#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية
– من يسمع حكايات العدل والعدالة التي تحكى عن “إسرائيل” في صفحاتها الناطقة بالعربية، لن يسمع بحكاية خطف أطفال يهود اليمن الذين وصلوا إلى “إسرائيل” عام 1950، وشهادة مثل شهادة “شوشانا شاحم” (85 عامًا) التي كانت تشارك في دورة تدريبية في مجال تربية الأطفال بتلك الأيام بمعسكر “رأس العين” ورأت بأم عينها كيف خُطف الأطفال من أهلهم وسُلموا إلى عائلات أخرى، كما صرحت لصحيفة يديعوت أحرونوت مؤخرًا.
بحسب التقرير، فمنذ نحو 70 عامًا ومئات العائلات تتحدث عن أطفال اختفوا ولم يعودوا والأكاذيب التي سمعوها وكذلك المعاملة المهينة التي تعرضوا لها، إلا أن شهادة “شوشنا شحام” كانت مختلفة نوعًا ما، فقد فرت شوشنا من ألمانيا النازية إلى “فلسطين” وفي الخمسينيات كانت قد بدأت دورة تدريبية في تربية الأطفال، وكجزء من تخصصها أُرسلت هي وصديقاتها إلى مخيم المهاجرين اليهود في رأس العين الذي كان يعاني من أوضاع صعبة وكثافة سكانية عالية، أغلبهم من المهاجرين الجدد من يهود اليمن.
تقول شوشانا: “رأينا سيارات تصل إلى المخيم ومنها كان يخرج أشخاص يرتدون زيًا مهندمًا – مثل أبناء المدن – ويتحدثون بلغة غريبة، رأينا هؤلاء الأشخاص يأخذون الأطفال ويدخلونهم في السيارات، فقلت: لحظة، أين تأخذونهم؟ فقالوا: سنأخذهم إلى حيث نحسن من أوضاعهم المعيشية، سوف يعيشون مع عائلات مختلفة كي لا يعانوا مجددًا من أوضاع صحية صعبة والجفاف، كما كنا نسمي ذلك، ألا يعانوا من الجفاف، فيقدمون لهم السوائل ويقدمون لهم الطعام”.
وحين سُئلت شوشانا: “هل علمتم أنهم سيأخذونهم من أهلهم”؟ أجابت: “بالتأكيد”، وأضافت: “لم يكن هناك شك، كان ذلك واضحًا جدًا، لقد قالوا لنا: سوف ننقلهم إلى عائلات، حيث يكون هناك أمل بأن يبقوا على قيد الحياة، وهكذا فهمنا الأمر ببساطة، قالوا لنا: سوف نأخذهم إلى بيوت أحسن بحيث يحظون بفرص أكبر للبقاء على قيد الحياة”.
ثم عندما سُئلت إن كانت رأت كيف أخذوهم أجابت: “نعم، ولكن عندما جاء الأهل – البيولوجيين – كذبوا عليهم بأن الأطفال ماتوا، لقد كنا شاهدات على ذلك، لكن لم يكن بمقدورنا أن نقول شيئًا آخر غير ما قالته الإدارة، لقد قالوا لهم: الأطفال ماتوا وتم قبرهم”.
ثم عندما سئلت مجددًا إن كانت هي وزميلتها قد فعلن كل ذلك وهن يعلمن أنه لا يتماشى مع الحقيقة: “لقد علمنا أين الأطفال، لقد أخذوهم في سيارات جميلة وملابس غربية”.
هذه الاعترافات تعتبر من أحدث الاعترافات في هذه القضية ويميزها أنها من طرف “ممرضة” في قضية لا تزال غامضة حتى اليوم ويعتبرها البعض من أهم الأسرار في “إسرائيل”، وبحسب الصحيفة فإن اعترافات شوشنا بدأت بالصدفة في عيد ميلادها الـ80 حيث كانت تحتفل مع أبنائها والأحفاد، وبينما هي تتأمل صورة قديمة لها بالأسود والأبيض في ملابس التمريض وهي تحمل طفلًا داكن الشعر، فجأة سمعتها ابنتها تقول: “قصة أبناء اليمن حقيقية وأنا شاهدة على ذلك”، الأمر الذي حفز بناتها لتسجيل شهادتها في هذه القضية الخطيرة.
في أحد الفيديوهات تظهر شوشنا وهي تتحدث عن تجربتها مع الأمهات قائلة: “بعد فترة كانت تأتينا نساء غريبات لم نكن نعرف شيئًا عنهن، كن يطلبن أن نعيد إليهن الأطفال، فكنا نقول لهن بأنه ليس لدينا إلا هؤلاء الأطفال، فكن يتأملنهم ويقلن: “لا.. إن طفلي ليس بينهم”، ثم تضيف: “كنا نراهم وهم يأخذونهم بسيارات جميلة، وفهمنا أن شيئًا “قذرًا” يدور حولنا ولكن ماذا عسانا نفعل؟ يبدو لي أن الأهل لم يصدقوا حكاية موت الأطفال وكانوا يبدأون بالصراخ والنواح”.
هذه التسجيلات سُلمت إلى جمعية “عمرم” التي تتابع هذه القضية وتجمع الشهادات عنها من أجل رفع الوعي بهذه القضية، وقد أدركوا أن شهادات شوشنا كنز، سواء كنا نتحدث عن “قوة” الشهادة التي قدمتها والتي تتلاءم مع الشهادات الأخرى التي جُمعت في أرشيف الجمعية في السابق، في المقابل وافقت شوشنا على مشاركة قصتها ونشرها في صحيفة “يديعوت أحرونوت” واسعة الانتشار.
أحد أهم القضايا التي تشير إليها شوشنا هي أن المسألة لم تتوقف عند الكذب على الأهل، وإنما في تدريبها هي وزميلاتها كيفية تهدئة الأهل – البيولوجيين – عند إخبارهم عن وفاة أطفالهم، وتوضح ذلك قائلة: “كانت لدينا حالات صعبة، حالات من الهستيريا والصراخ، وقتها دربونا كيف نهدأ الأهل”، وعندما سُئلت: “هل رأيت بنفسك الأهل”؟ أجابت: “نعم، صراخ وهيستريا، وينك يا ولدي (يتحدثن باللهجة اليمينة)، أين هو طفلي؟ – لقد مات ولم نستطع معالجته، وكن يسألننا أين قبورهم ويجهشن بالبكاء، كانت تنفطر قلوبنا من قسوة المشاهدة”.
كل هذه الحقائق التي أخفتها هذه المرأة كل هذه السنوات تأتي اليوم وبعد كل هذه السنوات لتساهم من جديد في بث روح جديدة لمحاولة حل لغز أحد أهم الأسرار في تاريخ “إسرائيل”، التي لا تزال الكثير من الحقائق ونتائج التحقيقات فيها غامضة ويمنع البت فيها حتى عام 2071، إلا أن هذا لم يمنع العائلات من التوقف عن المطالبة بحقها، وقد نشرت مؤخرًا صحيفة “إسرائيل اليوم” أن خلال الأسابيع القادمة ستقوم 10 عائلات بتقديم لائحة اتهام ضد الدولة تطالب فيها بتعويضات تصل إلى ملايين الشواكل.