#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية
– تعرضت سورية وتركيا لزلزال هو الأعنف منذ عشرات أو مئات السنين، وألحق خسائر بشرية ومادية هائلة، وشكل صدمة كبيرة للسوريين وغيرهم من الأشقاء والأصدقاء والكثيرين في دول العالم، ومع حجم الخسائر الهائل، وثقل تبعات ذلك وما تعانيه سورية أصلاً منذ عقد ونيف من الزمن بفعل الحرب؛ -التي شهدتها وما تركته من ندوب على الجسد السوري، والكلفة المرتفعة الباهظة التي تحملها السوريون-؛ إلا أنهم ومع كل ما تمت الإشارة إليه انبروا بأنفسهم ومن خلال مؤسساتهم الوطنية والمجتمع المدني والأهلي لمواجهة تلك الكارثة الوطنية وضمن إمكاناتهم المحدودة، وفي ظل حصار اقتصادي غير مسبوق فرضته الولايات المتحدة الأميركية على الشعب العربي السوري لشل إرادته السياسية وإخضاعه لمنطقها الأعوج إلا أنَّ السوريين الذين علمتهم تجارب الحياة أنَّ العنصر الأساسي في مواجهة التحديات بكل أشكالها سواء أكانت بفعل الطبيعة أم البشر لا تكون إلا بالفعل الذاتي أولاً وقبل كل شيء وأنَّ الإنسان المؤمن بوطنه الواثق من قدراته المنتمي لشعبه هو الفاعل الأساسي في ذلك .
_ من هنا وجدنا ووجد الجميع أنَّ السوريين بكل تكويناتهم السياسية ونسيجهم الوطني وقفوا صفاً واحداً ويداً واحدة لمواجهة تبعات وآثار ونتائج تلك الكارثة الوطنية، وتعاون جميع أفراد الشعب في حالة قل نظيرها لمواجهة ذلك التحدي الكبير، وبرزت الروح الوطنية السورية لتكون في أحسن حالاتها لتعبر عن المخزون الحضاري والإنساني لهذا الشعب العريق؛ الذي عكس حالة وحدة وطنية غير مسبوقة تجاوزت الحدود الجغرافية لتصل إلى حدود الانتشار السوري في العالم.
_ وإلى جانب هذه الحالة الوطنية الفريدة تنادى أبناء الأمة العربية في كل أقطارهم للوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المحنة القاسية معبرين عن وجدان جمعي عربي يثبت للجميع أن العروبة بخير وأن سورية كانت ومازالت في قلب أبناء الأمة ولم تنل من مكانتها تلك كل أشكال الاستهداف التي مارستها قوى تناصب العداء لهذا الشعب وقيادته السياسية ومؤسساته الوطنية؛ لأنها شكلت تاريخياً حالة المواجهة للمشاريع التي استهدفت المنطقة وفي مقدمتها المشروع الصهيوني الذي يستهدف ليس فلسطين وحدها وإنما هوية المنطقة على وجه العموم.
_ لقد كانت مواقف أغلب الحكومات العربية منسجمة مع الإرادة الشعبية في كل قطر عربي لذلك لاحظ الجميع تدفق المساعدات بكل أشكالها من الدول العربية والصديقة إلى جانب المبادرات الفردية التي قام بها المجتمع المدني والقوى والمنظمات الشعبية والأهلية لتقديم أشكال العون كلها للشعب السوري إضافة إلى فرق المتطوعين الذين قدموا من معظم الأقطار العربية يملؤهم الحماسة والاندفاع الصادق للمساعدة في أعمال الإغاثة والإنقاذ والدعم النفسي لكل محتاجيه، وإلى جانب ذلك وعلى التوازي مع المواقف الرسمية التي عبر عنها القادة العرب استنفرت المنظمات القومية العربية للوقوف إلى جانب الشعب العربي السوري وتقديم كل المساعدات له وكان في مقدمتها المؤتمر القومي العربي والمؤتمر العام للأحزاب العربية والمؤتمر القومي الإسلامي ومؤسسة القدس الدولية تلك المؤسسات المدنية ذات الطابع القومي كانت قد أطلقت قبل ذلك الحملة الشعبية العربية والدولية لرفع الحصار عن الشعب السوري وإسقاط قانون قيصر، ونظمت حملات شعبية لجهة تحريك الرأي العام العربي والضغط على الأنظمة السياسية لاتخاذ المواقف المنسجمة مع مصالح الأمة العربية والإسلامية وقواعد الحق والعدالة في مواجهة قوى الهيمنة والشر في العالم.
_ إنَّ قراءة موضوعية ومعاينة للواقع في ظل ما حدث وحجم التفاعل الشعبي والوجداني مع الشعب السوري يثبت للجميع أن أبناء الأمة العربية هم موحدون وجدانياً ويتحسسون لقضايا الأمة العربية يفرحون لفرحها ويحزنون ويتألمون لما يصيبها من محن وكوارث، فهم كما فرحوا في مونديال قطر لما حققته الفرق العربية من نجاحات ولاسيما الفريق المغاربي وكذلك لكأس الخليج العربي في البصرة هم ذاتهم من رفع العلم الفلسطيني في الملاعب وطرد البعثة الإعلامية “الإسرائيلية” التي حضرت لتغطية المونديال ولم يتعامل معها، وهم أيضاً من وقف ويقف إلى جانب سورية في محنتها تلك، ويقدم للشعب العربي السوري كل أشكال المساعدة المادية والمعنوية، ويشارك في أعمال الإنقاذ ومعالجة المصابين جراء الزلزال المدمر، وها هي المطارات السورية في دمشق وحلب واللاذقية تشهد هبوط عشرات الطائرات القادمة من معظم الأقطار العربية والشقيقة، وكذلك تزدحم الحدود البرية بين سورية ولبنان والأردن والعراق بمئات الشاحنات التي تحمل كل أشكال المساعدات للشعب السوري وتخفف من آلامه وتشعر السوريين جميعاً انهم ليسوا وحدهم في هذه المحنة، فلهم أشقاء وإخوة لهم في فضاء العروبة الواسع.