نائب وزير الخارجية والمغتربين ” الدكتور بشار الجعفري ” مستقبل سورية ومصيرها هي مسائل في صميم السيادة الوطنية

#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية

 

 

 

– إن حامل القضية الحق هو رسول الحرية إلى الناس ، وأداته اختراق جدار السلطة الحدودية بين أجزاء كل المتغيرات ليصل بالكلمة والدلالة إلى المستوى المطلوب ، فهو القادر على الاستفادة من المعطى في المنظور المحيط ليصنع منه قوام هوية وخصوصية تمايز بضمير حي، كون من تداخل المعطى المعرفي مع المعطى الأخلاقي والوطني ليصبح ذلك الإنسان الأقدر على التعامل من المنظور الفكري المنطقي والإنساني الحي ، وإعطاء حالة التكامل بين مايقدمه المجتمع ومايقدمه الواقع الموضوعي ، مفهوماً خاصاً ينشئ حالة التقارب عبر هذا التعدد المتنامي الذي يحقق التوازن المدروس بالطريقة الصحيحة الذي يفتح أمامنا آفاقا للمستقبل .

– فإن الأرض تتشقق عن أكثر من بذرة، والنباتات الصغيرة تنمو في ظل الريح، دربها الدرب ولو أنه غير ممهد، وبدايتها على سطحيتها وضبابيتها إعلان عن حياة جديدة، لاشراقات جديدة، وفكر جديد لمرحلة أغنى وأصدق .

ومن هنا سننقل للقارئ ضمن مدى مفتوح للانتماء والجذر الأصل الأصيل ضمن لقاء حصري مع الدكتور بشار الجعفري نائب وزير الخارجية والمغتربين في الجمهورية العربية السورية الذي بدأنا معه سؤالنا :

– السؤال الأول : من مهام الدبلوماسية الدفاع عن الوطن ، وسد الثغرات التي يُحدثها الأعداء على الصعيد الدولي ، والمساهمة بوضع قواعد وأسس تتناسب مع واقعه الحقيقي ضمن منظومة سياسية مدروسة .

– فكيف يُمكنكم الربط الآن بين الحالة الدبلوماسية وبين تنفيذ الواجبات ضمن عملكم نائباً لوزير الخارجية ، في ظل عدوانية خارجية مُتصاعدة ، ومتحكمة بالكثير من مفاصل صنع القرار الدولي ..؟

– ليس من قبيل المبالغة أن نقول اليوم أن حجم التآمر على سوريا هو غير مسبوق في التاريخ الحديث والمعاصر. ولذلك كانت الأعباء المُلقاة على الدبلوماسية السورية في معرض الدفاع عن الوطن كبيرة جداً وغير مسبوقة أيضاً بحكم تصدّيها لشبكة واسعة من ” الجبهات “ القتالية الدبلوماسية ، وبشكل موازٍ لتصدي الجيش والقوات المسلحة لنفس الجبهات القتالية ولكن بصيغتها الإرهابية والعسكرية .

– لقد كان واضحاً منذ البداية استهداف بلادنا بحرب إرهابية مستهترة بكل مكتسبات القانون الدولي على مدى عقود، وعابرة لكل المواثيق والاتفاقيات ومعاهدات حسن الجوار .. ويكفي أن يتذكر المرء ما ورد من حقائق دامغة حول ذلك في وثائق ويكيليكس وايميلات هيلاري كلينتون وتصريحات ومذكرات كبار المسؤولين الأمريكيين والغربيين من مدنيين وعسكريين ، لكي نُدرك جميعاً أن كلمة ” تآمر” تُصبح خفيفة جداً في سياق توصيف الحرب الإرهابية متعددة الرؤوس والجبهات والوسائل واللاعبين .

– وطبعاً كان العنوان الرئيس لهذا التآمرهو مشروع ” الإرهاب التكفيري الاسلاموي “ .. وليس الإسلامي ، بمعنى استخدام الإسلام السياسي لضرب الإسلام الروحي وتشويه معانيه السامية .. وقد ساعد الإعلام الغربي وتوابعه من وسائل إعلام تُسمى عربية في التسويق ” بخبث شديد “ ، لهذا الإرهاب على أنه معارضة مسلحة ، لكن معتدلة ، ووقفت البشرية تتفرج لأول مرة في تاريخها ، على ظاهرة مصطلحات جديدة مثل: الربيع العربي المسلح ” الإرهاب الحلال “ المعارضة المسلحة المعتدلة ” الحركات التكفيرية “ المقاتلون الأجانب ( بدون توصيفهم بالإرهاب )الجهاديون …الخ.

– والجميع يعلم اليوم أن سوريا وحلفاءها ، وفي مقدمتهم روسيا الاتحادية وجمهورية إيران الإسلامية وحزب الله، قد شكلوا جبهة للتصدي لمشروع الإرهاب التكفيري، وأنه لولا صمود هذه القوى ورفضهالمشاريع الهيمنة والتبعية، لكان خطر الإرهاب يجتاح كل مدينة في العالم .

– لقد دفعت سوريا والشعب السوري ثمناً باهظاً نتيجة الحرب الإرهابية التي فُرضت عليه من قِبل تحالف قوى الغرب مع قوى التطرف الإقليمية والعربية .. حيث استخدم هذا التحالف والقوى التابعة له كل الأسلحة غير المشروعة لتقويض أمن وآمان واستقرار سوريا وشعبها ، على غرار ما ارتكبوه من جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية في العراق وليبيا وفلسطين وغيرها .

– نحن في سوريا نُدرك أن هذه الحرب الإرهابية التي شُنت علينا كانت تستهدف جوهر موقعنا وقدرتنا كقوة سياسية لها وزنها وفعلها في الساحتين الإقليمية والدولية ، كما كانت تستهدف محور مقاومتنا للعدو الإسرائيلي ورفضنا لمشاريع تصفية القضية الفلسطينية، وقد عملنا جميعاً كلٌ من موقعه بتوجيهات ” السيد الرئيس بشار الأسد ، رئيس الجمهورية العربية السورية “ الذي أوضح لنا من اليوم الأول لهذه الحرب الإرهابية أنثمن الاستسلام والهزيمة أكبر بكثير من ثمن المقاومة والانتصار، وهذه كانت البوصلة التي نقتدي بها يومياً في عملنا على اختلاف المواقع التي نشغلها . 

– إن الدول المتآمرة على سورية لن تتوقف عن محاولات شرعنة أجنداتها التدخلية والعدوانية عبر طرق مختلفة وذرائع شتّى، ولكن ما شهدناه في مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة على مدى السنوات العشر الماضية يُثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن هذه الدول لم تعد تتحكم بمفاصل صنع القرار الدولي .

– فوجود روسيا الاتحادية والصين كعضوين دائمين في مجلس الأمن إلى جانب العديد من الدول الأخرى التي تؤمن بالقانون الدولي وبأحكام ميثاق الأمم المتحدة ، قد لجمالمحاولات المستميتة لبعض الدول لاستعادة ماضيها الاستعماري المقيت ومحاولة التحكم بمصائر الشعوب ونهب ثرواتها، وحماية المشروع الصهيوني في فلسطين المحتلة وتمدده في منطقتنا .

– السؤال الثاني : برأيكم ما شكل الانتخابات الرئاسية السورية في ظل استعار الحرب السياسية التي تؤججها أطراف العدوان على سورية للحصول بالسياسة على ما عجزوا عن بلوغه بالحرب بالاعتماد على دور المعارضة ضمن اللجنة الدستورية المشكلة لوضع دستور جديد ، وكيف سيتم الربط بين الداخل والخارج السوري ..؟

– إنّ الجمهورية العربية السورية كانت ومازالت مؤمنة بأن مستقبل سوريا ومصيرها هي مسائل في صميم السيادة الوطنية ، ولا يحق لأحد أن يقررها إلا الشعب السوري .

– نحن لم نلتفت يوماً ولم نقم وزناً للضغط السياسي والإعلامي القائم على المحاولات اليائسة للتشكيك في شرعية مؤسسات الدولة السورية كافة ، وحربنا كانت ضد الإرهاب وضد رعاته ، وانتصارنا فيها مع حلفائنا هو انتصار لمفهوم الدولة واحترام سيادتها وصون وحدة أراضيها بالكامل ، وهذا يصب في صالح كل الدول التي تواجه تآمراً مماثلاً عليها ، مثل ” بيلاروسيا ونيكاراغوا وفنزويلا وكوبا وزمبابوي وإيران وحتى روسيا والصين وغيرها “ .

– وإنّ أهم ما أفرزته الحرب الإرهابية التي فرضت على سورية هو أنها كشفت الفرق بين أن يكون هناك معارضة وطنية تسعى للتعبير عن مواقفها السياسية بشكلٍ شرعي وسلمي، وبين أن تكون هذه المعارضة مجرد أداة تستخدمها القوى الخارجية للمساهمة في استهداف الدولة السورية وجوهر وجودها وتدمير مقدراتها وتشتيت شعبها، وهو الأمر الذي لا يمكن أن يخدم أي معارضة وطنية ولا أن يصب في مصلحة الشعب السوري، بغض النظر عن الخلاف في الرؤية لمستقبل سوريا .

– مبادئُنا السياسية واضحة وثابتة ، وهي التي تؤسس لأي برنامجٍ سياسي تتبناه الحكومة السورية ، ونسعى إلى ترسيخ مفهوم الدولة ذات السيادة التي تستجيب لتطلعات شعبها في إطار الأولويات الوطنية .

– إن الانتخابات الرئاسية القادمة ستجري في موعدها وفقاً للدستور الحالي ، ولا يوجد أي رابط بين عمل اللجنة الدستورية التي تجري في جنيف برعاية أممية وبين هذه الانتخابات .

السؤال الثالث : يُخبرنا الواقع السياسي الدولي الراهن أن الصهيونية بالتعاون مع الامبريالية العالمية تعمل على ضرب أي مشروع سياسي يعمل على إعادة الهيكلة السورية .

– فما العمل كي نحقق الغلبة للمشروع السياسي السوري تحت عنوان عدم التفريط بذرة تراب أو معنى من معاني السيادة الوطنية في ظل هذه المؤامرات ..؟

– قد يظنّ البعض بأن ما يحدث في سوريا غير ذي صلة باستمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية، بما في ذلك في الجولان الحبيب، ولكن في حقيقة الأمر هناك ترابط عضوي بينهما لجهة أن أحد أهم أسباب استهداف سوريا هو ثنيها عن نهجها الرافض للاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية ورفضها التخلي عن أي دعم للمطالب المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق ولشعبنا المناضل في الجولان المحتل وفي جنوب لبنان .

– والدليل على ذلك مساعدة إسرائيل للإرهابيين المرتبطين بتنظيم القاعدة في منطقة الفصل في الجولان وتسهيلها لتهريب ارهابيي تنظيم ” الخوذ البيضاء “ ، ممن فبركوا أفلام استخدام الأسلحة الكيميائية ، عبر الجولان المحتل وارسالهم إلى العواصم الغربية ، الأمر الذي وثقته تقارير الأمين العام الخاصة بالأندوف .

– وعلى الرغم من الظروف الصعبة التي نمر بها فإن القضية الفلسطينية تبقى في مقدمة أولوياتنا القومية ، ويبقى الجولان السوري المحُتل في قلب وعقل السيد الرئيس، بشار الأسد، وعلى رأس الأولويات الوطنية السورية، ويحتل مركز الثقل والصدارة في الدبلوماسية السورية، وذلك سواء في المحافل متعددة الأطراف كالأمم المتحدة أو عبر العلاقات الثنائية مع مختلف الدول .

– إن الجولان كان وسيبقى بوصلتنا إلى أن ننال حقنا في الاستعادة الكاملة لكل حبة تراب من ترابه المحُتل. وهذا الحق لا يخضع للتفاوض أو المساومة ولا يسقط بالتقادم .

– السيد الرئيس بشار الأسد مُصر إصراراً لا يتزعزع على تحرير الجولان كاملاً حتى خط الرابع من حزيران لعام 1967 من الاحتلال الإسرائيلي وتطهيره من المستوطنات بكافة الوسائل، وإيماننا بقضيتنا عميق وثقتنا بعزيمة شعبنا كبيرة، والغالبية الساحقة من دول العالم تدعم حقنا غير القابل للتصرف في استعادة الجولان كاملاً.

السؤال الرابع : من حق المواطن السوري المكتوي بلهيب هذه الحرب منذ عشر سنوات أن يكون لديه رؤية واضحة عن التطور المحتمل للأحداث وتداعياتها . 

– والسؤال المشروع الذي يُراود ذهن الجميع ” المنطقة إلى أين ” ؟ في المستقبل القريب على الأقل ..؟

– لقد راهنت الدول الداعمة للإرهاب في سوريا على أن الدولة السورية سوف تسقط بعد أسابيع أو أشهر على أبعد تقدير، وذلك بعد أن سخّرت هذه الدول كل قدراتها لدعم الإرهاب، سواء كان ذلك من خلال اصدار الفتاوى التكفيرية أو فتح الحدود للإرهابيين أو تقديم السلاح والمال لهم أو استجلاب الإرهابيين من زوايا الأرض الأربع ، وما رافق ذلك من حملات إعلامية محمومة ضد الدولة السورية ، ومحاولة فرض حلول تدخلية تُراعي مصالح الدول الداعمة للإرهاب ، وفرض إجراءات قسرية اقتصادية طالت كافة ابناء الشعب السوري .

– إن سوريا وحلفاءها مؤمنون بأن الحرب الإرهابية هي في مراحلها الأخيرة وذلك بفضل التضحيات العظيمة التي قدّمها الجيش العربي السوري والحلفاء ، ونحن مؤمنون أيضاً أن الارهاب الاقتصادي الذي نشهد أبشع صوره اليوم سوف يفشل أيضاً بفضل عزيمة القيادة السياسية ووعي شعبنا. ونحن نتطّلع في المرحلة المقبلة إلى شراكةٍ وثيقة مع حكومات الدول الصديقة من أجل إطلاق عملية إعادة الإعمار والتأهيل بما يعود بالفائدة والمصلحة على شعبنا .

– السؤال الخامس : بعد مرور عشر سنوات على أقذر حرب عرفتها البشرية، يتضح بأن الجهود تركز على الوعي في الفصول المتبقية من الحرب ، وقد تكون هي الفصول الأخطر .

– فما الرسالة التي توجهها للمثقفين وصناع الرأي ، عامة ، في هذه المرحلة الحرجة من تاريخنا ..؟

– وكيف يُجسد المثقف الوطني دوره في استخدام الكلمة بالشكل الأمثل انطلاقاً من أن الأدب حامل أساسي للهم الوطني ، ويفترض أن يكون أحد روافع الدولة في سياساتها الداخلية والخارجية ..؟

– رسالتي هي التأكيد على أن سياسة واستراتيجية سوريا ستبقى قائمة على تحرير كل شبر من الأراضي السورية من الإرهاب وطرد كل قوة أجنبية معتدية على السيادة الوطنية سواء كانت اسرائيل أو ما يسمى ” التحالف الدولي” أو القوات التركية ، وذلك بالتوازي مع بذل كافة الجهود لتأمين احتياجات السوريين الأساسية ودعم وضعهم الإنساني والمعيشي، وتأمين المتطلبات الأساسية في سياق تهيئة الظروف المناسبة لعودة النازحين واللاجئين السوريين إلى مناطقهم وحياتهم الطبيعية.

– إنّ واجبنا هو أن نشرح لشعبنا الصبور أن الحرب الإرهابية التي خطط لها أعداؤنا واستثمروا فيها تريليونات الدولارات هي حرب وجودية تستهدف الدولة والشعب على حد سواء. وأعداؤنا لم يتغيروا على مدى القرن الأخير وحتى الآن، نفس الوجوه وذات الخطط والمشاريع .

– أما ما يحدث اليوم فهو رفع مستوى العداء والعدوانية إلى مستويات غير مسبوقة بسبب شعور أعدائنا باليأس والاحباط من فشل كل أسلحتهم في تقزيم قرارنا السياسي المستقل وخياراتنا الوطنية .

– حوار : لبنى مرتضى