه الهجمات بتوسيع مدى عمليات القصف التي يقوم بها للمستوطنات والبلدات الإسرائيلية، بحيث وصلت صواريخه إلى محيط مدينة حيفا، واتهام أمينه العام السيد حسن نصر الله إسرائيل بأنها “تجاوزت كل الخطوط الحمراء”، وتوعده لها بـ “عقاب رهيب”.
مؤشرات على تصعيد لا سابق له
أعلن المجلس الوزاري السياسي والأمني المصغّر يوم الاثنين في 16 أيلول/سبتمبر الجاري عن تعديل أهداف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة لتشمل عودة نحو 60 ألف مدني إسرائيلي تم إجلاؤهم من المنطقة الشمالية بسبب المواجهة مع حزب الله، منذ 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، بينما أعلن وزير الحرب يوآف غالانت، خلال قيامه بزيارة إلى القاعدة العسكرية “رمات دافيد” يوم الأربعاء في 18 من الشهر نفسه، بدء “مرحلة جديدة” في الحرب، وقال: “إن مركز الثقل يتحوّل نحو الشمال، وهذا معناه أننا نقوم بتحويل القوات والموارد والطاقة نحو الشمال، ولم ننسَ المخطوفين، ولا مهماتنا في الجنوب، هذا واجبنا، ونحن نقوم به في الوقت نفسه”، وأضاف: “إنني أقدّر أننا في بداية فترة جديدة من الحرب، وعلينا أن نلائم أنفسنا؛ من المهم للغاية تنفيذ الأمور في هذه المرحلة بتعاون وثيق بين جميع المنظومات، وعلى جميع المستويات”. أما رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي الجنرال هرتسي هليفي، فقد قال: “لدينا قدرات كثيرة لم نستخدمها بعد، ويجري إعداد الخطط للمضيّ بها قدماً”، وقال بيان صادر عن الناطق بلسان الجيش إن هليفي “صادَق على خطط هجومية ودفاعية تتعلق بالجبهة الشمالية خلال تقييم الوضع في مقر قيادة المنطقة العسكرية الشمالية للجيش”[1].
وترافق هذا الخطاب الحربي مع قيام الجيش الإسرائيلي بنقل الفرقة 98، التي تضم آلاف الجنود، بما في ذلك وحدات مشاة مظلية ومدفعية وقوات كوماندوز النخبة، إلى الشمال، علماً بأن هذه الفرقة اضطلعت بدور رئيسي في معارك قطاع غزة، وخصوصاً في مدينة خان يونس الجنوبية، أحد المعاقل الرئيسية لحركة “حماس”.
وأعلن ناطق باسم الجيش أنه تمّ تنظيم سلسلة من التدريبات العسكرية على طول الحدود مع لبنان، وأضاف اللواء أوري غوردين، الذي يترأس القيادة العسكرية الشمالية أن “المهمة واضحة”، والجيش “مصمم على تغيير الواقع الأمني في أقرب وقت ممكن”[2]. ويبدو أن الرأي العام الإسرائيلي يؤيد اتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد حزب الله، إذ بيّن استطلاع للرأي أجراه المعهد الإسرائيلي للديمقراطية في القدس، في أواخر آب/أغسطس الفائت، أن 67% من المستطلعين اليهود يعتقدون أن على إسرائيل أن تصعّد ردها على حزب الله، ومن بين هؤلاء، رأى 46% أن على إسرائيل أن تشن هجوماً واسعاً ضد البنى التحتية في لبنان، بينما رأى 21% منهم أن على إسرائيل تكثيف الرد من خلال ضرب البنية التحتية لحزب الله[3].
الحرب الشاملة ستكون مدمرة للطرفين
أظهرت الهجمات التي استهدفت حزب الله، خلال الأسبوع الفائت، القدرات العسكرية والاستخبارية الفائقة التي يمتلكها الجيش الإسرائيلي، والتي يعتزم استعمالها، في حال اندلاع حرب شاملة، ليس ضد حزب الله وبناه التحتية فحسب، بل ضد دولة لبنان وبناها التحتية ومرافقها، وهو ما صار يدعو إليه العديد من السياسيين والخبراء الإسرائيليين، ومنهم الخبير العسكري والأستاذ المحاضر في أكاديمية الجليل الغربي موشيه إلعاد، الذي قدّر، في مقال في 28 تموز/يوليو الماضي بعنوان: “من أجل تغيير المعادلة في الشمال: وحده الهجوم على لبنان سيردع نصر الله”، أن إسرائيل “تملك الشرعية الكاملة لمهاجمة الدولة اللبنانية”، ويتوجب عليها أن تقوم بـ “تدمير بعض الجسور والطرقات الرئيسية، والمطار والمرفأ، وإحراق خزّانات الوقود، ووقف عمل محطات الطاقة، وشن هجوم سيبراني على شبكة الحواسيب اللبنانية، فكل ذلك ليس عملية معقدة بالنسبة إلى الاستخبارات وسلاح الجو الإسرائيلي، وبهذه الطريقة، ستعود الحياة هناك إلى العصر الحجري”[4].
وفي المقابل، فإن حزب الله عزز قدراته العسكرية كثيراً منذ سنة 2006، بحيث صار يمتلك عشرات الآلاف من الصواريخ المتنوعة، التي يُقال إن بعضها مزود بأنظمة توجيه قادرة على تهديد أهداف حساسة في إسرائيل. كما طوّر الحزب أسطولاً من الطائرات من دون طيار، يمكنه ضرب جميع مناطق إسرائيل، وشل الحياة فيها بصورة شبه تامة. وبحسب بعض الخبراء، فإن الحرب ضد حزب الله ستختلف عن الحرب ضد حركة “حماس”، ليس فقط لأن الحزب يمتلك موارد بشرية أكثر وترسانة أسلحة أحدث، بل لأنه يمتلك كذلك عمقاً استراتيجياً مع تلال جنوب لبنان وجبال لبنان تسمح له بإنشاء شبكة كاملة من البنى التحتية تحت الأرض التي تجعل “أرض حزب الله”، أي جنوب لبنان والضاحية الجنوبية لبيروت وسهل البقاع، أكثر تعقيداً بكثير بالنسبة للجيش الإسرائيلي مما واجهه في قطاع غزة[5].
وإذ تعترف إيلينا عون، الأستاذة والباحثة في جامعة لوفان المتخصصة في صراعات الشرق الأوسط، بأن حزب الله تعرض، في الأسبوع الماضي، إلى “انتكاسة خطيرة”، لكنها لم تكن “معطّلة” له، فهي تقدّر أن الحزب سيبذل كل ما في وسعه لمحاولة الحفاظ على قدراته في مجال الاتصالات، وخصوصاً “أن لديه بالتأكيد وسائل اتصال أخرى، ليس فقط بين الأشخاص، ولكن أيضاً عن طريق البريد التقليدي أو الراديو أو الهواتف المحمولة المشفرة”، لتخلص إلى أن “السؤال الحقيقي هو ما إذا كان حزب الله يريد السقوط في الفخ الذي نصبته له حكومة نتنياهو وجر البلاد إلى مغامرة عسكرية، وهو ما سيمثّل خطراً على لبنان وعلى حزب الله وعلى إسرائيل كذلك، كما أنه سيصرف الانتباه عن الحرب الدائرة في غزة”[6].
إضفاء الطابع الإقليمي على المواجهة
ويتفق ديدييه بيليون، نائب مدير معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس والمسؤول عن برنامج للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مع تحليل إيلينا عون في أن حكومة بنيامين نتنياهو تريد، من خلال عملياتها الأخيرة ضد حزب الله، أن تدفع الحزب إلى “إرتكاب خطأ ما”، يفضي إلى توسيع نطاق الحرب، وتسعى إلى “إضفاء الطابع الإقليمي على الصراع”، بما يضمن لها “استعادة الدعم الكامل من القوى الغربية، وفي المقام الأول من الولايات المتحدة”، ذلك إنه “إذا وقع هجوم عسكري واسع النطاق على دولة إسرائيل، فسيتم إعادة تشكيل الدعم غير المشروط لها على الفور، وهو ما يشكل في النهاية الضمانة الحقيقية لبقاء هذه الحكومة”، ليخلص إلى أن حزب الله يجد نفسه “محاصراً” اليوم: “فإذا بقي من دون ردة فعل على الحدث، فإنه يضعف سمعته بين مقاتليه واللبنانيين وقوى محور المقاومة؛ وإذا رد بقوة، فقد يخرج من الصراع مع إسرائيل منهكاً إلى حد كبير، علاوة على أن لبنان سيدفع ثمناً باهظاً”[7].
ويذهب الباحث عادل بكوان، مدير المركز الفرنسي للأبحاث والدراسات العراقية، في تحليله إلى أبعد من ذلك، مقدّراً أن الهجمات الأخيرة التي استهدفت حزب الله قد تكون مجرد “ذريعة”، وأن الهدف الرئيسي لها “قد يكون إدخال الإيرانيين في هذه الحرب”، وتوجيه رسالة “إلى جميع القوى في الشرق الأوسط مفادها أن إسرائيل متفوقة تكنولوجياً”. ومع أنه يعتقد أن استراتيجية إيران، واستراتيجية حزب الله كذلك، هي “عدم الدخول في حرب شاملة” حالياً[8]، إلا أن هذا الاحتمال يبقى وارداً، وخصوصاً في ضوء تصريحات قادة الجيش الإسرائيلي، من جهة، والتصريحات التي أدلى بها الجنرال حسين سلامي قائد الحرس الثوري الإيراني، في 19 أيلول/سبتمبر الجاري تعقيباً على الهجمات الإسرائيلية على لبنان، والتي ورد فيها أن “الأعمال الإرهابية”، التي ارتكبتها إسرائيل في لبنان، “ناجمة عن اليأس والإخفاقات المتتالية للنظام الصهيوني”، وأنها “ستلقى قريباً رداً ساحقاً من جبهة المقاومة”، من جهة ثانية[9].
من جانبها، سعت إدارة الرئيس جو بايدن، منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة قبل نحو عام، إلى تجنب توسع الصراع إلى مناطق أخرى في الشرق الأدنى، واندلاع مواجهة شاملة بين إسرائيل وحزب الله، وخصوصاً أن هذه المواجهة “يمكن أن تجر إليها حليفي الطرفين أي الولايات المتحدة وإيران”. وبحسب موقع “بوليتيكو”، فإن “المسؤولين الأميركيين يؤكدون منذ وقت طويل أن إسرائيل وحزب الله يريدان تجنب اندلاع الحرب، لكن التوترات تزايدت بعد الهجمات الإسرائيلية المتعاقبة على حزب الله هذا الأسبوع، بحيث وصلت إدارة بايدن إلى قناعة بأنه سيكون من الصعب على الطرفين نزع فتيل المواجهة الشاملة”[10].
وبينما قالت متحدثة باسم البيت الأبيض، يوم الخميس في 19 أيلول/سبتمبر الجاري، إن الرئيس جو بايدن “يعتقد أن الحل الدبلوماسي للنزاع بين إسرائيل وحزب الله ممكن”، أوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، في اليوم نفسه، حقيقة الموقف الأميركي عندما صرّح للصحفيين أن الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله “يمكن أن يضع حداً للهجمات الإرهابية على إسرائيل، وأؤكد لكم أنه إذا فعل ذلك، فإننا سنصر على أن تبقى إسرائيل هادئة”، وأضاف “طالما أن حزب الله يشن هجمات إرهابية عبر حدودها، فإن إسرائيل بالطبع ستتخذ إجراءات عسكرية للدفاع عن نفسها، كما تفعل أي دولة أخرى”[11].
هل تقع الحرب الشاملة؟
كما هو واضح تختلف آراء الخبراء في الرد عن هذا السؤال. فبحسب ديدييه لوروا، الباحث في الأكاديمية العسكرية الملكية البلجيكية، والمتخصص في شؤون حزب الله، فإن الحزب وإسرائيل لديهما في برنامجهما، على المدى الطويل، “حرب شاملة مع الآخر”، ولكن الآن “لا أحد منهما يريد أن يُنظر إليه على أنه البادئ بهذه الحرب الشاملة”، لكنها مسألة وقت إذ “في مرحلة ما، ستقع هذه الحرب، ونحن نتحدث عن حرب مثل تلك التي وقعت في صيف سنة 2006، حرب الـ 33 يوماً؛ نحن لا نعرف ما إذا كانت ستحدث في أسبوع أو في سنة”. وعبّر الباحث البلجيكي عن تقديره بأنه “سيكون من الخطورة بمكان أن يبدأ حزب الله هذه الحرب”، وخصوصاً “أن الوضع الاقتصادي في لبنان كارثي”، ولكن في اليوم الذي ستشعلها إسرائيل “لأن هذا هو الأمر الذي من المحتمل أن يحدث، فعلينا أن نخشى أن تتقدم بعض الحلقات في محور المقاومة الشهير إلى الأمام، وعندها سندخل في أمر أوسع”[12].
وبينما أكد المؤرخ والباحث في النزاعات الدولية ستيفن فاغنر أنه “إذا كان الإسرائيليون يعتزمون حقاً شن حرب عالية الكثافة، لكانوا قد فعلوا ذلك بالفعل مساء الخميس [في 29 أيلول/سبتمبر الجاري] وسط الفوضى، بينما كان نظام مركز اتصالات حزب الله قد تم تدميره للتو”، رأى جوزيف باحوط، مدير معهد عصام فارس للسياسة العامة والشؤون الدولية في الجامعة الأميركية في بيروت، أن بنيامين نتنياهو يحاول كسب الوقت، و”إبقاء التوتر عند مستوى مقبول من أجل الحفاظ على ائتلافه في حالة جيدة، وانتظار الانتخابات الرئاسية الأمريكية في أوائل تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، ثم اتخاذ قرار بشأن ما إذا كان سيتم توسيع هذه الحرب إلى المنطقة، مع خطر مواجهة إيران، أو تغيير المسار إذا كانت السياسة الأميركية أقل تأييدا له”[13].
أما لازار بيرمان، مراسل صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” فأشار، في مقال نشره في 19 أيلول/ سبتمبر الجاري، إلى أن لدى إسرائيل “عدة خيارات عندما يتعلق الأمر بحملة عسكرية في لبنان، إذ يمكنها أن تشن هجوماً جوياً، إما ضد الدولة اللبنانية أو استهداف حزب الله وحده، بحيث تكون مهاجمة البنية التحتية للدولة اللبنانية استمراراً للنهج الذي اتبعته إسرائيل تقليدياً تجاه أعدائها من غير الدول، وهو نهج يقوم على الضغط على الجهات الفاعلة في الدولة لإجبارها على السيطرة على الجماعات الإرهابية داخل حدودها”، لكن هذا النهج يفترض “أن الدولة اللبنانية – الضعيفة حالياً – ستتخذ إجراءات ملموسة لاحتواء حزب الله، أو أن الانتقادات العلنية ستجبر الحزب على قبول وقف إطلاق النار، وهي توقعات لم تتحقق في الماضي، وليس من المرجح أن تتحقق اليوم”.
ومن جهة ثانية، كان في إمكان إسرائيل “أن تتبنى النهج المتبع في غزة في شمال البلاد، فتغمر لبنان بقوات برية ثم تطرد حزب الله ببطء من القرى والأنفاق بينما تبحث عن مخزونات أسلحته، لكن الجيش الإسرائيلي لم ينجز المهمة ضد حماس – العدو الأقل قوة بكثير، فضلاً عن أن عودة القوات الإسرائيلية إلى جنوب لبنان، وهي عودة قد تستمر لأشهر – أو حتى لسنوات – ستعطي المقاتلين على الجانب الآخر الفرصة لاستنزاف الجيش التقليدي حتى لا يكون أمامه بديل سوى الفرار”، بينما الخيار الأخير هو “التوغل البري المحدود، لخلق نوع من المنطقة العازلة في جنوب لبنان”، بحيث يكون هذا الخيار “بمثابة ورقة مساومة لإجبار حزب الله على قبول حل دبلوماسي؛ ومع ذلك، لم تثبت المناطق العازلة فاعليتها بصورة خاصة بالنسبة لإسرائيل”.
وينقل المراسل نفسه عن تال توفي، المتخصص في التاريخ العسكري في جامعة بار إيلان: “كانت هناك منطقة عازلة ناتجة عن عملية الليطاني سنة 1978، وكانت موجودة حتى سنة 1982، لكن ظلت هناك عمليات تسلل من لبنان إلى إسرائيل، وكان الإرهابيون يطلقون المزيد من الصواريخ من مسافة أبعد”، وتابع قائلاً: “إذا أنشأ الجيش الإسرائيلي منطقة أمنية على بعد خمسة كيلومترات مثلاً، فإن حزب الله سيزيد من إطلاقه الصواريخ قصيرة المدى، وربما ينبغي على إسرائيل أن تستمر في توسيع المنطقة العازلة المحدودة إلى أن تستعيد إسرائيل كامل محيط المنطقة الأمنية التي تركتها في سنة 2000، وإن أي عملية لا تلحق ضرراً جسيماً بحزب الله ولا تجبره على إعادة الانتشار بعيداً عن الحدود، ربما تنتهي باتفاق جديد لوقف إطلاق النار”. كما ينقل عن المحلل العسكري والجنرال السابق في الجيش الإسرائيلي عيران أورتال قوله: “لا يوجد خيار واقعي لتحقيق نصر حاسم ضد حزب الله في أيلول/سبتمبر 2024″، بحيث يصبح “من مصلحة إسرائيل الانتظار قدر ما تستطيع، والاستمرار في تطوير قدراتها، إلى أن تصبح الدولة في وضع يمكنها من شن حرب حاسمة”، ذلك إننا “إذا دخلنا لبنان الآن، فسنضطر إلى القيام بذلك مرة أخرى بعد بضع سنوات، ومن الأفضل ألا نفعل ذلك مرتين”[14].
وهكذا، يبدو أن مأزق حكومة الحرب الإسرائيلية في شمال البلاد يزداد صعوبة بسبب عجزها عن اختيار الخيار المناسب في مواجهتها حزب الله، وخصوصاً أنها، وبعد نحو عام من الحرب التدميرية التي تشنها على قطاع غزة، لم تجد طريقة لإعلان نهاية الحرب في القطاع الفلسطيني-سواء من خلال اتفاق لوقف إطلاق النار، ما زال متعثراً بسبب الشروط التي تضعها هذه الحكومة، أو من خلال “انتصار” في ساحة المعركة، ما زال بعيد المنال بسبب استمرار المقاومة رغم النكبة التي لحقت بالشعب الفلسطيني.
* باحث ومؤرخ – مؤسسة الدراسات الفلسطينية – بيروت.