#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية_رئيس قسم الدراسات_نبيل فوزات نوفل
– القدس ليس مكاناً فحسب،ليست عاصمة وحسب،إنها المكان والمعنى،إنها العاصمة والوطن ، هي وجداننا ، رمز الطهارة ، نورانية الله على الأرض ، موطن الأنبياء والرسل ، مدينة العارفين والمعرفة ، أرض البطولات ، والتواريخ والمعاني الثقال ، هي البداية وهي النهاية ، المدينة المقدسة ، سيدة المدائن اسماً وتاريخاً وحضارة .
– لقد تعرضت القدس للاحتلال والمخاطر وانتصرت ، لكن الخطر الأكبر الذي تعرضت له هو المشروع الإمبريالي الصهيوني ، والذي تجسد باحتلال فلسطين ، والهيمنة على القدس ، وهي منذ تأسيسها ، قبل خمسة آلاف عام مدينة عربية كنعانية ، وقد بنيت بيد سكانها اليبوسيين أكثر من ألفي عام قبل عهد موسى ، وعاش اليهود في فترة وجودهم أقلية بينهم ، ويؤكد الباحثون ” أن اسم أورشليم ليس يهودي ، بل هو عربي ، وقد استخدمت قبل ثمانمئة عام من اللهجة العبرية ، والمدونات العبرية ” .
ولقد دام الحكم العربي لها قبل الإسلام نحو عشرين قرناً وبعد الإسلام ثلاثة عشر قرناً أخر ، ومثلت مركزاً ثقافياً مهماً في حياة العرب قبل الإسلام ، وفي العام الخامس عشر للهجرة الموافق 638 م ، وصل الخليفة عمر بن الخطاب إلى القدس ، وتسلم مفاتيحها من بطريرك القدس ، وأعلن عمر بن الخطاب عهده المشهور ( العهدة العمرية ) وتتأتي أهمية القدس من أمور عدة أهمها :
1- إنها موطن خليل الرحمن ، ومقر الأنبياء ، ومهبط الوحي ، ومبعثَ عيسى كلمة الله التي ألقاها على مريم قال ابن عباس ” البيت المقدس بنته الأنبياء ، وسكنته الأنبياء ، ما فيه موضع شبر إلا وقد صلى فيه نبي أو قام فيه ملك ” .
– كما أنها أولى القبلتين ، وثالث الحرمين ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد ،مسجدي هذا ، والمسجد الحرام ، والمسجد الأقصى ” ، وأيضاً لأنها عاصمة فلسطين ، ومتحف أثارها الدينية التي تجمعت مدة ثلاثة عشر قرناً ، وصلة الوصل بين الأقطار العربية .
2 – كونها مركز روحي توحيدي ، وموقع استراتيجي ، عسكري ، وسياسي .
– وكما نعلم فإن أول جماعة بشرية مؤمنة بالله واحد أحد ظهرت في التاريخ هم اليبوسيون الكنعانيون ، وكان زعيمهم ” ملكي صادق ” ، وكان يعبد الإله الواحد الأحد في مغارة ، وتم بناء مدينة بجانبها ، ومنذ ذلك الحين أطلق العرب المسلمون عليها اسم (القدس) أو (بيت المقدس) ، ويعني المكان الذي يتم فيه التطهر من الذنوب ، ويقال أن معناه ” المكان المرتفع المنزه من الشرك ، والذي كان مسكناً للمؤمنين الموحدين ” .
– أما المغارة التي كان ملكي صادق ومن معه من المؤمنين يعبدون الله فيها فهي المغارة التي سقفها الصخرة المشرفة التي عرج سيدنا محمد (ص) من على ظهرها إلى السماء ، وهذه المغارة هي ذاتها المسجد الأقصى ، الذي بارك الله حوله ، لأنه أول مكان عبد فيه الله الواحد الأحد وللسبب نفسه جعل الله القدس (المسجد الأقصى) أولى القبلتين ، وكان المسجد الأقصى أول بيت عبد فيه الله ، الواحد الأحد، ثم أسرى الله لعبده ونبيه محمد (ص) من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، وعرج به إلى السماء ، وحكمة الله في ذلك هي ربط أول بيت وضع للناس بأول بيت عبد الله الواحد الأحد فيه ، فإذا ما ربطنا واقعة المعراج بواقعة رفع الله لسيدنا المسيح عليه السلام إلى السماء من القدس لينقذه من اليهود ، أدركنا أن الله حمل المسيحيين أيضاً مسؤولية الدفاع عن القدس تماماً كما حملها للمسلمين ، وعلى أرض الصخرة كان المحراب الذي تتعبد فيه السيدة العذراء مريم ، وعلى أرض الحرم الشريف دعا السيد المسيح عليه السلام على معذبيه بالخراب ، وعلى أرض الحرم القدسي صلى سيدنا محمد (ص) بالأنبياء ، ليلة الإسراء والمعراج .
ومن هنا نجد أهمية المكان للمسجد الأقصى ، التي كانت عبر مراحل تاريخية طويلة ، وحتى حين بدأت الدعوة الإسلامية كان واضحاً وجلياً اهتمام المسلمين بالقدس .
– حيث أتى على ذكرها بجملة من الأحاديث النبوية الشريفة .. والمسجد الأقصى ، وما له من قيمة روحية ودينية في حياة العرب والمسلمين لأنه أولى القبلتين،. كما أن حائط البراق،هو الأخر له ميزة التلاقي بين مكة والمدينة والقدس ، وهو يجاور الأقصى ، ويشكل دالة ودلالة على الوحدة العضوية بين السماء والأرض العربية ، وبين العروبة والإسلام.
3- وجود كنيسة القيامة في القدس ، وما لهذه الكنيسة من قيمة دينية وتاريخية في وعي المسيحيين العرب،وما لها من أثر في الذاكرة التاريخية ، وهذا التلاقي والتوحد بين القيمة الدينية والذاكرة التاريخية جعل من الكنيسة شاهداً على عروبة القدس ، لأن المسيح منا مولداً ، وثقافة ، وفكراً ، والإنسان يعرف من ثقافته .. وإسراء الرسول إلى القدس ، وعروجه إلى السماء من فضاء القدس وقبة الصخراء له دلالة على عروبة القدس وقدسيتها ،لأن الله اختارها لتكون نقطة انطلاق الرسول وصعوده إلى الذات الإلهية ، ونزعم أنه في الصعود المحمدي إلى السماء معنى التلاقي والوحدة بين المسيحية والإسلام ، آليست القدس هي التي شكلت مركز الصعود إلى السماء للمسيح والرسول محمد.
4 – القدس تتبوأ مكانة استراتيجية في إطار القضية الفلسطينية ، وكما تؤكد الدراسات أنه لا يقل موضع المدينة عن موقعها ، فهو موضع ديني دفاعى يجمع بين طهارة المكان وسهولة الدفاع عنه ، نشأت النواة الأولى لمدينة القدس على تلة الظهور (تل أوفل) المطلة على قرية سلوان في الجزء الجنوبي الشرقي من المسجد الأقصى ، وقد اختير هذا الموضع الدفاعي لتوفير أسباب الحماية والأمن لهذه المدينة الناشئة وساعدت مياه عين سلوان في المنطقة على توفير المياه للسكان لكل هذا احتلت القدس مكانة خاصة في استراتيجية الثورة الإسلامية الإيرانية بقيادة الإمام الخميني (طاب ثراه) في الحادي عشر من شباط العام 1979م ، التي اعتبرت فلسطين القضية المركزية ، وبأنها تحدد معالم السياسة الخارجية الإيرانية بشكل عام ، وبرز ذلك من خلال تزامن دعوة الإمام الخميني لتحرير فلسطين من الكيان الصهيوني مع دعوته لتحرير إيران من الاستعمار ، وذلك يرافقه الشعار الثوري” اليوم إيران وغداً فلسطين ” .
– كما أصدر في شهر تشرين الأول العام 1968م فتوى دينية بخصوص تخصيص جزء من الخُمس ضريبة من ضريبة الزكاة الدينية لمساعدة المقاتلين الفلسطينيين،كما أعلن الإمام الخميني(قدس سره) آخر جمعة من رمضان ” يوماً للقدس ” ، وأسس جيش القدس ، واعتبرالفلسطينية بالنسبة للثورة الإسلامية ليست فقط قضية وطنية تخص الشعب الفلسطيني وحده ،بل قضية تخص جميع المسلمين، ، وربطت قيادة الإمام الخميني القول بالفعل فقامت بإغلاق سفارة الكيان الصهيوني في طهران ، وأوقفت تدفق النفط للكيان الصهيوني ، وانسحبت من كل الأحلاف المعادية للعرب ، وأدخلت اللغة العربية لغة رسمية في إيران ، وبدأت بتقديم الدعم لكل القوى والفصائل الفلسطينية المقاومة ، ولكل حركات التحرر الوطني .
– إن قوة المقاومة ومقاومة القوة هي المعادلة التي اشتهرت بها الثورة الإسلامية في إيران ومرشد الثورة الإسلامية السيد علي الخامنئي (دام ظله) يؤكد عليها دائماً ، وعلى مكانتها الهامة ، حيث ينظر إليها من زاوية دينية عقائدية .
– إن هناك اعتقاد رسخه قائد الثورة الإمام الخميني بأن إعادة الحقوق والأرض الفلسطينية، واسترجاع القدس،هو جزء لا يتجزأ من عقيدة الثورة الإيرانية شرعاً وديناً وحقاً وعدلاً .
– إننا نؤكد إن تحرير القدس وفلسطين وكل حق مغتصب يتطلب المبادرة عاجلاً من العرب والمسلمين إلى :
1- حشد مختلف الإمكانات لمواجهة قوى الاستكبار العالمي ، والأخذ بالعلم ، وخاصة التقني والتكنولوجي طريقاً لامتلاك القوة ، وإكبار أهل العلم والإبداع وتعزيز نهج وثقافة المقاومة ، واعتبار الولايات المتحدة الأمريكية الشيطان الأكبر- العدو الأساسي للعرب والمسلمين ، والداعم للكيان الصهيوني .. ونبذ فكرة السلام بأي ثمن مع الغدة السرطانية الكيان الصهيوني .
2 – الإيمان بأنه لا يوجد قوة إسلامية ، أو عربية ، تملك حق التصرف بحق العرب والمسلمين ، وأن كل تفريط في هذا الحق باطل ، ولو جاء بإجماع ، وهي أرض عربية – إسلامية ومعركة القدس ومصيرها جزء أساسي من معركة فلسطين ومصيرها.
3 – التأكيد في برامجنا الثقافية والتعليمية أن قضية القدس جزء من عقيدتنا ، وتسكن في أرواحنا ، ووجداننا ، وإيماننا ، وتاريخنا ، وحضارتنا ، وستعود بشطريها المحتلين إلى الأمة العربية مهما طال الزمن.
4 – تعزيز الشهادة في نفوس أبناء الأمة ، من خلال بيان أهميتها الدينية وقيمتها عند الله عز وجل ، وقيمة الشهيد ومكانته عند الله ، والميزات التي منحه إياها الله ودورها في تحقيق النصر ، وكون الشهادة أهم الأسلحة في مقاومة المستكبرين ، واعتبارها أفضل الموت ، وأن الشهداء أكرم بني الدنيا وأنبل بني البشر ، مهتدين بسيد الشهداء الحسين عليه السلام .
– في الختام نقول : هذا رأي من أتلى أفضل منه قبلناه ، ونحن هنا قد اجتهدنا وعلى الله التوفيق