#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية
– اعتمدت “إسرائيل” مند قيام كيانها الاستيطاني الإحلالي على مقولة: “إن الشعب اليهودي هو ضحية المحرقة وأنه شعب يعود إلى أرضه، وعانى من عداء السامية”، وبهذا الخطاب حصل اليهود على تعاطف دول وشعوب كثيرة، مستغلة قوة دعايتها المنظمة وغياب الصوت العربي. ومع تمكن الكيان الصهيوني وتعاظم قوته العسكرية وما حصل بعد حرب 1967م، وما تحقق من نجاحات لم يكن بتوقعها تمثلت بالتغلب على جيوش 3 دول عربية خلال 6 أيام، وقد بدأ الخطاب الصهيوني يتغير لجهة تكريس وعي داخلي وخارجي أن “الجيش الإسرائيلي”؛ هو الجيش الذي لا يقهر، وأنه يمتلك ذراعاً طويلة ورادعة لأي تهديد أو خطر يواجه ذلك الكيان، ومع تآكل هذه الصورة بعد حرب تشرين عام 1973م وكذلك في حرب تموز عام 2006م؛ حاول العدو استعادة ذلك الخطاب من خلال استعراض القوة والتهديد بالأسلحة الفتّاكة وأنه قوة إقليمية يمكن الاعتماد عليها في مواجهة تحديات إقليمية تواجه دول المنطقة وأخطار خارجية مبالغ فيها، فشرعت بعض الأنظمة العربية ليس التطبيع معه وإنما إقامة تحالفات عسكرية وأمنية؛ بهدف قلب معادلة الصراع والعداء من عربي-“إسرائيلي” إلى صراع عربي مع بعض دول الإقليم المجاورة للعرب، ونجح إلى حد ما في ذلك وأصبح الخطاب الشائع هو خطاب التطبيع وصفقة القرن، وما سمي السلام الاقتصادي وكذلك الدعوة لقيام الولايات المتحدة الإبراهيمية، وهو ما روجت له الإدارة الأميركية في عهد “ترامب” وصهره “كوشنير”، وأوجد له آليات متابعة وخطاب تسويقي على أرض الواقع.
– إن من أولى نتائج معركة طوفان الأقصى بل وأهمها أنها أسقطت الخطاب الصهيوني الذي اعتمد ويعتمد على عدة عناوين منها مقولة : ” الجيش الذي لا يقهر والذراع القوية ” و” إسرائيل ” الضرورة والحاجة لأمن المنطقة والتي تمتلك قوة الردع وأنها “الدولة الديمقراطية” التي تحترم حقوق الإنسان والنموذج الأخلاقي والثقافي والليبرالي للغرب وغير ذلك من أكاذيب ودعاية منظمة – بروباغندا-، ومع سقوط عناصر ذلك الخطاب يصبح السؤال: ترى ما هو الخطاب الدعائي الذي سيتبعه الكيان الصهيوني بعد هزيمة السابع من تشرين؟ وللإجابة على ذلك يمكننا توقع وملاحظة جملة عناوين وافتراضات أولها: إن الإعلام الصهيوني بدأ يعتمد خطاباً يمكن وصفه بخطاب التماهي مع الغرب من قبيل أن “إسرائيل” تواجه نفس التحديات الأمنية التي تواجه الغرب من قبيل أن المقاومة الفلسطينية هي نسخة عن “داعش” وتشبيه ما جرى من هجوم على الكيان بما حدث في 11 أيلول 2001م، وأن “إسرائيل” تواجه إيران التي هي في مواجهة مع الغرب إضافة أن “إسرائيل” الديمقراطية بدأت تستعيد خطاب التأسيس بأنّها تواجه أنظمة ودولاً وشعوباً مستبدة لا تعرف معنى الحرية وقبول الآخر وهي النموذج السياسي والثقافي الذي يمثل قيم الغرب، وربما ستحاول استعادة خطاب التأسيس للتعاطف الغربي معها بأنها حمل وديع في غابة من الذئاب؟ فـ”إسرائيل” تريد أن تتماهى مع الرأي العام الغربي من خلال أيضاً ما سمته “الكابينيت”؛ أي “غرفة العمليات أو حكومة الطوارئ”؛ لتكون الشبيه والمماثل للغرفة التي أقامها “تشرشل” في الحرب العالمية الثانية في لندن أثناء مواجهة أوروبا للنازية، بمعنى أن “الإسرائيليين” يواجهون ما واجهته أوروبا في الحرب العالمية الثانية، وهنا يشار إلى ما جاء على لسان الرئيس بوتين بوصفه ما يحدث في غزة هو شبيه لما قامت به النازية في ستالينغراد من قتل ودمار ولكنه انتهى بسقوطها وانتصار إرادة الشعوب مذكراً الغرب بنظرية بافلوف الروسي بأن لكلّ مثير استجابة؟
– إن “إسرائيل” وقيادتها المتطرفة تعيش اليوم حالة من الورطة وعدم اليقين والتناقض فهل تستطيع أن تتبنى إعلامياً وسياسياً خطاب الضعيف الذي يواجه تحدياً من قوى إرهابية أو عالماً عربياً وإسلامياً اتحد شعبياً على الأقل في مواجهتها وإدانتها وتعاطف مع الشعب الفلسطيني؟ وكيف لها أن تخدع العالم بأنها تدافع عن نفسها وهي تحتل الأراضي الفلسطينية ولا تنفذ قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بحل الدولتين وتمارس كلّ أنواع القتل والإرهاب والتدمير بحق شعب محاصر ويدافع عن حقوقه المشروعة ويجد تعاطفاً عالمياً مع قضيته بشهادة الجميع بما في ذلك حليفها الأميركي والغربي؟
– ولكن من الواضح أن أي خطاب سيتبناه المطبخ السياسي والإعلامي “الإسرائيلي” سيكون فيه الثابت بأنها “دولة ديمقراطية” ومتقدمة علمياً وتدافع عن حق اليهود في وطن كغيرهم إلى جانب خطاب تكتيكي يركز على الراهني أي خطاب التماهي مع الغرب والمشكلة هنا أن “إسرائيل” لا تريد أن تظهر أمام جمهورها وحلفائها والمراهنين عليها أنّها ضعيفة وبحاجة إلى من يحميها أو يتعاطف معها على الأقل.