( إسرائيل ) والشرعية الدولية وموازينها ..؟ بقلم : الدكتور خلف المفتاح – مدير عام مؤسسة القدس الدولية  – سورية

#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية

 

 

– في قراءة وتتبع تاريخي لنشوء الكيان الصهيوني فكرة واحتضانا” ورعاية نرى انه ولد وقام واستمر في ظل موازين قوى كانت في صالحه فقيام دولة يهودية وان كان احد مخرجات مؤتمر بال في سويسرا عام 1897 إلا أن رعاية بريطانيا وفرنسا للفكرة هو من مهد  الطريق لها لتصبح واقعا” قائما” فبعيد انتصار بريطانيا وفرنسا وهزيمة تركيا (الدولة العثمانية ) وحلفائها في المحور صدر قرار وعد بلفور 1917الذي أقرت فيه بريطانيا (حق اليهود ) بإقامة دولة لهم في فلسطين وبحكم احتلالها لفلسطين وفرت كل أسباب ذلك ، ولكي تشرعن ذلك الوجود جاءت هي وفرنسا المنتصرتان في الحرب بنظام عصبة الأمم ليكون النظام الدولي الذي اعقب اتفاقية وتسفاليا 1648 وتقر العصبة  نظام الانتداب والوصاية وهو التسمية الملطفة للاستعمار والذي وضعت فلسطين من خلاله تحت الانتداب البريطاني الذي كان الحاضنة للجنين الذي كان فكرة في مؤتمر بال وتوفر له كل اسباب الحياة حيث تضمن صك الانتداب تنفيذ وعد بلفور في مخالفةصريحة لنظام الانتداب الذي كان من الدرجة الثالثة ففتحت بريطانيا ابواب الهجرة لليهود الذي اضطهدوا في اوروبا ومن ثم تعرضوا للابادة في الهولوكست النازي ولم تقف المسألة عند حدود  الهجرة وإنما أرست بريطانيا ركائز دولة بدون اعلان عنها حيث تم انشاء  ميليشيات عسكرية وبناء مدارس وجامعات ومعاهد دراسات وابحاث ومؤسسات دولة قيد الاعلان فكانت بريطانيا الحاضنة والراعية لتكون ولادة الكيان تحصيل حاصل وهذا ما حدث بالفعل فمع قيام الحرب العالمية الثانية وانتهائها بانتصار كل من بريطانيا وفرنسا وأميركا وحلفائها وفي ظل موازين قوى دولية جديدة لصالح المنتصرين عبر عنها باقامة وولادة منظمة الأمم المتحدة  بديلا” عن العصبة وتشكل نظام دولي جديد حيث نضجت ظروف قيام الدولة اليهودية وصدر القرار رقم 181 لعام 1947 والقاضي بتقسيم فلسطين بين اليهود والعرب لتكون الولادة برعاية اميركية في 15ايار عام 1948 ويعلن بن غوريون قيام ما يسمي  دولة اسرائيل ولكي تكسب اميركا وحلفائها ذلك الكيان اللقيط شرعية دولية صدر القرار المذكور بعد ضغوط هائلة على الدول الاعضاء في المنظمة والتي لم تكن تتجاوز 57دولة وبفارق صوتين فقط حيث صوت لصالحه 33 دولة اي ثلثي الدول الاعضاء وفي ظل هيمنة غربية على المنظمة الوليدة وموازين قوى لصالح الغرب وحالة ضعف عند العرب حيث كان اغلب الدول العربية تحت الاستعمار باشكاله المختلفة ولجهة ادماج هذا الكيان في المجتمع الدولي المعبر عنه في هيئة الأمم تم قبول عضويته عام 1949 بعد ان رفض طاب العضوية لمرتين ولكنه قبول مشروط بتنفيذ اسرائيل للقرارين 181 لعام 1947وهو قرار  التقسيم والقرار 194 لعام 1949 القاضي بحق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة الى وطنهم واراضيهم او قبولهم التعويض وقد وافقت ووقعت الحكومة الاسرائلية آنذاك والتي كان يرأسها الارهابي ديفيد بن غوريون على ذلك التعهد ومع مرور 75 عاما” على ذلك التعهد والقبول المشروط للكيان في الهيئة الأمم إلا انه لم يقم بتنفيذ مضامينه وهو قيام دولة فلسطينية. عودة اللاجئين الفلسطينيين لديارهم ما يطرح امكانية اثارة قضية طرد هذا الكيان من عضويته في الأمم المتحدة لعدم تنفيذه للقرارين المذكورين وقبوله المشروط بتنفيذهما كما أشرنا سابقا” ولعل مسؤولية طرح ذلك تقع على عاتق الدول العربية أو اية دولة عضو في الجمعية العامة أو مجلس  الأمن الدولي .

– والى جانب ماتمت الاشارة اليه لم يقف ذلك الكيان عند حدود عدم تنفيذ مضمون القرارين المشار اليها وإنما رفض كل القرارات والتوصيات الصادرة عن الجمعية العامة ومجلس الأمن والمتعلقة بالقضية الفلسطينية والصراع العربي الصهيوني  ومنها القرارين 242 لعام 1967 والقرار 338 لعام 1974 الصادرين  عن مجلس الأمن الدولي بخصوص الانسحاب من الأراضي العربية التي احتلت في عدوان الخامس من حزيران عام 1967 يضاف الى ذلك عشرات القرارات والتوصيات الصادرة عن الهيئة الأممية  ولعل اقربها القرارين  الصادرين  عن الجمعية العامة بأغلبية 157صوتا” وعن مجلس  الأمن بكامل اعضائه ال15 عدا أمريكا الممتنعة عن التصويت بخصوص وقف اطلاق النار في غزة التي تتعرض لحرب ابادة وفق تكييف محكمة العدل الدولية في لاهاي ما يعني أننا أمام كيان لا يرفض فقط تنفيذ قرارات الأمم المتحدة المعبرة عن رأي عام عالمي وشرعية دولية وإنما ينتهك القانون الدولي والشرعية الدولية ويمارس كل انواع العدوان على دول ذات سيادة وآخرها عدوانه المركب على السيادة السورية وعلى السفارة الايرانية في دمشق في سابقة لا مثيل لها ومع ذلك لا نجد أي تصرف من المجتمع الدولي أو مؤسساته المختلفة بمواجهته وردعه أو معاقبته في حين تتفعل كل مواد الميثاق عندما يكون الطرف المستهدف عربيا” بما في ذلك البند السابع القاضي باستخدام القوة لتنفيذ قرارات مجلس الأمن ؟

– إن هذا (الدلال السياسي )يجب أن يتوقف وتوضع له حدود احتراما” لميثاق الأمم المتحدة الذي اصبح ومع الأسف في الحضيض ما يطرح السؤال حول جدوى بقاء واستمرار هذه الهيئة الدولية التي لا تستطيع ردع او وقف تجاوز ميثاقها من احد أعضائها الذي يفترض فيه  تنفيذ واحترام قراراتها وتوصياتها لا تحديها  وتسفيهها وهنا تجدر الاشارة الى ما جاء على لسان مندوب اسرائيل في الأمم المتحدة قبل ثلاث سنوات عند الحديث عن ضرورة قيام دولة فلسطينية والتزام اسرائيل بقرارات الأمم المتحدة حيث اعتلى منبر الجمعية العامة في اجتماعها السنوي قائلا” بعد أن وضع الكابي اليهودي على رأسه وأمسك التوراة بيمينه في تحد واضح للجميع : إننا نستمد شرعيتنا كدولة من هذا الكتاب وليس من قرارات الأمم المتحدة فأرض ( اسرائيل ) منحنا اياها الرب يهوه وليس غيره ..؟

 

– بقلم : الدكتور خلف المفتاح

– مدير عام مؤسسة القدس الدولية – سورية