#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية_رئيس قسم الدراسات_نبيل فوزات نوفل
– المطلع على ممارسات واستراتيجيات الإمبريالية الأمريكية يتأكد له أن العدو الأول للولايات المتحدة الأمريكية كما تراه واشنطن هي الصين ، كونها دولة ناهضة، وقوية وتملك حضارة عريقة ضاربة في عمق التاريخ ، وتحقق نمو متقدم ، وتمارس سياسة واقعية بعيدة عن الهيمنة والتدخل في شؤون الدول الأخرى، وتتعاون مع دول خارجة عن بيت الطاعة الأمريكي ، وهذا يشكل خرقاً للخطوط الحمراء ويهدد عرش إمبراطورية الشيطان الأمريكي في الهيمنة، والتي ستؤدي إلى إنزال أمريكا عن عرش التحكم في العالم كقوة وحيدة وتلغي نظام القطب الواحد،وتجعل العالم متعدد الأقطاب ،ما يؤدي لتعزيز دور الشعوب في وجه الهيمنة والاستعمار .
تعمل واشنطن على شيطنة بكين ، وتمارس الضغوط على دول العالم وخاصة من تملك الثروات النفطية لمنعها من تزويد بكين بالطاقة ، لهذا تركز على الهيمنة على نفط ” الشرق الأوسط ” ، وتعادي إيران بسبب علاقتها الاستراتيجية مع الصين وتزويدها بالطاقة .
ويدرك الجميع أن الإدارة الأميركية هي التي أشعلت فتيل النزاع مع الصين بشكل أحادي الجانب، واتخذت سلسلة من الأقوال والأفعال الخاطئة التي تشكل تدخلاً بالشؤون الداخلية الصينية، وتضر بالمصالح الصينية، وتلقي بظلال ثقيلة على العلاقات الثنائية، وذلك أدّى إلى مشهد معقد وخطير للغاية لا مثيل له في العلاقات الثنائية منذ تبادل التمثيل الدبلوماسي بين البلدين.
إن إدارة / بايدن/ لا تختلف عن الإدارات السابقة في عداءها للصين ، فهي تتبع نفس السياسة من حيث العمل على شيطنة القيادة الصينية ، وخداع الشعب الأمريكي
وتضليل الرأي العام الدولي باختراع الأضاليل والأكاذيب حول الصين وسياساتها الاقتصادية.ولقد كشفت وثيقة الدليل الاستراتيجي المؤقت للأمن القومي الأميركي ، عن الملامح العامة لتوجهات الإدارة الأميركية الجديدة ، والتي حظيت الصين على نصيب الأسد فيها ، لجهة ما تشكله من تهديد استراتيجي واسع للولايات المتحدة، أبرزته الوثيقة بشكل مفصل، ذلك بخلاف التهديدات العالمية مثل جائحة كورونا وقضية التغير المناخي.وجاء التركيز على بكين لافتاً ضمن الاستراتيحية، وبشكل لا يقبل الشك، ذلك أن كثيراً من فقراتها تضمنت ذكر الصين ( الخصم الرئيسي المحتمل ) .
تنظر الاستراتيجية إلى الصين ( التي وصفت في الاستراتيجية بأنها صارت أكثر ثقة بالنفس الآن ) ، باعتبارها الدولة الوحيدة القادرة على دمج قدراتها العسكرية والدبلوماسية والاقتصادية وحتى التقنية ” لتشكيل خطر على النظام العالمي ” .
واعتبرت الاستراتيجية أن الصين تسعى إلى ” الحصول على مزايا غير عادلة ” ، وتعمل ضد نظام دولي منفتح ومستقر .. وعبّرت أيضاً عن النظرة الأميركية لبكين بأن سلوكها ” يهدد مصالح وقيم واشنطن ” .. كما توعدت الاستراتيجية بـ ” الرد على سلوك الصين”، ومواجهة ” الممارسات التجارية غير العادلة وغير المشروعة والقرصنة الإلكترونية ، والممارسات الاقتصادية التي تؤذي العمال الأمريكيين .
كما تضمن الاستراتيجية النص على ” دعم واشنطن لجيران الصين والشركاء التجاريين في الدفاع عن حقوقهم في جعل الخيارات السياسية المستقلة خالية من الإكراه ” .
وعلى رغم ذلك أبدت الوثيقة مرونة في التعامل مع بكين، وجاء فيها : ” نحن ندرك أيضًا أن المنافسة الاستراتيجية لا تمنع ولا ينبغي أن تمنع العمل مع الصين عندما يكون من مصلحتنا الوطنية أن نفعل ذلك ” .
ورغم هذه السياسة العدوانية الأمريكية تجاه الصين ، فإن الصين كانت على الدوام تنتهج سياسة هادئة قوامها الدبلوماسية، سياسة داعية للحوار، واحترام متبادل للتاريخ، واستشراف للمستقبل، ومؤكدة على الحفاظ على استقرار العلاقات الصينية – الأميركية ، بما يخدم البلدين أولاً، والأمن والسلم الدوليين ثانياً، وازدهار البشرية ثالثاً .
الاستراتيجيّة الصينيّة، كانت، وما زالت، تتبنّى عدّة خطط مُحكَمة الإعداد، الأولى، بناء بُنى تحتيّة اقتصاديّة قويّة ، والثانية ، قوّة عسكريّة نوويّة صاروخيّة مُتطوّرة ، والثّالثة ، ترسانة من الأسلحة السّيبرانيّة والذّكاء الاصطِناعي، ويبدو أنّ هذه الاستراتيجيّة بدأت تَدخُل طور الاكتِمال ، وفي زَمنٍ قياسيّ، وتُثير قلق الولايات المتحدة وحُلفائها الغربيين .
الصينيّون يعملون بصَمتٍ مَدعومٍ بثقةٍ عاليةٍ بالنّفس ، وتُؤكّد مُعظم التّقديرات الغربيّة أنّهم سيُصبِحون القوّة الاقتصاديّة الأعظم في العالم في غُضون خمس إلى عشر سنوات، وسيُصبِح “اليوان الذّهبي” الصّيني العُملة الرئيسيّة الأولى في العالم ، وبِما يُطيح بهيمنة الدّولار ، والنّظام المالي الغربي الذي حكَم العالم واقتِصاده مُنذ الحرب العالميّة الثّانية .
هذه الأسس الثابتة في السياسة الصينية ، التي أرستها بكين انطلاقاً من حكمتها في التعامل مع قضايا العالم، ونظرتها الهادفة إلى إرساء السلم الدولي مهما كان حجم الأزمات وخطورتها ، وهذه السياسة المبدئية للصين كان الرئيس شي جينبينغ قد أرسى قواعدها في خطاب له عام 2014 حينما أشار إلى أن التاريخ والوقائع قد أثبتت على أن الصين والولايات المتحدة تربحان بالتعاون وتخسران بالتصادم، و أن التعاون الصيني الأميركي سيساهم في إنجاز مهام كبرى لصالح البلدين والعالم ؛ أما التصادم بينهما فلا يؤدي إلا إلى عواقب كارثية لهما وللعالم بأجمعه .
ترى الصين أنه يجب على واشنطن وبكين التحلي بالنظرة بعيدة المدى وتعزيز التعاون والتمسك به والابتعاد عن المجابهة، بما يخدم البلدين ويأتي بفوائد على العالم برمته ، وترى الصين أيضاً أن مسيرة تطور العلاقات الصينية الأميركية لم تكن مفروشة بالورود طوال السنوات الـ41 الماضية، باختصار إنها رسائل الحكمة الصينية التي تحث صانعي القرار في الولايات المتحدة على احترام الحقائق التاريخية وإدراك متغيرات العالم والإنصات للأصوات العاقلة داخل أميركا وأخذها على محمل الجد ، وكذلك الإصغاء إلى دعوات دول العالم لتحقيق الأمن والسلم الدوليين وإدارة الخلافات والسيطرة عليها على أساس مبدأ الاحترام المتبادل، لكن رغم كل هذه الرسائل الدبلوماسية الإيجابية من قبل القيادة الصينية فإن المكتوب الأميركي يظهر من عناوينه العدائية، القائمة على التصعيد وخلق كل ما من شأنه توتير العلاقات وتفجيرها مع الصين أولاً والعالم كله ثانياً، فقط من أجل مصالح فئة قليلة في أميركا تهيمن شركاتها الجشعة على الاقتصاد والمال والسلاح والقرار السياسي، ورداً على هذه الخطوات أوضحت الحكومة الصينية موقفها بشكل شامل ، واتخذت خطوات حازمة للحفاظ على سيادة بلدها وأمنها القومي ومصالحها التنموية بعزيمة لا تتزعزع .. ونحن نرى أن الحكمة الصينية ستهزم الغطرسة الأمريكية ، وستكون الصين في مقدمة دول العالم ، وهذا سيكون في مصلحة البشرية كلها .