#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية_بقلم : المهندس ميشيل كلاغاصي ” الكاتب والخبير الاستراتيجي “
– باتت السياسة الخارجية للولايات المتحدة تفضح جوهرها , وتُسقط كل حديثٍ عن القيم والمثل الأمريكية , بما يؤكد نفاقها وصلفها في إحترام العلاقات الدولية والقيم الإنسانية , ولم تعد سياسة الإدارات الأمريكية المتعاقبة التي تتمرس وراء إستراتيجية نسف ما قامت به الإدارات السابقة وفرض العقوبات , سوى اسلوباً استفزازياً وقحاً , يبدأ بنسف الإتفاقيات ونقض العهود , ولا ينتهي بالمجاهرة بالعداء وبالتهديد وبكيل الشتائم أيضاً.
– أي سلامٍ وتهدئةٍ وتبريد للملفات , يدعيه بايدن وبلينكن , مادامت الأفعال تتناقض مع الأقوال والنوايا ..؟
– وأي قمة يسعى الرئيس بايدن لعقدها مع الرئيس بوتين , بعدما تخطى حدود اللياقة ووصف بوتين بالقاتل ..؟
– أم هي محاولة لتبييض الإخفاقات الصريحة للسياسات التي انتهجتها واشنطن مؤخراً ..؟
– عشرات الملفات العالقة والمعقدة تشوب علاقة موسكو وواشنطن , وعشرات الإستفزازات والسياسات المتهورة تقودها واشنطن تجاه موسكو , وعلى رأسها ما تقوم به إدارة بايدن عبر دعمها المستمر لتصعيد الصراع في أوكرانيا – في قلب المنطقة الحيوية للأمن القومي الروسي – , وما حولها من بولندا إلى كاراباخ , وإلى أين تمضي واشنطن بدعمها العسكري لوزارة الدفاع الأوكرانية , التي تجاوزت بمجموعها منذ العام 2014 أكثر من ملياري دولار .. في وقتٍ لا تبدو واشنطن مستعدة وقادرة على مواجهة موسكو وجهاً لوجه إلى جانب أوكرانيا , تبدو حاجة بايدن للقمة ملحة لمناقشة خروج واشنطن من الصراع الذي خلقته بنفسها للحفاظ على ماء وجهها.
من غير الواضح ” حتى الاّن ” أين ستعقد القمة المقترحة بين بايدن وبوتين , والأجندات التي ستتم مناقشتها , على الرغم من الأجواء الروسية – غير الرسمية ، التي تشي بإمكانية تعويض القمة الرئاسية بلقاء بين أمين مجلس الأمن الروسي مع مستشار رئيس الولايات المتحدة للأمن الوطني … في وقتٍ لم يتم فيه لم تأكيد الإتفاق على عقد القمة في لقاء لافروف وبلينكن على هامش مجلس القطب الشمالي في ريكيافيك , وإمكانية إنعقادها أثناء جولة بايدن الأوروبية في حزيران القادم , على الرغم من تشاؤم الوزير لافروف حول سهولة ” إزالة الركام في العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة “ .
بالنسبة إلى روسيا , لا يتعلق الأمر حول زمان ومكان القمة ، بل حول ما سيتم مناقشته فيها .. ومن دون أجندة واضحة ، لا يرغب الكرملين في الإندفاع نحو القمة ، لذلك سيحتاج سوليفان إلى إقناع باتروشيف أن الأمريكيين يعتزمون مناقشة قضايا محددة ، وعدم إضاعة الوقت في مناقشات لا معنى لها حول التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية ، أو الشؤون الأوكرانية ، أو حقوق المعارض نافالني , وعشرات الملفات الهامشية .
– فهل ” ستجد واشنطن وموسكو الفرصة لإدارة التوترات وحماية العلاقات من التدهور الكامل ” – يتساءل بايدن ..؟
– لا يبدو من السهولة بمكان إزاحة الغيوم الداكنة في سماء العلاقات الروسية – الأمريكية , مع وجود من يقولون في واشنطن إنه لا يمكن التعامل مع بوتين ، بالمقابل هناك في موسكو من لا يثقون بأي أمريكي .
– من الواضح أن الرئيس بوتين لن يتساهل مع أعداء بلاده ومنتقديها , وأكد من خلال مؤتمر الإتحاد الروسي قبل أيام بأن : ” الجهود الخارجية لاحتواء روسيا تعود إلى قرون مضت “ .. “ بمجرد أن أصبحت روسيا أقوى وجدوا الذرائع لعرقلة تطورها “ , وأكد أن : “ الكل يريد أن يعضنا في مكان ما أو أن يقضم منا شيء , لكن يجب أن يعلموا أننا سنقطع أسنانهم حتى لا يتمكنوا من العض “ ..” تطوير جيشنا هو ضمانتنا “ .
– إن حجم التوتر والتصعيد والحروب التي تقودها وتدعمها الولايات المتحدة حول العالم , ونتائجها المباشرة وغير المباشرة , ناهيك عن سياسة العقوبات والحصار والتجويع , وحروب تغيير الأنظمة بالقوة العسكرية والإعتماد على قوى التطرف والإرهاب , أمور بمجملها جعلت السلام يبتعد أكثر فأكثر , ويحل محله الألم و البؤس والفقر .
– وبات العالم يحتاج إلى جرأةٍ استثنائية لتغيير الواقع , والعودة إلى الإتفاقات والمعاهدات الدولية , لوقف انجراف الكوكب نحو الإنفجار … إذ يمكن للدول الكبرى أن تلجأ لما هي قادرة عليه , وسبق لها أن فعلتها عام 1945 في يالطا , وضمنت منسوباً محدوداً للسلام ولعقود , ووضعت أسساً جديدة للعلاقات الدولية , على أساس الإحترام الدولي لإتفاقية يالطا .
– لم يعد بإستطاعة قاطني الأرض .. العيش بأمان وزراعة الورود , على خلفية ما يحدث على المسرح العالمي ، من حروب وأزمات , وانتهاكات للقانون الدولي وحقوق الإنسان , وباتت الحاجة ماسة لإيجاد الحلول السياسية والإقتصادية في عدد كبير من مناطق العالم .
– يبدو الوقت مناسباً لعقد هكذا مؤتمر , بالتوازي مع إنكسارات وهزائم الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها , وعدم إمتلاكها استراتيجية واضحة تجاه الصين وروسيا وأوروبا ودول الشرق الأوسط , وأصبح من الممكن للدول الكبرى بمشاركة روسيا والولايات المتحدة والصين وفرنسا والمملكة المتحدة , أن تتداعى إلى الحوار المباشر وإيجاد الحلول , مستفيدةً من لقاء قمةٍ يتمنى العالم إنعقاده ما بين الرئيسين بايدن وبوتين قريباً .
– المهندس : ميشيل كلاغاصي
23/5/2021