خطبة الجمعة لسماحة آيه الله السيد أبو الفضل الطباطبائي دام عزه

الخطبه الاولی: 28 رجب 1437

توصیة بتقوی الله

عباد الله! اوصیکم بتقوی الله، واتباع امره و نهیه و اخوفکم من عقابه.

فان تقوی الله عزوجل سبب ارتقاء درجات المؤمنین و المسلمین و جمیع عباد الله الصالحین،

عباد الله! أیها الأخوة والاخوات!  إن الذي یوجب رفع مقام الإنسان عند الله عزوجل إنما هو التقوی.

لأن تقوی الله عبارة عن مراقبة الإنسان نفسه و وجوده عن الآفات الدنیویة و الآخرویة، و  واضح أن الذنوب من أعظم الآفات عقوبة و اکثرها ضلالاً و إنحرافاً.

و من راقب نفسه عن الابتلاء بالآفات والذنوب فقد حصل لنفسه الطهارة، و التزکیة و قد صار من المقربین عندالله عزوجل، الذین یمکن ان یقال فیهم بانهم هم الغالبون علی انفسهم و علی شیاطینهم و قد غلب عقولهم علی شهواتهم، و بالنتیجة هم خیر الناس درجه و مقاماً.

و إنی احب لکم أن تسعمون حدیثاً و خبراً عن مولانا أمیر المؤمنین علی بن أبي طالب(ع) فی هذا الموضوع أي موضوع رفع درجة المؤمن بالتقوی و ترك الذنوب.

و هو ما قاله الإمام على بن أبي طالب(ع) مخاطباً لأحد: ايَسرّك أن تكون من حزب الله الغالبين؟

و واضح أن هذا السؤال فی کلام الإمام(ع) لیس سؤالاً و إستفهاماً حقیقیاً، بل کان إستفهاماً و سؤالاً تقریریاً، بمعنی أن الإمام علي بن أبي طالب (ع) فی مقام تبیین طریق الدخول فی حزب الله الغالبین و بین شرایط الدخول فقال بعدها و بین طریقین منحصرین للدخول فیها:

اتّق الله سبحانه و احسن فى كلّ امورك؛ فانّ الله مع الذين اتّقوا والذين هم محسنون.   غرر الحكم: ح 2828.

فظهر مما قاله الإمام فی باب التقوی أمور:

الأولی: إن الغلبة و الظفر بین الأحزاب العدیدة التی کانت رایجة بین  الناس، خاصة لاحزب الله و لاغیر.

یعنی أن کل حزب غیر حزب الله یمکن أن یکون علی خطاء و اضلال و انحراف إلی غیرالحق، و أما من کان داخلا فی حزب الله تعالی فیکون قد غلب و ظفر علی کل أحد.

و واضح أن مطالبة الظفر و الغلبة مطالبة عامة و موافقة للفطرة البشریة والإنسانیة، یعنی أن کل إنسان یطلب الظفر و الغلبه علی کل احد و فی کل حال، و لا یحب المغلوبیة احد.

الثانیه: أن هنا طریقتان مخالفتان: تنجر أحدیهما إلی السعادة و أخری منهما إلی الشقاوة.

من مشی طریق التقوی و الإحسان فقد آدی إلی السعادة و من مشی طریق غیر هما فقد آدی إلی الشقاوة.

الثالثة: هاتان الطریقتان هما الطریقتان اللتان مفاد القرآن العظیم و کتاب الله الحکیم حیث قال فی مورد أولیهما:

 (الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَِئِنُّ الْقُلُوبُ) الرعد: 28/13.

و معلوم أن سعادة البشر فی الدنیا عبارة عن اطمینان القلب و في الأخره أیضاً اطمینان القلب بنعم الأخرة.

و ثانیهما هو ما قال الله تعالی فیهما:

(وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِى فَإِنَّ لَهُ‏و مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ‏و يَوْمَ الْقِيَمَةِ أَعْمَى)

طه: 124/20.

و معیشة الضنك عبارة عن المعیشة التی لا یکون ذکر فیها ذکرالله و التوجه إلی الله، لأن العلة التامة التی تحصل السکینة و الإطمینان للإنسان هو ذکر الله و لایحصل هذه الکرامة إلا برعایة تقوی الله عزوجل.

و للتقوی فوائد آخری جمیلة في الدنیا و الأخرة:

قال الصادق(ع)…والمتقى محبوب عند كل فريق.  بحار الانوار: 294/67.

قال رسول الله: من اتقى الله عاش قوياً و سار فى بلاد عدوه آمنا.

 بحار الانوار: 283/67 ح 5.

قال رسول الله(ص): جبلت القلوب على حب من احسن اليها و بغض من اساء اليها. فقيه: 381/4، ح 5826.

عن ابي عبد الله: اذا احسن العبد المومن ضاعف الله له عمله بكل حسنة سبعمائة ضعف، و ذلك قوله عزّ و جلّ: (والله يضاعف لمن يشاء).  ثواب الاعمال: 168.

و فی النهایة أسال الله تعالی و اتضرع إلیه ان یوفقني إلی تحصیل مرضاة الله عزوجل برعایة تقوی الله.

اللهم وفقنا لما تحب و ترضاه.

اللهم وفقنا لتحصیل ما احبه الله.

اللهم جنبنا عما کرهه الله.

اللهم اجعل عواقب امورنا خیرا.

اللهم عجل فی فرج مولانا.

ان احسن الحدیت و ابلغ الموعظه کتاب الله عزوجل: