#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية
– لا يمكن فراءة ما يجري في غزة من إجرام على انه كل شيئ فثمة نقاط اشتباك وصراع خارج دائرة المواجهة العسكرية المباشرة وكذلك لا تحصر نتائج الانتصار والفوز أو الربح والخسارة في تلك الجغرافية الصراعية وإنما في جغرافيتها الممتدة وتراكماتها واستطالاتها الواسعة وطبيعة ومستوى الاستجابة وشكل التحدي فكلما زاد التحدي زادات الاستجابة وثمة أمثلة تاريخية حول ذلكً فسقوط القسطنطينة 1453 بيد العثمانيين شكل تحد لأوربا التي كانت منقسمة وممزقة كما هو حال العرب في الوقت الحاضر فكانت الاستجابة لذلك التحدي بتوحد اوروبا بعد سقوط عاصمتها الثانية القسطنطينية فكان سقوط غرناطة بعد اقل من اربعين عاما لان القسطنطينية كانت للمسيحيةً روما الثانية ووراثة البرتغال واسبانيا للاندلس ومع سيطرة الدولة العثمانية على طريق الحرير المؤدي الى اوربا اضطر الاوربيون كاستجابة للتحدي للدوران حول افريقيا وزأس الرجاء الصالح والى امريكا عبر كولومبس لاضعاف الدولة العثمانية اقتصاديا وتجاريا وهدا ما حصل حيث دخلت اوربا عصرا جديدا مع بدء تراجع العالم الاسلامي معبراً عنه بالدولة العثمانية .
واليوم نرى ما يجري في غزة من تحد يستدعي استجابة ويحرك ويحرض المخزون الحضاري للامة فذلك المخزون يتحرض و يتحرك بالتحدي وهذا قد يفاجئ صاحب الحسابات السياسية التقليدية حيث يتجاهل مستوى الاستجابة وربما كان العرب اكثر امة وعيا بتاريخها وحبا لماضيها واعتزاز بذلكُ التاريخ وشعور بالالم لعدم تدفق التاريخ بالحاضر ففي الصين على سبيل المثال تدفق للتاريخ في الحغرافية الموحدة لانها لم تستعمر وكذلك الأمر في روسيا اما عند العرب فهناك تدفق للتاريخ ولكن في جغرافيا مقسمة بحكم الاستعمار ففي وعينا الجمعي نحن امة واحدة ولكن في ممارساتنا نحن دول واوطان وما يجري في غزة يحرك وعينا بوصفنا امة وليس دول قطرية فأرض فلسطين يعني ويخص كل عربي بوصفها جزء من جغرافيته التاريخية الطبيعية وعند المسلم مكون من جغرافيته الروحية فطوفان الاقصى رفع منسوب التحدي على مستوى الامة ما يستدعي عن تكون الاستجابة مرتفعة الوتيرة مع استمرار العدوان وشكل الاستحابة للتحدي لم يقف عند حدود الامة بل تجاوز ذلك الى شعوب العالم بما في ذلك امريكا وجامعاتها وكأننا اصبحنا امام امة اخلاقية ما جعلنا نكتشف نوازع الخير عند شعوب العالم في حين كنا نعتقد اننا لوحدنا في ساحة الاستجابة فالانسان الغربي اصبح يشعر بالغربة عن نظامه الحالي وسلوكه العدواني واللاخلاقي وانعكاسه على حياته ومستقبله وصورته عند شعوب العالم فما يجري في الجامعات الاميركية هو انتفاضة على كل تلك السياسات وليس فقط ردة فعل لما يجري في غزة بل براءة للشعوب الغربية من سياسات حكامها العدوانية والعنصرية واللاانسانية فهناك غضب متراكم فجرته احداث غزة ومواقف الحكومات الغربية منه ووقوفها الى جانب المجرم والقاتل دونما مراعاة للمبادئ التي تصدرها الحكومات الغربية من حرية وعدالة ومساواة وانسانية وحق تقرير المصير والتعبير عن الرأي اضافة الى ان النخبة التي تحكم العالم نخبة فاسدة ومرتهنة للصهاينة فطلاب الجامعات الاميركية الذين تربوا على قيم التنوير والحرية وجدوا سلوكيات حكوماتهم مغايرة لذلك وتقف الى جانب القاتل وتتهم من يقف بوجه المجرم بانه معاد للسامية في حين انها اي حكوماتهم معادية للانسانية .
ان شعوبنا العربية ليست خانعة كما يعتقد البعض وستحصل حالة الاستجابة النوعية في لحظة ما وعندما تقع تلك الاستجابة يجب ان نكون حاهزين لها فلما تسد الابواب ويزداد الصغط النفسي مع وجود نموذج للبطولة كما هو الحال في فلسطين وجنوب لبنان وغيرهما مع حالة القهر والاستبداد التي تحول دون التعبير عن ذلك الذي يعتمل في نفوس الناس فثمة بركان يغلي في الصدور لابد من ان ينفجر ويخرج الى السطح ويقلب كل المعادلات ويشعر كل المراهنين على قتل ارادة الشعوب وحقها في الحياة والحرية انهم وقعوا ضحية حساباتهم الخاطئة وعندها لا ينفع الندم .