#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية
– لم تكن المشاركة السياسية للشباب الفلسطيني في مستوى واحد من الفعالية عبر مسيرة الكفاح الوطني، وقد تأرجحت عبر المراحل وعبر المحطات النضالية بين المشاركة السياسية البسيطة والمشاركة السياسية المتقدمة، حيث تعتبر المشاركة متقدمة من ناحيتين: 1- المشاركة في صنع القرار. 2- زخم المشاركة الشبابية (الكم الذي يؤدي إلى النوع) أي ليست فقط هي إحصائية عددية تقدر بكم من الشباب المنجذبين والمنخرطين في الحياة السياسية.
وكان أبرز مشاركة متقدمة في التاريخ الحديث للشعب الفلسطيني منذ الغزوة الصهيونية وما بعد النكبة، المشاركة الحاسمة للشباب في صنع القرار في النصف الثاني من ستينات القرن الماضي، ألا وهو قرار الخروج من عباءة الوصاية العربية، ورفع شعار القرار الفلسطيني المستقل، وتشكيل المنظمات الفلسطينية بالخصوصية الوطنية، ورفع راية الكفاح المسلح وممارسته على أرض الواقع بإطلاق الرصاصة الأولى في الثورة الفلسطينية الحديثة، ذلك الجيل من الشباب الفلسطيني الذي يمكن أن نلخصه في رموزه الوطنية، جيل ياسر عرفات «36» عاماً، ومعه إخوة النضال من المؤسسين في عمر الشباب، صنعوا قرار التأسيس وانطلاقة حركة فتح في بداية العام 1965، ونايف حواتمة في عمر «34» عاماً ومعه رفاقه من جيل الشباب، صنعوا في العام 1969 قرار تأسيس الجناح اليساري المقاوم في الثورة الفلسطينية المتمثل في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، وأسس أحمد جبريل عام 1959 جبهة التحرير الفلسطينية، ود.جورج حبش الذي قاد مشاركة شبابية فلسطينية رفيعة المستوى من حيث زخمها في حركة القوميين العرب أفرزت منظمات مكافحة، منظمة شباب الثأر وأبطال العودة.
لم يكن هذا المستوى المتقدم من المشاركة الشبابية في صنع قرار تاريخي مميز شكل انعطافة مهمة في تاريخ الصراع العربي الصهيوني، لولا المشاركة الرفيعة المستوى من الزخم الشبابي عبر اتحاد طلبة فلسطين التي انتجت حركة فتح، والمشاركة بزخم من الشباب الفلسطيني في حركة القوميين العرب، والتي أنتجت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين.
المشاركة الشبابية المتقدمة في صنع القرار التاريخي ذاك، لم يُرسخ ويُثبت تقليداً اجتماعياً سياسياً مكرساً بنصوص قانونية، لا في إطار «م.ت.ف.»، ولا في إطار الفصائل الفلسطينية، فتراجعت المشاركة الشبابية في صنع القرار السياسي بسبب سيادة الفكر السلطوي الأبوي بعد أن تجاوز جيل المؤسسين مرحلة الشباب، وغياب ديمقراطية حقيقية في المؤسسات والاتحادات والأطر الفلسطينية، وتأرجحت المشاركة الشبابية في القضايا الحيوية من حيث زخمها ولم يفرز الكمُ نوعاً قادراً على التغلب على مصادرة القرار الوطني والتفرد بالسلطة.
رغم أن تأطير الشباب وضمهم إلى العمل التنظيمي حظي باهتمام من قبل المنظمات الفلسطينية، فبحثت في أسباب ابتعاد الشباب عن الالتحاق بالفصائل الفلسطينية، ازداد هذا العزوف وضوحاً -ولا سيما في مناطق الشتات- بعد توقيع اتفاقات أوسلو الذي نتج عنها إنهاء الانتفاضة الشعبية الأولى، وفي الضفة والقطاع بسبب الانقسام الداخلي.
في استطلاع أجراه مركز أوراد «10 كانون أول عام 2015» أشار إلى أن ما نسبته 13% فقط من الشباب من عمر «18-25» منضمون للأحزاب السياسية.
يرى 37% بأن الأحداث الحالية (عام 2015) تعبر بشكل رئيس عن إحباط الشباب من فشل عملية السلام واستمرار الاحتلال و24% يرون بأنها تعبر بشكل رئيس عن إحباطهم من دور السلطة في الضفة وحماس في غزة.
وحسب مركز أوراد في استطلاع رأي عينة من الشباب الفلسطيني (الفئة العمرية 16-35 سنة) عبر الإنترنت يرى 80% أن مستويات مشاركة الشباب في صنع القرار الوطني الفلسطيني غير مرضية.
ويعتقد 70% أن عدداً محدوداً من المواطنين يشاركون في الهبة الحالية (عام 2015)، ربما تدل هذه النسبة على مشاركة الشباب دون غيرهم من بين الفئات الأخرى حيث تميزت الهبة بأنها انتفاضة الشباب، مقابل 26% يعتقدون بأنها انتفاضة شعبية واسعة.
اختزلت الفصائل أسباب ابتعاد الشباب عن الانتساب لها مركزة على الجانب النفسي للمشاركة والسمات التي تميز شخصية الشباب، رافضة فكرة أن يكون من أسباب الابتعاد، طبيعة التنظيم، وبرنامج التنظيم، وسياساته الفئوية، وأسلوب تعامله مع الشباب. فالشباب اجتماعي بطبعه يجد راحة كبيرة في أن ينضم ويعيش في وحدات اجتماعية، تستطيع أن تحقق له ذاته، وهي ذات تحب الحرية والشعور بالاستقلالية والمساواة، ومن هنا تبرز أهمية العملية الديمقراطية في الاستقطاب بدلاً من التسلط البيروقراطي، وابتعاد الشباب يؤكد أن المنظمات لم تتعامل مع سماتهم ومزاجيتهم بإيجابية، وهذا يعني ضرورة إيجاد أسلوب جديد في تفهم حاجاتهم وطموحاتهم، وما ينطوي عليه سلوكهم من وجهات نظر، وقيمهم من عناصر ثقافية مستحدثة، ففي حين يعتبر عدم التعامل مع سمات الشباب المتحفز هو تخلي عن روح العصر والتمسك بالبالي والتقوقع والثبات وعبادة القديم، فإن التعامل مع المزاجية لا يعني الرضوخ لها، بل يعني قيادة هذه المزاجية قيادة صحيحة، فالتغير السريع قريب من مزاجية الشباب، والحدث السياسي يتسم بالتغير السريع، لكن هذا التسارع والتغير لم ينعكس في إمكانات جديدة للفكر والعمل تمكن من تفجير الطاقات والقوى الكامنة لدى الشباب، لذا راحوا يبحثون عن الحركة والجديد في مجالات أخرى كالأحداث الرياضية أو حركة الشارع، فأحد أسباب العزلة عند الشباب ناجم عن رفض قواعد السلوك السياسي القديم والتقليدي الذي مارسه الجيل القديم المؤسس، وبقي التنظيم السياسي مصراً على مزاولة هذه التقاليد.
في الجانب الاجتماعي، يتطلب فهم واقع الشباب، والتعامل مع مشكلاتهم الاجتماعية، واتخاذ موقف إيجابي منها بالاهتمام الفعلي من قبل المنظمات، وضرورة تمكين الشباب، ومشاركتهم في صنع القرار، وضمان حقوقهم الأساسية في التعلم والعمل والمشاركة السياسية، بما في ذلك خفض سن الترشيح للمؤسسات المنتخبة ليتساوى مع سن الحق في الانتخاب، ومحاربة ظاهرة بطالة الخريجين، هذا ما سيؤدي إلى اهتمام فعلي من الشباب بنشاطات وفعاليات المنظمات، وكذلك لا بد أيضاً من الاهتمام بالفترة العمرية الأولى للشباب كمرحلة انتقالية تجمع بين الشعور بالغربة والشعور بالقدرة الكلية، والتي إما أن تؤدي للإحساس بالحرية والاستطاعة أو الشعور بالعزلة والغربة، فهم يحاولون الاضطلاع بدورهم وتأسيس هوية ذاتية وتكوين صورة معينة لشخصيتهم، ويتطلب الأمر تنمية قدراتهم وتطوير وعيهم ورفع مستوى الاحساس بالمسؤولية.
الشباب مرحلة خالقة للتوتر لأنهم ميالون إلى الثورة والتمرد والرفض، ونتيجة لذلك لعبوا دوراً بارزاً في إثارة التظاهرات وأعمال الاحتجاج الجماهيري ورفض أوامر الحكم العسكري والتمرد عليها وكانوا سباقين في الانتفاض، وكان الشاب حاتم السيسي أول شهداء الانتفاضة الأولى في يوم 9/12/ 1987. وشهدت الانتفاضة الأولى زخم مشاركة شبابية واسعة، إلا أن أكثرهم خبرة وجدارة لم يصل إلا إلى قيادات ميدانية أو قيادات وسيطة رغم أن الشباب كانوا دينامو الانتفاضة.
تعد مرحلة الشباب من أهم مراحل الإنسان العمرية، إذ تتميز عن غيرها من المراحل العمرية بالاندفاع والحماسة والتطلع للمستقبل والرغبة بالتغيير والتطوير والتحرر، انعكس هذا في الانتفاضة بالإصرار على مواصلة المواجهات اليومية مع المستوطنين وجيش الاحتلال، واستخدام المتاح من الوسائل النضالية للرد على جرائم القتل والإعدام الميداني، ساعدهم في ذلك امتلاك الشباب طاقات وقدرات خلاقة وروح كفاحية عالية، واستعداد عال للتضحية، بالإضافة إلى سمات الشجاعة، جعلت الجيل الحالي من شباب فلسطين، هو من صنع الانتفاضة الحالية، بشكليها الشعبي والمسلح فأطلق عليها تسمية «انتفاضة الشباب»، ويزداد يوماً بعد يوم زخم المشاركة الشبابية، في كل مدن ومخيمات و بلدات الضفة ولاسيما في جنين ومخيمها، نابلس وبلدتها القديمة، يقبل شبان عرين الأسود وكتيبة جنين وغيرهما على الاشتباك مع جنود الاحتلال، دون خوف من اعتقال أو إصابة أو استشهاد، لقد تطور العمل النضالي الشبابي، من طابعه الفردي، باستخدام الوسائل المتاحة من عمليات الطعن بالسكاكين، والدهس بالسيارات والآليات، وصولاً إلى استخدام الأسلحة النارية في مواجهة جنود الاحتلال ومستوطنيه، فيما أطلق عليه الاحتلال مصطلح «الذئاب المنفردة»، حولت حياة المستوطنين إلى رعب دائم وتفكير بالرحيل. المسار الكفاحي للانتفاضة الشبابية أكد أن الشارع هو الأقدر على اختيار الأسلوب المناسب ليعبر عن مشاعره ومواقفه السياسية، كما أكد على أهمية الدور المميز للشباب في تفجيرها، الذي جاء عفوياً ودون قرار مسبق من أحد، رغم الأغلبية الواسعة المنخرطة في هذا الحراك الشبابي هم من مناضلي وأبناء الفصائل الفلسطينية. ومن الواضح أن العفوية التي انطلقت بها انتفاضة الشباب هي نتاج لواقع معين في الحالة الوطنية ما زالت هذه الحالة تفتقر إلى الحزب الثوري الذي بإمكانه أن يأخذ على عاتقه إطلاق استراتيجية نضالية جديدة يستطيع من خلالها أن يؤطر تحالفات مستقرة قادرة على تحقيق مكاسب وطنية هامة، فالسؤال الأهم: هل تتمكن القوى الوطنية والديمقراطية واليسارية من تحويل هذه العفوية إلى عمل منظم؟. عبر بناء لجان التنسيق المحلية، وأطلاق شعارات للانتفاضة ترسم أهدافها في الاستقلال وضمان حق العودة، وتوسع إطار المشاركة فيها، بحيث تنضم إليها فئات اجتماعية جديدة، لتتحول من انتفاضة شبابية إلى انتفاضة شعبية شاملة، تحافظ فيه على دور الشباب في قيادتها، وصنع قراراتها، وصياغة بياناتها، مما يشكل منعطفاً يفرض على القيادة الرسمية تبني شعارات هذه الانتفاضة وفقاً لاستراتيجية كفاحية جديدة.
حظي الحراك الشبابي بتعاطف واحتضان واسعين من أغلبية شرائح المجتمع، إنما هذا التعاطف لم يتحول إلى انخراط مباشر في انتفاضة الشباب من قبل قطاعات اجتماعية واسعة ذلك الانخراط الذي يضمن استمرارية زخم الانتفاضة الشبابية، ويشكل الشرط الرئيس لانتقالها إلى مرحلة الانتفاضة الشعبية الشاملة.
بعض الشرائح الاجتماعية المحدودة ما زالت تعبر عن ترددها إزاء استمرار الانتفاضة الشبابية، وتخوفها من تأثيرات المواجهة المستمرة المتواصلة على مصالحها الضيقة والامتيازات التي يكفلها لها واقع التعايش مع الاحتلال، الذي انعكس في توجهات قيادة السلطة بمحاولة احتواء انتفاضة الشباب بحجة الحفاظ على الدم الفلسطيني، وكأن الدم الفلسطيني لم يكن يسفك إلا بعد أن انتفض الشباب ضد جرائم الاحتلال، وتواصل القيادة الرسمية التعامل مع انتفاضة الشباب من موقع المسايرة على مضض لحيلولة دون تطورها وتصاعدها حتى لا يضع هذه القيادة أمام خيارات صعبة، وترافق هذا الموقف الاحتوائي مع محاولات الاستثمار السياسي قصير النفس لهذا الحراك في تعزيز الموقف التفاوضي للسلطة، في إطار استمرار الرهان الخاسر على دور الولايات المتحدة في تليين التعنت الإسرائيلي وفك استعصاء العملية التفاوضية.
نجح الحراك الشبابي حتى الآن في شل محاولات احتوائه، ولعب إقدام الطلائع الشبابية للانتفاضة وتصميمها دوراً حاسماً في ذلك، فهي عبرت عن مستوى متقدم من النضج والوعي، ووجهت رسائل شديدة الوضوح إلى قيادات فصائلها بضرورة التخلي عن الحسابات الخاصة والمصالح الفئوية الضيقة والارتقاء إلى مستوى المسؤولية، بتوحيد الصف من أجل الانخراط في انتفاضة الشباب وتطويرها إلى انتفاضة شاملة، مهددة بتعميق الفجوة بين الشارع وبين هذه القيادات إذا لم ترتق إلى مستوى مسؤولياتها.
إن المهمة الرئيسية للقوى الوطنية في المرحلة الراهنة تتمثل أولاً في تعبئة قواها وزجها للانخراط بفعاليات الانتفاضة الشبابية، بهدف تعزيز زخمها وضمان استمرارها، والعمل بدأب على توسيع المشاركة الجماهيرية، وتأمين انخراط أوسع قطاعات المجتمع في هذا الحراك، باعتبار ذلك يشكل المفصل الحاسم لتحويل الانتفاضة الشبابية إلى انتفاضة شاملة، إن هذا يملي على عموم الحركة الوطنية الفلسطينية البحث عن سبل تطوير الهبة الشبابية، بتشكيل القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة بتمثيل شبابي وازن، عبر مجالس الطلبة في جامعات الضفة والقدس، والاتحادات الشعبية، والنقابات المهنية، يكون لها أذرعها الضاربة في المحافظات والمدن والقرى والمخيمات، تشكل غرفة العمليات السياسية التي ترسم للانتفاضة استراتيجيتها، وسياساتها وتكتيكاتها ومهماتها الكفيلة بتوحيد نضالات شعبنا وتطويرها وإدامتها ، وتوفير عناصر صمودها وثباتها.
أطلــقت الحكومــة الفلسطينية الثامنــة عشــرة، برئاســة د. محمــد اشــتية، «الخطــة الوطنيــة للتنميــة» 2021-2023: التي تتمحــور حــول «الصمــود المقــاوم والانفـكاك، والتنميـة بالعناقيـد نحـو الاسـتقلال»، وتهـدف لخلــق اقتصــاد مقــاوم محصــن مــن الاختــراق والتبعيــة، ويعــزز صمــود النــاس فــي أرضهــم وبلدهــم ويســاهم فــي إنجـاز الاسـتقلال. بتشـجيع الإنتــاج الصناعــي والزراعــي والســياحي التنافسي بين المحافظات، كما تهدف إلى الحــد مــن البطالــة ومحاربــة الفقــر، وتعزيــز دور الشــباب، وتمكين المــرأة، بما يضمن السير نحـو الاسـتقلال، بمـا أن الاقتصـاد هـو رافعـة للسياسـة، وهـذا يعنـي تجييـر الاقتصـاد وعمليـة التنميـة بقطاعاتهـا المختلفـة لخدمـة البرنامـج التحـرري. وجاء في الخطة الوطنية للتنمية 2021-2023 عن دور قطاع الشباب فــي المســاهمة بالتغييــر المجتمعــي، ومسـاهمته القيمـة فـي العمـل التطوعـي، ورأت أن الشـباب الفلسـطيني مـا زال يعانـي مـن ضعـف المشـاركة المجتمعيـة بصفـة عامـة، ورأت أن دور الشـباب أصبـح أكثـر انحسـاراً ليقتصـر علــى المســاهمة بتنفيــذ الحملات المجتمعيــة، وأنشــطة العمــل التطوعــي، وغيرهــا مــن الحمـلات، وقدرت أن المسـاحة المخصصـة للمشـاركة السياسـية للشـباب تعتبـر محـدودة، وتقتصــر فــي الكثيــر مــن الحــالات علــى مجالــس الطلبــة فــي الجامعــات، والتــي هــي عبــارة عــن امتــداد للأحــزاب السياســية الوطنيــة، وغالبــاً مــا تكــون أرضيــة لاســتمالة السياســيين مسـتقبلاً.
إذاً ما العمل؟. السؤال المطروح وطنياً: هل «الخطــة الوطنيــة للتنميــة» 2021-2023 الصادرة عن الحكومة الفلسطينية قدمت مشروعاً مؤدياً للارتقاء بدور الشباب السياسي؟ فيما يتعلق بالتعليم جاء في «الخطــة الوطنيــة للتنميــة» أن المســؤولية عــن نوعيــة التعليــم وجودتــه لا تقــع علــى عاتــق الدولــة بصفــة حصريـة، فمـا يزيـد علـى 30% مـن المعلميـن الفلسـطينيين يعملـون، وحوالـي نصـف مليـون طالــب يدرســون، فــي المــدارس التابعــة لوكالــة الأمــم المتحــدة لغــوث وتشــغيل اللاجئيــن(الأونـروا) أو فـي المـدارس الخاصـة. وبنـاءً علـى ذلـك، ينبغـي أن تسـتند اسـتراتيجية قطـاع التعليــم إلــى عمليــة تشــاركية تضمــن الاتســاق والتكامــل والتمايــز بيــن جميــع المؤسســات التعليميــة، وهنا تقع بالتحديد مسؤولية الحكومة في إدارة هذه التشاركية، وخاصة في محاولة فرض برامج غير وطنية تحت مسمى نشر الكراهية في مدارس الأونروا، لذا الأمر لا يقتصر فقط على حمايـة المناهـج الفلسـطينية فـي القـدس والتصـدي لسياسـة الأسـرلة في مدارسها، بل يمتد إلى خارج المدينة المقدسة.
وتهــدف الحكومــة الفلسطينية في خطتها إلــى توفيــر مشــاريع للشــباب، فــي مجــالات الزراعــة، والحــرف، والبرمجــة والتطبيقــات الإلكترونيــة، والتحــول فــي التعليــم، جزئيــاً، نحــو التعليــم المهنــي. وهــذا كلــه مـن شـأنه أن يحقـق مجموعـة أهـداف: أولهـا، الارتقـاء بالتعليـم المجـرد، الفلسـفة، والعلـوم الإنسـانية، والاجتماعيـة، بجعلهـا أكثـر تخصصـاً، وأقـل جماهيريـة، مـا يعـزز نوعيـة التعليـم فـي هـذه المجـالات، ويقلـل مـن الضغـط علـى سـوق العمـل فيهـا، مـا يعطـي الفرصـة للكفـاءات النوعيـة فيهـا. ثانيـاً، زيـادة عـدد العامليـن فـي مشـاريع ذاتيـة، ومهنيـة، مختلفـة. ثالثـاً، يـؤدي تغييـر نمـط ملكيـة أماكـن العمـل ومصـادر الدخـل، لزيـادة تمكيـن الأفـراد، وحريتهـم بعيـداً عـن الارتبـاط بالوظيفـة العامـة، أو المانـح الخارجـي.
الأهم من ذلك كله هو الانفكاك من التبعية للاقتصـاد الاسـرائيلي والتخلص من سطوة الشيكل الإسرائيلي، والخروج من بروتوكول باريس الاقتصادي، وإيجاد البدائل للعمال الفلسطينيين العاملين في المستوطنات وفي داخل الخط الأخضر عن سوق العمل الإسرائيلي، وحماية المنتج الوطني، ومحاربة الاعتماد على المنتج الإسرائيلي، وإيجاد البدائل من السوق المحلية أو العربية أو العالمية.
ورأت الخطة أن تعزيز النشأة السوية للطلبة تتطلب تجـاوز عمليـة التعليـم من المنظـور الضيـق للدراسـة الصفيـة، وبهـذا تولـي هـذه الخطـة اهتمامـاً خاصــاً بصحــة الطلبــة بمفهومهــا الشــمولي، وتعزيــز مشــاركة الطلبــة الفاعلــة فــي الحيــاة المدرسـية والمجتمعيـة وتعلمهـم للمهـارات الحياتيـة اللازمـة لصقـل شـخصيتهم بجوانبهـا المختلفــة، بمــا يشــمل أيضــاً التركيــز علــى القيــم الأخلاقيــة والإنســانية وتجذيــر الانتمــاء والوعــي بالروايــة الفلســطينية.
الحديث عن التعليم والدور السياسي للشباب لم يترافق مع موازنات محددة لهذه الأهداف، هذا في الأراضي المحتلة عام 1967، فكيف يكون الحال في الشتات باعتباـر دولــة فلســطين الوطــن الــذي يحتضــن جميــع الفلســطينيين المقيميــن داخــل حدودهـا وخارجهـا، بمـا فيهـا التجمعـات المعزولـة مـن جـراء ممارسـات الاحتـلال الاسـرائيلي ..؟.
– المشاركة والسلوك السياسي في المجتمع الفلسطيني
– دراسة اجتماعية في أجزاء :
– الجزء السادس :
– المشاركة السياسية للشباب
– بقلم : أسامة خليفة
– باحث في المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات «ملف»