#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية
– في قراءة لما يجري في غزة وتداعياته على المستويين الاقليمي والدولي يمكن للمراقب أن يرى ان اسرائيل التي اغتسلت بالدم الفلسطيني تعرت امام العالم ولم تعد تصغ لكل الاصوات التي تطالبها بوقف الحرب التي تشنها على اهالي غزة وتمعن في تقتيل الشعب الفلسطيني واستكمال تدمير ما تبقى من غزة بذريعة القضاء على حركة المقاومة والسيطرة على كامل قطاع غزة ووضع ترتيبات أمنية فيها اضافة الى استعادة الرهائن والاسرى والمحتجزين لدى المقاومة وهي الاهداف التي وضعها قادة الحرب الصهاينة منذ انطلاقة حربهم على غزة عشية الثامن من تشرين الاول من العام الماضي .
– لقد اصبحت ذريعة القضاء على المقاومة وسيلة وغطاء لتدمير غزة وتقتيل سكانها وجعلها منطقة غير قابلة للحياة ما يفرض التهجير القسري لسكانها لجهة حرمانهم من كل اسباب الحياة فيصبح الحديث عن تقديم المساعدات الانسانية بدل الحديث عن وقف العدوان وحرب الابادة ” من هنا ” وجدنا تمحور حديث اغلب القوى الدولية يتعلق عن فتح الممرات الآمنة وايصال المساعدات وكأنه سقف ما يمكن الحديث عنه وانجازه .
– لقد فاجأ صمود المقاومة في غزة قادة الكيان الصهيوني وكل من راهن عليه من الذين اعتقدوا ان قواته قادرة على تحقيق جملة الاهداف التي اعلن انه سيحققها خلال ثلاثة اشهر أو أكثر ما اوقع العدو الصهيوني وقادته في خطأ الحسابات والتقديرات الأمر الذي فتح بوابات جهنم عليه حيث حظيت المقاومة الفلسطينية باسناد واسع الطيف من قوى اقليمية ودولية ووقف محور المقاومة بشكل واضح وجلي الى جانبها دعما واستادا ومشاركة في القتال وتألب الرأي العام العالمي على هذا الكيان المجرم الذي تعرى وتكشفت حقيقته العدوانية والعنصرية وتعطشه للدم وتجاوزه وانتهاكه لكل القوانين والاعراف الدولية وقواعد الحرب ما ادخل حتى حلفائه وداعميه في ورطة حقيقية وفي مواجهة مع شعوبهم في ظل تحرك الرأي العام العالمي منتفضاً ضد العدوان ومطالباً بوقفه والامتناع عن تقديم المساعدات العسكرية والغطاء السياسي له .
– وبالنظر لمشهدية ساحة الصراع بأبعادة واستطالاته لا يمكن للمراقب حصر ما يجري في غزة في جغرافية المواجهة والعسكرية فقط وإنما في اصقاع العالم وما يشهده من تحولات عميقة وما يجري في امريكا من ثورة الشباب التي تعتبر من اهم التحولات في جغرافية الصراع حيث يهتز مركز ثقل الصهيونية ويقض مضاجع الكيان الصهيوني فالتحدي الذي حصل للرأي العام العالمي رفع من شكل الاستجابة والاستحابة تجاوزت جغرافيا التحدي المفترضة في غزة وهذا يشكل بداية تحول في المجتمع الاميركي تجاه اسرائيل ويضيق الخناق على رئيس وزراء الكيان الصهيوني نتنياهو الذي بدأ يحاكم شعبيا من قبل جمهوره قبل محاكمته قانونيا ًنا اوقعه هو وشريكه في العدوان الرئيس الأمريكي جو بايدن
– ببين المطرقة والسندان مطرقة الانتخابات وسندان الرأي العام فالواضح ان درجة الخلافات بينهما تكمن في التكتيكات وليس الاستراتيجية فلا مشكلة لدى بايدن في دخول رفح بشرط ضمان أمن المدنيين وهي ذريعة وشرط مستحيل التحقق في ظل عدوان يستهدف الاخضر واليابس ولا يفرق بين مدني ومسلح .
– لقد اوقع صمود المقاومة العدو الصهيوني وداعميه في ورطة ومأزق حقيقي فوقف العدوان يعني سقوط حكومة نتنياهو وتحالفه مع اليمين الديني المتطرف وبالتالي محاكمته ونهايته السياسية وسقوط صورة الانتصار التي طالما تحدث ووعد بها جمهوره ومحازبيه وداعميه في الغرب واستمرار العدوان يحرج ساسة البيت الابيض والرئيس بايدن المقبل على انتخابات رئاسية وتفقده وتفقد حزبه قاعدته الشبابية المنتفضة عليه وعلى سياساته ما يمهد الطريق لخصمه اللدود الرئيس السابق دونالد ترامب والمرشح الرئاسي للانتخابات القادمة الذي بدأ يستثمر في ما يجري في غزة لبازاره الانتخابي ويصوب على الادارة الأمريكية في هذا الجانب استثماراً في الرأي العام الذي تشير استطلاعاته الى تقدم ترامب على بايدن نع زيادة عدد الولايات المتأرجحة التي لا تصب في مصلحة الحزب الديمقراطي ما يعني أن ما يجري في غزة اصبح في قلب الساحة الأمريكية وعاملاً حاسماً فيها ويعيد الى الذاكرة الاميركية صورة الاحتجاجات التي كانت قد انطلقت من جامعة كولومبيا عام 1968 احتجاجاً على الحرب الفيتنامية والتي ادت الى هزيمة الرئيس الاميركي آنذاك ليندون جونسون ووصول الرئيس ريتشارد نيكسون للبيت الأبيض وهو الذي دخل في مفاوضات مع الفيتناميين والفيتكونغ انتهت بخروج الاميريكيين من فيتنام بعد توقيع اتفاقية باريس عام 1975 والتي اسدلت الستار عن حرب فيتنام بانتصار تاريخي للفيتناميين وهزيمةً مذلة للأمريكيين .
– فهل يعيد التاريخ نفسه وهذا يعيد طرح سؤالنا الصراع الى أين ..؟
– بقلم : الدكتور خلف المفتاح – مدير عام مؤسسة القدس الدولية – سورية