#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية
– في ضرورة البحث والتنقيب في الثقافة الاجتماعية ثمة مظاهر وسلوكات ومنظومات قيمية تحتاج الى اعادة نظر فيها ومعاينة وتفكيك لها على مستوى الواقع لأن منظومات السلوك تلك نتاج ظروف اقتصادية واجتماعية وسياسية وتاريخية انتجتها وفرضتها واصبحت مع الزمن في بنية الوجدان العام او الضمير الجمعي او ما يطلق عليه عالم النفس الالماني سيجموند فرويد ال نحن وفي هذا الاطار نلحظ في ثقافتنا الشعبية نزوع نحو الجماعة ونبذ واستهجان للفردية أو الأنا لدرجة أن كلمة انا ترتبط بعبارة اعوذ بالله من كلمة انا التي تعكس حقيقة الشعور بغريزة القطيع في اغلب مجتمعاتنا وهنا نتذكر قول الشاعر وما أنا الا من غزية إن غوت غويت وإن ترشد غزية ارشد والواقع هو ان الأنا هي حقيقة الفرد وما يجب أن يميزه عن غيره فهي في جوهرها تعني التميز وهذه طبيعة بشرية راسخة ولا تعني الأنانية والاستئثار ورفض الآخر بالطبع وعلى المقلب الآخر وفي ثقافتنا العربية نلمس في تراثنا الأدبي والاجتماعي نزعة الاعتزاز بالذات كقول المتنبي :أنا الذي نظر الاعمى الى ادبي واسمعت كلماتي من به صمم وكذلك قول شاعرنا العربي سحيم بن وثيل وهو ماااستشهد بها الحجاج بن يوسف الثقفي عندما اعتلى منبر الكوفة : انا ابن جلا وطلاع الثنايا متى اضع العمامة تعرفوني وقول طرفة ابن العبد : انا الرجل الضرب الذي تعرفونه خشاش كرأس الحية المتوقد وهذا كله يشير الى نزعة الذات وتميزها وفرادتها وهذا هو جوهر الموضوع .
– وبالعودة للفكرة نرى أن بنية الفرد تتضمن حتماً خصوصيته وسماته وقدرته التعبيرية عنها وهنا يجب التفريق بين الأنا والذات فشهوة الحضور شيئ وتحقيق ذلك شيئ آخر فلكل شخص شهوة حضور كان يسعي ليكون كاتباً متميزاً او فناناً متميزاً او طبيباً ومهندساً متميزاً ولكن السؤال هل يملكً امكانية تحقيق ذلكً اي تحويل الانا المشتهية او الرغبة الى ذات ام انها تبقى في دائرة الأماني وهذا هو التحدي .
– ان الرغبات المكبوتة باللاشعور هي قضية ومسألة نفسية ولكن المشكلةً في المكبوت الارادي وليس المكبوت الفرويدي اللاشعوري بمعنى أن ما اظهره من مواقف هي غير حقيقتي بسبب النظام الاجتماعي الصارم او ما يطلق عليه الانا الأعلى وما يسميه بعض الفلاسفة الجهل المقدس او المستبد الأكبر ما يجعل الشخص او الفرد على العموم يظهر الحب وهو يكره او بالعكس
وهنا الطامة الكبرى فثمة جهل لقناعات موروثة وصنمية فرضتها ظروف اجتماعية واقتصادية وسياسية تتحول مع الزمن الى تابو لا معنى له فتصبح عملية التخلص منها تحدياً حقيقياً أمام المجتمع والفرد معاً وهنا تصبح مهمة النخب بكافة مستوياتها الخروج عليها وتجاوزها والتفلت من غريزة القطيع بوصف الانسان ذاتاً لها فرادتها وخصوصيتها .
– إن الانا المتمردة هي تلك التي تتجاوز الموروث السلبي وتعبر عن ذاتها وحاضرها فالتمسك بالماضي بكليته يجعل من الشخص والمجتمع ماضيا ايضاً فالماهية كما اشرنا مشروع دائم وحركة وابداع باتجاه المستقبل وهذا لايعني طبعاً نسف كل القيم الاجتماعية والموروث التاريخي الاصيل وما يحمله من قيم نبيلة واصيلة ولكن في نقد وتجارز الموروث السلبي المعيق لحركة المجتمع ونزوع الافراد والجماعات نحو الحرية وهنا يصبح كنس الموروث السلبي العالق في اغلب تفاصيل الحياة ضرورة وحاجة ماسة لأن في ذلك تعبير عن حرية الافراد والجماعات بحق الحياة بوصفها حركة باتجاه الحرية بفضائها الواسع ولسلبية ظاهرة غزيزة القطيع وتماهي الذات مع الجماعة تحدث ونقد الكثير من الفلاسفة العرب والمسلمين واشاروااليها منذ مئات السنين وهنا نشير الى ما قاله ابو حيان التوحيدي في هذه الظاهرة الخطيرة : الى متى نقول بأفواهنا ما ليس في قلوبنا والى متى ندعي الصدق والكذب شعارنا ودثارنا والى متى نخفي ثلاث ارباع حقيقتنا حتى نبدو كالآخرين .
– الأنا : هل هو عيب ..؟
– بقلم : الدكتور خلف المفتاح
– مدير عام مؤسسة القدس الدولية – سورية