المجلس الإسلامي الجعفري الأعلى في سورية  يهنئ المؤمنين والأمة الإسلامية بذكرى زواج النورين عليهم السلام

#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية

 

 

– في مثل هذا اليوم وقع الزواج المبارك للإمام علي من فاطمة الزهراء عليهما السلام ، وسمي بزواج النورين ، وتحظى هذه الواقعة بأهمية كبيرة لأنهما من أعظم الشخصيات وأفضل الخلق بعد الرسول ( صلى الله عليه وآله ) وأئمة أهل البيت (عليهم السلام ) ، ويدل أيضاً هذا الزواج على مكانة الإمام علي ( ع ) عند النبي ( ص ) ، حيث اختصه بابنته دون سائر المؤمنين .

– قال الرسول الأكرم محمد ( صلى الله عليه وآله ) لابنته فاطمة ( عليها السلام ) : يَا بنية مَن صَلَّى عَليكِ غَفرَ اللهُ لَهُ ، وَأَلحَقَه بِي حَيثُ كُنتُ مِنَ الجَنة.

– وقال (صلى الله عليه وآله) أيضاً : فَاطِمة بضعَةٌ مِنِّي ، يُؤذيني مَا آذَاهَا وَيُريِبُني مَا رَابَهَا ، إلى غير ذلك من الأحاديث .

فإذا كانت سيدة نساء العالمين ، السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) تحتل هذه الدرجة من المقام الرفيع عند الله ، فمن لا يحب شرف الاقتران بها ، وإعلان رغبته في التزوج بها من أكابر قريش .

– وبهذه المناسبة هنأ المجلس الإسلامي الجعفري الأعلى في سورية ممثلاً برئيسه سماحة آية الله العلامة الهاشمي السيد محمد علي المسكي ” حفظه الله ، المؤمنين والأمة الإسلامية في بياناً جاء فيه :   

– نرفع أجمل وأبهى التهاني لمقام الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) وعترته النبوية الطاهرة لا سيما إمام العصر والزمان ومنقذ البشرية الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه) وإلى مراجعنا وعلمائنا الأعلام (أدام الله ظلهم) وإليكم إخواني وأخواتي المؤمنون والمؤمنات بهذه المناسبة العطرة ، وأي نورين أعظم من الآية الكبرى الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) وقطب دائرة الوجود مولاتنا فاطمة الزهراء ..!!

– ففي مثل هذا اليوم للسنة الثانية للهجرة اكتست السماء أفضل حلية النور والجمال ونثر الحور الدر والمرجان .

– حيث عبر الحبيب المصطفى (ص) عن عظمة الزوجين بقوله :

(و لم يُخلق عليٌّ لم يكن لفاطمة كفوٌ) .. (كنوز الحقائق، ص١٢٤).

– الزواج الذي عُقد في ملكوت السموات :

– كمالات فاطمة الرفيعة من ناحية ، وكونها بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) من ناحية أخرى، شرف نسبها من ناحية ثالثة، كان سبباً في سعي الكثير من كبار أصحاب الرسول (صلّى الله عليه وآله) لخطبتها، إلاّ أنّ الرسول (صلّى الله عليه وآله) رفض تزويجها، وغالباً ما يكرّر قوله: “أمرها إلى ربِّها!”. والأعجب من ذلك خطبة (عبد الرحمن بن عوف) ، ذلك الرجل الثري الذي كان ينظر إلى الأمور من زاوية ثرائه، على ضوء التقاليد والأعراف الجاهلية، فكان يعتقد بأنّ المهر الغالي دليل على عِظم موقع المرأة ومكانتها.

– فعن أنس بن مالك قال : ورد عبد الرحمن بن عوف الزهري، وعثمان بن عفان إلى النبي (صلّى الله عليه وآله) ، فقال له عبد الرحمن يا رسول الله، تزوّجني فاطمة ابنتك، وقد بذلت لها من الصداق مِئة ناقة سوداء زرق الأعين .. وعشرة آلاف دينار ـ ولم يكن من أصحاب رسول الله أيسر من عبد الرحمن وعثمان .. وقال عثمان : وأنا أبذل ذلك ، وأنا أَقدم من عبد الرحمن إسلاماً .. فغضب النبي (صلّى الله عليه وآله) من مقالتهما ، وقال له: (إنّك تهوّل عليّ بمالك ..؟) .. ( تذكرة الخواص، ص ٣٠٦).

– بلى .. يجب أن تُشخّص وتُطبّق المُثل الإسلامية في زواج فاطمة (عليها السلام)، ويتعرّف المجتمع الإسلامي على القيم والمعايير الإسلامية السامية، وتُسحق السُنن البالية من عهد الجاهلية.

– وبينما كان حديث زواج فاطمة يدور على ألسن أهل المدينة، إذ ذيع فجأةً أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لن يزوّجها من غير علي بن أبي طالب (عليه السلام).

– علي بن أبي طالب (عليه السلام) الذي خلت يده من المال، ومن كلِّ ثروة دنيوية، ولم يكن يتحلى بأيٍّ من الميزات التي تُقيم لها الجاهلية وزناً، لكنّه كان يتمتع بإيمان وقيم إسلامية أصلية، تملأ كيانه من مفرق رأسه إلى أخمص قدميه.

– وعندما تحقّق القوم علموا أنَّ وحياً سماوياً قد أمر الرسول (صلّى الله عليه وآله) بعقد هذا الزواج التاريخي المبارك، إضافةً إلى أنّه (صلّى الله عليه وآله) قال : ” أتاني مَلَك فقال: ( يا محمد !! إنّ الله يقرؤك السلام، ويقول لك: إنّي قد زوّجت فاطمة ابنتك من عليٍّ ابن أبى طالب في الملأ الأعلى، فزوّجها منه في الأرض) ” [ ذخائر العقبى، ص٣١ ].

– عندما دخل أمير المؤمنين علي (عليه السلام) على رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وقد أخذ الحياء منه مأخذه، جلس بين يديه (عليه السلام) ولم يستطع التكلّم؛ لجلالة وهيبة صاحب الرسالة (عليه السلام) فقال له (عليه السلام): ما جاء بك؟ ألك حاجة؟ فسكت أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال (عليه السلام): لعلك جئت تخطب فاطمة؟ فقال علي (عليه السلام): نعم !! فقال الرسول (صلّى الله عليه وآله) : يا علي ! لقد سبقك آخرون خطبتها مني ، وإنّي كلما عرضت الأمر عليها لم تظهر موافقتها ، دعني أحدّثها في شأنك.

– ذهب النبّي (صلّى الله عليه وآله) لفاطمة (عليها السلام) وقال لها : إنّ علي بن أبي طالب ممّن قد عرفتِ قرابته وفضله في الإسلام، وإنّي سألت ربّي أن يزوّجك خير خلقه وأحبهم إليه، وقد ذكر من أمرك شيئاً، فما ترين؟ فسكتت، فخرج رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وهو يقول : الله أكبر! سكوتها إقرارها بعدها تمّ عقد القران بواسطة الرسول (صلّى الله عليه وآله).

– ومن الروايات في ذلك عند عامّة المسلمين ، ما رواه ابن الأثير بسنده عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي قال: خطب أبو بكر وعمر فاطمة إلى رسول الله (ص) فأبى رسول الله (ص) عليهما، فقال عمر: أنت لها يا علي، فقلت: ما لي من شيء إلا درعي أرهنها .. فزوّجه رسول الله (ص) فاطمة ، فلما بلغ ذلك فاطمة بكت، قال: فدخل عليها رسول الله (ص) فقال: ما لكِ تبكين يا فاطمة ” فوالله ”  فقد أنكحتك أكثرهم علماً ، وأفضلهم حلماً ، وأوّلهم سلماً .. ( ابن الأثير، أسد الغابة، ج٥، ص٥٢٠) .

– وعن بريدة قال : خطب أبو بكر فاطمة فقال رسول الله (ص) : ” إنها صغيرة، وإني أنتظر بها القضاء”. فلقيه عمر فأخبره فقال: ردّك، ثم خطبها عمر فردّه .. ( ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج٨ ، ص١٦؛ وأيضاً : ابن حجر العسقلاني، الإصابة، ج١، ص٤٩) .

– وقد روي عن أنس بن مالك أن أمير المؤمنين (ع) بعد أن أحضر مهر فاطمة (ع) قيمة درعه الذي باعه بأربع مائة وثمانين، أتى بها النبي(ص) فوضعها في حجره، فقبض منها قبضة، فقال: ( يا بلال، أبغنا بها طيباً، وأمرهم أن يجهزوها) .. ( الطبراني، المعجم الكبير، ج٢٢، ص٤٠٩- ٤١٠؛ وأيضا: الكليني، الكافي، ج٥، ص٣٧٨؛ وأيضا؛ الطوسي، الأمالي ، المجلس ٢، ص٤٠، ح ١٤) .

جهاز فاطمة :

– كان جهازها (ع) أربعمائة وثمانين درهماً سود هَجريّة ، وروي عن الإمام الصادق (ع) أنّ أمير المؤمنين (ع) جاء بالدراهم وسكبها في حجر رسول الله (ص) فقبض منها قبضة، وكانت ثلاثة وستين أو ستة وستين. وكانت ثمن درع الإمام (ع) فأعطى أم أيمن لمتاع البيت، وأسماء بنت عُميس للطيب، وأم سلمة للطعام، وأنفذ معهن عمّار وأبا بكر وبلال ليبتاعوا ما يصلح للبيت من باقي الأثاث .

– وقد قال النبي (ص) في ذلك : ( اللهم بارك لقوم جلُّ آنيتهم الخزف) .. ( الاربلي، كشف الغمة، ج١، ص٣٦٩؛ وأيضاً : ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب، ج٣، ص٥٣٥؛ وأيضا: الخوارزمي، المناقب، ص٢٤٩ ) .

– فسلام على من زوَّجهما الله في علاه ثم رسوله، فكانت بركات زواجهما ذرية طيبة هم خير أهل الأرض بعد رسول الله صلوات الله عليه وآله وعليهما ، وهم بطلة كربلا وحامية الشام مولاتنا السيدة زينب عليها السلام ، وأخويها سيدي شباب أهل الجنة الإمامين الحسن والحسين حبيبي الرسول وقرة عينه .

– وما أروع ما سبك أحد الشعراء في ذلك :

– جَاء النبي إلى البتولِ مخَبراً

زهراء هل ترضين زوجاً حَيدراً

ذابت حَياءً ثُم أحنت رأسها

فَرح النبي بِها وصاح مُكبراً

رضيت وإذ بِالخُلد تنثر ورَدها

 فلننثر الصلوات حتى نؤجرا

– رزقنا الله وإياكم التأسي بنورهما ورزق كل مؤمنة زوجاً طيباً يسعدها ، ورزق كل مؤمن زوجة صالحة تسره بمحضره وتحفظه في غيبته .. وأسعد الله قلوبكم وأيامكم بهذه الذكرى العطرة .

 

– دمشق : المجلس الإسلامي الجعفري الأعلى في سورية