المراوغة الأمريكية وخديعة البحث عن ” الحل السياسي ” بقلم : المهندس ميشيل كلاغاصي ” الكاتب والباحث والخبير الاستراتيجي “

#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية

 

 

– في سوريا كل ما عليك هو أن تصدق أن ترمب نسف ما جاءت به إدارة أوباما , وبايدن سينسف ما جاءت به إدارة ترمب .. وأن الرئيس الجديد دائماً هو من صنف الملائكة , فيما سلفه كان من صنف الشياطين .! , يا لها من إستراتيجية للمزاح والمزاج والإستخفاف.

– ماذا عن جوزف بايدن , كسياسي معمر واكب عدداً كبيراً من الإدارت الأمريكية السابقة , وشارك بصنع قراراتها , ويأتي اليوم لينسف ما سبق له واّمن به وسعى لتحقيقه ..؟

– ماذا عن مواقفه ودعمه للحرب على سوريا , وتأييده للمشروع الإنفصالي وبتقسيم سوريا ..؟

– ماذا عن مواقفه السابقة لدعم الوجود الأمريكي في سوريا ورفضه لإنسحاب قواته منها ، وعن دعمه لصديقته هيلاري كلينتون وللرئيس أوباما في استثمار “داعش” في سوريا والعراق ..؟

– هل يعقل أن يكون بايدن “ملاك” السلام الجديد الذي يبحث عن وقف الحرب في سوريا وبإيجاد “الحل السياسي” , ويرفض مشاركة بلاده في الجولة الخامسة عشر للقاءات أستانا ..؟!

– وماذا عن رفض قادة الكيان الإسرائيلي الغاصب لإنهاء الحرب وبالإنسحاب الأمريكي , والمال الخليجي والسعودي المتدفق دائماً دعماً للوجود والمشروع الأمريكي في سوريا ..؟!

لا يبدو الرئيس بايدن جاداً بوضع سوريا على قائمة أولوياته , ولا تبدو إدارته بأنها تملك رؤية ً واضحة وكافية للمزاوجة بين استراتيجيتها ومصالحها وأقله على المدى القريب … ومن غير المتوقع بأن تخلي قواتها العسكرية مواقعها ووجودها اللاشرعي في الشمال الشرقي ومعبر التنف ، وأن تتخلى عن أدواتها وبإستمرار تغذيتها للمواجهات والإنقسامات والمزيد من محاولات تفتيت بنية النسيج الإجتماعي والديموغرافي في مناطق إحتلالها, وأن تحافظ على حالة الحصار والعقوبات التي نسجتها إدارة ترمب ، إذ لا تستطيع الولايات المتحدة إتخاذ خطوات معاكسة تماماً لسياستها في سوريا والتي اتبعتهاعلى مدى السنوات العشر الماضية , ولا يمكنها تجاوز المصالح الإسرائيلية وأمنها الحيوي في فلسطين المحتلة وسوريا ولبنان والأردن والعراق , ولن تستطيع تحمّل مشهد ما بعد إنسحاب قواتها , وتداعياته الإيجابية بالنسبة لسوريا .

– إن كان لصالح إنتهاء الحرب في غضون أيام وربما ساعات , أو لصالح مشهد التشبيك العسكري والتجاري من بيروت إلى دمشق وبغداد وطهران .

– إن خروج القوات الأمريكية من سوريا , سيحرم قادة الكيان الغاصب من الدعم الأمريكي المباشر , والذي أمنّ له دعماً استخبارياً منحه القدرة والفرصة لشن الإعتداءات المتكررة على سوريا وربطها بالوجود الإيراني حتى لو كان استشارياً عسكرياً فقط .

– وللمضي قدماً في سياسة العدوان ومحاولة ترهيب القيادة والدولة والشعب السوري .. فحالة الخوف الوجودي الذي تعانيه القيادات وبيئة المستوطنين الإسرائيليين , لن تسمح للرئيس بايدن بسحب قواته من المنطقة الحدودية ما بين سوريا والعراق , وبإجراء تغييرات جوهرية في ملف الحرب على سوريا .

– هذا من جهة , ومن جهةٍ أخرى لن يكون بمقدور إدارة بايدن الإنسحاب أمام أعين روسيا – بوتين العدو اللدود , كي يهنئ في مياه المتوسط الدافئة , وسط مخاوفها من تطوير قاعدة حميميم , ووضعها كندٍ قوي أمام قاعدة انجرليك في تركيا. تدرك واشنطن بأنها لن تستطيع البقاء والعربدة في سوريا إلى ما لا نهاية , وبالتوازي مع تقدم الجيش العربي السوري وتحريره لغالبية الجغرافيا السورية , وسط هزيمة تنظيم “داعش” , وإنكشاف حقيقة الأدوات الأمريكية المحلية , وتصاعد الغضب الشعبي في وجه الإحتلال الأمريكي وعصابات “قسد” ومخططاتها الإنفصالية وممارساتها تجاه الثروات النفطية الوطنية والمحاصيل الزراعية والأهالي .

– ولن يكون بمقدور الرئيس بايدن الإحتفاظ بدعمه لهذه الميليشيات وحمايتها وحماية حياة جنوده , وبالسيطرة الكاملة على غالبية المحافظات الشمالية الشرقية في محافظات الحسكة ودير الزور والرقة , مع استعداد القوات الروسية للإنتشار على طول الحدود السورية – التركية .

– فلن تكون الولايات المتحدة قادرة إلى الأبد على منع الهيئات السياسية لـ”قسد” من الحوار والتفاوض مع الحكومة السورية لإنهاء “المغامرة” وإستعادة الدولة لسيطرتها على أراضيها .

– ويبقى للإدارة الأمريكية البحث عن سبل إقناع أو تعويض تركيا للقبول بإستمرار دورها عبر سيطرة قواتها ومجاميعها الإرهابية على عفرين وإدلب للمضي قدماً في مشروع تقسيم سوريا , مع صعوبة إختراق العلاقات التركية – الروسية , والتركية – الإيرانية , وعدم قدرة تركيا على حماية الإدارة الذاتية المزعومة , وحماية كل الإجراءات اللاشرعية التي قامت وتقوم بها تركيا من ربطٍ لإقتصاد مناطق إحتلالها بالإقتصاد التركي وبإقامة الجامعات وغير ذلك .

– ويبدو من السخيف بمكان الإعلان الخارجية الأمريكية عن مضمون الإتصال الهاتفي للوزير بلينكن مع الوزير جاويش أوغلو بالحديث عن دعم الحل السياسي في سوريا .

– أما بالنسبة للوجود الإيراني ، فالولايات المتحدة و”إسرائيل” وبعض الأنظمة الخليجية , لا يرغبون ببقاء الإيرانيين في سوريا ، لكنهم لا يملكون أدوات إجبار قوية وكافية , ولن تكون عملية ربط التفاوض بالعودة إلى الإتفاق النووي وخروج إيران من سوريا في صالح المفاوض الأمريكي والأوروبي .

– وعليهم استيعاب وفهم طبيعة العلاقات الإستراتيجية السورية – الإيرانية , والثقة المتبادلة , والأهداف البعيدة التي تتخطى ملف الحرب على سوريا , وترتبط مباشرة بالقضية الفلسطينية المركزية لكليهما , وتحرير الجولان السوري , ووقف المد الصهيوني في المنطقة.

– في الوقت الذي لا يبدو الرئيس بايدن قادراً على تحمّل إعلان هزيمته وحلفائه الأوروبيين والأتراك والإسرائيليين والعرب , واللجوء إلى الحوار السوري – الأمريكي المباشر – وأقله في هذه المرحلة .

– مما تقدم نخلص إلى القول , بأن إدارة بايدن غير جاهزة للسلام , ولن يكون بمقدورها تغيير مواقف إداراتها السابقة , ونسف ما جاءت به إدارة ترمب , وتراجعها عن إعلان إنسحابها من سوريا , وأنه لم يكن يعدو أكثر من موقف استعراضي , وإعادةً لخلط الأوراق , وبحثاً عن المزيد من الوقت , على أمل بلورة موقفاً أمريكياً تبني عليه مزاوجة استراتيجيتها ومصالحها في سوريا .

– في حين تقترب رهاناتها على كسب الوقت من الضياع الكلي مع إقتراب الإنتخابات الرئاسية في سوريا , والتي لن تخرج نتائجها عن التوقعات الأمريكية بفوزه وجيشه وشعبه , وبقائه لما بعد رحيل الرئيس بايدن .