سر التلاحم الأمريكي ” الإسرائيلي ” بقلم : السيد صادق الموسوي

#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية

 

 

 

– كثيرون يتساءلون هذه الأيام عن سبب الدعم اللامحدود من جانب الولايات المتحدة الأمريكيه على الخصوص للكيان الصهيوني سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وأمنياً، بل واستعمال حق النفض الفيتو في مجلس الأمن بصورة دائمة للحؤول دون صدور أي قرار أممي يدين ممارسات الكيان الوحشية، بل وتهديد المؤسسات الإقليمية والدولية بالعقوبات المشددة وتهديد مسؤوليها بالقتل في حال أصدرت أية إدانة لتصرف أو أرادت معاقبة أي مسؤول صهيوني.

لقد كانت الولايات المتحدة الأمريكية حتى الأمس القريب ترى نفسها الميزان لحقوق الإنسان، ومثال الديقراطية الحقيقية، ومركز حرية التعبير في العالم كله، لكن الذي رآه العالم أجمع بناظريه كشف زيف كل تلك الإدعاءات وانفضحت الحقيقة التي صرف الغرب طوال عقود مئات مليارات الدولارات والجنيهات واليوروات لإقناع العقول بما تبثّه وسائل الإعلام التابعة لدولها وتسويق الأكاذيب لدى البسطاء الذين لم يقرأوا التاريخ أو لا يريدون قراءته لكي لا يعرفوا شيئاً عن ماضي الأمم الغابرة ولا يستفيدوا من تجارب الماضي البعيد والقريب، وذلك بسبب عمليات غسل الأدمغة التي قامت بها الجامعات الغربية للنخب المثقفة والكلمات الخداعة التي يستعملها المسؤولون في الولايات المتحدة وعموم الدول الغربية والمدعية احترام الإنسان رغم الإختلاف في الدين والعقيدة والثقافة والقيم حتى بلغ الأمر بهم إلى حد إصدار تشريعات لصالح المثليين بحجة حرية الإنسان في اختيار طريقة عيشه، لكن هؤلاء المدعين أنفسهم لا يقبلون أن تكون المرأة المسلمة حرة في اختيار لباسها، بل تُصدر الدول الغربية كل يوم القوانين والقرارات التي تمنع المسلمين نساءً ورجالاً من ممارسة شعائرهم الدينية والإلتزام بتعاليمهم الإسلامية.

إن مراجعة تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية وأيضاً تاريخ بريطانيا وفرنسا وغيرها من الدول المستعمرة تُظهر بوضوح تجانساً واضحاً في سلوك تلك الدول أثناء احتلالها لبلاد الآخرين مع سلوك الصهاينة منذ تأسيس كيانهم في فلسطين العزيزة حتى يومنا هذا، حيث البريطانيون تاريخياً ارتكبوا أفظع الجرائم بحق شعوب البلاد الأصليين التي احتلوها، والفرنسيون ارتكبوا أفضع المجازر الوحشية في الجزائر آثناء احتلالهم للبلاد وذلك من باب المثال، أما الأمريكيون الذين أعلنوا الإستقلال عن بريطانيا العام  ١٧٧٦ ميلادية فإنهم أنفسهم مارسوا أفضع الأعمال وعملوا على الإبادة الجماعية بحق أصحاب البلاد وارتكبوا آبشع الجرائم بحق السكان الأصليين حتى استطاعوا تأسيس كيانهم على جماجمهم بعد أن نكثوا بمئات العهود مع القبائل ونقضوا الإتفاقيات بل وبثّوا السموم المؤدية للعقم في المحاصيل الزراعية، وهم أنفسهم اليوم لا يتورعون عن ارتكاب المجازر الوحشية التي تنذى له جبين الإنسانية حيثما تتهدد مصالحهم ضاربين عرض الحائط بكل الشعارات ومتجاوزين كافة الإدعاءات التي يسوقونها في مجال حقوق الإنسان والديموقراطية وأشباههما مستندين إلى ادعاءات كاذبة انفضح أمرها للعالمين كما حصل في العراق وأفغنستان.

وأوضح الدلائل على الكذب يتجلى في الإداعات الغربية والمساندة الكاملة للولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وأذنابها مع الكيان الصهيوني والإصرار على التعامي عن الأعمال الوحشية التي يقوم بها الجنود النظاميون بصورة علنية وبأوامر من قيادات عليا من قتل للأبرياء وتدمير للمنازل والقضاء على جميع إمكانات العيش البسيط من ماء وغذاء ودواء بل ومنع وصول المساعدات الإنسانية من الخارج وقصف ما يتم إدخالها أحياناً عبر الأمم المتحدة لكي لا تصل إلى أيدي الفلسطينيين المظلومين.

ومع كل هذا لا ترى الإدارة الأمريكية ذلك دليلاً على ارتكاب الجرائم بحق الإنسانية، ولا تعتبر قتل حوالي أربعين ألفاً أكثرهم من الأطفال والنساء تجاوزاً للخطوط الحمراء المحددة من جانب الولايات المتحدة، بل نرى بعض أعضاء الكونغرس يحضون نتنياهو بكل وقاحة على مزيد من عمليات القتل بحق الفلسطينيين، بل ومطالبته استعمال القنبلة الذرية للقضاء عليهم بصورة تامة، ويتباهى رئيس مجلس النواب الأمريكي بدعوة المجرم نتنياهو لإلقاء خطاب أمام الكونغرس بمجلسيه كتآكيد على مساندته في ارتكاب المجازر في غزة المظلومة.

إن المثل العربي القديم الذي يقول: ” إن الطيور على أشكالها تقع ” ينطبق بصورة كاملة على ما نراه اليوم من التواطؤ الكامل من جانب الدول الإستعمارية مع الكيان الصهيوني حيث أن تاريخ تأسيس تلك الدول تتشابه مع تاريخ تأسيس دولة الإحتلال الصهيوني ومنظور قادة تلك الدول تتواءم مع العقيدة الصهيونية؛ فانظروا قليلاً إلى تاريخ تأسيس بريطانيا العظمى وسيطرتها على بلاد وشعوب في مختلف القارات، ثم اقرأوا عن ممارسات الإستعمار الفرنسي في تعاملها مع الشعوب التي احتلت بلادها بالقوة، والولايات المتحدة الأمريكية التي استقلّت عن الإستعمار البريطاني هي بدورها لم تتورع عن ارتكاب أبشع الجرائم بحق شعوب تلك البلاد الحقيقيين وأيضاً قامت بتجاوز ابسط القيم الإنسانية أثناء احتلالها للبلاد وأجازت لنفسها باستعمال القنابل النووية والقضاء على أكثر من مائة ألف من الأبرياء في بلاد تبعد عن إراضيها آلاف الأميال، ورغم تقادم الأيام وتعاقب الإدارات فإن الولايات المتحدة الأمريكية لا تزال تبرر فعلتها الوحشية تلك وتدافع عن الإبادة الجماعية في هيروشما وناكازاكي، وفرنسا بدورها لا تزال تأبى الإعتذار عن الجرائم التي ارتكبتها في الجزائر.

إن صمود أهل غزة الآبطال رغم الممارسات الوحشية الإسرائيلية ومضي ٩ أشهر على الحرب الشعواء التي يشنها الكيان الغاصب بمساندة كاملة من قبل الولايات المتحدة والغرب بصورة عامة قد أدى إلى فضح كامل لحقيقة ما كان يُبطنه المسؤولون طوال مئات من السنين من الأكاذيب والخداع، وقطعوا الطريق بدمائهم ومقاومتهم على الذين كانوا حتى الأمس يرون الولايات المتحدة الأمريكية قبلة لهم ومثلاً يُحتذى لبلادهم وأنموذجاً يجب على الأمم والشعوب استنساخها لكي ترى السعادة، حيث كشّر الوحش عن أنيابه، وخلع الذئب الكاسر ثوب الحمل الوديع الذي كان يلبسه، وسهّل على الفاضحين حقيقة الأمور إقناع البسطاء المخدوعين وسدّ الطريق على المرتزقة المثقفين، وأحرج الحكام العملاء الذين كانوا دوماً يدافعون عن أمريكا والدول الغربية ويعقدون معهم الإتفاقيات العسكرية والإقتصادية بمئات المليارات، وهذا هو الإنجاز الكبير نتيجة عملية طوفان الأقصى إضافة إلى نتائج أخرى باهرة تظهر واحدة تلو أخرى يوماً بعد يوم إن شاء الله، والله سبحانه وعد عباده المخلصين بالنصر لكن بعد الإبتلاء والتمحيص حيث يقول: { أحسب الناس أن يُتركوا أن يقولوا آمنّا وهم لا يفتنون، ولقد فتنّا الذين من قبلهم فليعلمنّ الله الذين صدقوا وليعلمنّ الكاذبين } صدق الله العلي العظيم.