#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية
– يمكن للمتابع لما يحري في الساحة الفلسطينية وغزة على وجه التحديد والمشهد العالمي منذ معركة طوفان الاقصى حيث تستعيد الذاكرة القريبة صورة ان يأتي الرئيس الأمريكي جو بايدن ويترأس مجلس الحرب في الكيان الصهيوني ويعطي اسرائيل كل ما تحتاجه كي تشن حربها من دون حدود او ضوابط على الغزيين وفي الوقت نفسه يضغط على الاوربيين وباقي الدول كي تتبنى الرواية الاسرائيلية التي تماهي بين قتال الغرب لداعش وقتال الصهاينة للمقاومة في غزة الى درجة ان الفرنسيين دعوا الى تحالف دولي للقضاء على حماس كما فعلوا ضد داعش في حين قام البريطانيون بما يمكن تسميته برحلة حج للكيان الصهيوني الى درجة انه خرجت قرارات تمنع حتى التعاطف مع الشعب الفلسطيني ولاسيما سكان قطاع غزة المحاصرين منذ ستة عشر عاما في سابقة لم تشهدها الحروب والصراعات عبر التاريخ رافقتها حالة استعداء للشعب الفلسطيني لم يعرفها تاريخ الصراع الممتد طيلة قرن من الزمن مع حمى اعلامية وسياسية غربية غير مسبوقة تجاه المقاومة الفلسطينية وأهالي غزة .
– أمام تلك الصورة التي خيل للبعض أنها ستستمر في ايقاعها وزهمها نرى اليوم وبعد ثلاثة اشهر ونيف من الحرب غير المسبوقة تحولا بل تغيراً في المشهد هو التحول الكبير فالحرب التي اعلنتها الولايات المتحدة وبقيادتها باساطيلها وغواصاتها النووية وبوزير خارجيتها الذي جاء الى اسرائيل كي يتحدث بوصفه يهوديا ًواليوم نجد موقفاً مختلفاًفكل التحريض وكذلك الرواية الاسرائيلية التي ارادت ان تضع السابع من تشرين بمعزل تام عن تاريخ الصراع فشلت في تحقيق ذلك والسؤال لماذا كل هذا الذي حدث ؟ والحقيقة انه في العقل الجمعي الاسرائيلي هناك ما يمكن تسميته الاستثنائيه فنحن (اي اليهود ) لسنا كبقية البشر فقد تعرضنا للمحرقة الهولوكوست وبالتالي نستحق ان يتم التعامل معنا بطريقة مختلفة حتى ان محكمة العدل الدولية تشكلت واحدثت على خلفية ما حدث من مجازر وابادات لجماعات معينة من اهمها الجماعة اليهودية فكيف (لاسرائيل ) التي وجدت هذه المحكمة اساساًعلى خلفية المحرقة التي تعرض لها اليهود ان تحاكم امامها ؟؟ .
– إن حالة الاستثنائية الصهيونية الاسرائيلية عند بعض الدول ولاسيما الاوربية منها التي تجاوزت كل الحدود الدبلوماسية والاخلاقية وحتى الليبرالي الغربي الذي انتصر للرواية الصهيونية في بداية معركة الاقصى واعلن العالم الغربي النفير ضد الفلسطينيين نجد اليوم محكمة العدل الدولية التي تعتبر اعلى هيئة قضائية في العالم التي تؤول لها صلاحية الدفاع عن المنظومة الحقوقية والاخلاقية العالمية تعترف بأن الادلة التي قدمتها جنوب افريقيا يمكن وصفها بالمعقولية والمنطقية وينبغي النظر فيها لأنه يمكن ان تكون اسرائيل قد ارتكبت جرائم ابادة جماعية ونحن قبلنا القضية المرفوعة وهذه مسألة جوهرية لان ما قدمته جنوب افريقيا متماسك قانونياًوتنتصر المحكمة الى أن هناك شعباً فلسطينياً وقع عليه ابادة جماعية كانت نتيجة سلوك وتصريحات عسكرية وسياسية صهيونية مباشرة ومعلنة وموثقة فما قدم هو معقول ومنطقي وجدير بالنظر فيه امام هيئتها القضائية وهذا المستوى من التعاطي الجدي هو انتصار بعينه بعيداً عن عدم مطالبتها كما تمنى البعض بوقف اطلاق النار .
– ان الرواية الصهيونية التي حكمت العقل الغربي واحياناً الدولي عبر الاعلام والتحشيد هذه الرواية بدأت تنهار وتتفتت امام أعين الجميع وهذا انتصار للحقيقة وللشعب الفلسطيني وكل من يقف الى جانبه وانتصار لمبدأ العدالة الدولية والانسانية حيث طويت صفحة حرمانية من ينتقد اسرائيل او الصهيونية تحت عنوان العداء للساميةًالتي تحولت الى شكل من اشكال الارهاب الفكري الى درجة ان من يتهم بها في الغرب يفصل من عمله وتنتهي حياته السياسية اذا كان سياسياً وكأننا أمام محاكم تفتيش مرة أخرى ولكنها يهودية وعلى العموم كل هذه الرواية سقطت فأصبحنا نرى المظاهرات المنددة بما يجري في غزة والصفة والمطالبة بوقف تلك المجازر بحق الشعب الفلسطيني تنطلق من قلب اوروبا وأمريكا في واشنطن ولندن وباريس وروما ومدريد وبمئات الألاف في ظاهرة غير مسبوقةما يشي بتحول عميق وجوهري في صلب الرواية الإسرائيلية التي كانت تفرضها نفسياً وعقلياً علي الكثير من شعوب العالم والرأي العام العالمي وهذا ايضا انتصار كببر في الحسابات الإستراتيجية لصالح القضية الفلسطينية يضاف اليه التغير في تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيرش بخصوص ما يجري في غزة والتصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح وقف اطلاق النار بأكثرية ساحقة كل ذلك يشير الى أن ما كان يعتبر (استثناء ) لإسرائيل وحصانة لايمكن لأحد أن يتحداها قد انتهى وأصبح من أفعال الماضي والى جانب ذلك بدأنا نلمس مراجعة للمواقف الأميركية والأوربية تجاه اسرائيل من دعوة او رغبة أميركية بتغيير الحكومة الاسرائيلية المتطرفة وهو ما جاء على لسان الرئيس الاميركي بايدن والدعوة لاقامة دولة فلسطينية على قاعدة حل الدولتين وكذلك ما صرح به وزير خارحية بريطانيا عرابة سايكس بيكو بالتفكير بالاعتراف بالدولة الفلسطينية من قبل المجموعة الاوربية وهو ما اثار حفيظة القادة الصهاينة واعتبروه بداية تخل متمرحل من الاوربيين عن ثوابتهم السياسية تجاه الكيان الصهيوني .
إن كل ما تمت الاشارة اليه مترافقا ً مع حالة الخداع الذاتي التي وقع فيها ساسة العدو الصهيوني امام مستوطنيهم من خلال رفع سقف التهديد والوعيد بالقضاء على المقاومة في غزة واستعادة الاسرى والمحتجزين خلال مدة محدودة يضاف لذلك حالة عدم اليقين عند حلفاء الكيان والمراهنين عليه بعدم قدرته على تحقيق ما اطلقه من اهداف وعناوين كبرى وبنك اهداف ادعى انه سيحققها واجهتها مقاومة غير مسبوقة من المقاومة الفلسطينية واهالي غزة والشعب الفلسطيني وانصاره وحلفائه في العالم وهم كثر وفاعلون كل ذلك يشير الى التحول الكبير في مشهدية الصراع وقلب للصورة وتفاؤل أكيد بانتصار تاريخي للشعب الفلسطيني وقوى المقاومة على الصهاينة والمشروع الاميركي في المنطقة على وجه العموم.
د . خلف المفتاح