#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية
– مرة أخرى أثبت الرئيس الفلسطيني محمود عباس والمقربون القلائل في فتح والذين يستمع لنصائحهم، انهم مخلصون للمصلحة الاسرائيلية بالحفاظ على الوضع القائم ومنع هزات وتغييرات. هم اظهروا أن معارضة اسرائيل للانتخابات الفلسطينية تتفوق بالنسبة لهم على موقف جمهورهم، الذين اكثر من 93 في المئة من اصحاب حق الاقتراع فيه تم تسجيلهم كمن ينوون التصويت. وبهذا اظهروا شوقهم ولهفتهم للعملية الديمقراطية.
الوضع القائم، الذي لا يشبه اسمه، هو متغير بشكل مستمر في غير صالح الفلسطينيين كشعب واشخاص وفي صالح سيطرة اسرائيل على بيوتهم واراضيهم. ولكن الوضع القائم المزيف يمكن حركة فتح المتحجرة من السيطرة على مواقع قوة اقتصادية، ادارية وسياسية في جيوب الضفة الغربية. ويمكن الشخصيات الكبيرة غير المنتخبة، التي تعيش على هالة الماضي كمحاربي ضد الاحتلال في المنفى أو في مناطق 1967، أو تم انتخابهم في انتخابات انتهت صلاحيتها – مواصلة تطوير وتعزيز طبقة واسعة من الموظفين الكبار ورجال اجهزة الامن. ايضا الوضع القائم يسمح لحركة عباس بالسيطرة الى درجة كبير على نشاطات ومشاريع القطاع من خلال تفضيل المقربين.
إن تمسك قيادة فتح والسلطة باتفاقات اوسلو، لا سيما التنسيق الامني مع اسرائيل، يحافظ على استقرار معين في المنطقة. هذا التمسك تتم ترجمته الى منح من المجتمع الدولي – التي حتى لو أنها تضاءلت في السنوات الاخيرة إلا أنها ما زالت مهمة من اجل عمل السلطة. هذا الاستقرار، الذي تعريفه الاكثر دقة هو أمن اسرائيل على حساب أمن الفلسطينيين وحقوقهم، هو مهم لدول كثيرة تقدم المساعدات للسلطة الفلسطينية، وعلى رأسها دول الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة، التي تستأنف الآن الدعم الاقتصادي للفلسطينيين. ممثلية الاتحاد الاوروبي اظهرت في الواقع دعمها للانتخابات الديمقراطية ووعدت بأن تعمل على اجرائها، لكن من الصعب رؤيتها وهي تستخدم السوط الموجود لديها ضد السلطة، وقف دعمها الاقتصادي اذا لم يتم اجراء الانتخابات، مثلما استخدمت ذلك بعد صعود حماس الى الحكم في العام 2006.
الانتخابات الفلسطينية سيئة بالنسبة لاسرائيل وسيئة للطبقة الفلسطينية الحاكمة وغير المنتخبة للاسباب التالية: توجد لها امكانية كامنة للتأثير على عدد من المتغيرات التي ترسخت، أولا على الانقسام بين القطاع والضفة الغربية. لأنه في نهاية المطاف الانقسام بين قطاع غزة والضفة الغربية هو أحد المكونات الرئيسية لسياسة اسرائيل منذ 1991. نظام انتخابي يعني تغيير المواقف واسماع انتقاد علني ونقاشات تخترق حدود الرقابة الداخلية الفلسطينية التي يشرف عليها عباس. في حملة انتخابية كهذه ايضا اسرائيل كانت ستكون موجودة تحت دفيئة دولية من الزجاج: الى أي درجة ستخربها، بواسطة منع اسماع المواقف التي تعارض موقف فتح الرسمي، ومن خلال الاعتقالات.
انتخابات تكون فيها 36 قائمة انتخابية هي انتخابات تحمل في طياتها مفاجآت وتغييرات غير مخطط لها وتحالفات جديدة. 1400 مرشح، من بينهم 405 نساء، يتنافسون على 132 مقعد، 39 في المئة منهم هم في اعمار الاربعين فما تحت، كانت ستضمن برلمان اكثر شبابا الذي من يمثلونه يجب عليهم الاصغاء الى ناخبيهم. الاسئلة التي تقلق الفلسطينيين بشأن الفساد والمحسوبية، اوسلو، التنسيق الامني في الوقت الذي تقوم فيه اسرائيل بتوسيع المستوطنات طوال الوقت، المطالبة بالشفافية وتقديم التقارير، العجز امام عنف المستوطنين، الحديث عن “اقامة دولة” رغم الضعف السياسي – كل ذلك يحتمل أن يتم طرحه في هذا البرلمان.
من غير المؤكد أن حماس كانت ستكون الرابح الرئيسي في هذه الانتخابات: قائمة حماس ربما ستكون القائمة الاكبر في البرلمان، لكن لن تكون لديها الاغلبية التي ستمكنها من تشكيل الائتلاف. قائمتا فتح والقائمة الرسمية كانت ستجذب ما يكفي من المصوتين الذين ملوا من سلطة عباس المركزية، والذين في 2006 صوتوا لحماس كتصويت احتجاجي. هذه القوائم الثلاثة معا وقوائم اخرى غير متماهية مع الاسلام السياسي، كان يمكن أن تشكل قوة مسيطرة في البرلمان وائتلاف. ولكن سيطرة عباس ورجاله، المريحة لاسرائيل، كانت ستتقوض أو تضعف.
تأجيل الانتخابات للمجلس التشريعي الفلسطيني أيضا يعيق محاولة اصلاح المجلس الوطني الفلسطيني، الجسم الذي يمكن أن يمثل كل الشعب الفلسطيني، في البلاد وفي الشتات. المرحلة الثالثة في الانتخابات كان يجب أن تكون للمجلس الوطني الفلسطيني – برلمان م.ت.ف – حيث في جزء منه سيكون اعضاء المجلس التشريعي، الذين هم من انتخبهم سكان غزة والضفة، بما في ذلك شرقي القدس. في السنوات الاخيرة ازدادت الدعوات الى استئناف نشاطات المؤسسة التي تضم جميع الفلسطينيين كمحاولة لاعادة المكانة لـ م.ت.ف كجسم يحدد السياسة الفلسطينية. في سنوات اوسلو انقلبت الامور، والسلطة الفلسطينية، التي هي على الورق خاضعة لـ م.ت.ف تحولت الى المؤسسة السياسية الحاسمة، وم.ت.ف تحولت الى قشرة ثوم.
في السلطة الفلسطينية حركة فتح هي التي تسيطر، وعباس وفئة صغيرة من مقربيه هم وحدهم الذين يقررون. من المريح جدا لاسرائيل أن السياسة الفلسطينية تتم ادارتها من قبل مجموعة صغيرة من الشخصيات الرفيعة التي امتيازاتها وأفقها وأفق عائلاتها الاقتصادي، هم رهائن في أيديها.
إن شعار “لا انتخابات بدون القدس” اطلقه مؤخرا المقربون من عباس اكثر فأكثر، كلما اقترب موعد بداية الحملة الانتخابية التي كان يمكن أن تبدأ في يوم الجمعة الماضي، هذا في الوقت الذي فيه اسرائيل لم توافق بشكل رسمي على اجرائها في القدس. أول أمس قال رئيس مرشحي قائمة فتح، محمود العالول، بأن اجراء انتخابات لا تشمل القدس سيكون خيانة وجريمة. هو وغيره تجاهلوا تماما الامكانية الثانية لاجراء الانتخابات التي طرحها مرة تلو الاخرى متحدثون وممثلون لقوائم اخرى: البحث عن طرق لاجراء الانتخابات في شرقي القدس حتى بدون موافقة اسرائيل الرسمية. مثلا، وضع صناديق اقتراع في مؤسسات الامم المتحدة، الكنائس والمساجد، بما في ذلك في المسجد الاقصى، الانتقال من بيت الى بيت مع صندوق الاقتراع ووضع صناديق اكثر في الاجزاء من محافظة القدس التي لم يتم ضمها لاسرائيل.
لقد استخف العالول، وعباس ايضا في خطابه أمس، بمن اقترحوا هذه الاقتراحات وكأن الانتخابات في القدس بالنسبة لهم هي موضوع تقني. وقد تجاهلوا بشكل كامل البعد التآمري في هذه الاقتراحات: “ضعضعة وهم التطبيع في القدس وادارة معركة من المقاومة الشعبية، في الواقع تصويت الفلسطينيين في شرقي القدس بأي طريقة. عباس والعالول ومؤيدون آخرون لم يشرحوا لماذا يجب انتظار الاذن من اسرائيل لاجراء الانتخابات في شرقي القدس. وبهذا يتم الخضوع للفيتو الاسرائيلي على اجراء الانتخابات. وصمتهم يكشف نفاق نموذجي: كبار في فتح وفي السلطة دائما يمجدون “النضال الشعبي” كنقيض لشعار النضال المسلح. الانتخابات في شرقي القدس كان يمكن أن تكون فصل من النضال الشعبي. عدم استغلال الفرصة من اجل الخروج الى نضال شعبي يثبت ما هو معروف: قيادة فتح لا تؤمن وهي غير معنية بهذا النضال، وبالتأكيد هي غير معنية باتباعه.