#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية_فضيل حلمي عبدالله
– تبقى الانتفاضة هي شاغل هم الشباب الفلسطيني في هذه الرحلة, فهذه الانتفاضة التي انطلقت منذ أكثر من عام تقريباً, وقد شكلت حالة أختراق في الوضيعين الفلسطيني والعربي المأساويين, الذين يسودهما التوهم والارتباك والتراجع من جهة, وطغيان الفتن والصراعات والاحتراب الداخلي, وتدمير الدول والمجتمعات من جهة أخرى, وتأتي هذه الانتفاضة فعلاً شبابياً في الاتجاه الصحيح, رداً على سياسة العدو الصهيوني القمعية التي يمارسها ضد الشعب الفلسطيني من أعمال إجرامية وتصاعد العنف العنصري القمعي الإرهابي الصهيوني , وإعلان قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى مدينة القدس واعترافه بان القدس عاصمة لكيان العدو الصهيوني .
– إن الانتفاضة الفلسطينية هي حراك نضال شعبي على خلفية وطنية تحريرية, لها أعمالها الفعلية ومكوناتها الموضوعية من خلال المخزون الثوري ومكاسب الحالة العفوية وانعكاسها الواسع الذي أدى إلى تطوير مستواها الميداني المرتبط بوعي سابق تحول بالتدريج إلى هدف ومطلب وطني شعبي له سياقه المعرفي وهيكليته التنظيمية والياته الفكرية التي تضمن استمرارها حتى يتم تحقيق الهدف المنشود أليه خاصة في هذه المرحلة الراهنة والمرتبطة بالظروف الموضوعية الميدانية,الايجابية والسلبية منها,على خلفية الإمكانيات والدعم وحالة الانفراط التنظيمي على هذا الحراك الشعبي أمام واقع انعدام التوازن الميداني لدى كل الطرفين المتناحرين على أساس ما يجري من تقسيم نتيجة هذا الحراك الشعبي الوطني وما تخلله من صمود وتضحية الوعي الجماعي الذي أدت إليه هذه الانتفاضة ,ففي الحالة الأولى يكون الوعي لدى جيل الشباب قد أدى واجهة السياقي المرحلي واستفاد من التجارب السابقة أي من انتفاضة (1987)وانتفاضة الاستقلال 2012 وهذه المرحلة قادرة على انجاز مآتم في المرحلة السابقة, وما حصل في هذه الانتفاضة يؤكد على انسجام الوعي الجماعي لدى الشباب الفلسطيني وتجانسه مع أبناء مجتمعه الذي يؤدي إلى هبة الحراك الشعبي وإحباط كل المحولات الفاشلة التي تعمل على وقفها أو إجهاضها.
– إن تعدد الوعي النضالي الشعبي وانخراطه في فكر وسلوك الشباب الفلسطيني سينتج رؤية مستقبلية ضمن الحالة الوطنية الفلسطينية وسيتحقق عواقب ايجابية من حيث العمق النضالي وتكريسه على المدى البعيد, بسبب التضحيات الكبيرة التي تمت من قبل هذا الشعب المناضل. حيث استطاع شعبنا في القدس وغزة وفي الضفة الغربية إن يبتكر تضحياته بأدوات محلية مثل الحجر السكين والدواليب المطاطية, والأقوى من كل هذا هي الإرادة والتصميم في التضحية, وهنا يمكن القول أن هذا الحراك الشعبي كان ومازال هو الأفضل وطنياً وشعبياً حيث حصل تقارب واضح بين الهدف وتحقيقه, وأن الوعي الشعبي هو انتصار في حد ذاته, والذي يكون على الأغلب نتائج سياسة التفريط, وما حصل منذ اتفاق أوسلو لم يكن في تحقيق الحقوق بل إجهاض وتسوية للحقوق, كما أن الانتفاضة هي مبادرة فرضتها الحالة الوطنية والحاجة الموضوعية والسياسية لمصلحة عامة ورداً على نتيجة سياسة العدو الصهيوني المحتل, حيث أن هذا العدو يقوم على إجهاض الانتفاضة ضمن عمل إجرائي مفصلي على مستوى مرحلي, يخطط له باعتباره نظام عدواني احتلالي, يبني أمنه على الاحتفاظ بزمام المبادرة بيده على اتساع الأرض المحتلة في المكان والزمان, وتحقيق هذا الوضع من الهيمنة الميدانية, واستمراره على نفس المنوال بين مرحلة احتلالية وأخرى سياسية,(تفاوضية), تقتضي تحديثاً للخطة الأمنية كل فترة زمنية محددة سلفاً, تتراكم خلالها معطيات طبيعية وتغيرات ظرفية في السياق,وتشكل وضعاً مفصلياً للتحول بين مرحلتين… هذا الإجراء من أساسيين حولهما أهداف ثانوية طارئة .
– الهدف الأول : هو استنزاف الرصيد البشري الشبابي الذي أنتجته المرحلة السابقة,وتصفيته,جسدياً ومعنوياً بحيث يتم تحديد تأثيره اللوجستي الايجابي على المناطق الساخنة .
– الهدف الثاني : هو تحديث هيكلية وأدوات الخطة الأمنية البديلة , أيضاً على ضوء المحطات الطبيعية والظروفية الجديدة, هدين الهدفين الرئيسيين وتفاصلهما , تحددهما دارسات الخبراء المعنيين الصهاينة بإجهاض الانتفاضة ضمن خطة تنفيذية رهينة العمل الميداني الإجرائي .
– حيث يعمل الكيان الصهيوني على حشد الأدوات الأمنية الصهيونية من عملاء والجهات القمعية الرسمية والجهات الإعلامية الموجهة في خدمة هذه المهمة لكي تتوقف الانتفاضة بسياق من التهدئات السياسية المحلية والخارجية, ويتحول جيل التحرير والمقاومة من الشباب إلى جيل من الشهداء والمعتقلين, ينتشر الإحباط في الساحة الشعبية,وكل ذلك على حساب المرحلة الوطنية النضالية القادمة, ولنجاح هذا الإجراء الدوري يحرص الاحتلال على إبقاء صنابير الاستعلام مفتوحة باستمرار غير متقطع لتحقيق, رصد الحركة اللحظية على الساحة, بحيث تكون كل احتمالات الحركة على الأرض المحتلة في إطار الرصد والاحتواء الإستباقي والردع الجاهز بدون أي احتمال للمفاجأة .
– ولكن يبقى الجانب الأهم في هذا الانتباه الأمني وهو : توفير الفرصة أمام أجهزة العدو القمعية للتدخل ألاستباقي ضد أي محاولة مبادة ضده,على صعيد منع المركبات اللوجستية المادية والوعودية لأي حراك محتمل على ساحة الميدان,والمحافظة على هذه الساحة كي تكون ممزقة ومشتتة ومتناحرة اجتماعياً وسياسياً, وزاخرة بكل مصادره التوتر في العلاقات البينية من خلال الشحن العائلي والفئوية والطائفي وحتى الفردي,ومن الصعب تحقيق هذا الهدف ألفسيفسائي للرصد بدون وجود علاقات سياسية وأمنية مع بعض تيارات مؤثرة على الساحة الوطنية الفلسطينية في الأرض المحتلة .
– فالساحة الفلسطينية لها تجاربها في عملية إجهاض الانتفاضة الفلسطينية السابقة… ففي ساحة العمل الوطني الفلسطيني تم احتلالها اجتماعياً وثقافياً وسياسياً وأمنياً بالكامل حتى قبل حدوث التّماس الاحتلال الميداني والأمني للمشروع الصهيوني الإمبريالي .. كانت امتداد الحيوية ملحمية لمشروع اقتلاعي إحلالي في فلسطين والشرق العربي, لا علاقة له بأي معطي تاريخي اجتماعي واقعي أو منطقي , سوى إسقاط الحلم الاستشراقي الأوروبي القديم حول السيطرة على شرق المتوسط,على الأسطورة الدينية لليهود الأوروبيين المسمار والوعد الإلهي, تجسيدهما في مشروع إمبريالي واحد يرمي إلى تأبيد السيطرة على المنطقة العربية , وفي سنة 1947- 1948مكانت الإعدادات الصهيونية والدولية لإجهاض الانتفاضة والثورة الفلسطينية قد اكتملت,وتم تجمع بعض مئات من المناضلين والنشطين لتصفيتهم وترحيلهم خارج بلدهم ومحو وجودهم النضالي البطولي المؤثر في معظم المدن والقرى الفلسطينية المحتلة , وتم تهويد معظم المناطق الزراعية والساحل بالكامل وهدم ألاف القرى الفلسطينية بعد قتل وترحيل كل سكانها.. ظل الاحتلال الديموغرافي الصهيوني قائماً في المناطق التي توزع فيها الفلسطينيون داخل فلسطين وخارجها بعد ترحيلهم .
– لقد انفصلت الخارطة الديموغرافية للشعب الفلسطيني عن جغرافيا الوطن , ولكن أجزائه ظلت بيد العدو الصهيوني المتوارثة بالاحتلال وبالإرهاب ممتدة وقائمة في مواقع النزوح,واستمرت عملية تخريب ,وحققت يد الغدر الصهيونية, استمرار الاحتلال الديمغرافي للوعي والثقافة والعمل الوطني الفلسطيني,وأمسكت بكل خيوط حركته الداخلية., وكما كان الأمر قبل 1948 استمر بعدها .
– بقي الامتداد السيادي والأمني والثقافي لأدوات العمالة الصهيونية قائماً في كل وقائع التهاوي الوطني الفلسطيني التي بلغت حضيضها عمليات التفاوض,وخاصة اتفاق أوسلو الجنائزي , ولابد من التأكيد هنا على أن انتفاضة الواقع مستمرة بروح التحدي والعنفوان,الذي يبديه الشباب الفلسطيني شباباً وشابات, في وجه هذا الصهيوني المحتل الذي لا يتورع عن ارتكاب أفظع الجرائم في كل يوم, من قتل وإعدامات ميدانية, وهدم المنازل, ومصادرة الأراضي وبناء مستوطنات وتدنيس المقدسات الإسلامية والمسيحية دون أن ياهتز للعالم جفن , هؤلاء الشباب والشابات الذين رأوا أن الوضع الفلسطيني من حولهم, يغرق هو الآخر في أتون الانقسامات وفي اللهاث وراء المفاوضات التي تتحكم بها القوى الامبريالية الأمريكية التي هي الداعم الكبير والأكثر للإرهاب الصهيوني الذي يمارس على شعبنا الفلسطيني,الذي ما عاد يطيق هذا الموضوع الذي لا يقيم ولا يقعد, فقرروا في دواخل أنفسهم خرق هذا الوضع البائس , وكسر هذه الدائرة المغلقة التي شعبنا الفلسطيني,شعب البطولات والتضحيات فيها .
– هذا الشعب الذي يتجاوز دائماً كل الحسابات والتوقعات,ويسبق باستمرار في الفعل الثوري تنظيماته,وقيادته, فتنفذوا واندفعوا بما يتوفر بين الفعل أيديهم من سلاح الإرادة والتصميم,وسلاحهم الأيمان والانتماء والعقيدة والقناعة بعدالة قضيتهم وحقوقه المغتصبة,و السكين والحجر للدفاع عن أنفسهم وعن شعبهم, بالرد على تسلط العدو الصهيوني وعنفه وإجرامه, طعناً ودهساً لجنوده ومستوطنيه,في كل أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة,سواء في الضفة الغربية أو في الأراضي المحتلة عام 1948,وبما خلق حالة غير مسبوقة من الهم والخوف والتوتر داخل المجتمع الصهيوني,الذي أصبح المستوطنين فيه يتوجسون من كل سيارة أو شخص مار,من أن يكون فلسطينياً بندف نحوهم للدهس أو للطعن .
– وقد كان طبيعياً أن يحتضن شعبنا الفلسطيني في كل أماكن تواجده هذه الانتفاضة الجديدة,أو أن يلتفت حولها ويعلق الآمال عليها,كبارقة أمل ونقطة ضوء في هذا الوضع السيئ الأغبر,الذي يلف فلسطين والمنطقة كلها,وهذا الالتفاف الذي يتبدى كل يوم في المواجهات والصدمات, والمسيرات الكبرى التي تجري في المدن الفلسطينية في تشييع الشهداء,الذين يسقطون في زخم هذه الانتفاضة, واللذين بلغ تعدادهم حتى اليوم أكثر من أربع مئة شهيداً,وألف جريح, لكن هذا الاحتضان والالتفاف لم يبلغ خلال الأشهر الماضية , حد الانتفاض الوطني الكامل,الشامل والمتواصل والمطلوب في كل الأماكن والمواقع في المدن والبلدات والمخيمات في الأراضي الفلسطينية المحتلة, وهو ما يستدعي التساؤل حول أسباب استمرار هذه الانتفاضة بتلك الوتيرة التي جعلت البعض يتمسك بوصفها بـ (الهبة الشعبية), وليس الانتفاضة الوطنية الشاملة…!!؟؟.
– الانتفاضة الفلسطينية بين التصميم الشعبي والانفصام السياسي السلطوي :
– إذا كان موقع وأهمية هذه الانتفاضة,وموقعها بالنسبة للنضال الشعبي الفلسطيني والمحوري ألمقاوم, القومي العربي, ليس موضع تساؤل كونها كما سبق وأشرنا,هو الفعل النضالي العملي الوحيد,الموجه في هذه المرحلة إلى قلب العدو الصهيوني, الذي يقف وراء كل المصائب والمأسوي, التي يتعرض شعبنا وامتنا, وهي وسيلة الضغط الفلسطينية الوحيدة على هذا الكيان الصهيوني الغاصب,بعد فشل ما يسمى بعملية السلام والتسوية , ودخولها في الحائط باعتراف كل القائمين عليها , وعدم ظهور أي جدوى عملية لأوهام التعليق بالسياسة الأمريكية التي تهيمن على المجتمع الدولي والداعمة لقوى الاستعمارية والراعية للكيان الصهيوني منذ قيامه وحتى يومنا هذا , وضرب هذا الكيان بعرض الحائط منذ تاريخه الاستعماري حتى ألان كل الأعراف القواعد والقوانين الدولية .
– فإن السؤال الذي يطرح هنا هو :
– لماذا تبقى هذه الانتفاضة ضمن تلك التسوية , ولاتصل إلى مستوى الشمول والتصاعد , الذي يمكن أن تصل إليه , ليهز أركان العدو الصهيوني ورعاته, ولتصبح الرقم الأول في أحداث المنطقة, وتكون مرة أخرى على رأس جدول الأعمال الإقليمي والدولي…!!؟.
– وهنا لابد القول أن هذه الانتفاضة المستمرة بعزيمة وسواعد شبابها وشبانها,واقعة اليوم بين مطرقة القمع الصهيوني والتجاهل المؤلم على الصعيد العربي,الأمر من ذلك هو التردد الفلسطيني الحاصل إزاءها, وخاصة من جانب السلطة الفلسطينية, التي ما زالت تتمسك بوصفها بـ (الهبة) على اعتبار أنها مؤقتة , وأن هذه السلطة لا توافق على مصطلح الانتفاضة, وتعتبر هذه الانتفاضة هي حال الشارع والشعب الفلسطيني في داخل فلسطين وفي دول الشتات واللجوء,كما أن هذه الانتفاضة تواجه اليوم عنفاً صهيونياً إرهابياً وحشياً , لا يقيم وزناً لقوانين وأعراف دولية أو إنسانية , يتمثل في عمليات الإعدام الميدانية الفورية,لكل من يشتبه بأنه يرد تنفيذ عملية طعن أو دهس,رجلاً كان أم امرأة , حتى طال الأمر بعض اليهود ممن ظهر أنهم عرباً,وفي عمليات الهدم لبيوت الشهداء واحتجاز جثامينهم واعتقال أقاربهم,وفي حملات الاعتقال اليومية ضد المقاومين والمناضلين على أرض فلسطين الحبيبة,وفي عمليات الحصار وإطلاق النار على المتظاهرين والمحتجين , في المدن و القرى والمخيمات الفلسطينية .
– وهذه الانتفاضة ذات الفعل النضالي الشعبي الفلسطيني – الوطني العربي القومي الإسلامي هي حالة ضرورية في هذا الوقت بالذات, لا تجد التغطية الإعلامية المناسبة والاهتمام السياسي المطلوب على الصعيد العربي , الغارق في أتون الصراعات والفتن والحروب الداخلية, التي تثيرُها وتنفخ في نيرانها, القوى الاستعمارية والصهيونية ذاتها , الساعية لضرب وتفتيت وتدمير المجتمعات والدولة السورية والمقاومة ونهجها الممانع, من أجل استمرار السيطرة والهيمنة, السياسية والعسكرية والاقتصادية على خيارات ومقتدرات هذه المنطقة العربي والإسلامية , وتنصب الكيان الصهيوني قطبه فيها , مستغلين وموظفين العصابات التكفيرية , والقوى الرجعية الظلامية , في تنفيذ مخططاتهم الجهنمية,التي تستهدف في أول ما تستهدفه , شعبنا الفلسطيني وقضيته الوطنية, وطمس هويته ونضاله وبوأده , و من تغافل الأمور في هذا الموضع المأساوي , بأن يجري تغيب الانتفاضة الجديدة, ودفع أخبارها إلى الهوامش البعيدة , والأشد مرارة أن نجد أيضاً تردداً وارتباكاً فلسطينياً إزاء هذه الانتفاضة المجيدة , وهذا الارتباك والتردد ناجم عن اختلاف في المواقف الفلسطينية, وعن الانقسام الذي مازال جاثماً فوق صدر الساحة الفلسطينية, ولم تنفع كل تلك الاتفاقات والتفاهمات عبر تلك السنوات,في رأب الصداع وإنجاح المصالحة الوطنية , وخلق تفاهم على توجه فلسطيني عام, بكافة أشكالها وألوانها,وللأسف نجد أن الفصائل والقوى التي تدعو إلى تصعيد الانتفاضة ثقلها الأساسي في قطاع غزة أو في الخارج , لها من فعل فاعل في الانتفاضة,فيما الفصائل الحاضرة في الضفة الغربية والمنطوية داخل منظمة التحرير, وتؤيد الانتفاضة بل تشارك بفعلية ولها العديد من الشهداء الذين سقطوا في المواجهات مع جنود الاحتلال الصهيوني …
– المطلوب تقديم كل مقومات الدعم لصمود وتصعيد الانتفاضة الفلسطينية :
– إذا كانت المسألة في هذه الانتفاضة الشبابية الجديدة التي ابتدعت أسلوبها الخاص,ليست مسالة عسكرتها أو عدم عسكرتها,لأن أبطال هذه الانتفاضة الذين يضحون بأنفسهم مع كل عملية, هم من يختارون طريقة فعل وعمل هذه الانتفاضة,هم في مبادراتهم(الفردية) وغالبيتهم فيما يبدو من الشباب والشابات, وقد أعجزوا أجهزة مخابرات العدو الصهيوني ورجال أمنه,لأنه من شبه المستحيل كما يقولون,التنبؤ والتعرف المسبق على من ينوي تنفيذ عملية فردية,من نمط عمليات الدهس والطعن التي تجري,لكن المسألة هنا هي في احتضان هذه الانتفاضة , والارتقاء بها إلى مستوى تضحيات شهدائها,بدعمها سياسياً وإعلامياً ومادياً وعبر التبني العلني, وتحريض الجماهير على مواكبة عمليات الانتفاضة , على ممارسة كل أشكال النضال الجماهيري الشعبي الفلسطيني,كل أشكال النضال الممكنة وفي مختلف أماكن الوجود الفلسطيني داخل الأرض المحتلة .
– ما هو المطلوب : وأقول الذي يجب أن تقوم به أجهزة السلطة بوقف كل إشكال لتنسيق الأمني مع الاحتلال الصهيوني, وان يفتح المجال لكل عمليات العسكرية الفلسطينية لمقاومة قوات الاحتلال , وغير ذلك يشكل فضيحة وطنية وصعقة وطنية , يعني أن السلطة الفلسطينية ضد كل إشكال النضال العملي,وكل أشكال الرد المقاوم على الاحتلال وجرائمه وطغيانه , حتى وان كانت تعبر عن الضيق والفعليات الداخلي لأبناء الشعب الفلسطيني كأفراد من الجرائم وهذا الطغيان , ومن عدم وصول المساعي السياسية للسلطة الفلسطينية طول تلك السنوات, لأي نتيجة عملية لوقف تمدد الاحتلال ووجوده …!؟؟.
– إن أخطر ما هو في التنسيق الأمني قد منع ما يقارب أكثر من 217عملية فدائية خلال الانتفاضة …!!؟؟ بحجة ترك الانتفاضة لعفويتها, وإلى عدم عسكرتها أو تأطيرها وتنظيمها, بدعوى الخوف عليها, ووصول الأمن الصهيوني إلى أبطالها ورجالها الفدائيين .
– فقد اندلعت الانتفاضة الشعبية الفلسطينية في ظل شروط ملائمة سمحت لها بالديمومة والشمول,ومن بين تلك الشروط فشل المفاوضات فشلاً دريعاً إلى درجة أن المجلس المركزي الفلسطيني لمنظمة التحرير الفلسطينية في دورته الأخيرة الذي أوصى بوقف المفاوضات العبثية , ووقف التنسيق الأمني,والتحرر من بروتوكول باريس الاقتصادي…كما دعا لانتزاع عضوية جميع المؤسسات والهيئات والمنظمات الدولية , وأعداد التقرير حول الانتهاكات الصهيونية , وتقديمها إلى محكمة الجنايات الدولية, من جانبه أكد الرئيس محمود عباس , (إن الهبة) الجماهيرية الحالية سببها حالة اليأس التي وصل إليها الجيل الجديد , فهو بدأ يشعر بالتشاؤم لعدم إنجاز حل الدولتين, بسبب الحواجز, ولاستيطان,والجدار,إضافة للاعتداءات اليومية على (المسجد الأقصى) يأتي هذا التصريح في سياق تجدد عنفوان الانتفاضة والمواجهة ما أنتجته قوات الاحتلال الصهيوني من سياسيات متمثلة بالاستيطان والتهويد والقتل والاعتقال والحصار, وبالتالي الاحتكار الأمريكي لملف المفاوضات الذي شجع الكيان الصهيوني على هذه الممارسات المنفلتة والمتجاهلة للحقوق الوطنية والقومية المشروعة للشعب الفلسطيني .
– وهذا يعني أن سياسة حكومة الاحتلال الصهيوني بقيادة الإرهابي نتياهو اليمنية هي المسؤولة عن جمود العملي السياسية بين السلطة الفلسطينية وسلطة الاحتلال الصهيوني , الأمر الذي أدى إلى نتائج كارثية على الشعب الفلسطيني , فإذا كان تصريح الرئيس أبو مازن يهدف لتحريك مياه المفاوضات الراكدة عبر الراعي ألحصري لها الإدارة الأمريكية – فإن كل المؤشرات تقول أن هذا الراعي ليس بوارد أو حتى جاهزاً لكي يقوم بدوره من موقع الراعي النزيه لدفع عملية المفوضات في ظل هذه الفوضى العامة التي عمل عليها مع حلفائه في عموم المنطقة , من أجل مصالحه ومصالح الكيان الصهيوني , إضافة إلى هذا لجأت إلادارة الأمريكية إلى الحكومة الفرنسية لتطلق مبادرة متضمنة استئناف المفاوضات برعاية دولية ينتج عنها انسحاب جيش الاحتلال الصهيوني من الأراضي الفلسطينية المحتلة وتطبيق (حل الدولتين) .
– وهذا ما رفضته حكومة الاحتلال بالمطلق , ومن هنا يمكن أن تصريح عباس وهذا تحذير من أن هبة الشباب هي سبب اليأس الذي أوصل الشعب إلى تفجير انتفاضة ثالثة, التي بدأت أرصاصاتها قبل سنوات … كانت السلطة الفلسطينية تعمل على كبتها منعاً لوصولها نحو اكتمالها واستيفاء شروطها بأن تكون انتفاضة عارمة وشاملة , فالتصريح يحمّل لقادة الكيان والإدارة الأمريكية وحتى المجتمع الدولي مسؤولية ما هي ذاهبة إليه الأوضاع المتفجرة في الأراضي الفلسطينية, الأمر الذي دفع الأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كي مون أيضاً لتحميل مسؤولية ما يجري في فلسطين لقوات الاحتلال الصهيوني, عبر تصريحه , فقد قال : (أن الاحتلال هو السبب في موجة الغضب الحالية في مدينة القدس) مضيفاً ( وبأن الغضب الذي نراه اليوم هو نتيجة خمسة عقود من الاحتلال,ونتيجة الخوف والذل والإحباط وعدم ثقة الجيل الجديد جيل الشباب الفلسطيني في الوفاء بالوعود).
– إن نضال جيل الشباب الفلسطيني هو الذي خرج إلى الشوارع وإلى ساحة المواجهات ضد جنود الاحتلال الصهيوني عبر مواجهات متتالية أكسبت الانتفاضة استمرار تفاعليها وتصاعدها, واتساع مساحة عملها,و مسيرة العودة الكبرى التي انطلقت من رحم الانتفاضة في قطاع غزة باتجاه الخط الفاصل مع الأراضي الفلسطينية عام 1948,وهي تتصاعد تدريجياَ بإشكال المقاومة السلمية, ويعود الدور والفضل لنضال هولاء الشباب والصبايا ونشاطهم عبر فرض أنفسهم على جدول أعمال فصائل العمل الوطني الفلسطيني والمجتمع العربي والإسلامي.
– فلقد أدرك المجتمع الدولي أنه ليس بمقدور أحد أن يقف على الحياد بشكل أو بأخر, أن تجاوز عدد الشهداء 500 ( شهيداً) وآلاف الجرحى والمعتقلين , إضافة لمئات المنازل المهدمة, والمدن والقرى المحاصرة.. المهم أن لا تبقى هذه التصريحات في الهواء, أو رسالة لمن يعنيه الأمر, وإنما المطلوب هو السير باتجاه إجراءات عملية تهدف لتعميق وتحذير الانتفاضة وحمايتها ورعايتها, وتحصين تضحياتها من الشهداء والجرحى والأسرى, وعائلاتهم وإعادة بناء ما هدمه ويهدمه الاحتلال من منازل منفذي عمليات الطعن والدهس ورشق الحجارة والمولوتوف وغيرها .
– كل ذلك يمكّن الانتفاضة من امتلاك شروط استمرارها ونجاحها,وهي في طور امتدادها زمنياً وجغرافياً,وهي بحاجة لبرنامج سياسي وقيادة وطنية موحدة .. وبلغت النظر عن التحالف فصائل العمل الوطني صاحبة الخبرة الكفاحية الطويلة أم لا؟فإن الانتفاضة قادرة على فرز قيادتها من داخلها,ويصبح من واجب كل فلسطيني الدفاع عنها والعمل على دفع الجهود باتجاه بقاء جذوة الانتفاضة كي تكون مستمرة وباتساع, ولكي يكون لها تداعياتها على الساحة العربية والإقليمية , وسيكون رابحاً كل من يلحق بها عاجلاً , شرط إن لادعي أنه كان وراء اندلاعها, فذلك أدْعي لنجاحها من جهة , وانخراط المزيد من الشرائح والطبقات الاجتماعية فيها .
– من جهة أخرى :
– وفي كل الأحوال فإن ميادين الاجتهاد والعطاء متعددة الأوجه,والبرنامج مستلزماتهما!. لقد تمكنت الانتفاضة الفلسطينية عبر ديناميكيتها العفوية وفاعليتها وسقفها السياسي حتى الآن, من تجاوز تطوع الانكفاء أو الإجهاض,حيث استطاع شباب وصبايا من شعبنا ليديرو صراعاً مع الاحتلال الصهيوني على مختلف الصعد,فعلى الصعيد الاقتصادي مثلاً ليعممون ثقافة مقاطعة منتوجات العدو , على عكس المرحلة السابقة التي لم تتوفر فيها البدائل الفلسطينية, فالمقاطعة اليوم باتت أسهل منالاً وأكثر جدوى بعد أن تكبدت دولة الاحتلال الصهيوني من الخسائر ما يساوي (3 ملياردولار) على مدار السنوات الثلاثة من عمرها.. كما أن التطور المهم الذي واكب الانتفاضة الثالثة إسهامات الشعب الفلسطيني في أراضي عام 1948المحتلة على صعيد مواجهة التطبيع, عندما تمكن طلاب جامعة حيفا من إلغاء محاضرة المطّبع المصري عمر سالم يوم 17/12/2015, أو في الدعوة لمقاطعة المنتجات الصهيونية داخل أرضينا المحتلةعام 1948و الاستعانة عنها بالمنتجات العربية أو الفلسطينية البديلة, او في التظاهرات والموجهات التي اندلعت مع قوات الاحتلال في مدن الجليل والمثلث منذ بداية تشرين الاول 2015تفاعلاّ مع مايجري في الضفة الغربية والقدس وشد الرحال إليها,او بالعمل المسلح ضد جنود الاحتلال .
– وفي هذا السياق اندرجت العمليات النوعية التي نفذها الشباب الابطل.حيث اذكر البعض منهم, البطل مهند العقي من النقب نفذ عملية في محطة الحافلات في بئر السبع يوم 18/10/2015..تم العملية البطولية التي نفذها الشاب نشأت ملحم من الجليل في تل أبيب يوم 1/1/2016.. إنها بجدارة انتفاضة شملت كل فلسطين من القدس إلى الجليل والنقب, و غزة وكل الضفة الغربية , وتجد صداها لدى الفلسطنييين في مخيمات اللجوء والشتات, لكنها لاتزال بحاجة لدعم الشعوب العربية والإمة الإسلامية, ليس من اجل فلسطين فحسب , بل لأن الأنتماء القومي والإسلامي المتفاعل مع فلسطين وشعبها هو وحدة من ينشلنا من غرطسة الاحتلال وعربدته الاستطانية العدوانية العنصرية البغيضة والهمجية ألا إنسانية .
– هكذا عنوان يبدأ يتصدر المشهد السياسي الفلسطيني- في إعادة توجيه البوصلة نحو التناقض الأساسي مع الاحتلال الصهيوني,في مفارقة ناصعة مع المشهد الرسمي العربي الغارق بالتناقضات والصراعات المذهبية والثنية والطائفية.وإذا كانت هذه الانتفاضة الفلسطينية بدأت تثير خلق ورعب الصهاينة وداعيميهم في الغرب الاستعماري,تشد إليها الأنظار على الصعيدين الإقليمي والدولي, لم تقلب الطاولة بعد على رؤوس الأمريكيين والصهاينة ولم تصبح التحدث الرئيسي في هذه المنطقة , إلا أن كل القوى الوطنية الفلسطينية والإسلامية, تريد لها أن تقوى و تستمر وتشتد عودها, وتتصاعد إلى الدرجة التي تقلب فيها هذه الطاولة, لتصبح البوصلة وتضرب مسار الأحداث في المنطقة, في الاتجاه الصحيح للصراع, ضد العدو الصهيوني والقوى الاستعمارية الغاشمة التي تقف وراءه, وراء كل الأوضاع المأسوي والنكبات التي لحقت بشعبنا وأمتنا منذ أكثر من قرن من الزمن, والسؤال المطروح اليوم هو: كيف لهذه الانتفاضة تحافظ على زخمها واستمرارها لتحقيق الأهداف والآمال الوطنية الراهنة على كل الفصائل والقوى الوطنية الفلسطينية, وعلى كل القوى العربية والإسلامية الحريصة على الحق الفلسطيني , والحريصة على مصالح العرب والمسلمين, وعلى كافة الشرفاء الذين يردون أن يسود الحق والعدل في العالم…!؟؟.
– فهذه الانتفاضة الباسلة التي انطلقت بعزيمة وعزم,فتيات وفتيان في عمر الورود,وكان السكين والسيارة والمقلاع والحجر والإرادة والتصميم سلاحهم الأساسي,وشملت كل أنحاء أرض الوطن من شماله على جنوبه,في الضفة الغربية وقطاع غزة والأراضي المحتلة عام1948,من حارات القدس العتيقة إلى شوارع الخليل وبيت لحم ورام الله ونابلس وجنين وطولكم, ومن حدود قطاع غزة وعلى حواف السياج , ووصلت عملياتها إلى بئر السبع ومستوطنات تل أبيب وكريات حات وريشون لتسيون وبتاح نكفا, وأثارت الرعب في قلب قيادة الكيان الصهيوني ومستوطنيه, والقلق لدى رعاته وحماته,ما تزال مستمرة متواصلة,ببطولة وتضحيات هولاء الشبان والفتيات, الذين و هم المزيد منهم في كل يوم على عمليات طعن أو دهس جديدة , بما يؤجج ويزيد من اشتعال هذه,الانتفاضة الشعبية الباسلة, ويمدها بقوة الاستمرار وكما أسلفنا سبقاً بان هذه الانتفاضة جاءت على الاحتلال واستمرار سياسته العدوانية , من انتهاكات واعتداءات التي يمارسها جنوده ومستوطنيه, ضد أبناء شعبنا الفلسطيني داخل الوطن, وانتهاكاتهم اليومية لمقدساته وحرماته, وفي مقدمتها المسجد الأقصى الشريف أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين , الذي يقتحمه بشكل يومي قطعان المستوطنين الصهاينة, بمن فيهم حاخامات ومسؤولين,ويدنسون باحاته وحرماته ويعملون على فرض التقسيم ألزماني والمكاني فيه,وجاءت رداً على أمال القتل والإعدام الفوري الذي يمارسه هولاء المجرمين الصهاينة ضد أبناء وبنات الشعب الفلسطيني,وهجومهم على البيوت وحرقهم للنساء والأطفال الرضع,كما فعلوا بعائلة الدوابشة في قرية دوما جنوب نابلس, وأعمال الهدم ونسف البيوت وقطع الأشجار, والاستيلاء على مصادرة المياه ، حيث تصعب حياة الفلسطيني,وزادة معاناتهم, مستمرة ومتواصلة كنتاج لهذا القمع والقهر واستمرار الإجرام الصهيوني , الذي لا يتوقف ولا ينقطع, وقد زادة سلطات الاحتلال التي تمارس جرائم الإعدام الفوري لمنفذي تلك العمليات , من أعمال القتل والقمع والاعتقال , وزجت بأكثر من ألف معتقل في سجون العدو الصهيوني منذ بداية هذه الانتفاضة, بمن فيهم الأطفال و المسنين والطاعنين بسن الذين لم يسلموا من قمع هذا الكيان العنصري,الغاصب وإرهابه, وبطشه… المطلوب أن تستمر وتتصاعد الانتفاضة ليس فقط كرد فعل طبيعي وعفوي من قبل الشبان والشابات,وكل فئات وقطاعات الشعب الفلسطيني, بل كأسلوب عمل ونهج نضال وطني معبر عن إرادة مجموع الشعب الفلسطيني , ورفضه لقطع للاحتلال واستمرار الاحتلال , وكل وجوده وألوان الاحتلال , وشعبنا الأعزل الذي لا يملك جيشاً كجيش العدو الصهيوني وليس لديه لا دبابات ولا طائرات , غير أجساد وأرواح أبنائه الشجعان, يحضون بها على مذبح حرية شعبهم ووطنهم , من أجل دحر الاحتلال وإنهاء كلبوس الاستيطان والقمع والطغيان الصهيوني,الذي يخيم فوق صدور شعبنا منذ عشرات السنين,وتحقيق الأهداف الوطنية الفلسطينية في التحرير الوطني وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس, وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم وديارهم وممتلكاتهم التي شردوا منها قصراً على يد قوات الاحتلال الصهيوني عام 1948م حيث ولدت نكبة الشعب الفلسطيني .
– ومن هنا لابد من القول أن استمرار هذه الانتفاضة وتصاعدها,وتحقيقها للأهداف المطلوبة منها,يحتاج على قرار وطني جماعي من كل الفصائل والقوى الوطنية الفلسطينية , التي يجب أن توحد صفوفها وتحشد جهودها خلف هذه الانتفاضة الوطنية الفلسطينية,التي تشكل السبيل الوحيد المتاح اليوم أمام الشعب الفلسطيني في المرحلة, لمواجهة هذا الكيان الصهيوني في احتلاله وبغيه وعدوانه , ولممارسة الضغط عليه لإنهاء هذا الوجود ألاحتلالي الاستعماري العنصري البغيض , وهي السبيل الوحيد إلى إعادة النضال الشعبي الوطني الفلسطيني ونضال القضية الفلسطينية إلى شكله الصحيح,وإلى دائرة الضوء لوضعها على رأس الاهتمام الإقليمي والدولي , والتصحيح اتجاه بوصلة الصراع في المنطقة, وتوجيهها في الاتجاه الصحيح نحو العدو الحقيقي للعرب والمسلمين,والذي يحتل أطهر بقاء أرضهم ويدنس أقداس مقدساتهم وحسب , بل الذي يقف وراء كل الآثام والشرور التي تصيبهم , والذي يشعل اليوم نار الفتن والصراعات والحروب الداخلية بينهم ويريدها أن تأكل الأخضر واليابس من ممتلكاتهم وثرواتهم, حتى لا تقوم لهم قائمة , ويظل هو يسرح ويمرح في هذه المنطقة على أشلاء كياناتها ودماء شعوبها وأبنائها .
– فهذه الانتفاضة الشعبية هي المخرج بحق وهي المنقذ لشعبنا وقضيتنا وهي الرافعة القومية والوطنية العربية في هذه المرحلة, للخروج من أتوان الفتن والحروب الطائفية والمذهبية والإقليمية والجوهرية, ومختلف أشكال العصبويات وغباء السلالات الجاهلية, التي تفتح في نيرانها القوى الاستعمارية والصهيونية , ومن هنا فّي تتعرض دون شك ومن لحظة انطلاقتها لمحاولاتها السحق والوأد, ولإنهاء تخيط بها مخاطر عظيمة داخلية وخارجية أولها محاولات القمع والسحق الإجرامي الصهيوني , الذي يتمثل في عمليات الإعدام الفوري, واحتجاز جاثمين الشهداء , وحملات الاعتقالات اليومية الواسعة, التي تشمل كل أنحاء الضفة الغربية وعمليات الهدم والتنكيل والترويج والتعذيب, التي تطال حتى الأطفال والفتية الصغار,وإصدار القوانين القمعية الجائرة,التي تحكم على راشقي الحجارة بالسجن ثلاثة سنوات وإلى غير ذلك من فنون الإجرام والقمع العنصري الصهيوني, وإذا كان هذا القمع والتنكيل الصهيوني له فعل متناقض, يسبب الماسي ولآلام لأبناء الشعب الفلسطيني من جانب,ويصب الزيت على نيران الانتفاضة من جانب آخر, فإن الأخطر هو محاولات الوقف والتهدئة الفلسطينية الداخلية,التي تأتي من جانب السلطة الفلسطينية والتي تطالب بالتهدئة, و (بـ عدم الانجرار إلى دائرة العنف التي يريد قادة العدو جرنا إليها ) ، والتي لا تعكس الانقسام وغياب الوحدة الوطنية فقط, بل وغياب الرؤية الموحدة لأساليب النضال, ولكيفية تحقيق الأهداف الوطنية الفلسطينية القريبة والبعيدة , ففي الوقت الذي ترى فيه غالبية الفصائل الوطنية الفلسطينية, بما فيه أغلبية حركة فتح التي تشكل القاعدة الأساسية للسلطة، أن النضال والعمل الوطني بمختلف أشكاله الجماهيري ، وفي مقدمتها الانتفاضة الشاملة ، هي الطريق الأساسي لإنهاء الاحتلال الصهيوني وتحقيق الأهداف الوطنية الفلسطينية ، فإن فريقاً ، آخر في السلطة الفلسطينية ، لا يرى الحل الإ من خلال المجتمع الدولي وعملية التفاوض والتسوية ، على الرغم من مرور أكثر 25 عاماً على اتفاق أوسلو المشؤوم وفشل عملية المفاوضات طيلة كل تلك السنوات ومن خواء أوهام المجتمع الدولي وكل المرهنات عليه،ومن استمرار طغيات الاحتلال ومآسي الاحتلال ونم مضايقته الاستيطاني ،وزيادة انتهاك وتدنيس الحرمات والمقدسات.!!!؟؟؟.
– المطلوب العمل على توحيد الصفوف وتعزيز استمرار الانتفاضة :
– إن العمل السياسي والعمل الوطني على الصعيد الداخلي والخارجي، سواء من خلال الأمم المتحدة، أم على صعيد العلاقات الدولية وكسب الرأي العام العالمي، لصالح الشعب الفلسطيني ولصالح قضيته الوطنية، لايأتي أكلهما لم تعززه موازين الصراع، ونحن في هذه المرحلة وكما سبق وأشرنا ، في البداية ، لا نملك غير هذه الانتفاضة كوسيلة ضغط، أو أسلوب رئيسي للصراع مع العدو الصهيوني، و دحر عدوانه وطغيانه واسطيانه، وصحيح ومؤكد أن شعبنا يدفع الثمناً باهظاً في هذه الانتفاضة، لكنه يدفعه في كل حال بانتفاضة وبغير الانتفاضة، أمام هذا العدو الصهيوني العنصري المجرم المتغطرس، الذي لايتوانى هو وجنوده ومسوطينه عن ارتكاب أفظع الجرائم اليومية بحق شعبنا، من قتل وحرق المنازل ومصادرة الأراضي الفلسطينية وهدم بيوت وتوسيع الاستيطان وانتهاك المقدسات، وهنا لا تكون الانتفاضة خيار بل ضرورة وحياته، وضرورة نضالية، وطنية، ومطلب شعبي، لابد من دعمها وتعزيز صمود استمرارها بكل السبل والوسائل المتاحة .. ولاشك أن أول وسائل دعم وتعزيز هذه الانتفاضة هو العمل لنبذ الخلافات، من أجل الوحدة الوطنية الفلسطينية ومن أجل رص الصفوف في مختلف المستويات، والوقوف صفاً واحداً في داخل الوطن وخارج الوطن في داخل مخيمات اللجوء والشتات وراء هذه الانتفاضة, وتوفير لها كل مقومات بقاء استمرارهها,وتشكيل اللجان لها في الأرض الفلسطينية من أجل تصعيد وتقوية زخمها, وإظهارأعلى مستويات الدعم لها بكل الأشكال السياسي والإعلامي والمادي, ويجب التحرك على الصعيد العربي والإسلامي وعلى الصعيد الأممي الإنساني, لكسب التأيد لهاوالعمل لإظهار دعم إعلا وأقوى لنضال شعبنا الوطني الشعبي في ظل هذه الانتفاضة, حتى دحر الاحتلال الصهيوني بشكل كامل عن أرضنا وتحقيق كل الأهداف الوطنية التي يتطلع إليها هذا الشعب المناضل المكافح في التحرير والنصر وتحقيق حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وممتلكاتهم واقامة الدولة الفلسطينية الديمقراطية المستقلة على كامل التراب الوطني الفلسطيني كاملة السيادة وعاصمتها القدس .
– ربما لا تتمكن الانتفاضة من انتزاع الاستقلال وإنجاز تقرير المصير وحق العودة، في المدى المتطور أو المتوسط، وذلك يتطلب بداية إنها الانقسام وإنجاز المصالحة الوطنية الشاملة وتفعيل كل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، وترميم البيت الفلسطيني وبناء أطار أكثر تبلوراً، وبرنامجاً سياسياً أكثر وضوحاً وقيادة وطنية موحدة أكثر تماسكاً وجدياً, ودعماً شعبياً عربياً واسعاً غير أنها تمثل بوضعها الحالي، حالة جماهرية هجومية ودفاعية، وأداة ضغط على الاحتلال، ولا يجوز تمييعها في ترف السجال حول: لعل هي هبة، أم انتفاضة ؟؟!! إنها ببساطة أفضل أمل متبقي لنا فهي سلوك وحراك جبهة تحرير وطني فلسطيني بامتياز، فدعونا لانغرق بنقاش والسجال ألفصائلي الغير مجدي ؟!… وحالة القول أن هذه الانتفاضة الفلسطينية المظفرة والثائرة ضد الوجود الصهيوني على أرض فلسطين والتي تشكل الوسيلة العملية والفعلية الوحيدة، للضغط على هذا الكيان العنصري المتغطرس والمجرم، والتي تشكل رافعة نضالية للوضع المأزوم، في حال تأججها وتصاعدها، تحتاج إلى كل الدعم والرعاية من كل الأطراف الفلسطينية والعربية والإسلامية، و أول خطوة في هذا المجال هي توحيد كلمة القوى والفصائل الفلسطينية على الوقوف وراء الانتفاضة وعلى استراتجية وطنية موحدة لمقاومة الاحتلال الصهيوني بكل الوسائل والسبل، وتوفير أسباب دعمها وتصعيدها ، مادياً وسياسياً وإعلامياً ، لتبقى نقطة ضوء تشع في سماء فلسطين في هذه المرحلة الصعبة و الحرجة والداكنة، على مختلف الصعيد الوطني والقومي والإسلامي .
– الكاتب والباحث الإعلامي د.فضيل حلمي عبدالله