#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية
– تمرّ الأيام والأسابيع والشهور والعالم يرى بصورة مباشرة سقوط مئات الضحايا كل يوم في قطاع غزة المظلوم حتى قيل أن كل دقيقة يسقط فيها شهيد، والذريعة المعلنة هي مواجهة حركة المقاومة التي لم يستطيعوا الوصول إلى أي من مواقعها رغم مرور أكثر من ثلاثة شهور على تمشيط الطائرات الصهيونية القطاع بالقصف الجوي والبري والبحري، ورغم دخول الولايات المتحدة وبريطانيا بتقنياتهما المتطورة ومسيراتهما الحديثة في المسح الجوي للقطاع بصورة متواصلة، وأيضاً شُنّت الحرب البرية بدعوى الوصول إلى الرهائن الصهاينة لكنهم لم يصلوا إلى غايتهم رغم كل القصف والبحث ولم يتمكنوا حتى الساعة من ” تحرير ” أي من رهائنهم، بل فشلت المحاولات كلها وبدل أن ينجحوا في إنقاذ رهائنهم سقطت الرهينة وقتل جنود النخبة الذين حاولوا الوصول إليها.
– إن محاولة التفكيك بين المقاومة وإهل غزة قد فشلت بكل وضوح بعد هذه الڤترة من الحرب على غزة المظلومة، وإن عدد الشهداء والجرحى بعشرات الألوف والدمار شبه الكامل للمباني والمنازل وثبات المواطنين وإصرارهم على عدم الإستسلام رغم كل الحملات الإعلامية والنفسية لدليل كافٍ على أن كل أهل غزة هم مقاومة، وأن المواجهة هي ليست مع جزء من الشعب الفلسطيني بل معه كله بدليل حركة الفلسطينيين في الضفة والقدس المشاركة للقطاع والمواجهات المسلحة مع الجنود الصهاينة والقيام بالعمليات الإستشهادية في جنين ونابلس والقدس المحتلة وغيرها.
– فالمعركة أصبحت بوضوح مع شعب بأكمله، والحرب هذه تهدف إلى إبادة الفلسطينيين كلهم، والشعب الفلسطيني قد أدرك كله أن لا مجال بعد لتحمل نكبة جديدة، وأمام هذه الحقيقة التي لمسها كل الفلسطينيين فلا خيار أمام أي فلسطيني في أي بقعة كان من العالم إلاّ الإنخراط في المعركة للدفاع عن وجوده كإنسان يعيش على هذا الكوكب، خاصة بعد الهجمات العنصرية التي طالت الفلسطينيين في مناطق مختلفة في الولايات المتحدة وغيرها لمجرد كونهم فلسطينيين أو من أصول فلسطينية.
– وأمام حرب الإبادة الجماعية هذه نرى العالم الذي تعاطف إنسانياً مع طفل ألقيت جثته على شاطئ بحر ففتحت الدول الغربية كلها حدودها لاستقبال ملايين اللاجئين السوريين نراه لا يبالي أبداً بمئات الأطفال الذين يسقطون في غزة كل يوم وعلى مرأى من وسائل الإعلام العالمية كلها، وحتى منظر الأطفال الخدج الذين ماتوا بفعل العدوان الصهيوني لم يؤثر في تحريك ضمائر الشعوب لتهبّ ضد الظلم اللاحق بحق الطفولة البريئة، والمؤسسات الدولية المعنية بحقوق المرأة التي أقامت الدنيا لأجل الإيرانية مهسا أميني لم تحرك ساكناً لأجل عشرات الألوف من النساء في فلسطين الذين يُقتلون وحتى النساء الحوامل اللاتي يقُُتلن مع أجنّتهن وهن في منازلهن، والمؤسسات العالمية المنادية بحماية المراكز الصحية والمستشفيات ونأيها عن الحروب لا نسمع لها صرخة مدوية أمام تدمير المستشفيات في غزة على أيدي الصهاينة المجرمين، وحتى الجمعيات المعنية بالدفاع عن حرية الصحافة قد أصابها الخرس رغم سقوط عشرات الصحافيين على أيدي الجنود الصهاينة بصورة متعمدة، ومؤسسة الأمم المتحدة نراها أيضاً لا تحرك ساكناً للدفاع عن موظفيها الرسميين والحفاظ على حرمة مراكزها والأماكن التي ترفع علمها، بل نرى المندوب الأمريكي يقف بكل وقاحة حائلاً أمام صدور قرار في مجلس الأمن يطالب بوقف إطلاق نار إنساني في غزة، ووزارة الخارجية الأمريكية ” لم تتأكد بعد ” من أن ” إسرائيل ” تستهدف المدنيين بصورة متعمدة، والبيت الإبيض بعد كل هذه المدة وبعد سقوط عشرات ألوف الضحايا والتدمير شبه الكامل للقطاع يطلب من ” إسرائيل ” تحييد المدنيين بقدر الإمكان عن الإستهداف، ولكن الدعم العسكري الأمريكي والبريطاني والألماني وغيرها المفتوح للكيان لم يتأثر أبداً والجسر الجوي العسكري اليومي بين الولايات المتحدة والكيان المجرم لا يزال قائماّ بكل قوة، ومشاركة الجنود الأمريكيين والفرنسيين وغيرهم بصورة مكشوفة في العمليات القتالية في غزة مستمرة، ومشاركة دول عربية بشكل مباشر وغير مباشر في الحصار والحرب مشهودة لكل ذي عينين، والرأي العام العالمي الذي من المفترض أن يكون له دور في تحديد السياسات الغربية ولجم الإنحرافات للقادة السياسيين لا يبدو أن له تأثيراً واضحاً في تغيير مسار الدعم الغربي السياسي والإعلامي والإقتصادي والعسكري الصريح للصهاينة المجرمين، حيث تتم في عدد من الدول الأوروبية ملاحقة الذين يشاركون في المظاهرات السلمية المساندة لفلسطين وأيضاً استدعاء الذين يرفعون علم فلسطين المراكز العسكرية والقضاء، بل نرى القرارات تصدر تباعاً من مجلس النواب والشيوخ الأمريكيين في مساندة الكيان الغاصب وتثبيت موقعه وآخر تلك القرارات تصويت مجلس النواب الأمريكي على قرار يجعل مناهضة الصهيونية مساوياً لمعاداة السامية، وتتم أيضاً معاقبة وطرد أساتذة ومدراء الجامعات الأمريكية الذين يبدون موقفاً تضامنياً مع الشعب الفلسطيني ويستنكرون الجرائم الوحشية التي تُرتكب في قطاع غزة.
– بعد كل هذا هل يمكن القول أن بقي للإنسانية وجود في هذا العالم ..؟!
– هل نرى للقيم الإنسانية التي كان يتغنى ويفاخر بهما الغرب أي وجود ..؟!
– بل هل نشاهد أمام نواظرنا أي أثر للشعور الإنساني الذي يميز البشر عن سائر الحيوانات في هذا العالم ..؟!
– أم أن الإنحطاط الخلقي قد بلغ بهذا الموجود الذي يباهي بنفسه على سائر المخلوقات مرحلة أفقدته حتى حسّ التعاطف الحيواني الذي نرى نماذج عديدة منها في الأفلام الوثائقية، وهنا نرى بأم العين تجسد حقيقة قوله تعالى في القرآن الكريم : { أولئك كالأنعام بل هم أضلّ } صدق الله العلي العظيم.
– بقلم : سماحة السيد صادق الموسوي