#وكالة_إيران_اليوم_الإخبارية_رئيس قسم الدراسات_نبيل فوزات نوفل
– يحتفل شعبنا العربي السوري العظيم بذكرى الجلاء , ذكرى هزيمة المستعمر الفرنسي عن أرض سورية،هذا الاستقلال الذي يحاول المستعمرون الجدد اليوم تدميره ، وإعادة سورية إلى الحضن الاستعماري , فحشدوا كل ما لديهم من أساليب وأدوات قذرة , وحركوا خلاياهم النائمة والتي ربوها في أوكار الظلام , وسخروا عبيدهم من حكومات الخليج العربي التي ما عرفت يوماً طعم الاستقلال , ولا ضحت في سبيل كرامة شعبها ،ولا تعرف ماذا يعني أن يكون الإنسان حراً ، وماذا يعني أن يكون الوطن مستقلاً ، إلا إنهم أخطؤوا الهدف وضلوا الطريق، ولم يتعلموا من أجدادهم الدرس ، ولم يقرؤوا تاريخ سورية والسوريين ..
– والسوريون مهما كثرت أعيادهم الوطنية والقومية فإن لعيد الجلاء وقعاً خاصاً لديهم ،لأنه عيد الوطن , عيد الحرية , صنعه آباؤنا وأجدادنا بدمائهم وصبرهم وإيمانهم ووحدتهم , فالجلاء هو نتيجة للنضال المسلح الذي ابتدأ منذ اللحظة التي وطأت أرجل المحتلين أرض الوطن , بدأت في الساحل السوري بقيادة المجاهد صالح العلي وإبراهيم هنانو في شمال سورية , وقبل أن يصل الفرنسيون إلى دمشق ويدخلوها تصدى لهم البطل يوسف العظمة في معركة ميسلون التي استشهد فيها في معركة غير متكافئة كي لا يسجل التاريخ أن المستعمرين دخلوا دمشق من دون قتال ..
– واستمرت المقاومة في كل أرجاء سورية ، وقدم السوريون دروساً في المقاومة الوطنية بكل أطيافهم ، وكانوا يتسابقون لبذل دمائهم من أجل طرد المستعمرين، وأبدعوا في ابتكار كل أنواع المقاومة التي أذهلت العالم ، وجعلت المستعمر يبحث عن مخارج لخروجه .. وتوج هذا النضال المسلح بالثورة السورية الكبرى عام 1925م .. بقيادة المجاهد الكبير سلطان الأطرش الذي سجل التاريخ أكبر المعارك والبطولات التي خاضها الثوار ، و التي أصبحت تدرس في الأكاديميات العسكرية الأوروبية وفي بلدان الدول الاستعمارية نفسها ، وأثبتت صلابة وقوة الشعب العربي السوري وقدرته على التضحية والفداء ، واستعداده للذود عن ترابه ، وعمق وأصالة انتمائه الوطني والقومي ..
– ثم كان النضال السياسي الذي أعقب هذه الثورة ، واستند على انتصاراتها ليكون الفجر الأبلج يوم السابع عشر من نيسان 1946م ، والذي أثبت أن السوريين بكل مشاربهم يرفضون التدخل الأجنبي في شؤونهم ، وأن الوطن لديهم يعلو على كل الانتماءات الأخرى ..
– إن أبناء الشعب العربي السوري الذين أشعلوا الأرض تحت أقدام المستعمرين في كل زاوية من زوايا الوطن , وقاموا بالثورات المسلحة التي بعثت الوعي في الشعب بأن الخلاص لا يكون إلا بالمقاومة ، وبتفاهم كل الثورات وتوحيد الجهد ، لأن العدو واحد ، والمصلحة واحدة ، ولذلك قامت الثورة السورية الكبرى في جبل العرب ، والتي أعلنت في بيانها الأول:
– إن وطننا واحد,وعدونا واحد , وسجلت أكبر الانتصارات على الفرنسيين في معركتي الكفر والمزرعة , هذه الانتصارات الكبيرة جعلت أحرار سورية يتنادون من كل حدب وصوب ليلتفوا حول سلطان الأطرش ، لإعطاء الثورة بعداً وطنياً وقومياً , وبرهنوا بذلك عن وعي متقدم وطني وقومي للشعب العربي السوري، ورؤية بعيدة عن التعصب المذهبي أو الطائفي. ولقد كان شعار الثورة السورية الكبرى ضد المستعمر , جملة قليلة الكلمات كبيرة المعنى ،ولا يزال هذا الشعار صالحاً ، بل مطلوباً في يومنا هذا , والذي رفعه سلطان الأطرش بأعلى صوته ” الدين لله والوطن للجميع” , وأكد في بيانات الثورة , لا طائفية , ولا تنازع , ولا أحقاد , بل وطن واحد , وشعب واحد , وهدف واحد .. أي حرية في العقيدة , ومساواة أمام الواجب الوطني ..
– ولقد كان من أهم عوامل نجاح النضال ضد الاستعمار والتي ساهمت في صنع الاستقلال أيضاً وضوح أهداف الثورة ومطالبها, وهي طرد الأجنبي ،وتوحيد البلاد، وإعلان الاستقلال ، والسيادة الوطنية , لأن الاستقلال هو الحرية،والحرية هي الكرامة الإنسانية , هذا إلى جانب توفر قيادة موحدة ،وقادرة تتسم بالقدرة ، والشجاعة ،والحكمة ، والتفاني في سبيل الوطن , والغيرية ، والتواضع , والصبر , والتكامل بين النضالين السياسي والعسكري , حيث كانت المقاومة والثورة السيف الذي يهدد به السياسيون المحتل , ليرضخ لمطلب الشعب ،وهذا ما كان وتحقق في 17 نيسان عام 1946 ..
– إن المعركة التي يخوضها شعبنا العربي السوري اليوم في تصديه للحرب العدوانية الإرهابية منذ مطلع العام 2011 هي من أجل الحفاظ على استقلاله وصون الأمانة التي يحملها من الأجداد والأباء ،ومن أجل صون الدماء الطاهرة التي روت تراب الوطن ليبقى عزيزاً شامخاً ..
– ولقد أثبت شعبنا وجيشنا البطل الذي قدم أروع آيات البطولة والفداء بأنه مدرسة الوطنية والشهادة ، واستطاع بدعم محور المقاومة مملاً بالجمهورية الإسلامية الإيرانية وحزب الله ودعم الأصدقاء الروس ..
– هزيمة قوى الإرهاب والتطرف والدول الداعمة لهم ..
– وفي ذكرى الجلاء العظيم علينا شحذ الهمم ، والتمسك بنهج الذين صنعوا الاستقلال ، ونصون سورية الحدية المقاومة التي أرسى دعائمها القائد المؤسس حافظ الأسد ،ويقود مسيرتها اليوم سيادة الرئيس المقاوم بشارالأسد ، نبذل الغالي والرخيص في سبيل الحفاظ على استقلالنا الوطني ، ونكمل تحرير الأرض بإعادة الأراضي العربية المحتلة ،وفي المقدمة جولاننا الحبيب ، وتحرير كل شبر من أرض سورية وطرد المحتلين ، وسحق العصابات الإرهابية ، والحفاظ على استقلال سورية العروبة ، وهي مهمة تضاهي صنع الاستقلال نفسه ، وكما أوصانا أجدادنا الذين صنعوا الاستقلال ..
– إن الحفاظ على الاستقلال أصعب من صنع الاستقلال , فإننا باقون حملة لمشعل الاستقلال وحماته المخلصين , ليبقى هذا الاستقلال مصاناً والوطن شامخاً قوياً .