#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية
– نبقى في رحاب خطب أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب(ع)، ومواعظه الّتي تخترق القلوب، فتجليها، وتبثّ فيها كلّ سكينة ووقار، وفي هذا المقام، نورد ما جاء في خطبة الجهاد المعروفة والرّائعة للإمام(ع) في نهجه، وما فيها من وقفات ودروس لنا.
يقول(ع): “أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الْجِهَادَ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، فَتَحَهُ اللهُ لِخَاصَّةِ أَوْلِيَائِهِ، وَهُوَ لِبَاسُ التَّقْوَى، وَدِرْعُ الله الْحَصِينَةُ، وَجُنَّتُهُ الْوَثِيقَةُ، فَمَنْ تَرَكَهُ رَغْبَةً عَنْهُ، أَلْبَسَهُ الله ثَوْبَ الذُّلِّ، وَشَمِلَهُ الْبَلَاءُ، وَدُيِّثَ بِالصَّغَارِ وَالْقَمَاءَةِ، وَضُرِبَ عَلَى قَلْبِهِ بِالْإِسْهَابِ، وَأُدِيلَ الْحَقُّ مِنْهُ بِتَضْيِيعِ الْجِهَادِ، وَسِيمَ الْخَسْفَ، وَمُنِعَ النَّصَفَ“.
قال ما قال أمير المؤمنين، وهو في محنةٍ ومأساةٍ مما لقيه من خذلان أهل الكوفة، وتقاعسهم عن القيام بما عليهم تجاه الحقّ وأهله، وجعلهم أيّام هذا الحقِّ في كَدَر.
ويلفت(ع) إلى أهمية الجهاد في الشريعة، كونه الركن الأساس الذي يتقوَّم به الدّين والحقّ، ولولاه، لما بقي من الحقّ شيء، فالجهاد في سبيل الله مخُّ الدّين، وباب إثبات الإيمان بالله والإخلاص له والالتزام بحدوده.
وهو ـ أي الجهاد ـ إكمال لمروءة الإنسان، وتحقيق لمبادئ عزّته وكرامته وحضوره ووجوده.
فالجهاد، كما وصفه أمير المؤمنين(ع)، بابٌ من أبواب الجنّة، لأهميّته عند الله تعالى وكرامة أهله عليه، فالمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم، بكلّ نيّات صادقة وأعمال مخلصة، لهم الجنان فيها خالدون. وباب الجهاد الّذي هو باب الجنان، فتحه الله لخاصّة أوليائه الّذين يعرفون مدى عظمته وأهميّته عند الله تعالى.
فالإسلام قد أمرنا بالجهاد، وترك تنفيذه لقناعاتنا وتخطيطنا.. وأمير المؤمنين(ع) هنا يأمرنا بالجهاد، ويرغِّبنا فيه ويحضّنا عليه، ويحذّرنا ما في تركه من عواقب وخيمة على واقعنا ووجودنا…
وفي القرآن الكريم، آيات كثيرة جدّاً في الحثّ على الجهاد ومكانته عند الله تعالى، ومَن تَرَك الجهاد، ألبسه الله تعالى ثوب الذلّ والمهانة، وصار غرضاً سهلاً يُرمى، وذليلاً يُستغلّ ويُتحكّم به، وشمله البلاء، لأنّه خسر نفسه وكرامته وعزّته، وأصبح يعيش الحقارة والدّناءة.
«”وَضُرِبَ عَلَى قَلْبِهِ بِالْإِسْهَابِ“، فلا ينتفع به، تماماً كالبئر البعيدة القعر، لا يُدرَك ماؤها، “وَأُدِيلَ الْحَقُّ مِنْهُ بِتَضْيِيعِ الْجِهَادِ“، أي من ضيَّع الجهاد ورغب عنه، اقتصَّ الحقّ منه بالإذلال ومرض القلب، “وَسِيمَ الْخَسْفَ“، ابتُليى بالمذلّة والنقيصة، “وَمُنِعَ النَّصَفَ“، فإذا احتقره مُحتقِر واستهان به، فلا أحد ينتصف له منه، لأنّه هو الذي أذلّ نفسه واستهان بها». والكلام هنا للعلامة الشّيخ محمد جواد مغنية(رض).
مما تقدَّم، نتعرّف معنى الجهاد وأهميّته ومكانته في حياة الأفراد والشّعوب والأمم، فالشّعوب المجاهدة النّاصرة لقضايا الحقّ، المدافعة عن كرامتها وعزّتها، هي الشّعوب الحيّة الكريمة والمتحضّرة، الّتي لا ترضى بالهوان والمذلّة، إذ تعرف حدود مسؤوليّاتها، وما عليها من واجبات تجاه حفظ حرمتها وعنفوانها، أمّا الشّعوب التي تنصرف عن الحقّ، وتميت سنّة الجهاد فيها، فهي شعوب ميتة لا حياة فيها، تعيش الذلَّ والحقارة والسّقوط، وتتقاذفها المؤامرات والحسابات..
فلنجاهد في سبيل الله بأموالنا وأنفسنا، ولنجاهد أنفسنا من كلّ الشّرور والأهواء.