#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية
– كانت الولايات المتحدة الأمريكية وعموم الدول الغربية تجعل نفسها أنموذجاً للحضارة الإنسانية وترفع راية الدفاع عن حقوق الإنسان في العالم، وتعطي دروساً لباقي الدول في ضوابط ومعايير الديمقراطية، وكلما وقعت حادثة في مكان في هذا العالم تصدر المواقف منها من جانب تلك الدول سلباً أو إيجاباً، وإذا كانت الحادثة غير مطابقة للمعايير الغربية عند ذاك تقوم قيامة المنظمات الإنسانية وتتوالى القرارات الدولية ضد الطرف الذي صدرت منه تلك الممارسة سواء كان فرداً أو مجموعة أو دولة، وتُفرض العقوبات المشددة الإقتصادية والسياسية، وتتحرك المحاكم الدولية وتصدر الملاحقات القضائية وتُستعمل جميع الأسلحة لمحاصرة ذلك الطرف ونبذه من المجتمع الإنساني وتصويره بأبشع الصور أمام أعين العالمين.
– ولا نريد هنا تعداد النماذج التي حدثت سواء في كوريا الشمالية أو العراق أيام صدام وغيرها، لكننا رأينا كيف كانت وسائل الإعلام العالمية والمؤسسات الدولية تتعامل مع بعض التظاهرات في إيران في الأعوام الماضية حيث خُصصت ميزانيات أمريكية وغربية وابتُدعت عشرات البرامج الإلكترونية وسلّطت مئات من القنوات الفضائية على الساحة الإيرانية وصدرت مئات من الإدانات الغربية والدولية ضد الجمهورية الإسلامية لأنها ” تنتهك حقوق الإنسان “، وآخر تلك الخطوات كانت التعامل مع قصة مهسا أميني حيث قامت قيامة الدول الغربية ومنظمات حقوق الإنسان الدولية، ولم تبق دولة في أقاصي الدنيا إلاّ وأدلت بدلوها في إصدار بيانات الإدانة لإيران، وأصدرت أمريكا العقوبات على وسائل الإعلام الإيرانية ومُنعت من البث على الأقمار الصناعية، واختار البرلمان الأوروبي جائزة ساخاروف لحرية الفكر لمهسا أميني وتسميتها بأنموذج المرأة الإيرانية الحرة، ورُفعت صورها في تظاهرات في كثير من دول العالم، بل تمّ اختيار امرأة إيرانية لجائزة نوبل للسلام كونها معتقلة لدى السلطات في طهران.
– لكن هذا العالم الذي يحمل ” المكبّر ” ليشاهد مختلف دول العالم ويبحث عن أية مخالفة تصدر من شخص أو مجموعة صغيرة لمبادئ حقوق الإنسان في أية دولة ومدينة وقرية أو أي تخطِّ لأصول الديمقراطية من قبل أية دولة صغيرة أو كبيرة نجده لا يشاهد المجازر التي تحدث في قطاع غزة كل ساعة وعشرات آلاف الأطفال وحتى الرُّضّع الذين يسقطون بالقصف الهمجي الصهيوني، وتدمير المستشفيات على رؤوس المرضى، بل وملاحقة الهاربين وقصف سياراتهم، بل وقطع الماء والغذاء والكهرباء عن حوالي مليون ونصف إنسان وأيضاً منع الإنترنت عن القطاع كي تحجب عن أنظار العالمين الفظائع التي تمارسها، بل نرى قادة الدول يأتون تباعاً إلى تل أبيب وبعضهم في طائرة عسكرية محملة بالأسلحة ليشدوا على أيدى دولة الإحتلال، بل وجدنا الرئيس الأمريكي ” الديمقراطي ” يقول بكل صراحة: ” لو لم تكن إسرائيل موجودة فعلاً لوجب علينا إيجادها ” ويؤكد البيت الأبيض كل يوم أن لا خطوط حُمر أمام ” إسرائيل ” وهي مطلقة اليدين في تصرفاتها، بل وصدرت قوانين في بعض الدول ” المؤيدة للديمقراطية ” و ” حقوق الإنسان ” تحظر رفع العلم الفلسطيني من قبل الأشخاص والجماعات واعتقال المخالفين وتجريمهم، وطالبت بعض القيادات في تلك الدول بإبعاد كل من يبدي ميلاً نحو المقاومة في فلسطين من عمله فوراً بل وطرده من البلاد، لكن مقتل غاصب صهيوني ومحتل للأرض يدفع تلك الدول والمؤسسات لإظهار التعاطف سربعاً وإصدار بيانات الإدانة بالجملة بل وتأييد ارتكاب الجرائم بحجة الدفاع عن النفس وحماية ” المواطنين المدنيين “.
واللافت أن مواقف تلك الدول لم تتغير حتى بعد مصي أكثر من ٢٥ يوماً على عمليات الإبادة الجماعية في قطاع غزة وقصف الطائرات الحربية الصهيونية البيوت الآمنة وقتل أسَر وعائلات بأكملها، بل نسمع أن حمولات أسلحة كانت متجهة نحو أوكرانيا حُوّلت على عجل إلى ” إسرائيل ” لكي تتزود بها المخازن العسكرية الصهيونية ويتمّ استعمالها في قتل الفلسطينيين العُزّل، وتُقرّ الميزانيات بالمليارات في أمريكا وباقي الدول مدعية حقوق الإنسان لدعم الكيان القاتل للأطفال والنساء والمرضى في المستشفيات، ولم تتغير تلك المواقف الداعمة للصهاينة قيد أنملة رغم المظاهرات الشعبية العارمة في مختلف العواصم ضد السياسات المؤيدة للجرائم الصهيونية الوحشية والمطالبة بالوقف الفوري لإطلاق النار وإفساح المجال أمام وصول المساعدات الغذائية والوقود لتشغيل معامل توليد الكهرباء، وتدخل بين اليوم والآخر عدد محدود من الشاحنات محددة المواصفات لكي يقال ان مساعدات إنسانية تصل غزة، علماً أن تلك الحمولات المعدودة لا تلبي أدنى الحاجات لمليون ونصف إنسان فقدوا كل شيء لهم من مسكن ومأوى ومصدر رزق وقوت يوم.
– إننا نضع هذا الواقع الفاضح من سقوط القيم الأخلاقية من جانب مدّعي حقوق الإنسان أمام المتشدقين دوماً بالحضارة الغربية ونقول لهم: هذه أمثولاتكم والنماذج التي تريدون التأسي بها وتطبيقها في بلادكم، أنظروا كيف سقطت كل المعايير الإنسانية أمام المصالح الغربية، ونسيت كافة الأطراف المنادية بوجوب احترام حقوق الإنسان كل شعاراتها عندما تعلق الأمر بدولة ” إسرائيل ” ربيتة الإستعمار، وتعامت بالكامل عن رؤية الجرائم ضد الإنسانية التي تحدث كل يوم في قطاع غزة المظلومة، وخرست كل الأصوات وتعطلت كافة المؤسسات الإقليمية والدولية، ولا يأبه الصهاينة حتى بالتقارير الخجولة التي تسلط الأضواء على بعض جرائمهم، بل يقوم ممثل الكيان الغاصب بتمزيق التقرير على منبر الأمم المتحدة وأمام أعين العالمين دون أن تصدر أية إدانة لسلوكه المشين هذا من قبل أحد.
– إننا إذ نشدّ على أيدي المقاومين وندعو لهم بالنصر المبين نؤكد لهم أن تغيير المعادلات الدولية لا تكون من دون ثمن باهظ، والكيان الذي فُرض عنوة على فلسطين لا يزول إلاّ بتقديم آلاف الشهداء، وتحرير القدس الشريف لا يتم بغير الجهاد المستمر، والدفاع عن الأعراض والشرف يتطلب الغيرة والحمية والتضحية، ونذكّر الذين ما زالوا يترددون في الإصطفاف إلى جانب أهل فلسطين وشدّ ازرهم في معركتهم المصيرية هذه بقول الله سبحانه: ( وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليّاً واجعل لنا من لدنك نصيراً ) صدق الله العلي العظيم.
– السيد صادق الموسوي