الايديولوجيات المهزومة .. بقلم : الدكتور سليم الخراط

#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية

 

– فلسفة التعاطي بقرارات الشعوب تاريخياً عبر ايديولوجيات متعددة التوجهات ، سبباً ادى إلى هزيمتها المنكرة على مر العصور وهو الامر الواقع في ظل انتصارات كفيفة لمراحل تاريخية ، وابن خلدون في مقدمته عام 1377 م كتب الكثير عن ذلك في نشوء وهزيمة الأمم والدول والحياة المجتمعية والانحطاط والدمار  .

– فليس للدول أيديولوجيات تحكم مسارها ، وإنما دساتير وقوانين لسياسات اقتصادية واجتماعية ، ومواقف وطنية وإقليمية ودولية ، يكون العامل الحاسم فيها ، الخلفية الأيديولوجية للأفراد أو القوى السياسة والأحزاب ، وحتى الدول الشمولية التي تبنت أيديولوجية ، فهي لم تكن أيديولوجية الشعب والدولة .

– بل أيديولوجية الحزب الحاكم وأفكاره التي تبناها ويحاول تطبيقها على شعبه ، وإلا فكيف إنهارت الدول الشيوعية فجأة..!؟.

– فلو كانت العقيدة راسخة عند الشعب ، وفي مؤسسات الدولة لكانت النتائج ليس ما نراه كواقع فاشل لممارسة الايديولوجيات ، فالايديولوجيات تتطور ببطئ ، وقد تستغرق مئات السنين للانتقال إلى أيديولوجيا مختلفة نسبيا ، بينما الخيارت السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، تقبل التغيير الجزئي أو شبه الكلي في سنوات محدودة من تاريخ الشعوب ، ولا يكفي النص في أيديولوجية ما لأي دولة ، ليصح   القول : أنها دولة ذات أيديولوجية معينة ، في نفس الوقت يصعب علينا إثبات التطابق بين الأيديولوجيا والسياسة ، أو بين الفلسفة والسياسة ، ولا حتى بين ثقافة المجتمع والأيديولوجيا التي تحاول التحكم بعقول الإنسانية .

– قد تصلح الأيديولوجيا أحيانا للتوظيف السياسي ، او لاشتقاق مشاريع قومية طبيعية أو غير طبيعية مفتعلة كالصهيونية ، ولا يمكن اعتبار الخلافات والاختلافات بين الدول والشعوب قائمة على أساس الأيديولوجيا .

– لذا يمكن القول أن الأيديولوجيا ، أكثر شمولاً من الدين والقومية والثقافة والسياسة ، لكنها تؤثر وتتأثر بها ، آخذين بعين الاعتبار ، عدم قدرتنا على الفصل الحاسم بين الأيدلوجيات لأن العلاقة بينهما تناحرية ، في جوانب ومراحل ، وتبادلية في مراحل وجوانب أخرى .

– فالايديولوجيا رؤيا شاملة وفكرة شاملة ، ليس لمجتمع بعينه ، بل للكون والإنسانية ، تنعكس في سلوك المجتمعات وثقافتها وقيمها ، وتؤثر على تفاصيل حياتها الخاصة والعامة ، دون وجود مقياس يدلنا على أيديولوجيا كاملة ونقية ، ودون إنكار أن الأيديولوجيا تخضع لصيرورة تاريخية ( جدلية ) مما يعني أننا لم نتوصل الى أيديولوجية راسخة ونهائية .

– من هذا المنطلق نستطيع القول والحكم اليوم على فشل الايديولوجيات بكافة توجهاتها الفكرية ، وحتى تسمياتها المتعددة التي تتخذها عناوين لافكارها المطروحة ، وليست تخبطات الدول وقلقلتها ودخولها بصراعات وأزمات ، الا دليل على فشلها في فرض وممارسة ايديولوجياتها الفكرية ، وبالتالي سقوط افكارها في أتون الازمات التي لا تستطيع الخروج منها بحلول وطنية ما لم تكن تشاركية بالمطلق ، تستطيع من خلالها اكتساب الشعوب الى صفها .

– لذلك تبقى أفكاراً عند البعض ليس أكثر يتقوقعون بين جدرانها الجامدة ، فالحياة تحتاج دينامكية مستمرة لانتاج تطور وارتقاء بالمفاهيم ، تتطور من خلالها الأنظمة من خلال تطور دساتيرها وقوانيها ، لتكون هي المرجع الأول والأخير في حياة الشعوب .

د.سليم الخراط

دمشق الاحد في 8 تشرين ثاني عام 2020 .